“حقًا؟”
“نعم.”
كان هذا إنجازًا كبيرًا.
نظرتُ إلى الدّوق وأومأتُ برأسي.
“حسنًا.”
“وأنا أيضًا.”
“ماذا؟”
“أهتمّ بأطفالي على الأقل.”
على الرّغم من قوله إنّه يهتمّ، كان تعبيره الخالي من العواطف كافيًا ليجعلني أظنّ أنّه لا يقلق أبدًا.
“آه… نعم.”
“لا تثقين بي.”
“لأنّكَ تتحدّث بهذا التّعبير.
أيّ شخص يراكَ سيظنّ أنّكَ تقول: ‘أنا لا أعرف شيئًا عن القلق’.”
عندها، سعال الدّوق بخفّة.
“…”
“لذا، من الآن فصاعدًا، عندما تقلق حقًا، ربّما من الأفضل أن تجعل عينيكَ… طبيعيّتين هكذا.”
لم أستطع لمسه، لذا وضعتُ يدي على عينيّ وخفضتُ زاويتهما بأصابعي.
“هكذا؟ هل هذا تعبير القلق؟”
“نعم. إذا تحدّثتَ بهذا التّعبير، سيظنّ النّاس أنّكَ قلق قليلًا.”
توقّعتُ أن يوبّخني على هرائي، لكن، بشكل مفاجئ، خفض الدّوق زوايا عينيه.
“هكذا؟”
“أَ… ربّما. آه، هذا أفضل من قبل!”
لكن، بالطّبع، لم يتحسّن تعبيره.
كان يحاول، لكن لا شيء تحسّن.
بدلاً من ذلك، بدا كأنّه يحدّق بوجه غريب.
مع ذلك، كذبتُ وابتسمتُ بإحراج.
لو قلتُ إنّ تعبيركَ لم يتحسّن، قد يغضب الدّوق.
“حقًا؟”
“نعم! جيّد جدًّا.
بما أنّكَ وسيم أصلًا، هذا التّعبير يناسبكَ.”
“همم…”
ربّما بالغتُ في المديح.
لكنّه صحيح جزئيًا.
بما أنّه والد لوهين ولاري، فالدّوق وسيم.
نصف مديح ونصف حقيقة.
لكن ردّ فعله لم يكن جيّدًا.
‘ربّما أقلّل من التّملّق في المرّة القادمة.
قلتُ هذا لأنّني شعرتُ بالذّنب للكذب.’
في تلك اللحظة:
“سأحاول إظهار هذا التّعبير كثيرًا.
على الأقل لأطفالي… أريد أن أكون أبًا عاديًّا.”
“نعم…؟”
“في الحقيقة، لا أعرف.
لم أحبّ أطفالي أو أعانقهم من قبل.
حتّى هذين التوأمين.”
بالطّبع.
لكن هذين التوأمين مميّزان بالنّسبة لكَ.
‘لأنّهما أطفال حبّكَ الأوّل.
الأطفال الذين بحثتَ عنهم بشدّة.’
ربّما يرى حبّه الأوّل من خلال التوأمين، اللذين يشبهانه.
الحبّ الذي حاول حمايته حتّى بطلب من الدّوقة.
“أعلم.”
“على أيّ حال… لا أعني أنّني سأستمع إلى كلّ كلامكِ، آيشا.
فقط سأأخذه بعين الاعتبار قليلًا.”
“حسنًا.”
“لكن الأطفال يتبعونكِ أكثر من أيّ أحد.”
بدأ كأنّ لديه المزيد ليقولهُ، لكنّه توقّفَ ونظر إليّ فقط.
‘بدلًا من التحديق كأنّكَ تريد قول شيء، لو سمحتَ لي بالبقاء في هذا البيت، سيكون ذلك رائعًا.’
لكن لم يبدُ أنّ لديه هذا النّيّة.
كان لا يزال باردًا تجاهي.
“على أيّ حال، سَنلتقي في المعبد لاحقًا.”
“نعم~.”
“لأنّني أريدُ أن أسألكِ عن أشياء مختلفة…”
“ماذا؟”
“لا تسيئي الفهم.
هذا فقط لأنّني فضوليّ بشأن طفولة الأطفال التي قضيتيها معهم.
لا أعني شيئًا آخر.”
بالطّبع، بالطّبع. يجب أن يكون كذلك.
لكن، عادةً، من يقول “لا أعني شيئًا آخر” يكون لديه نيّة ما.
‘يبدو أنّه فضوليّ حقًا.’
كان الدّوق يُفضّل التوأمين بشكل غريب، بطريقته الخاصّة.
على الرّغم من وجود رون، الابن الأكبر، إلّا أنّ رون قضيّة مختلفة.
ربّما بسبب تملّق الدّوقة الزّائد لابنها، لم يتحدّث الدّوق معه بلطف أبدًا.
لكن مع التوأمين، كان الأمر مختلفًا.
على الرّغم من أنّ طريقته في التّعبير خاطئة، إلّا أنّه أظهر اهتمامًا كبيرًا بهما.
‘كأنّ التوأمين هما أبناؤه الوحيدون.’
“لمَ تحدّقين هكذا؟”
“فقط لأنّ.”
“إذا كنتِ تتوقّعين شيئًا، فلا تفعلي.
لأنّني أتحدّث إليكِ كثيرًا لا يعني أنّني سأتراجع عن الوعد.”
“نعم.”
“إذن، سأغادر.
إذا لاحظتِ شيئًا غريبًا، أخبريني في أيّ وقت.”
تغيير طفيف.
بالنّسبة لشخص لم يكن يريد حتّى الاستماع إليّ، هذا تغيير كبير.
غادر الدّوق.
اقترب لوهين، الذي كان صامتًا كأنّه لا يريد التّحدث مع الدّوق، إلينا أخيرًا.
“لا يُعجبني.”
“لمَ تكرهه إلى هذا الحدّ؟”
“لم يهتمّ بنا من قبل، والآن يتظاهر بالاهتمام.
يثير اشمئزازي. تخلّى عنّا، والآن…”
“هذا مفهوم. أتفهّم.”
نظر لوهين إليّ بعينين متردّدتين.
“تتفهّمين؟”
“بالطّبع.”
“صحيح… لأنّكِ أنتِ أيضًا تُركتِ.
لا تقلقي. أنا… لن أتخلّى عنكِ.”
“أوه؟”
“أعني، لسنا نحن… فـ.
أنا ولاري… لن نتخلّى عنكِ.
لذا… آه، لا أعرف. سأنام.”
قفز لوهين فجأة إلى سرير لاري وعانقها كأنّها دمية.
كان المشهد رائعًا.
جلستُ على كرسيّ بجانب السّرير ونظرتُ إليهما.
“رؤيتكما معًا هكذا تجعلني سعيدة.”
لكن، ربّما بسبب الإحراج، دفن لوهين وجهه في ظهر لاري.
“تخجل؟”
“لستُ كذلك. أنا… نعسانٌ فقط.”
ابتسمتُ ونظرتُ إليهما.
‘هذا ما كنتُ أنتظره.’
بالطّبع كنتُ أنتظر هذه اللحظات.
ثمّ، فجأة، خطرت فكرة في ذهني.
كأنّها ذكرياتي، أفكاري، لكنّها غريبة، ليست أفكاري تمامًا.
‘غريب…’
لمَ أشعر هكذا؟
لمَ تستمرّ الأفكار الغريبة بالظهور؟
“ما بكِ؟”
“أَ؟ لا شيء. كنتُ أفكّر فقط.
بما أنّ الأمر هكذا، سأنام أنا أيضًا.”
زحفتُ بسرعة تحت الغطاء.
“أَ… لا يضايقكِ النّوم في نفس السّرير؟”
“لمَ يضايقني؟
لمَ، ألا تحبّ ذلك، لوهين؟”
“لا، أحبّه. لكن…”
كان لوهين غريبًا اليوم، متردّدًا كثيرًا.
‘هل هو محرج؟ لطيف حقًا.’
كيف يكونان لطيفين ومحبوبين إلى هذا الحدّ، لكنّهما سلكا طريقًا صعبًا؟
حياة هذين الطّفلين تبدو قاسية جدًّا.
‘لهذا أنا هنا. لمنع تكرار الماضي.’
بل، لمنع تكرار أحداث الرّواية.
تستمرّ كلمات غريبة بالظهور في ذهني دون وعي.
“ربّما بسبب التّعب…”
“متعبة؟ انامي بسرعة.”
فوجئ لوهين بكلامي عن التّعب ونهض فجأة، ثمّ ربّت على رأسي.
“سـ… سأنام.”
“تتعبين لأنّكِ ضعيفة وتتذمّرين دائمًا.
نامي ولا تسقطي.”
في تلك اللحظة، استيقظت لاري، التي كان لوهين يضغط عليها نصفيًا، وهي تشعر بالضّيق.
“أ.. لاري تموت، لاري!”
“لن تموتي. مُدلّلة.”
ضحك لوهين بخفّة وهزّ شعر لاري.
كان شعرها ملتصقًا بوجهها من النّوم والتّحدّث أثناءه.
“أَ…”
أزلتُ الشّعر عن وجه لاري وهي تلوّح بيدها في الهواء.
“لاري.”
“أَ…”
نظرت لاري إليّ بعبوس وهي نصف نائمة بعد خروج الدّوق.
يبدو أنّ النّعاس لم يغادرها بعد.
“منذ أن أتيتِ إلى هنا، أصبحتِ تنامين كثيرًا، أليس كذلك؟”
“نعم!”
ليس سُمًّا.
بل، ليس السّمّ الذي يُؤكل فقط.
كلام الطّبيب يعني أنّ الأمر ليس بسبب شيء واحد.
‘صحيح، أبناء الدّوق لديهم طباع تجعلهم يقاومون السّموم العاديّة.
لكن إذا أصيبوا، فهذا يعني… أنّ شيئًا ما اكتُشف…’
أومأتُ ونظرتُ إلى لاري.
على الأقل، ستعرف الدّوقة الآن أنّ الدّوق يراقبها.
لن تتحرّك بسهولة.
تذكّرتُ فجأة أجزاء من الرّواية.
منذ أن أتيتُ إلى هنا، أصبحت ذكريات الرّواية ضبابيّة.
أحيانًا، أتساءل لمَ أنا هنا.
ثمّ تتضح الأسباب مجدّدًا.
هذا عالم الرّواية، والتوأمان أمامي هما الأشرار المُلقّبون بالوحوش.
إذا لم أستمرّ بالتّذكّر والتّفكير، ستتوقّف أفكاري وتختفي.
لذا، استعدتُ ذكرياتي مرّات عديدة.
‘هذا عالم الرّواية. لا تنسي.
أنا شخصيّة ثانويّة، والأطفال أمامي هما الأشرار في الرّواية.’
الأشرار الذين يحبّون البطلة بشدّة، يختطفونها، ويُقتلان في النّهاية على يد الأمير الإمبراطوريّ.
يُقال إنّ مشاعرهما، كونهما وحوشًا، خام جدًّا.
كان هناك وصف قليل عن لاري ولوهين في الرّواية.
‘مثل هذا الموقف حدث بالتّأكيد.’
في الرّواية، كان لوهين يعتني بأخته بشكل مبالغ فيه.
جزئيًا لأنّ لاري وُلدت بجسم ضعيف، ولكن أيضًا لأنّ صحتها تدهورت بشدّة بعد قدومها إلى الدّوقيّة.
لذا، كان لوهين يخاف على أخته، الشّخص الوحيد إلى جانبه، ويفعل كلّ شيء لها.
الدّوق كذلك.
حاول الدّوق بذل قصارى جهده للتوأمين، فعل كلّ شيء للاري، ممّا أغضب الدّوقة أكثر.
“أشعر… أنّ اتّصالًا سيأتي قريبًا.”
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في قناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 40"