هل هذا ما تظنّيهِ؟
كأنّها تقول: “لن أسمح لمثلكِ بالاقتراب من ابني، خذي المال واخرجي من حياتنا.”
مشهدٌ من دراما صباحيّة؟
بالطّبع، توقّعتُ مثل هذه المواقف، فنظرتُ إليها مائلة رأسي فقط.
“إذن، هل تقولين لي أن أغادر؟”
“بالطّبع.”
“بلا مقابل؟”
“ماذا؟”
يبدو أنّ كلامي كان غير متوقّع، إذ ارتعشت عيناها.
يبدو أنّني أربكتها كثيرًا.
بعد تردّد طويل، نفخت أنفها مجدّدًا.
إنّها جميلة حقًا، لكنّها تُفسد وَجهها هكذا.
أمسكتُ الكرسيّ بذراعيّ بقوّة وهززتُ ساقيّ.
عندها، نظرت إليّ وهي تطحن أسنانها.
“هل تقولين إنّني يجب أن أدفع لكِ؟”
“على الأقل، يجب أن تُظهري بعض الجديّة حتّى أفكّر في الأمر.”
“ها، يا لكِ من طفلةٍ مذهلة.”
“مذهلة؟ لا شيء مميّز في ذلك.”
“يبدو أنّكِ دخلتِ هنا بهذا الهدف.
لهذا لا يجب التعامل مع الأنصاف الوضيعين.”
نقرت بلسانها، وكأنّها أدركت نوايّاي أخيرًا.
“لو كنتُ أريد ذلك حقًا، لكنتِ سمعتِ من الدّوق نفسه.
عندما تحدّث إليّ، كنتُ سأطلب ما أحتاجه.”
“ماذا؟”
“للأسف، كنتُ أمزح فقط.
لا أحتاج إلى شيء.
إذا كان هناك شيء أحتاجه، فهو البقاء مع التوأمين فقط.”
“هل تلعبين بي الآن؟
يا لكِ من…!”
هززتُ رأسي وأنا أنظر إليها وهي تحاول سحقي بأيّ طريقة.
“مستحيل.
أنا فقط أخبركِ.
إذا كنتِ لا تريدينني هنا، كان عليكِ ألّا تدعيني أدخل منذ البداية.”
ليس لديّ أيّ نية للتعايش معها.
إنّها، من بين كلّ الناس، من عذّبت توأمينا هكذا.
“بطريقة ما، استطعتُ أن أكسب قلب الدّوق لأبقى هنا.”
“ومع ذلك، فترتكِ محدودة بشهر واحد فقط.”
لكن الوضع انقلبت سريعًا.
بعد أن كانت تنظر إليّ بامتعاض، نقرت بلسانها.
يبدو أنّها وجدت أخيرًا ما تقوله لمواجهتي.
“آه، هذا صحيح.”
“إذا طُردتِ بعد شهر، لن تحصلي على شيء.
إذا حاول الدّوق مساعدتكِ، سأمنع ذلك بنفسي.”
“حسنًا.”
يبدو أنّها اعتبرت كلامها تهديدًا، فتصلّب وجهها أكثر.
“… ستُطردين بلا شيء.”
“لا بأس.
لم يكن لديّ شيء يخصّني في حياتي، لذا لا يهمّني.”
“ها…”
ظهر تعبير الاشمئزاز على وجهها.
التحدّث مع الأطفال عادةً مرهق.
لأنّ رغباتهم ليست واضحة كالكبار، ويطلبون أشياء لا يفهمها الكبار.
ربّما شعرت بذلك، فبدأت تضغط على صدغيها وكأنّ رأسها يؤلمها.
“لا تقلقي.
لن أُطرد.
إذا نفّذتُ ما وعدتُ به الدّوق، سأبقى هنا.”
“وهل سيوافق لوهين على ذلك؟”
“من يدري؟
قد يوافق، وقد لا يفعل.
لكن حتّى لو لم يوافق، سأحقّق هدفي.”
“هدفكِ؟”
توقّفتُ عن الكلام عمدًا لأجعلها قلقة.
سواء كنتُ كوريّة أو من هذا العالم، التوقّف عن الكلام في منتصفهِ يُغضب الجميع.
نظرت إليّ وهي تطحن أسنانها.
“لمَ توقّفتِ عن الكلام؟”
“لا داعي لأخبركِ بهدفي بالكامل.”
“… أنتِ حقًا…”
ابتسمتُ لها بمرحٍ.
بالتأكيد، هي غاضبة جدًا.
لم تعتد أن تسير الأمور ضدّ رغبتها، فالغضب يتصاعد بداخلها الآن.
وهذا ما أريده، ويبدو أنّ الأمور تسير بشكل أفضل ممّا توقّعتُ.
‘وهدفي هو أنتِ.’
أريد أن أكشف الحقيقة للأطفال، ولو قليلاً.
أن أخبرهم عن هذه العائلة، لمَ تُركوا، ولمَ أُعيدوا.
ومن يقف وراء كلّ هذا.
إذا اكتسبوا ولو القليل من القوّة، إذا استطاعوا حماية أنفسهم، سأخبرهم بكلّ شيء.
الآن، إذا أخبرتهم، قد لا يصدّقون، وإذا واجه لوهين الأمر، لن يجد دليلاً، فلا يمكنه فعل شيء.
‘وأنتِ، بالتأكيد، تموتين فضولاً لتعرفي ما أعرفه، وما سأفعله بالأطفال.’
رؤيتكِ قلقة هكذا مباشرة، هذا وحده يكفي.
بالنسبة لها، أنا مجرّد يتيمة.
طفلة لا تستحقّ اهتمامها، وستُطرد قريبًا كما تقول.
لكن استدعائها لي بهذه الطريقة يثبت أنّها قلقة جدًا.
‘ما الذي يقلقها إلى هذا الحدّ؟’
عندما كانت لاري وحدها، كانت تطيعها دائمًا.
لكن مؤخرًا، لم تعد تطيعها.
المشكلة ليست وصول لوهين، بل أنّني أخبرتُ لاري ألّا تترك الخادمات يسيطرن عليها، وأن تتحدّثَ كأميرة.
يبدو أنّ هذا أغضب الدّوقة كثيرًا.
‘كما خطّطتُ.
لقد نجحتُ في استفزازها.’
بما أنّها لا تستطيع المساس بلوهين، قرّرت المساس بي.
بينما كانت تنظر إليّ، تغيّر تعبيرها فجأة، وكأنّها فكّرت بشيء آخر.
لم أكن أتوقّع أن يتغيّر وجه أحدهم بهذه السرعة، لكن يبدو أنّها توصلت إلى نتيجة، فأومأت ببطء.
‘الآن تبدو وكأنّها الدّوقة.’
الدّوقة التي أتذكّرها من الرواية لم تكن غبيّة كما تبدو الآن.
كانت تتأثّر بسهولة بمشاعرها، ولهذا حاولت قتل التوأمين، وأرسلتهما إلى الملجأ، وعذّبتهما مرارًا وتكرارًا.
كانت تُعذّبهما بشكل دوريّ عبر مدير الملجأ.
في النهاية، لم تستطع كبح غِيرتها، وكشفت كلّ شيء في الرواية، فاكتشف الدّوق أمرها.
‘لكن هذه المرّة، تخفي تَعبيرها جيدًا.
كأنّها فكّرت بشيء ذكيّ.’
“يبدو أنّه يجب أن نغيّر الأمور.”
“تغيير ماذا؟”
“ألا تريدين معرفة والديكِ؟”
آه، هذا لم أتوقّعه.
فكرة ذكيّة جدًا بالنسبة لها.
نظرتُ إليها بدهشةٍ.
“لقد رأيتُ شخصًا يشبهكِ، بشعر أسود وعينين ورديّتين تشبهان أوراق الكرز.
مزيج نادر جدًا.
ربّما كانت تلك المرأة والدتكِ.
سأبحث عنها من أجلكِ.”
مائلة رأسي، نظرتُ إليها وهي تغيّر كلامها فجأة.
“فجأة؟
آه، هل تحاولين طردي بهذه الطريقة؟”
“لا.
سأخبركِ عنها، فما رأيكِ أن تفعلي ما أريد؟”
تغيّر أسلوب الدّوقة فجأة.
“ماذا تريدين منّي؟”
“بصفتي أمًا، أريد تربية أطفالي بشكل صحيح.
أريد أن أتعايش معهم.
لكن التوأمين، ربّما لأنّهما تربيا خارجًا، لا أعرف ما يفكّران به أو ما يريدانه.”
“تتعايشين معهما؟”
كدتُ أضحك.
هل تعتقد أنّها تستطيع إقناعي بهذا الكلام؟
“وجهكِ يقول إنّكِ لا تُصدّقينني.
لكن هذا ما أريده.
لذا أطلب مساعدتكِ.”
“ما نوع المساعدة؟”
“بسيط جدًا.
أخبريني بما يحبّونه، أيّ طعام يفضّلون، أيّ ألعاب يحبّون، أيّ هدايا يرغبون بها.
هذا كلّ شيء.”
“همم.”
“وأيضًا، ما يفعلونه طوال اليوم.
هذا يكفي، لا أطلب أكثر.
بما أنّكِ قريبة منهما، بالتأكيد تعرفين أشياء لا يعرفها الآخرون.
فقط أخبريني بها.”
لو كنتُ طفلة عاديّة، ربّما كنتُ سأقتنع.
لكن أن تتحدّثَ معي هكذا، ثمّ تعتقد أنّني سأقع في هذا الفخّ؟
نظرتُ إليها مائلة رأسي.
“إذا أخبرتكِ بكلّ ما يفعلونه. ستقولين لهم إنّني أراقبهم وأبلّغ عن كلّ شيء.
ستذهبين إليهم، وتتظاهرين بالأسى، وتقولين إنّني أتجسّس عليهم.
لقد غيّرتِ خطتكِ.
تريدين الحصول على معلومات منّي، وفي الوقت ذاته، تفرّقين بيني وبينهم.”
بينما كنتُ أنظر إليها بصمت، بدت الدّوقة وكأنّها تعتقد أنّ كلامها نجح، فنظرت إليّ بثبات.
“ألا تريدين رؤية والديكِ؟”
“همم…”
“إذا أردتِ، سأجد والدتكِ، وأطلب منها أن تأخذكِ.”
نظرتُ إليها، وأومأتُ ببطء.
“والدتي… كنتُ فضوليّة بشأن عائلتي.
فُصلتُ عنهم عند الولادة، وتربّيتُ في ملجأ.”
بدأ وجه الدّوقة يضيء تدريجيًا.
‘لكنّ الحقيقة عن والدتي هي شيء لم أعرفه حتّى في حياتي السابقة.’
توقّفتُ فجأة، وتصلّب وجهي عندما خطر هذا الكلام في ذهني.
‘حياة سابقة…؟’
تذكّرت ذكرى بشكل طبيعيّ.
حياة سابقة ذُكرت دون وعي.
في حالة صدمة، حاولتُ التفكير مجدّدًا، لكن لم يظهر شيء آخر.
‘كأنّ بداخلي شخص آخر… لمَ يحدّثني هكذا؟’
تجمّدتُ للحظة.
هل هذا جسد آيشا الأصليّ؟
بعد أن أصبحتُ آيشا، هل كانت مختبئة في مكان ما بداخلي، تظهر فجأة؟
‘حتّى لو كان الأمر كذلك، هذا لا يُفسّر.
هذا الجسد… مجرّد شخصيّة في رواية.
كيف يمكن أن يكون لها… حياة سابقة أو…’
تذكّرتُ ذكريات سابقة.
أنا في الحلم، أنا كشخصيّة بالغة.
مديرة الملجأ يغضب منّي…
‘مديرة الملجأ.
إذن، هل كان ذلك ليس حلمًا، بل ذكرى أصليّة لهذا الجسد؟
هل آيشا… ليست مجرّد شخصيّة في رواية؟
هل كانت موجودة فعلاً؟
هل عادت إلى الماضي؟’
في تلك اللحظة، وبينما كنتُ مذهولة بسبب الذكريات المفاجئة، ابتسمت الدّوقة، وكأنّها تعتقد أنّ كلامها نجح.
“الأطفال الصغار بالتأكيد فضوليّون بشأن والديهم.
أتفهّم.
أنتِ بعدُ طفلة، من الطبيعيّ أن تشتاقي لحضن والديكِ وحبّهم.”
“ليس الأمر كذلك.”
نظرتُ إليها وهي تسيء فهمي تمامًا، وأومأتُ بقوّة.
“والدتي ربّما أنجبتني دون زواج.”
“ماذا؟!”
“لو كانت قد أنَجبتني بشكل طبيَعيّ في زواجٍ، لكنتِ ذكرتِ والدي أيضًا، وليس فقط والدتي.
لكنّكِ تتحدّثين عن والدتي فقط، ممّا يعني أنّ هناكَ مشكلةٌ، أليس كذلك؟”
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات