50
**50حكاية القنفذ الرمادي المغامر – فصل إضافي**
عاد فارس الدوقية، راكبًا جوادًا سريعًا، حاملًا رسالة مختومة بختم العائلة المالكة، وذلك فور الانتهاء من تناول الإفطار.
كانت الرسالة تحتوي على تحية مهذبة، إلى جانب تصريحٍ بأن بإمكاننا الحضور إلى القصر في أي وقت.
حين أصر أخي على مرافقتي، رفضت قائلة: “إريكاثينا الأخت الكبرى في مرحلة حساسة، حتى لو كانت شهيتها قد تحسنت قليلًا، لذا من الأفضل أن تبقى هنا.”
أنا والسيد جود مثل الأصدقاء الذين نشأوا معًا، لذا لن تكون هناك مشكلة حتى لو لم يكن أخي معنا.
حين شرحتُ أن التنانين البشرية تخلع ملابسها عند التحول إلى هيئة التنين، أصيب أخي وأختي الكبرى بالذعر وقالا على عجل: “لن ننظر أبدًا، لذا لا تقلقي!”
لكن إلجيريل وحده قال وكأنه أمر بديهي: “عندما يتحول البطل، من الطبيعي أن يخلع ملابسه، أليس كذلك، آنِّيريا؟”
تمامًا كما حدث عند وصولي مع السيد جزلهايد، ظل إلجيريل متعلقًا بذراع السيد جزلهايد حتى اللحظة الأخيرة قبل مغادرتنا إلى الغابة.
كان يطالبه بحمله على كتفيه، مما جعل أخي يشعر بقلق بالغ.
“آنِّيريا، عندما يولد الطفل، تعالي لرؤيته بالتأكيد! جزلهايد، يمكنك المجيء أيضًا!”
عندما قال إلجيريل ذلك، وعدناه أننا سنأتي بالتأكيد، ثم ودعنا الجميع في الدوقية.
أما أخي، فقد انحنى مرارًا معبرًا عن امتنانه لما فعلناه من أجل إريكاثينا، مصممًا على رد الجميل. لكن السيد جزلهايد أجابه قائلًا: “لقد حصلتُ على آنِه، وهذا يكفي.”
حينها، لم يكن أمامي سوى أن أزداد احمرارًا.
امتطيتُ ظهر السيد جزلهايد، الذي تحول إلى تنين أسود ضخم، وانطلقنا نحو العاصمة الملكية.
كان هناك حقيبة سفر إضافية تحتوي على عدة كتب عن “كيفية تربية الخنفساء”، والتي اختارها لي أخي.
“سيد جزلهايد، شكرًا جزيلًا على كل ما فعلته في الدوقية. لقد سعدتُ بتوطيد علاقتك مع إلجيريل. لكن، هل أجهدتَ نفسك بسبب ذلك؟”
حلَّقنا في السماء على ظهر التنين الأسود تحت سماء صيفية زرقاء صافية.
ظننتُ أن الشمس ستكون حارقة، لكن الرياح التي حركت شعري كانت باردة قليلًا.
استلقيتُ على بطنـي فوق ظهره، وأخذتُ أُربِّت برفق على حراشفه الناعمة وكأنني أواسيه.
“لا. لم أشعر بأنني بذلتُ مجهودًا إضافيًا. كنتُ أفعل ما يحلو لي فحسب.”
“أنتَ طيبٌ حقًا، سيد جزلهايد.”
“حقًا؟ الشيء الوحيد الذي حاولتُ الانتباه إليه هو ألا أحتضنك أكثر من اللازم.”
“…عندما نعود إلى القصر، يمكنك احتضاني قدر ما تشاء.”
“…………رغم أن سبب مجيئنا هنا بالغ الأهمية للبلاد، إلا أنني أشعر بعدم الرغبة في العودة الآن.”
ألصقتُ خدي البارد على ظهره المتين.
كان منعشًا ومريحًا، تفوح منه رائحة الشمس.
“أنا أيضًا، سيد جزلهايد. هذه أول مرة أقع فيها في الحب، وأشعر وكأنني أحلِّق فرحًا.”
“……آنِه، أرجوكِ، لا تقولي أشياءً لطيفة هكذا.”
“لكنها مشاعري الحقيقية.”
“أعلم ذلك. ولهذا السبب… لا، لا شيء.”
اهتز جسد التنين الضخم قليلًا، وكأنّه أطلق تنهيدة خفيفة.
“لكن… تُرى ما الذي حدث للقنفذ الرمادي؟ لا بد أنكِ تركتي جميع دفاترتك التي فيها الأغاني والقصص، أليس كذلك، آنِه؟ هذا هو الشيء الوحيد الذي يؤرقني. إلى جانب ذلك، هناك أمر يشغل تفكيري.”
“أما بالنسبة للأغاني والقصص، فلا بأس، فأنا أتذكر بعضها، وليس جميعها. كما أنه يمكنني ابتكار المزيد متى شئت. سيد جزلهايد، ما الأمر الذي يشغل بالك؟”
“إلجيريل قال إن الأبطال يقومون بخلع ملابسهم عند التحول. ما الذي يقصده بذلك؟”
“آه… البطل هو حليف العدالة، شخص قوي يحمي الجميع ويقضي على الأشرار. في القصة المفضلة لدى إلجيريل، والتي تحمل اسم ‘هيرقل مان’، يتحول البطل خلال أحداثها. هيرقل مان في الأصل إنسان، لكنه يتحول إلى خنفساء وحشية عملاقة.”
“هل هذه القصة من تأليفك أيضًا؟”
“نعم، بل وألفتُ أغنية خاصة بهذا البطل أيضًا.
انطلق، انطلق يا هيرقل مان~ حليفنا الذي يحمي العدالة~
عند تحوله، يصبح خنفساء عملاقة تقف على قدمين أطول من الجبال،
يقضي على الأشرار دفعة واحدة،
إنه هيرقل مان الطيب، المحب للحلوى.”
“…إذًا، يقف الخنفساء على قدمين؟”
“نعم، بما أنه بطل خارق متحول، فهو في هيئة تجمع بين الإنسان والخنفساء…”
“أفهم… وما قصة حبه للحلوى؟”
“لأنه يحب الحلويات كثيرًا.”
“حقًا… يبدو أن تلك القصة مثيرة للاهتمام أيضًا، لكن ما يقلقني الآن هو ما حدث للقنفذ الرمادي بعد ذلك.”
تحت إلحاح السيد جزلهايد، حاولتُ تذكر آخر ما رويته من القصة.
حسبما أذكر—
◆◆◆◆
خرج القنفذ الرمادي إلى البحر مرة أخرى، وشعر بالعطش، فقرر شرب ماء العسل والليمون الذي وُضِع له في قِربة.
وبينما كان يحتسي الشراب، تناول بعض الليمون المغموس في العسل والفراولة كوجبة خفيفة.
امتلأت معدة القنفذ الرمادي بالطعام.
كان الطقس جميلًا جدًا ذلك اليوم.
بينما كان يتمايل مع حركة القارب، شعر بالنعاس، لكنه أدرك فجأة أن جسده بدأ يكبر.
أخذ حجمه يزداد أكثر فأكثر حتى أصبح أكبر من القارب الذي يركبه.
“ماذا أفعل؟ سأغرق!”
شعر القنفذ الرمادي بالذعر.
فهو قنفذ، ولا يجيد السباحة.
لكن جسده استمر في التمدد أكثر فأكثر، حتى وصل إلى حجم جعله يلامس قاع البحر بقدميه.
“سمعتُ أن ماء العسل والليمون يجعل المرء يكبر، ويبدو أن ذلك صحيح!”
لم يعد هناك داعٍ للخوف من الغرق.
بدأ القنفذ الرمادي بالسير داخل البحر،
حتى وصل إلى جزيرة يسكنها الراكون المنقط.
لكنه لم يتمكن من الصعود إلى الجزيرة، لأن حجمه أصبح مماثلًا لحجمها.
لذا، سأل من داخل البحر:
“مرحبًا، هل تعرف شيئًا عن الزهرة قوس قزح؟”
أجابه الراكون المنقط:
“بدلًا من ذلك، أليس حجمك كبيرًا جدًا؟ بهذا الشكل، لن تتمكن من الوصول إلى حقل الزهور.”
قال القنفذ الرمادي بقلق:
“هذا صحيح… ماذا أفعل الآن؟!”
شعر القنفذ الرمادي بالحزن الشديد، وبدأ يبكي بحرقة.
فحجمه الكبير جدًا لن يسمح له بالعثور على الزهرة قوس قزح،
ولا حتى بالصعود إلى الجزيرة.
لم يعد بإمكانه العودة إلى منزله أيضًا.
شعر القنفذ الرمادي وكأنه أصبح وحيدًا تمامًا.
تدفقت دموع القنفذ الرمادي الضخمة، حتى غمرت جزيرة الراكون المنقط بالمياه.
قال الراكون المنقط محاولًا تهدئته:
“لا تبكِ، وإلا سيغرق الجميع هنا!”
أجاب القنفذ الرمادي وسط بكائه:
“أنا آسف… لكنني لا أعرف ماذا عليّ أن أفعل…”
ناول الراكون المنقط القنفذ الرمادي تفاحة ذهبية متألقة قائلًا:
“خذ هذه التفاحة الذهبية، قد تُساعدك على الشعور بتحسن.”
بمجرد أن أكل القنفذ الرمادي التفاحة الذهبية التي حصل عليها من الراكون المنقط، بدأ حجمه يتقلص شيئًا فشيئًا حتى عاد إلى حجمه الطبيعي.
أهدى الراكون المنقط للقنفذ الرمادي قاربًا جديدًا، بالإضافة إلى تفاحة ذهبية أخرى، وقال له:
“هذه التفاحة الذهبية تحقق الأمنيات. إن واجهت مشكلة، تناولها.”
قال القنفذ الرمادي بامتنان:
“شكرًا لك!”
ثم ودّع الراكون المنقط، وانطلق مجددًا في رحلته عبر البحر.
◆◆◆◆
عندما وصلت القصة إلى نقطة مناسبة للتوقف، كان المشهد أمامنا قد تغيّر تمامًا.
بدت شوارع العاصمة الملكية واضحة تحت ناظرينا.
في الساحة الواسعة للقصر العظيم الواقع في وسط العاصمة، كان اللورد جود وبعض الخدم يلوحون لنا بأيديهم.
قلتُ:
“سيد جزلهايد، دعنا نحطّ في ساحة القصر. فخلفها توجد حديقة شاسعة تكاد تضاهي غابة عائلة الدوق. عندما زارتها رينيس ورفاقها، هبطوا هناك أيضًا، لذا لم يرَ أحدٌ شكلهم أثناء تحولهم من التنانين إلى البشر.”
قال جزلهايد بنبرة واثقة:
“كنتُ أودّ سماع المزيد من القصة، لكن ها قد وصلنا بالفعل. لننطلق، آنِه. لا شك أن—النتيجة ستكون لصالحنا.”
كانت كلماته الواثقة تبعث في نفسي الطمأنينة.
شيئًا فشيئًا، أصبح السماء بعيدة، واقتربت الحديقة التي تكسوها الأشجار الكثيفة.
تسببت الرياح الناجمة عن هبوطنا في اهتزاز الأشجار.
وقبل أن يتمكن جسد جزلهايد الضخم من اقتلاع الأشجار، عاد إلى هيئته البشرية، وحملني بين ذراعيه، ثم هبط برفق على الأرض.
المترجمة:«Яєяє✨»