بابتسامةٍ خفيفة نظرتُ إليه.
كان هدفي إظهار أنّ إعلان الحرب ضدّي أو محاولة سحقي لن تجدي نفعًا.
نظر تير إليّ من الأعلى بنظرةٍ مندهشة.
“حقًا…”
“لماذا؟ هل ستقول مرّة أخرى إنّني وقحة وعديمة الأخلاق؟”
“ها… يجب أن أتوقّف عن الكلام. ما الذي أفعله بجدال مع طفلة؟”
ربّما شعر بالحرج من نفسه، فأصدر صوتًا بنقرة لسانه.
‘الجدال مع طفلة، والظهور بهذا الموقف أمام الآخرين في الدّوقية أثناء مرورنا، بالتأكيد أمر محرج له.’
في النهاية، بدأ يمشي مرة أخرى، لكن بخطوات أبطأ بكثير من قبل.
تبعته، وتجوّلنا في أرجاء الدّوقية حتّى وصلنا إلى الحديقة حيث كانت الدّوقة.
لم يبدُ أنّه يحاول إتعابي بالتجوال الطويل، فهو نفسه بدا متعبًا من هذه اللحظة.
“انتظري هنا قليلاً.”
“حسنًا~”
بما أنّ التوأمين ليسا موجودين، لم أكن أنوي إثارة أي مشكلة معه، فأومأتُ بهدوء ونظرتُ حولي.
عشبٌ مُعتنى به جيدًا، وطاولة شاي موضوعة فوقه.
المكان الذي أقف فيه كان بعيدًا نسبيًا عن المكان الذي تجلس فيه الدّوقة.
لكن هذا لا يعني أنّني لا أستطيع رؤية وجهها.
على الرغم من المسافة التي جعلت الحديث غير مسموع، كان من الواضح جدًا أنّ وجه الدّوقة يتصلّب.
يبدو أنّ أكتير يخبرها بما حدث للتو، إذ كانت قبضتها مشدودة بقوة.
ثم التقت عيناها بعينيّ.
في تلك اللحظة، عاد تير نحوي يمشي.
“الدّوقة تطلب حضوركِ.”
“حسنًا~”
“… أنتِ مختلفة تمامًا عمّا كنتِ عليه مع التوأم… أقصد، الأمير والأميرة.”
“أعرف كيف أتصرّف.”
“كيف تتصرّفين؟”
“أعرف مكاني جيدًا.”
ابتسمتُ له ببراءة.
نظر إليّ وكأنّه لا يصدّق، ثم نقر بلسانه بامتعاض.
“حقًا… أنتِ طفلة تفوق التوقّعات.
ظننتُ أنّكِ ستكونين جريئة حتّى في غياب التوأمين.”
“حسنًا، سأعتبرها مجاملة.
هيّا بنا، الدّوقة تنتظر.”
على عكس توقّعاتي أنّه سيكون لديه انطباع سيء عنّي بسبب ما حدث مع التوأمين، بدا تير ينظر إليّ بفضول.
‘هل نسيَ ما حدث للتو؟ أم أنّني مثيرة للاهتمام إلى هذا الحدّ؟’
مهما كان السبب، لم يهمّ.
لقد وصلتُ إلى وجهتي اليوم.
كما توقّعتُ، حاولت الدّوقة فرض هيبتها منذ اللحظة الأولى، دون حتّى أن تنظر إليّ.
“أحيّي الدّوقة.”
“…”
لم يُسمع سوى صوت رشفات الشاي.
نظرتُ حولي للحظة، ثم إلى الكرسيّ أمامي.
“هل يمكنني الجلوس؟”
كان الكرسيّ موضوعًا بطريقة مثالية للجلوس.
“إذا لم يكن هناك ردّ، سأجلس.”
ثم جلستُ على الكرسيّ بسرعة.
عندها فقط، رفعت الدّوقة، التي كانت تتجاهلني، عينيها نحوي.
“ألا تملكين أيّة أخلاق؟”
“فعلتُ هذا لأنّني شعرتُ أنّ الدّوقة لن تنظر إليّ إلّا بهذه الطريقة.”
كانت طريقتي في فرض هيبتي، مختلفة عن طريقتها، لكنّها هيبتي الخاصّة.
أردتُ إظهار أنّني لن أخاف مهما فعلت.
كما توقّعتُ، نفخت الدّوقة أنفها بغضب وكأنّها لا تصدّق تصرّفي.
“كما هو متوقّع، المشكلة في أصلكِ.
لهذا لا أحبّ الأنصاف.”
نقرت بلسانها محاولة إخفاء تعبيرها، وهزّت رأسها.
“آه، هل تعرفين أصلي؟
أخبريني به إذن. هل اكتشفتِ شيئًا عن والديّ؟”
“كيف لطفلة أن تكون وقحة إلى هذا الحدّ؟”
“يجب أن أكون وقحة.
في الملجأ، عليكِ أن تكوني هكذا لتبقي على قيد الحياة.
إذن، هل اكتشفتِ حقًا شيئًا عن والديّ؟”
“آه، أعرفُ، أعرفُ.
كنتُ أمزح فقط.
لو كنتُ أعرف والديكِ، لكنتُ طردتكِ فورًا ليأخذوكِ.”
ظننتُ أنّها تكذب، لكن يبدو أنّ هذا الجزء صحيح.
وجه الدّوقة تشوّه بشكل واضح.
منذ أن عاشت حياتها محاطة بأشخاص يرفعون من شأنها، كان وجودي مزعجًا لها بشكل واضح.
لم تكن تحبّني منذ البداية، لكنّها اليوم، وبعد تصرّفاتي، بدت غاضبة إلى أقصى درجة.
أمامها، كان الجميع، سواء كانوا أطفالًا أو كبارًا، ينبطحون دائمًا.
إنّها الدّوقة، من سيجرؤ على التحدّث إليها بوقاحة هكذا؟
‘لن تقتلني فجأة بسبب حديثي بهذه الطريقة.’
خطر ببالي فجأة.
ربّما هدف حياتي ليس البقاء على قيد الحياة، بل حماية التوأمين.
منذ أن بدأت أرى أحلامًا غريبة، ازداد هذا الشعور.
‘ربّما، كوني يتيمة تخاف العالم، أعطيتُ فرصةً أخرى بنوعٍ من القوة الخاصة؟’
فكرتُ بأفكار غريبة كهذه.
لولا ذلك، لما كنتُ قادرة على التصرّف بهذه الجرأة.
“حتّى لو كنتِ لطيفة مع لاري، فلن تكوني كذلك معي، أليس كذلك؟
قيل لي إنّكِ تظنّينن نفسكِ طفلة ذكيّة تعرف مكانها، لكن يبدو أنّ هذا غير صحيح؟”
“لا، أنا أعرف مكاني جيدًا.
أعرف حدودي، وأفهم المواقف جيدًا.”
وأعرف أيضًا أنّكِ لا تستطيعين إيذائي.
‘على الأقل طالما أنا هنا.’
على الرغم من أنّ الدّوق يهدّد بطردي باستمرار، ما زلتُ هنا، وأنا الشخص الذي يحبّه التوأمان بصدق.
‘الأسف الوحيد هو أنّ هذه الصلاحية مؤقّتة، طالما أنا في هذا المكان.’
لو لم يكن الأمر كذلك، لكنتُ استفززتها أكثر.
على أيّ حال، كان من المهمّ أن أُظهر للدّوقة أنّني أفهم الموقف جيدًا.
أن أبيّن لها أنّ الأطفال الذين تعتقد أنّهم مجرّد أطفال ليسوا كذلك.
أنّهم قادرون على الإمساك برقبتها في أيّ لحظة.
هكذا فقط لن تتمكّن من المساس بهم بسهولة.
في تلك الأثناء، وبينما كانت تنظر إليّ بدهشة، غيّرت الدّوقة الموضوع.
“بالمناسبة، ملابسكِ.”
“نعم!”
تساءلتُ متى ستتحدّث عنها، وأخيرًا نظرت إليّ الدّوقة بوجه غاضب.
تعبيرها يقول: “كيف تجرؤين على ارتداء هذه الملابس؟”
“أليست هذه ملابس لاريز؟ لمَ ترتدينها؟”
“لأنّ لاري تحبّني كثيرًا.
أرادت أن نرتدي نفس الملابس، فلم يكن لديّ خيار.”
نصف الحقيقة ونصف الكذب.
صحيح أنّ لاري تحبّني، لكنّها لم تطلب منّي ارتداء نفس الملابس.
صحيح أنّني جعلتها تقول ذلك أمام الآخرين، لكنّها لم تبدأ الفكرة.
“كيف تجرؤين، وأنتِ مجرّد عاميّة، على ارتداء ملابس أُعطيت للاريز؟”
“الملابس أصبحت ملك لاري منذ أن أُعطيت لها.
ومالكة الملابس أرادت أن أرتديها معها، فامتثلتُ فقط.
كما قالتِ الدّوقة، كيف لعاميّة مثلي أن تتجاهل أوامر الأميرة؟”
ابتسمتُ لها ببراءة.
تصرّفتُ وكأنّ نيّتي نقيّة تمامًا، دون أي نوايا أخرى.
كما توقّعتُ، تصلّب وجهها.
‘من الطبيعي أن تكوني غاضبة.
يبدو أنّكِ وضعتِ خططًا متعدّدة لجعل لاري في هذه الحالة.’
من المؤكّد أنّها صنعت سمًا مجهولاً، وتُعطيه للاري بطرق مختلفة.
لا أعرف بالضبط لمَ تُمرض الدّوقة لاري.
لم يُذكر ذلك في الرواية، وعلى الرغم من أنّ لديّ تخمينات، لستُ متأكّدة من صحّتها.
أوّلاً: ربّما تريد إيذاء لاري للتخلّص من أحد التوأمين على الأقل.
ثانيًا: ربّما تُمرض لاري لتعتني بها وتكسب ودها.
ثالثًا: ربّما تُمرض لاري بدافع ضغينة شخصيّة دون أي سبب آخر.
قد تكون كلّها صحيحة، أو لا شيء منها صحيح.
لذلك بدأتُ أتصرّف مثل لاري تمامًا.
‘ربّما هناك سمّ في الطعام بكميات ضئيلة.
لكن بما أنّني ولوهين بخير، فمن المؤكّد أنّ الدّوقة تستخدم سمومًا مركّبة، كما قال الطبيب.
إذا فعلتُ كلّ ما تفعله لاري، سأكتشف أين المشكلة في النهاية.
كما سأتمكّن من إظهار للدّوق أنّ حالة لاري ليست نتيجة مرحلة نمو.’
“أنتِ جريئة جدًا.”
“لأنّه ليس لديّ ما يمنعني من أن أكون كذلك.”
عندما رأتني أتصرّف مثل لاري تمامًا، بدت الدّوقة قلقة.
كان ذلك للحظة قصيرة، لكن شعورها كان واضحًا.
‘لأنّه إذا أصبتُ أنا أيضًا، سيبدأ الدّوق بالشكّ حتماً.’
أعراض لاري ليست سوى النعاس المفرط، ولا يوجد شيء آخر يمكن استغلاله كمشكلة.
كان من الممكن قبول أنّها مرحلة نمو.
لكن إذا أصيب شخصان بنفس الأعراض؟
حينها، سيضطرّ الدّوق إلى الشكّ.
سيدرك أنّ أعراض لاري ليست مجرّد مرحلة نمو.
‘بالأخصّ بعد أن استدعى الأطباء بسببي، وهو أمر لم يعجبها بالتأكيد.
كم يجب أن تكون غاضبة الآن.’
الدّوقة، التي لم تعتد أن تسير الأمور ضدّ رغبتها، لم يكن الدّوق يهتمّ بما تفعله عادةً.
لو لم أكن موجودة، لكانت الأمور سارت كما تريد.
استدعاء المزيد من الأطباء لم يكن جزءًا من خطتها.
‘لكنّها ليست غبيّةً.
كانت دائمًا تتلاعب من الخلف، مستخدمة أقل عدد ممكن من الأشخاص.’
لأنّ كثرة الأشخاص الذين يعرفون يعني صعوبة في إسكاتهم.
لذلك، حتّى لو أقنعت الأطباء بقول ما تريد، فقد أخطأت خطتها بالفعل.
لأنّ عدد الأشخاص الذين يعرفون ما فعلته بلاري قد ازداد.
في تلك الأثناء، وبما أنّها أدركت أنّ الحديث بهذه الطريقة لن ينتهي، أطلقت الدّوقة تنهيدة عميقة.
“لا أريد طفلة من أصل وضيع مثلكِ في هذا البيت.
حتّى الخدم يشاركونني هذا الرأي.
لكن رؤيتكِ بجانب التوأمين أمر لا يُطاق بالنسبة لي.”
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات