يا إلهي، يا لها من إنسانة فاسدةٍ….
كيف يمكن لشخص أن يكون بهذا السوء؟
تسميها “جعل الأطفال يبدون بائسين”، لكن نواياها واضحةً تمامًا.
إنّها تستغلّ الأطفال لملء جيوبها الخاصّة…!
كنتُ أرغب بمعرفة تفاصيل خطّتها بدقّةٍ، لكنها سرعان ما بدأت تهمهم وتكتب شيئًا على ورقة، منهمكة تمامًا.
في تلك اللحظة، أدركتُ أنّ البقاء هنا لن يُضيف شيئًا إلى ما عرفتهُ.
‘إنسانة أسوأ من القمامة.’
كنتُ أطحن أسناني من الغضب، لكنني، وأنا في الثامنة من عمري، لم أملك ما أفعله الآن.
لستُ مخلّصة ولا قدّيسة.
ولا حتى ابنة عائلة نبيلة مكتشفة فجأةً.
لا أعرف حتى من هما والداي.
كلّ ما يمكنني فعله هو جعل طفولة الأشرار في الرواية أفضل قليلًا من الرواية نفسها، من أجل بقائي.
‘لكن يجب أن أمنع إيذاء الأطفال على الأقل.’
قرّرتُ أن أكون أكثر حذرًا في المستقبل، واندفعتُ نحو التوأمين بحذر.
بعد زيارتي الأولى، شعرتُ أنّ الطريق إلى المخزن أصبح أقرب.
تسلّلتُ إلى الداخل عبر الفتحة الصغيرة كما فعلتُ سابقًا.
كان الأطفال لا يزالون يحترسون منّي.
رغم ذلك، جلستُ أمامهم بوقاحةٍ.
“هيّا، لا تقلقا.”
دون قصد، نقرتُ بلساني كما لو كنتُ أتعامل مع كلب، لكن ردّ الفعل كان غير متوقّع.
الطفل الذي كان يهدر توقّف، وبدأ ينظر إليّ بنظرةٍ تشي بالازدراء، مع شفتين متدلّيتين.
“لحظة، ما هذا التعبير؟”
“…”
“لن أعطيكما شيئًا؟”
“أور…!”
“هل تعرفان كم كان صعبًا عليّ الحصول على هذا؟
ومع ذلك تنظران إليّ بهذا الازدراء!”
كان الأمر تافهًا، لكن مجرّد التفكير بما حدث سابقًا جعل ساقيّ ترتجفان.
‘لم أتعرّض للتنمّر المباشر من المديرة بعد، لكنّ قصص الأطفال الذين عانوا منها مرعبةً حقًا.’
الأطفال الذين زاروا المديرة كانوا يعودون مرتدين ملابس طويلة الأكمام حتى في الصيف.
عندما يُرفع عنها الغطاء، كانت حالتهم لا تُوصف، وكثير منهم كانوا يعانون من صعوبةٍ في الحركة.
إنّها شخص لا يتردّد في الإساءة.
لذا، حتى بعد قدومي من ذلك المكان، لم أهدأ بسهولةٍ.
“آه…”
في تلك اللحظة، عندما تنهّدتُ بعمق وتجمّد تعبيري، أطلّ الطفل الذي كان مختبئًا برأسه قليلًا.
“لا، لا. لا داعي للخوف.
لن أقول شيئًا.
بدلًا من البقاء هناك، تعاليا وكلا هذا بسرعة.”
ابتسمتُ بأكبر قدرٍ من اللطف خوفًا من إخافتهما.
لكن يبدو أنّ ابتسامتي أخافتهما أكثر.
‘هل وجهي مخيفٌ إلى هذا الحد؟’
عبستُ قليلًا، ثم أخرجتُ الخبز والحليب من جيبي ورميتهما نحوهما.
فجأة، اقترب الطفلان اللذان كانا يحترسان بشدّةٍ منّي، وأخذا الخبز بسرعة.
“أنتم، في الحقيقة تفهمون كلّ شيء، أليس كذلك؟”
“…”
يبدو أنّهما يفهمان، لكن كلّما سألتهما هذا السؤال، كانا يهزان رأسيهما.
كانا يبدوان كالكلاب المبلّلة بالمطر، مكتئبين.
هذا المظهر جعلني أضعف أمامهما مرّة أخرى.
“هل تعرفان ما هذا؟
إنّه حليب، حليب.”
حليبي الثمين.
حتى أنا نادرًا ما أتناوله.
إنّه لذيذ لدرجة أنّه يُسبّب القشعريرة في الجسم.
مجرد رؤية الحليب، الذي نأكله مرّة في الشهر فقط عندما تكون المديرة في مزاج جيّد، جعلت اللعاب يسيل من فمي.
“تسس.”
مسحتُ اللعاب الذي سقط بسرعة.ٍ
كم كانا يصغيان جيّدًا، فقد نظرا إليّ في نفس الوقت.
“لم أفعل شيئًا؟”
اتّجهت أنظارهما إلى الأرض حيث سقط لعابي.
“قُلتُ لم أفعل شيءً!
لم يسِلَ لعابي لأنّني أريد الحليب!”
“…”
“على أيّ حال، قد يكون باردًا لكنّه لذيذ.
مغذٍ أيضًا.
لكن لا تشرباه على معدة فارغة، كلا الخبز أوّلًا.”
تحدّثتُ بحرج، لكن الطفلين كانا ينظران إلى زجاجة الحليب التي ألقيتها.
بل إنّهما دحرجاها بأقدامهما.
“آه… أظافركما الطويلة تمنعكما من فتحها، أليس كذلك؟”
كنتُ أرغب بقصّ أظافرهما أوّلًا، لكن إطعامهما هو الأولويّة الآن.
اقتربتُ من زجاجة الحليب، فتحتُ الغطاء، ومددتُها إلى الطفل المتردّد.
“كياك!”
“مهلًا، أفتح لكما الحليب وتتعاملان معي هكذا بدلًا من الشكر؟”
بالطبع، لم يكن هناك ردّ.
أخذ الطفل الحليب من يدي بسرعة وبدأ يتقاسمه مع أخيه.
“لذيذٌ، أليس كذلك؟”
“…”
“…حسنًا، كلا الكثير.”
في تلك اللحظة، سمعتُ قرقرةً من بطني.
التفت التوأمان، اللذان كانا منشغلين بأكلهما، نحوي في الوقت نفسه.
“لا، لا تهتما. بطني دائمًا تصدر أصواتًا.”
قلتُ ذلك، لكنني توقّعتُ أن يعطياني قطعة خبز على الأقل، لكنّهما تجاهلاني حقًا.
شعرتُ ببعض الإحباط.
“حسنًا… طالما أنكما تأكلان جيّدًا.”
جلستُ على ركبتيّ، أسندتُ ذقني، ونظرتُ إلى التوأمين وهما يلتهمان الطعام بنهم.
كانت أظافرهما ومخالبهما الطويلة لا تزال تلفتُ انتباهي.
وجوههما المتّسخة، والخدوش على أجسادهما.
“…اسمعا، المديرة تأتي إلى هنا وتسيء معاملتكما، أليس كذلك؟”
“…”
“ربّما لا تعرفان من هي المديرة؟ تلك المرأة التي تشبه الدبّ.
ضخمة الحجم، ويداها كبيرتان كالمقلاةِ.”
للتوضيح، وقفتُ وقلّدتُ مشية المديرة المتمايلة.
فجأة، أومأ الطفل الذي كان دائمًا في الخلف برأسه بقوّة.
“هه، كما توقّعتُ… تلك الإنسانة.
هل تأتي هنا كثيرًا؟”
“…”
عدم قدرتهما على الكلام محبط.
‘من أين أبدأ؟
الأولويّة هي إطعامهما جيّدًا.
ثم تعليمهما الكلام، لا، ربّما توفير بيئة أفضل أوّلًا…’
في تلك اللحظة، سقط رغيف خبزٍ أمامي.
كان الطفل الأصغر، الذي كان دائمًا خلف أخيه ويبدو خجولًا بعض الشيء.
عندما نظرتُ إليه، وضع الخبز وعاد بسرعة إلى مكانه.
“…؟ ما هذا، هل تعطينني إيّاه؟”
“…”
رغم أنّني رأيتهما مرّتين فقط، كانا دائمًا خجولين.
“هل هذا لي لآكله؟”
أومأت الطفلةُ برأسها بقوّةٍ، حتى بدا شعره المنفوش كغبارٍ متطاير.
شعرتُ بألمٍ في قلبي.
“هل أصبحنا الآن نتشارك حتى حبّة فاصولياء؟”
لم يكن هناك ردّ، لكن قلبي امتلأ بمشاعر لا أستطيع تفسيرها.
حتى الآن، كنتُ أفكّر فقط في كسب ودّ التوأمين من أجل بقائي.
‘هؤلاء الأطفال ليسوا مجرّد حروفٍ مطبوعة.’
إنّهم ليسوا الأشرار في الرواية الذين يرتكبون أفعالًا سيئة ويموتون بائسين.
إنّهم أحياء، لديهم مشاعر.
يعيشون بصعوبة أكثر من أيّ شخص آخر، ومع ذلك يبذلون قصارى جهدهم للبقاء…
أطفال يحملون رغم آلامهم، دفء الإنسانيّة.
إنّهم مجرّد أطفال.
“لقد قرّرتُ.”
عندما قلتُ ذلك فجأة، حدّقت بي أربع عيون.
كانت عيونهم مغطّاة بشعرٍ أشعث ومليئة بالرمص، لكنّها لا تزال تحتفظ بلمعانٍ ساطع.
“سأمنحكما طفولةً عاديّة أكثر من أيّ شخص آخر.
سأجعلكما تنشآن كبشرٍ عاديّين.
لذا، انتظرا، سأعود مجدّدًا!”
ليس هذا وقت التسكّع هنا.
إذا لم يكن هناك طعام، يمكنني جلب التفّاح المهمل من مزرعة التفّاح التي تبعد ثلاثين دقيقة عن الدار.
وإذا لم يكن هناك ما يُشرب، يمكنني جلب الماء بنفسي.
أنا أكثر حريّةً من هؤلاء الأطفال المحبوسين هنا، والذين عاشوا كالحيوانات.
أغلقتُ يديّ الصغيرتين بقوّة وخرجتُ من المخزن.
“بالفعل، يجب على المرء أن يعيش حياةً مريحةً.”
لقد عشتُ حياةً مريحةً إلى حدٍّ ما، وبشكلٍ مناسب.
المديرة لا تقدّم طعامًا كافيًا، بل تستغلّ قوى الأطفال العاملة.
لكن بفضل ذاكرتي الجيّدة، كنتُ أنهي المهام الموكلة إليّ بسهولةٍ أكبر من الأطفال الآخرين.
ليست مهامًا صعبة، لكن بالنسبة للأطفال غير المهرة، تستغرق يومًا كاملًا.
الخيوط التي تُستخدم لتزيين السيوف أو نهاية المراوح هي ما يصنعهُ أطفال الدار.
لكن الخيوط التي نصنعها في الدار رديئةُ الجودة بشكلٍ لا يُصدّق.
‘ومع ذلك، كانت المديرة تطالبنا بصنع خمسين قطعة يوميًّا.
لكلّ الأطفال.
وكانت تجوّع أو تعاقب من لا يستطيع إكمالها.’
وكنتُ دائمًا الطفلة الأولى التي تنهي هذه المهمةَ.
بما أنّني أفهمها بعقلي، لم يكن صنعَها صعبًا.
وفي وقت فراغي، كنتُ أساعد الأطفال الذين يجدون صعوبةً.
“هاكِ. هذه أحذية لم أعد أرتديها!”
“شكرًا، إيل.”
“لا شيء! ههه، بفضلكِ يا آيشا، يداي أقلّ ألمًا دائمًا!”
بفضل ذلك، استطعتُ طلب أغراض من الأطفال مقابل صنع خيوطهم اليوميّة.
تساءل بعض الأطفال عن طلبي للملابس أو الأحذية، لكن عندما وعدتُ بصنع خيوط لأيامٍ عدّة، أحضروا بسرعة أحذية وبطانيّات وحقائب كبيرةً أمامي.
‘حتى هذا، أخبرتُ به بعض الأطفال فقط خوفًا من أن تعرف المديرة.’
في غضون وقتٍ قصير، امتلأت حقيبتي الصغيرة بأغراضٍ متنوّعة.
بعد تفقّد الحقيبة التي أحضرها الأطفال، سلّمتُُ الخيوط التي صنعتُها مسبقًا.
“هاكِ! هذه خيوطكم، صنعتُها مسبقًا.”
“شكرًا حقًا!”
“آيشا الأفضل.”
“اطلبي منّا أيّ شيء في أيّ وقت!”
“نعم.
لكن إذا اكتشف أحد أنّني طلبتُ هذه الأغراض… تعرفون، أليس كذلك؟”
عند كلامي، رفع ليان، صديق إي
ل المقرّب، كتفيه.
“آه، آه! نعم، نعرف. ستعاقبينا، يا آيشا.”
“قد أضربكم أيضًا.”
كأنّهما ينتظران كلامي، أومأ ليان وإيل برأسيهما في نفس الوقت.
شعرتُ بالغضبِ للحظة وحدّقتُ بهما.
“…أنا لستُ الطفلة التي تضرب الآخرين هكذا، تعرفان؟”
“لا، رأيتكِ تضربين إلين من الغرفة المجاورةِ في المرّةِ الماضية.”
التعليقات لهذا الفصل " 3"