41
**41دعوة لتناول العشاء**
أمرَ أخي الخدمَ بالاستعداد لاستقبال جزلهايد-ساما والترحيب به.
“أخي، جزيه-ساما… أو بالأحرى، أفراد عشيرة التنانين، يأكلون نفس الطعام الذي نأكله، بل ويشربون الكحول أيضًا. لكن تناول الطعام أمام الجميع…”
“لا بأس. آنِه، حين جئتِ إليّ، حاولتِ التأقلم معنا، أليس كذلك؟ لذا، سأفعل الشيء نفسه.”
“لكن، جزيه-ساما، هذا قد يكون…”
“آنِه، الشعور بالخزي لا يعدو كونه مجرد إحساس. لن يُزهق حياتك.”
همس جزلهايد-ساما بهذه الكلمات بهدوء في أذني حتى لا يسمعه أخي. وعندما نظرتُ إليه شاكرةً وقلت: “أشكرك”، أجاب بفخر: “هذا أمر طبيعي بالنسبة للزوج.”
كانت ملامحه حينها تشبه إلى حد ما تعابير إلجيريل-كون عندما تمكن لأول مرة من كتابة اسمه على الورق.
أما إلجيريل-كون، فقد كان لا يزال متشبثًا بساق أخي، يحدق في جزلهايد-ساما بعدائية.
***
عندما عدنا إلى القصر، أخبرتُ أخي بسبب عودتي إلى المملكة. استمع إلى حديثي بجدية، ثم كتب رسالة إلى القصر وأرسلها على الفور.
قال إن إرسالها عبر البريد السريع سيضمن وصولها إلى القصر بحلول المساء، ومن المحتمل أن يصل الرد في الصباح الباكر.
“إذا كان الأمر متعلقًا بشؤون الإمبراطورية، فلن يتم تجاهله. علاوة على ذلك، بمجرد أن يعلموا أن صاحب الجلالة، إمبراطور اللهب، موجود هنا، سيسرعون في الرد. إذا انطلقنا فورًا بعد تلقي الرد صباح الغد، يمكننا الوصول إلى العاصمة الملكية قبل المساء.”
عند سماع ذلك، اقترح جزلهايد-ساما قائلًا: “في هذه الحالة، يمكنكم الركوب على ظهري، فذلك أسرع من الحصان.”
هذا العرض أوقع أخي في مأزق، وكذلك أنا.
فأنا لم أخبره بعد أن أفراد عشيرة التنانين يكونون عراة عندما يتحولون إلى تنانين.
وفي النهاية، لم نتمكن من تحديد كيف سنذهب إلى القصر غدًا، لذا قررنا قضاء الليلة في قصر الدوق.
***
بينما كنا ننتظر تحضير العشاء، أرشدتُ جزلهايد-ساما إلى غرفتي. لم يكن هناك الكثير ليشاهده، في الواقع.
كل ما لدي هو دفتر ملاحظات يحتوي على أغنية تمارين الصباح التي ألفتها من أجل إلجيريل-كون، ودفتر آخر به قصص ما قبل النوم التي كتبتها له، بالإضافة إلى موسوعة كنت أحملها معي منذ زمن طويل.
“جزلهايد-ساما، هل تشعر بالتعب؟ يمكنك الاستلقاء إن أردت. قد يكون سريري ضيقًا عليك، لكن لا بأس.”
قلتُ ذلك بينما كنتُ أُعدّ الشاي الذي أحضرته الخادمة على الطاولة.
جلس جزلهايد-ساما على الأريكة ذات اللون الوردي الباهت، والمخططة بالأبيض والمزينة بزهور صغيرة حمراء. كانت الأريكة كبيرة بالنسبة لي، لكنها بدت ضيقة بعض الشيء عليه.
“هل يمكنني اعتبار ذلك دعوة إلى غرفة نومك، آنِه؟”
“أنا أدعوك إلى غرفة نومي، نعم، لكن فقط لكي تأخذ قسطًا من الراحة.”
“معًا؟”
“يمكننا ذلك، لكن لا يُسمح لك بلمسي.”
جلستُ بجوار جزلهايد-ساما وقدمتُ له طبق الحلوى.
كانت هناك كعكات صغيرة على شكل أزهار، عجنتُ داخلها أوراقُ الشاي، ففاح منها عطر لطيف.
كعكات الشاي من ضمن الحلويات التي أحبها.
إلى جانبها، كان هناك كعك بالكريمة، تكدّست فوقه طبقة سخية من كريمة الزبدة.
لم أكن من محبّي هذه الحلوى كثيرًا، لكن تنوع ألوان الكريمة والسكريات الصغيرة المتناثرة فوقها جعلها تبدو جميلة. لهذا، كانت دائمًا الخيار المثالي للضيافة عند استقبال الضيوف.
“إلى أي حد يُسمح لي بلمسك؟”
“بما أننا في منزل عائلتي، فهذا غير مسموح. أخي هنا، إلجيريل-كون كذلك.”
“آنّي، سمعتُ أنك كنتِ مخطوبة الي إلجيريل .”
عندما كان يتحدث مع أخي، بدا جزلهايد-ساما بالغَ الجدية، وكأنه إمبراطور اللهب بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
لكن ما إن أصبحنا وحدنا، حتى تجهمت ملامحه كما لو أنه متذمر. لم أستطع منع نفسي من الابتسام.
كم هو لطيف.
“إلجيريل-كون شعر بالشفقة عليّ لأنني بلا خطيب، لذا قال إنه سيتزوجني. جعلتُ طفلًا في الرابعة من عمره يقلق بشأني، وهذا ما أشعر بالأسف حياله.”
“يبدو أنه كان جادًّا بشأن ذلك.”
“لكنني لم أوافق، صحيح؟ أخبرته أنه لا يمكنني فعل ذلك. إلجيريل-كون كان متعلّقًا بي فحسب.”
“آنِه…”
“لا تنظر إليّ بهذه النظرة القلقة. إنه مجرد طفل في الرابعة من عمره، أليس كذلك؟ أنا لك يا جزيه-ساما، مهما حدث.”
ثم أردفتُ سريعًا:
“جزيه-ساما، هل تفضّل الكعكات أم الكب كيك؟ هذه الحلوى تُقدَّم عادةً في الاحتفالات، وهي بمثابة رمز لجلب الحظ السعيد، فهل ترغب في تذوقها؟”
“رمز الحظ السعيد؟”
“نعم، يمكننا القول إنها تعبير عن تمنياتنا للضيف بإقامة مريحة وسعيدة، أو برحلة آمنة بلا متاعب. بمعنى آخر، إنها حلوى تحمل أمانينا بالسعادة للضيف.”
“أمر يستحق الامتنان.”
“جزيه-ساما، هل لا تحب الحلويات؟”
“لستُ من محبّيها، لكنني لا أكرهها أيضًا.”
لم يمدّ يده إلى الطبق، بل لفّها حول خصري بصمت، ثم فتح فمه دون أن ينبس بكلمة.
بدت أسنانه البيضاء الحادة، وأنيابه المدببة قليلاً، ولسانه الكبير المزخرف بالنقوش وهو يطل من بين شفتيه.
“جزيه-ساما… أتعني…”
“هذه أول مرة أرى مثل هذه الحلوى، لذا لا أعرف كيف تُؤكل. أطعميني.”
“… لا خيار لي إذن.”
ألقيتُ نظرة متوترة على أرجاء الغرفة، رغم علمي بأنه لا يوجد أحد غيرنا هنا.
لم أستطع منع نفسي من الشعور بالارتباك.
تذكرتُ حين كنتُ أصغر، كيف تحدثت صديقاتي عن تجاربهن الرومانسية.
قالت إحداهن إن خطيبها جاء إلى منزلها، وعندما أمسكت بيده في غرفتها، شعرت بخفقان قلبها الشديد…
حتى وإن كانا بمفردهما، وحتى وإن لم يكن هناك من يراقبهما، فقد شعرت وكأن والديها…
كان تبادل الحب سرًّا بعيدًا عن أعين العائلة أكثر إحراجًا من المعتاد، لكنه في الوقت نفسه كان يلهب المشاعر بسبب الإحساس بالذنب الذي يصاحبه.
لم يكن لديّ حبيب أو خطيب، لذا كنتُ أكتفي بالإيماء برأسي بينما أتنهد في داخلي وأفكر: “لكن، ليس هناك رجل يناسب ذوقي أصلًا…”
ولكن، الآن الأمر مختلف.
الآن، أستطيع أن أفهم شعور صديقاتي.
“……جزيه-ساما، تفضّل.”
عادةً، أضع الكب كيك في طبق وأتناوله بالشوكة.
لكن يبدو أنني اعتدتُ على أسلوب الحياة في الإمبراطورية، لذا هذه المرة، التقطتُ كب كيك مزينًا بكريمة وردية، وأعدتُ الطبق إلى الطاولة، ثم قرّبتُ الكب كيك إلى شفتي جزيه-ساما.
فتح فمه وأخذ قضمة كبيرة، لكنه ما إن بدأ يمضغ حتى انقبضت حاجباه بحدة.
“… آنِه، … هذا حلو لدرجة تُشِلُّ الدماغ.”
“بالضبط! هذا ما أقوله دائمًا! أليس كذلك، جزيه-ساما؟”
لطالما شعرتُ بأنه حلو بشكل مبالغ فيه، لذا سعدتُ أنه شعر بالمثل، ونظرتُ إليه مبتسمة.
بعد أن ابتلع ما في فمه، أخذ قضمة أخرى، لكن هذه المرة من الكريمة وحدها.
“هل أعجبك؟”
تفاجأتُ قليلًا، إذ لم أتوقع أن يأخذ لقمة ثانية.
أعلم أن لدى جزلهايد-ساما حاسة تذوق حادة، مما يعني أن هذا الطعم، الذي أراه شديد الحلاوة، يجب أن يكون بالنسبة له أشبه بانفجار سكريٍّ ساحق.
في اللحظة التالية، شدّني من خصري، وأمسك معصمي بيده الأخرى، ثم…
قبلني.
شفتيه، المغطاه بالكريمة، اندفعت بقوة إلى فمي، ناشره فيه تلك الحلاوة اللزجة لدرجة تخدر اللسان.
“……آه، جِـ… جزيه… ساما…”
كدتُ أسقط الكب كيك من يدي المرتجفة، فقبضتُ عليها بقوة، متمسكة بها بكل ما أوتيت من عزم.
وبعد أن ابتلعتُ بصعوبة ما دفعه إلى فمي، ابتعد عني بلطف.
“……إن كانت هذه الحلوى تحمل دعوةً بالسعادة، فمن الطبيعي أن تتشاركيها معي.”
قالها وهو يضيّق عينيه بابتسامة راضية.
صديقاتي تحدثن عن الإمساك بالأيدي خفية في الغرفة…
لكن هذا… لا يقارن بمجرّد إمساك الأيدي.
بعيون دامعة، مزيجًا من الإحراج ومشاعر أخرى، كنتُ لا أزال أمسك بالكب كيك، إلا أن جزلهايد-ساما انتزعه مني وأعاده إلى الطبق.
“آنِه…”
ناداني بصوت خفيض يحمل في طياته بريقًا دافئًا، فتمسكتُ بحافة ملابسه لا إراديًّا.
قبلة واحدة… لا بأس بها، صحيح؟
فنحن زوجان بعد كل شيء.
لا بد أن أخي وزوجته يفعلان ذلك عندما يكونان وحدهما أيضًا.
أرخيتُ قبضتي، وأغمضتُ عيني مستعدةً للقبلة التالية…
لكن عندها—
دُقَّ الباب بحذر، وتبع ذلك تنهيدة ثقيلة من جزلهايد-ساما، بدت وكأنها مليئة بالإحباط.
المترجمة:«Яєяє✨»