[ميري : ملاحظة صغيرة قبل ما تكملوا قراءة وتستمتعوا، كل ما تنتجه القصة من نسج خيالي لا اصل له بالواقع ولا مقربة، فلا يجب الإعتماد عليه ووضع أمل على إساسه، فهو خالٍ من الواقعية، مليئ بأحلام وخيال غير حقيقي ، فلا تجعلوه أسس لأفكاركم، كما يجب عليكم، عدم جعل هذه المتعة تبعدكمَ عن عباداتكم، فهي نسيج غير واقعي غرضة المتعة، فلا تجعلوه يتعدى واقعكم..
دُمتم بخيرٍ.
استمتعوا :
وكأنها كانت تقول لي إن عليّ أن أحلم حلمًا طويلًا جدًا، سألتني بنبرة تحمل قصدًا واضحًا.
“آه…”
“لا داعي لأن تكذبي عليّ.”
“كيف… كيف عرفتِ أنني كنتُ أحلم؟”
“لأن ذلك ليس حلمًا. ثم إنني أنا أيضًا مررتُ بالأمر نفسه.”
رغم أن عينيها مغطّاتان بغطاء الرأس، راودني شعور بأنها تبتسم.
“حتى أنتِ مررتِ بهذا إذًا…”
“ماذا رأيتِ هناك؟”
“قصة بدت حقيقية وفي الوقت نفسه غير حقيقية… حكاية من زمن بعيد جدًا… من مستقبل بعيد… أليس الأمر لا يُصدَّق؟”
حتى وأنا أتكلم، بدا لي الأمر خاليًا من أي إحساس بالواقعية. فكرة أن يرى المرء المستقبل في حلمه، أمر غير منطقي حقًا.
‘لكن القول إنه ليس واقعًا أمر صعب، فقد كان واقعيًا إلى حدٍّ كبير. ومع ذلك، لا يمكن القول أيضًا إنه قصة من رواية.’
في الرواية، كان يُقال إن التوأمَين الأشرار ماتوا وحسب.
قُتِلوا بالطريقة التي تليق بهم، وسقط بيت الدوق سقوطًا مدويًا. ذلك كان آخر ما ورد عنهم في الرواية.
إذًا لم يكن الأمر إلا أحد احتمالين:
إمّا قصة من نسج خيالي، أو حقيقة وقعت بالفعل.
“لا يوجد ما يُستبعَد حدوثه. فالعالم مليء بأمور أكثر مما نتصور.”
“آه… ماذا رأيتِ أنتِ إذًا؟”
“من يدري… سنترك ذلك لوقت لاحق.”
كانت تبدو أكثر حزنًا من ذي قبل، لكن شفتيها المرتجفتين ارتسمت عليهما ابتسامة وهي تنظر إليّ. ابتسامة بدت وكأنها مجبَرة عليها.
“لكن يا سيّدة… أهذا حقًا ليس حلمًا؟ لم يسبق أن مررتُ بمثل ذلك… ولا يمكن أن أمرّ به أصلًا.”
فهذا ليس أمرًا من الحاضر، بل…
“لقد مررتِ به بالفعل.”
“كيف يمكنكِ أن تكوني واثقة إلى هذا الحد؟ أنتِ لا تعرفين ما رأيته في حلمي… إلا إذا كنتِ قد مررتِ به أنتِ أيضًا… آه.”
قلتُ ذلك بنبرة مشبَعة بمشاعر سلبية.
ومع ذلك، كان وجهها يتغير أكثر فأكثر. كانت من أولئك الذين يمكن قراءة مشاعرهم رغم تغطية أعينهم.
وقد أجابتني بتعبيرات وجهها على كلامي السلبي:
لقد حلمتُ بالحلم نفسه الذي حلمتِ به.
“ألم تحلمي، أحيانًا، يا آيشا… بأحلام من زمن لا علاقة له بيومك الحالي؟”
“… أحيانًا… حلمتُ بذلك.”
لم أحلم بهذه الأحلام قط حين كنتُ في الميتم، لكن منذ أن انتقلنا إلى بيت الدوق، بدأتُ أراها.
“ألم يكن ذلك الحلم، بشكل غريب، متواصلًا… بحيث يصعب اعتباره مجرد خيال؟”
مدّت يدها لتربّت برفق على رأسي، وكأنها تشرح لي ما لم أستطع فهمه.
“آه…”
“كما لو كان يُريكِ نسخة أخرى من نفسك في زمن آخر… هكذا كان ذلك الحلم.”
“… نعم، كان كذلك.”
“وهل، في ذلك الحلم… لم تتمني شيئًا، يا آيشا؟”
استسلمتُ للَمساتها التي كانت دافئة وحنونة، كلمسة الأم. شعرتُ بالنعاس من دفئها الغريب.
“ماذا تقصدين؟”
“ألم تلومي أحد أو ترجوه بإلحاح؟”
“كيف عرفتِ ذلك؟”
رفعتُ جسدي فجأة. كيف يمكنها أن تعرف؟ أن تعرف أنني في ذلك الحلم… حين أصبحتُ بالغة، كنتُ أتمنى بكل قلبي ألا يتأذى توأما الدوق، وأن يعيشا في محبة ويتلقيا الحب.
أنني كنتُ دائمًا أتمنى ذلك.
“سأروي لكِ حكاية. في الأصل، كنتُ سأرويها في وقت متأخر جدًا.”
“آه…”
“في الأصل، كان يجب أن أرويها بعد أن أتلقى منكِ جوابًا نهائيًا.”
“جوابًا؟”
أمالت رأسها بابتسامة محرجة.
“جواب بأنكِ ستصبحين كاهنة، وستنضمين إلى المعبد كخليفة محتملة لسيّدة الكاهنات، بعد أن تُختاري وتمنحي قوة خاصة، وتخضعين للتدريب. لكن… حتى إن قلتُ لكِ هذا الآن… أشعر أنكِ ستمسكين بيدي في النهاية، حتى لو كان في انتظارك مستقبل رهيب.”
“أنا…؟”
“لأن لديكِ شخصًا يجب أن تحميه، ولأنني قادرة على شفائه. أظن أنني سأكون لكِ سندًا قويًا.”
نظرتُ إليها بصمت. شعرتُ أن عليّ الحذر في اختيار أي كلمة أقولها أمامها، فهي تتحدث وكأنها تعرف كل شيء.
“هناك قصص تصلني، حتى لو لم أرغب في سماعها.
وفي تلك القصص، هناك أيضًا حكايات عن الفتى النبيل والفتاة النبيلة اللذين تحبينهما، يا آيشا.
لكن بما أن هذين الطفلين وأنتِ لا يوجد من يحميكم، فسأكون أنا من يفعل ذلك.”
وكأنها جدة تروي الحكايات، ربّتت على فخذها إشارةً لأن أرتاح وأتكئ.
“ستكون قصة طويلة على ما يبدو.”
اقتربتُ منها وأسندتُ جسدي إليها. كانت سيّدة الكاهنات تبعث في القلب طمأنينة غريبة، شعورًا بأنه لا بأس أن أبقى هكذا.
لذلك أسندتُ رأسي عليها وأصغيتُ بهدوء.
“القدرَ… أحيانًا فيهِ تحدث أمور متقلبةٌ.”
“القدر؟.”
“القدرُ ، قد يستجيب أحيانًا ويتغير. إنها نزوة قاسية من نزواته.. رغمَ كلشيءَ.”
“آه…”
كانت يدها تمرّ على شعري أسرع من ذي قبل.
“هناك من يسمي ذلك بركة، وهناك من يسميه لعنة.”
“هممم…”
“أما أنا فأحب أن أسميه لعنة.”
“لعنة؟ لكنهُ إستجابةٌ لأملٍ!”
هزّت رأسها بحزم.
“لا يوجد شيء يحقق بلا مقابل. دائمًا يأخذ بقدر ما يعطي.”
“وماذا يأخذ إذًا؟”
“كل شيء يملكه الإنسان.”
كانت كلمات يصعب فهمها. وحتى لو لم أكن طفلة، لما استطعتُ استيعابها بسهولة.
هذه المرة، التزمت الصمت فترة طويلة وكأنها ترتب أفكارها.
انتظرتُها بهدوء.
وأخيرًا، فتحت سيّدة الكاهنات فمها.
“كل ما يمكن أن يقدمه الإنسان. وقته، إيمانه… كل ذلك يأخذه.”
“آه…”
“منذ زمن بعيد، هناك قصة عن فتاة… أخذ كلشيء منها. هل تريدين سماعها؟”
“نعم!”
ثم بدأت تروي القصة:
“كانت هناك آنسة تُدعى لورين، من أسرة بارون فقيرة. كان لديها أخ وأخت يصغرونها بخمس سنوات، وكانت تعتني بهما بكل إخلاص.
ولم يكن أمامها خيار آخر، فوالدها كان في منتهى العجز، لا يجلب للبيت أي مال، ويقضي وقته في المقامرة.
لم يكن هناك أي بالغ يعتني بالأطفال الثلاثة، فقد غادرت والدة لورين البيت وهي صغيرة، لعدم قدرتها على احتمال خيانة زوجها. أما زوجة الأب — والدة الأخوين — فكانت أكثر إسرافًا من البارون نفسه، وامتلأ قلبها بالكراهية تجاه لورين التي لم تلدها هي.
ومع مرور الوقت، أصبحت لورين بالغة، ووقعت في الحب، ووعدت حبيبها بالزواج.
لكن البارون باع ابنته حين حان وقت زواجها، مقابل ثمن باهظ، لتصبح عشيقة ثانية لنبيل مسن.
حاولت التأقلم مع حياتها، لكن والدها ظل يطالبها بالمال حتى بعد أن حملت من النبيل العجوز. وفي أثناء ذلك، توفي زوجها.
كان لهذا النبيل أبناء بالغون يكرهون زوجة أبيهم الشابة كرهًا شديدًا، وخشوا أن يرث طفلها جزءًا من ثروتهم، فطردوها وهي تحمل طفلًا مريضًا لم يستطع حتى البكاء.
توسلت لإنقاذ الطفل، لكن لم يُصغِ إليها أحد… وفي النهاية، لجأت إلى والدها مرة أخرى.
ترجّت والدها لينقذ حياة الطفل، لكنه رفض ببرود، إذ لم يعد بوسعها جلب المال.
لم يتلقَّ الطفل أي علاج، وفارق الحياة… فابتهلت لورين وفعلت كلشيء من أجل أن ينقذ طفلها، أن يجعله سعيدًا، فالذنب الوحيد للطفل هو أنه وُلد منها. تضرعت وتضرعت…
واستجاب القدرُ، وقد أخذ كل حياتها، وأعادها إلى زمن طفولتها… لكنها لن تختار زمن العودة بالضبطِ.
لم تعلم هل عليها أن تعود إلى طفولة بعيدة لتفرّ، أو إلى ما قبل الزواج. لكن لورين اختارت أن تعود إلى الزمن الذي حملت فيه بطفلها، لأنها أرادت إنقاذه.
وفي هذه المرة، غادرت بيت النبيل مبكرًا قبل أن تلد، كي تنقذه.
كانت تعلم أن زوجها سيموت باكرًا مجددًا، وأن أبناءه سيطردونها، لكنها كانت تريد إنقاذ طفلها.”
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون الروابط، لحسابي واتباد، وقناة الملفات في أول تعليق~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 53"