42
—
**42 قصة مغامرة القنفذ الرمادي**
ما إن ابتعدتُ عن سيد جزلهايد على عجل، حتى قمتُ بسرعة بتعديل ملابسي التي اضطربت قليلًا، ثم توجهتُ نحو الباب.
عندما فتحته، كان إيرجيل يقف هناك بوجه يكسوه بعض القلق.
“آنِّيريا، أخبرني والدي أنني لا يجب أن آتي إلى غرفتك… لكنني أردتُ حقًّا أن أراكِ.”
قالها إلجيريل بصوت خافت، وهو ينظر إليَّ بعينين متوسلتين، بينما كان يقبض يديه بقوة.
كم هو لطيف للغاية…!
لمستُ يده المشدودة برفق، ثم أمسكتُ بيده اليمنى وقُدتُه إلى الداخل.
“لا داعي للتردد، إلجيريل. بما أني عدتَ أخيرًا، فلنبقَ معًا.”
“حسنًا! آنِّيريا، هل يمكنني أن أنام معكِ الليلة أيضًا؟”
“نعم، بالطبع. يتوجب عليّ الذهاب إلى العاصمة غدًا، لذا دعنا نقضي هذه الليلة معًا.”
“أتعلمين، آنِّيريا؟ أريدكِ أن تقرئي لي قصة *مغامرة القنفذ الرمادي*. إنها قصتي المفضلة.”
“حسنًا، انتظر قليلًا، سأجلب القصة حالًا. جزيه، رجاءً، انتظر مع إلجيريل.”
جلس إلجيريل بجوار سيد جزلهايد، الذي ألقى عليه نظرة خاطفة قبل أن يتمتم بصوت خافت:
“إنه صغير جدًّا.”
“بالطبع انا صغير، لا ازال طفلًا. لكني سأصبح أطول منك عندما اكبر. وعندها، سأستعيد آنِّيريا منك.”
“ذلك مستحيل.”
“إلجيريل، جزيه يعاملني بلطف شديد. إنه شخص طيب، لذا لا داعي للقلق.”
ربّتُ برفق على رأس إلجيريل، ثم توجهتُ إلى رف الكتب، حيث وضعتُ قصص النوم التي ألفتُها له على مدار أربع سنوات منذ ولادته.
فالكتب تُعدُّ من السلع الفاخرة، إذ يمكنني الحصول على الموسوعات وكتب التاريخ والمعاجم والكتب الدراسية إن أردتُ ذلك، لكن القصص المخصصة للأطفال غالبًا ما تكون مروية شفويًّا من الآباء إلى أبنائهم.
وأنا بدوري كنتُ أعرف بعض القصص، لكن إلجيريل لم يكن يستمتع بسماع القصص التي أعرفها كما هي، بل كان يفضل الاستماع إلى القصص التي أؤلفها له من مخيلتي.
لذلك، كنتُ أدون القصص التي أحبها إلجيريل في دفتر خاص حتى لا أنساها.
عندما عدتُ إلى الأريكة، وجدتُ إلجيريل يحدّق إلى سيد جزلهايد بنظرات متحفزة، بينما كان جزلهايد مستلقيًا على الأريكة، مستندًا إلى مسند الذراع، وقد أغمض عينيه وكأنه على وشك النوم.
بدا وجهه الهادئ أثناء نومه لطيفًا للغاية، فمررتُ أصابعي على شعره برفق.
فتح جزلهايد عينيه قليلًا، ورسم ابتسامة خافتة على شفتيه.
“جِزيه ساما، هل ترغب في الذهاب إلى السرير؟”
“لا، البقاء هنا جيد.”
“سأقرأ لإلجيريل الآن، لكن صوتي قد يكون مزعجًا لك.”
“صوتكِ مريح… أريد أن أستمع أيضًا.”
مدَّ سيد جزلهايد يده إلى شعري، ثم قبَّل إحدى خصلاته.
“آنِّيريا!”
“آه… آسفة، إلجيريل. ح- حسنًا، لنبدأ القراءة إذًا.”
ناداني إلجيريل، فأعادني إلى وعيي بعدما كدتُ أنجرف للحظة.
جلستُ بينه وبين سيد جزلهايد.
المكان ضيِّق قليلًا.
إلجيريل كان يلتصق بذراعي بإحكام، بينما كان جزلهايد يلفُّ أصابعه بين خصلات شعري.
كأنني محاصرة بين قطتين كبيرتين تتوددان إليَّ لتلاعبهما.
كان المشهد لطيفًا، فضحكتُ قليلًا وفتحتُ دفتر القصص.
◆◆◆◆◆
**مغامرة القنفذ الرمادي**
كان القنفذ الرمادي يعيش في منزل صغير ذي سقف أحمر، وسط المروج الخضراء.
كان يقضي أيامه في تناول الفطائر المحلَّاة بالتوت الذي يجنيه من حديقته الصغيرة، ثم يأخذ قيلولة هادئة.
كانت حياته مسالمة جدًّا.
وفي أحد الأيام، بينما كان القنفذ الرمادي يتمشى على شاطئ البحر، جرف الموج زجاجةً صغيرة إلى اليابسة.
عندما التقطها، وجد بداخلها زهرةً بألوان قوس قزح لم يسبق له أن رأى مثلها من قبل.
وعلى الرغم من أنها طافت فوق مياه البحر لفترة طويلة، إلا أنها لم تذبُل أو تفسُد.
أثار ذلك فضول القنفذ الرمادي، فتساءل عن المكان الذي جاءت منه الزهرة العجيبة.
فما كان منه إلا أن زين بها قبعته الحريرية، ثم امتطى قاربه الصغير وأبحر في رحلةٍ للبحث عن موطن تلك الزهرة.
كان المكان الأول الذي وصل إليه هو جزيرة السحالي المخططة.
“هل رأيتَ من قبل زهرةً كهذه؟”
سأل القنفذ الرمادي أحد السحالي المخططة.
“لم يسبق لي أن رأيت زهرةً بألوان قوس قزح، لكنني أعرف *بودينغ الأشباح*.”
أجابه السحلية المخططة.
قرر القنفذ الرمادي أن يجرب هذا البودينغ الغريب.
قاده السحلية المخططة إلى بحيرةٍ مليئة ببودينغ الأشباح.
كانت البحيرة مغطاة بطبقاتٍ متراكمةٍ منه.
فقفز القنفذ الرمادي إلى الداخل، وأخذ يلتهم البودينغ بملعقته.
كان طعمه حلوًا ولذيذًا جدًّا، وكلما أكل منه، ازداد تدفُّق البودينغ من البحيرة، حتى تكوَّنت منه تلال شاهقة.
لم يكن بإمكانه تناول المزيد، لذا ودَّع السحلية المخططة وأبحر مجددًا في رحلته.
◆◆◆◆◆
“آنِّيريا… هل يمكن لقنفذ أن يقود سفينة؟ ثم، ما هذا *بودينغ الأشباح* بالضبط…؟”
كان إلجيريل قد غرق في النوم وهو متكئٌ على ركبتيَّ، يتنفس بهدوء.
عادةً ما يكون *مغامرة القنفذ الرمادي* قصةً طويلة، وغالبًا ما يغطُّ إلجيريل في النوم عند انتهاء فقرة السحلية المخططة وبودينغ الأشباح.
تساءل سيد جزلهايد بصوتٍ منخفض، وبدا وكأنه لا يزال يجد الأمر محيرًا للغاية.
“ما هو البودينغ، آنِّيريا؟ هل هو شيءٌ ينبثق من البحيرة؟ هل هو طعام؟”
“سيِّد جزلهايد، إنه مجردُ حكاية، لذا لا داعي للتفكير في الأمر بعمق.”
“حكاية…”
“سيِّد جزلهايد، ألم تقرأ أيَّ حكاياتٍ من قبل؟”
“لم أكن أحب القراءة منذ صغري. والدي أجبرني على تلقِّي الحدِّ الأدنى من التعليم، لكنني كنتُ أهرب كلما سنحت لي الفرصة. لا أدري حتى إن كان هناك مثلُ هذه القصص في مكتبة القصر.”
“هذه الحكايةُ من تأليفي. أشعر ببعض الخجل وأنا أرويها أمامك، لكن إلجيريل يحبُّ قصة القنفذ الرمادي…”
“هذا مذهل. وماذا يحدثُ لهذا القنفذ؟ هل يجدُ الزهرةَ ذات الألوان القُزحية؟”
“في نهايةِ مغامرته، يجدُ القنفذ الرمادي الزهرةَ ذات الألوان القُزحية. لكنه يكتشف أنَّ تلك الزهرة كانت تنموُ في قلبه منذ البداية.”
“تنمو زهرةٌ من صدره؟”
“الأملُ والمحبَّةُ التي يحملها في قلبه تتجسَّدُ في صورةِ زهرة.”
مرَّرتُ يدي برفقٍ على شعر إلجيريل.
ترى، هل سأعيشُ لحظاتٍ هادئةً كهذه عندما يكون لي طفلٌ من سيِّد جزلهايد؟
“آنِّيريا، عندما نعودُ إلى البلاد، هل تروين لي المزيدَ من القصص؟ صوتُكِ مريحٌ جدًّا، وعندما أستمعُ إليكِ، أشعرُ بهدوءٍ غريب.”
“بالطبع، سيِّد جزلهايد.”
“لسببٍ ما، أشعرُ بالنعاس…”
“لعلَّه بسببِ طبيعةِ هذه القصص… أظنُّ أن سماعَ حكاياتٍ خيالية يجعلُ المرءَ ينسى الواقع قليلًا. ينسى الأمورَ المزعجة، والأحداثَ الحزينة، والمشاعرَ الوحيدة. يشعرُ بالأمان، ولذلك يغفو.”
“وجودكِ وحده يجعلني لا أشعر بالوحدة، لكنَّ سماعَ قصصكِ يجعلُ الأمرَ أفضل.”
لم أتوقَّع أن يسعدَ سيِّد جزلهايد بحكايتي، فشعرتُ بفرحةٍ غامرة.
سأحرصُ على أن أروي له قصةً قبل النوم من الآن فصاعدًا.
لكن… إن كنتُ سأنامُ بجواره، فهل سيكون لديَّ متَّسعٌ من الوقتِ لذلك؟
ما إن راودتني هذه الفكرةُ حتى شعرتُ بالخجل، وتمنَّيتُ ألَّا يكونَ ذلك ظاهرًا على وجهي.
لكنَّ جزلهايد اقتربَ من أذني وهمس: “أنا أيضًا أفكِّرُ في الأمرِ نفسه الآن.”
احمرَّ وجهي بشدَّة، فدفنتُه في صدره.
لم أستطع رفعَ رأسي من شدَّةِ الخجل.
المترجمة:«Яєяє✨»