لم أفق من تلقاء نفسي بقدر ما أُجبرتُ على الإفاقة بسبب صيحة مفاجئة.
“أَ… أوه؟”
بينما كنتُ أَرمش بعينيّ وأنظر بحيرة، هزّني لوهين بعنفٍ من جسدي.
“هل أنتِ بخير؟ أه؟”
“كـ… كيف…”
كنتُ سأسأل عما حدث، لكن في تلك اللحظة تحديدًا:
“أُختي… أُختي استيقظتْ…؟”
تردّد صوتٌ مُثقل بالنّعاس كما لو أنّ صاحبه قد استيقظ للتّو، ثمّ ما لبثتْ أن سمعتُ صوت خطوات متعثرة تهرع نحوي.
“أُختي!”
أخيرًا، رأيتُ لاري، وكانت عيناها متورّمتان تنظران إليّ.
ما إن رأتني حتّى امتلأتْ عيناها بالدّموع مجدّدًا، كما لو أنّ شيئًا مؤلمًا قد أصابها.
“هل أنتِ بخير…؟ أُختي، هل تؤلمكِ؟ هل فتحتِ عينيكِ؟ أنتِ أُختي، صحيح…؟”
كان عليّ أن أرفع يدي ببطء لأمسح دموعها، لكنّ يدي كانت ترتجف بشدّة فلم أتمكّن من تحريكها.
“آه…”
“أُختي، ما بكِ؟ هل ما زلتِ تتألمين؟ أه؟”
أمسكتْ لاري بيدي المرتجفة بسرعة، وكان وجهها قد ازدادَ تجهّمًا عن ذي قبل.
“لا، ليس كذلك. أنا فقط أشعر بالضّعف.
لكن، ما الذي حدث؟”
حاولتُ أن أبتسم وكأنّ شيئًا لم يكن، لكنّ جسدي لم يستجب بسهولة عندما حاولتُ النهوض.
كأنّني غصنٌ يابس، لم أتمكّن من إدخال أيّ قوّة في جسدي.
“لا قوّة في جسدكِ، أليس كذلك؟”
تحدّث لوهين، الذي كان يبدو منزعجًا قبل لحظات، بصوتٍ أكثر هدوءًا، كما لو أنّ غضبه قد خمد.
“أَ…؟”
“طبعًا، بعد أن ظللتِ ممدّدة هكذا لأيّام.”
“أنا… كنتُ ممدّدة؟ طوال الوقت؟”
أومأ لوهين ولاري برأسيهما في الوقت ذاته.
“أجل، كم من الوقت؟”
“ثلاثة أيّام.”
“لذا كنّا قلقين جدًّا، ظننّا أنّ شيئًا سيئًا سيحدث لكِ.”
عبستْ لاري وهي تمسك بيدي وتلعب بها.
“حقًّا…؟ هل قالوا إنّني مريضة بشدّة…؟”
كنتُ أظنّ أنّني نمتُ لبضع ساعات فقط، لكنّ معرفة أنّني نمتُ لثلاثة أيّام جعلتني أُذهل.
لهذا السبب أشعر بهذا الضّعف.
لم أتناول طعامًا ونمتُ فقط.
هذه الفكرة جعلتني أشعرُ بالحيرة قليلًا.
‘هل كان هذا الجسد ضعيفًا إلى هذا الحدّ؟’
كنتُ أظنّ أنّه جسد قويّ نسبيًّا.
فضلًا عن ذلك، لم ينبس التوأمان بكلمة منذ قليل.
“هل جسدي… مريض حقًّا…؟ لا بأس، يمكنكما أن تخبراني.”
المعرفة خيرٌ من الجهل، لذا سألتُ مجدّدًا بعد تردّد، لكن التوأمين ظلّا صامتين.
كانت لاري تنظر إلى لوهين كما لو أنّها تطلب منه أن يتحدّث، بينما كان لوهين يعضّ شفتيه فقط.
“…هل أُصبتُ بمرض قاتل؟”
“هه.”
سألتُ بجدّيّة بالغة، لكنّ الصّوت الذي سمعتُه بعد برهة كان ضحكة سخرية.
“ما هذا؟ ما معنى تلك الضّحكة؟”
“قالوا إنّه لا شيء.
فقط توتّرٌ وإرهاق، هكذا قالوا.”
“…حقًّا؟
أليس هناك مرض خطير يخفونه عنّي؟”
كطفلة يتيمة كان من المفترض أن تُعاني مصيرًا مروّعًا في الرّواية، كان من الطّبيعي أن أقلق.
ربّما غيّرتُ مسار الرّواية، فهل هذا مصيري الذي كان يجب أن أموتَ به يظهر الآن؟
شعرتُ بارتجاف يدي قليلًا.
لكنّ لوهين هزّ رأسه كما لو أنّ قلقي مضحك.
“مستحيل.
لا يوجد سبب لإخفاء شيء كهذا.
من أنتِ حتّى يخفوا عنكِ شيئًا؟”
“…”
“قالوا إنّكِ بخير.
إن لم تصدّقي، اسألي لاري التي تتعلّق بكِ كجرو.”
تحوّل نظري تلقائيًّا نحو لاري.
“لاري…”
“أجل، صحيح!
لا داعي للقلق على الإطلاق!”
“حقًّا…؟”
“أجل!
لاري لا تكذب!”
عندما رأيتُ ابتسامة لاري المشرقة، شعرتُ براحة غريبة.
لا أثق بلوهين على الإطلاق، لكنّني أثق بلاري نوعًا ما.
“الحمد لله.”
“لكن قالوا إنّ عليكِ أن تأكلي جيّدًا.
قالوا إنّكِ هزيلة لأنّكِ لا تأكلين جيّدًا.
عليكِ أن تأكلين وتستريحين.”
“حسنًا، هذا…”
“وقالوا أيضًا، لا أعرف بالضّبط، لكن عليكِ زيارة المعبد لاحقًا.”
هززتُ رأسي يمنةً ويسرةً عند ذكر المعبد فجأة.
“أنا أزور المعبد؟”
“أجل.”
“…آه.”
“لماذا؟
ألا يُمكنكِ الذّهاب؟”
“لا، ليس كذلك، لكن… لم أزر معبدًا من قبل.”
رأيتُ الكاهنات من قبل، لكن لم تكن لي فرصة لزيارة معبد.
المعابد أماكن مقدّسة، ولا توجد إلّا في العاصمة الإمبراطوريّة أو المدن الكبرى، ومديرة الملجأ لم تكن لتأخذنا إلى هناك.
كانت تقول إنّ ذلك يكلّف مالًا كثيرًا ولا فائدة منه.
لذا، كان ذكر المعبد مثيرًا للدّهشة بالنّسبة لي.
“لكن قالوا إنّ عليكِ الذّهاب.
لا أعرف السّبب، لكن هكذا قالوا.”
“حـ… حسنًا… سأذهب إن استطعتُ.”
ليس مكانًا يمكنني زيارته فقط لأنّني أريد، فاكتفيتُ بإيماءة خفيفة.
“إذن، هل تعانين من ألم في مكان ما؟”
“أجل، أشعر أنّني بخير الآن، باستثناء نقص القوّة في جسدي.”
“لا يُسمح لكِ أن تتألمي.
عندما كنتِ مريضة، شعرتُ بألم في قلبي.”
نفختْ لاري خدّيها كأنّها سنجاب، وفركتْ وجهها بالبطانيّة.
“حسنًا، فهمتُ.”
“سأعطيكِ دميتي أيضًا، فلا تمرضي.
آه… لا، لن أعطيها… سأعيرها لكِ فقط حتّى تتعافين.”
ابتسمتْ لاري ببراءة، ووضعتْ الدّمية التي تحتضنها دائمًا على وسادتي.
“أَ؟”
“منذ أن حصلتُ عليها، لم تحدث إلّا أشياء جيّدة!
ههه، إنّها شبحي الحارس.
لذا، ستحميكِ أنتِ أيضًا.”
أومأتُ برأسي بصمت وأنا أنظر إلى لاري.
شعرتُ كما لو أنّني أعطيتُ واحدًا وتلقّيتُ عشرة.
حبّ لاري الأعمى وغير المشروط جعلني أشعر بالذّنب قليلًا.
“لذا، لا تمرضي.
لا أسمح لكِ بالمرض.”
“أَ؟”
“إذا مرضتِ… ههه، لا شيء.”
للحظة، رأيتُ بريقًا غريبًا في عيني لاري المفتوحتين قليلًا.
شعرتُ بشيء غريب للحظة، لكنّني هززتُ رأسي سريعًا.
تجاهلتُ الأمر معتبرةً إيّاه مجرّد شعور عابر.
نقلتُ نظري بعيدًا، أتفحّص المكان لأتخلّص من ذلك الشّعور الغريب.
ثمّ رأيتُ الفراش الذي أرقد عليه.
في البداية، ظننتُ أنّني أخطأتُ، لكن بعد التأكّد، أدركتُ أنّه ليس خطأً.
“بالمناسبة، هذا… أليس فراشكما؟”
كان الفراش كبيرًا جدًّا، يبدو أنّه يتّسع للتقلبات دون توقّف، ولم يكن مكانًا يُفترض أن أرقد عليه.
ملمس الأغطية النّاعمة خلف ظهري، والوسادة التي تتشكّل وفقًا لرأسي، كلّ شيء يبدو فاخرًا للغاية.
فضلًا عن الجدران المزخرفة بورق حائط فخم. من الواضح أنّ هذه غرفة التوأمين.
“أجل! إنه فراشنا!”
“حقًّا…؟”
“أجل! لذلك، بينما كنتِ نائمة، كنتُ أنا ولوهين ننام بجانبكِ! كنتُ سعيدة جدًّا! تذكّرتُ الأيّام القديمة.”
استلقتْ لاري بجانبي مجدّدًا، تبتسم بحماسة.
“حقًّا؟”
“أجل أجل! لنستمرّ في النّوم هنا دائمًا.”
هل يُمكن ذلك؟ الدّوق بالتّأكيد لن يسمح. مجرّد التّفكير في الأمر جعلني أشعر بالقشعريرة.
“…هل يُمكن ذلك؟ بالتّأكيد لن يسمح.”
“حسنًا… لقد تشاجر لوهين مع أبي كثيرًا.”
“تشاجر؟”
“قالوا شيئًا عن أنّكِ قد تكونين مريضة، وأنّه يجب عزلكِ في مكان آخر. فغضب لوهين كثيرًا.”
عبستْ لاري وهي تعبّر عن استيائها.
“كان ذلك مبرّرًا… لكنه محقّ أيضًا. إذا لم أستيقظ لثلاثة أيّام، من الطّبيعي أن يشكّكوا في صحتي. بالنّسبة له، أنتما…”
“ما الذي يبرّره؟ حتّى أنتِ تقولين أشياء مزعجة! ههه، حقًا مزعج. أيّ مرض؟ انتِ فتاةٌ صيحةٌ نائمةٌ فقط بسبب الإرهاق فقط!”
نظر لوهين إليّ بغضب، وأنا ما زلتُ ممدّدة على الفراش.
“لكن يبدو أنّكِ بخير الآن.”
“أجل! أنا بخير الآن، باستثناء قلّة القوّة.”
“…نامي أكثر. أنتِ دائمًا تُثيرين أعصاب النّاس بمجرّد أن تفتحي عينيكِ.”
بعد قوله هذا، تحرّك لوهين ببطء في الغرفة وأطفأ جميع الأنوار.
حلّت الظّلمة، ومع لاري النّائمة بجانبي، غرقتُ في النّوم أيضًا.
لم أتمكّن من النهوض إلّا بعد مرور أربعة أيّام أخرى.
أي أنّني استعدتُ قدرتي على الحركة بعد أسبوع من وصولي إلى هنا.
بالطّبع، كنتُ لا أزال أتناول طعامي في الفراش، ولم أكن أنهض إلّا عندما أتجنّب نظرات لوهين المراقبة.
“آه! ماذا أفعل؟”
بعد أن أنهيتُ إفطاري ذلك اليّوم، وأنا ممدّدة على الفراش، صرختُ من الإحباط.
بعد الإفطار، كنتُ أتسكّع في الغرفة، ثم نهضتُ فجأة.
لكن، ما إن نهضتُ حتّى ضرب لوهين كتفي برفق، فسقطتُ إلى الخلف.
“لماذا تنهضين؟ يجب أن تبقي ممدّدة.”
“دائمًا تقول هذا لأختي.”
“لأنّ أختكِ لا تتصرّف كأخت. تتجوّل وهي لا تعرف أنّها مريضة ثمّ تنهار.”
تمتم لوهين وهو يضع منديلًا مبلّلًا على جبهتي. لم يُعصر جيّدًا، فتقاطرتْ المياه وبلّلت الوسادة.
“أقول لكَ إنّني لستُ مريضة.”
“كيف لستِ مريضة؟ لا أصدّق.”
“…”
“فابقي ممدّدة.”
“حتّى متى؟”
جئتُ هنا كحامية للتوأمين، لكنّني أصبحتُ فجأة من يُحمى.
لديّ الكثير لأفعله، لكنّني مليء بالقلق.
لقد سُمح لي بالبقاء هنا مؤقّتًا، لكن هذا لا يعني أنّ كلّ شيءٍ قد حُلّ.
“أُختي، دعينا ننام هكذا أنا وأنتِ.”
كانت لاري، التي كانت تنام بجانبي، تحتضنني وهي غارقة في النّوم.
“آه… أريد أن أنام أكثر، لكن لا يمكنني البقاء هكذا.”
“لماذا؟ ما الذي تريدين فعله؟”
“…أنا لديّ شهر واحدٌ محدودٌ فقط.”
عند كلمة “محدّودة”، تجمّد وجه لوهين للحظة.
“لا تستخدمي كلمة مثل ‘محدّودة’. تُرعبني.”
“أَه؟ تفاجأتَ؟”
“أجل.”
“حسنًا. لكن هذا مهمّ بالنّسبة لي. يجب أن أُظهر أنّني أقوم بعملي بشكل صحيح… حتّى لا يُعيقوني لاحقًا.”
“ماذا تريدين أن تفعلي؟”
❀_❀_❀_❀_❀_❀_❀_❀
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً في واتباد وقناة الملفات،
حسابي واتباد : _1Mariana1_
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات