40
40_ الصغير إلجيريل (أربع سنوات) VS جلالة الإمبراطور الناري جزلهايد (خمسة وعشرون عامًا)
لم يمضِ وقت طويل منذ أن غادرتُ مع السيد جزلهايد، لكن شعرتُ وكأننا افترقنا منذ زمن بعيد.
ركض نحوي الصغير إلجيريل، يكاد يتعثر في خطواته، فقابلته بنفسي وأسرعتُ إليه.
وما إن وصلتُ حتى تشبّث بساقي، فانخفضتُ على ركبتيّ واحتضنته بقوة.
“آنِّيريا، اشتقتُ إليكِ!”
“إلجيريل، مضى وقت طويل، هل كنتَ بخير؟”
“لستُ بخير. كنتُ حزينًا جدًا لأنكِ لم تكوني هنا.”
رؤية إلجيريل وهو يعبر عن مشاعره بتلك الطريقة الطفولية اللطيفة جعلت رأسي يدور.
إذا كان ابن أخي بهذه الروعة، فكيف سيكون شعوري تجاه أطفالي في المستقبل؟
لكن التفكير في أن هؤلاء الأطفال قد يُولدون مصابين بمرض عضال لا علاج له… يا له من كابوس.
آملُ أن أجد في المملكة أي خيط قد يقود إلى علاج.
وإن وُجدت حتى أدنى فرصة، فسأبذل كل جهدي للبحث عنها.
بينما كنتُ أحكمُ احتضان إلجيريل، اقترب منا السيد جزلهايد ووقف بجانبي.
“آنِه، هل هذا هو الطفل الذي كنتِ تتحدثين عنه كثيرًا؟”
“أنا إلجيريل يوفيرهيلم! وأنتَ الوحش الذي اختطف آنِّيريا، أليس كذلك؟!”
انتفض إلجيريل وخرج من بين ذراعي، ليقف في مواجهة جزلهايد، عاقدًا حاجبيه بغضب.
“إلجيريل، توقف!”
تدخل أخي محاولًا تهدئته، لكن إلجيريل لم يلقِ له بالًا، بل رفع قبضته الصغيرة وانطلق مسرعًا نحو جزلهايد.
“أعد آنِّيريا إليّ!”
“… آسف، لكن هذا مستحيل.”
بكل بساطة، التقطه السيد جزلهايد بيد واحدة كما لو كان ريشة خفيفة، وحمله بذراعه كما تحطّ الطيور على الأغصان.
ثم ابتسم ابتسامة واثقة وهو يحدّق في الصغير المتأجج بالغضب.
“أنا بالفعل الوحش الذي اختطف آنِّيريا. ولن أعيدها. إنها لي.”
“لا تكن سخيفًا، أيها الوحش! آنِّيريا وعدتني بأنها ستتزوجني!”
“… هذا غير مقبول. آنِه لي. وسيظل هذا واقعًا للأبد.”
“هل فعلتَ بها شيئًا سيئًا؟!”
“لم أفعل شيئًا سيئًا… أو ربما فعلت؟”
بينما كان إلجيريل يحاول ضربه، أمسك جزلهايد بسهولة يده الصغيرة بيده الضخمة، ثم مال برأسه قليلاً وكأنه يفكر في الأمر.
شعرتُ بإحساس سيئ، فسحبتُ كمّ ملابسه وهمستُ بتحذير:
” جزيه_ساما، إن قلتَ أكثر من ذلك لطفل صغير، فسأغضب منك.”
“إلجيريل، توقف عن ذلك…! جلالة الإمبراطور الناري، أعتذر عن هذا التصرف غير اللائق…!”
كان من الغريب أن الأخ أنجيل، الذي لم يظهر عليه الاضطراب أبدًا، قد كاد يسقط وهو يركض نحو السيد جزلهايد. وعندما وصل، انحنى له بعمق.
لقد كانت هذه المرة الثانية التي أرى فيها أخي في هذا الوضع، المرة الأولى كانت عندما قررت أن أذهب للزواج من السيد جزلهايد.
أمسكتُ بكلتا يديه وهو في حالة من الارتباك، وقلت له بهدوء:
“أنجيل، لقد عدت فجأة، أليس كذلك؟”
“آنِّيريا… ماذا حدث؟ هل يهددك جلالة الإمبراطور؟”
قال ذلك بصوت منخفض، مليء بالقلق والاهتمام.
“سنناقش التفاصيل لاحقًا، آنِّيريا. لا داعي للقلق، سأحميكِ بكل تأكيد.”
“لا يا أخي، السيد جزلهايد ليس كما يظن الجميع. هو شخص طيب جدًا، كريم، ورائع. أنا أحب السيد جزلهايد. لذا لا داعي للقلق.”
لقد كان من غير اللائق التحدث بهذه الطريقة أمام السيد جزلهايد، لذا رفعتُ صوتي ليتمكن الجميع من سماع ما أقوله.
السيد جزلهايد لديه حاسة سمع حادة، لذا كان من المؤكد أنه قد سمع حديثنا الخفي.
من المحتمل أنه تعرض لحديث سلبي كهذا طوال حياته، وتلك السلوكيات كانت مؤلمة له.
لا أستطيع إلا أن أتخيل مقدار معاناته، لكن الآن أنا هنا بجانبه.
أعرف تمامًا من هو السيد جزلهايد، ولذا يجب أن أكون قوية.
“إلجيريل، لا ينبغي لك أن تقول مثل هذه الكلمات القاسية أمام شخص غريب. يجب أن تكون أكثر لباقة عند تحية الناس.”
“لكن!”
“… نعم، أنت على صواب. آسف، آنّي.”
وضع السيد جزلهايد إلجيريل، الذي بدا غير راضٍ، بهدوء بجانب الأخ أنجيل.
ثم قام بحركة تحية يتبعها الأشخاص من سلالة التنانين، حيث جمع يديه أمام صدره وانحنى برأسه.
“أنا جزلهايد أوغنياس. تشرفت بلقائكم. أعتذر عن زيارتي المفاجئة، وعن زواجي من آنِّيريا دون أن أرسل لكم خطابًا أو أقدم أي تحية، أرجو أن تسامحوني على تصرفاتي غير اللائقة.”
“… لا، لا داعي لذلك… ارجو أن ترفع رأسك، جلالتك. أنا أنجيل يوفيرهيلم، شقيق آنِّيريا. وهذا هو ابني، إلجيريل. مرة أخرى، أعتذر عن التصرف الغير لائق من ابني.”
“أنا أعلم جيدًا أنني الوحش، لذا فإن ابنك محق. لكنني أعدك بأنني لن أتصرف بعنف، وأقسم على ذلك أمام آنِّيريا التي أحبها.”
شعر الأخ أنجيل ببعض الطمأنينة من خلال تصرفات السيد جزلهايد الهادئة وصوته المريح.
استقام في وقفته وألقى ابتسامة لطيفة على وجهه.
كانت تلك الابتسامة الساحرة التي أسرت الكثير من نساء المملكة.
تركتُ يدَيّ أخي ووضعتُ يدي على ذراع السيد جزلهايد.
“أختي لا تستطيع الكذب، فهي هكذا منذ الصغر. إذا قالت آنِّيريا إنها تحبك، فأنت إذًا شخص رائع، لا كما يشاع عنك. نحن من يجب أن يعتذر عن أي تصرف غير لائق، مرحبًا بك في قصرنا، جلالتك. آنِّيريا، أهلاً وسهلاً بعودتكِ.”
“أنا لا أوافق على هذا!”
بينما كان الأخ أنجيل يتحدث بحرارة مرحبًا، كان إلجيريل يواصل النظر إلى السيد جزلهايد بعينين مليئتين بالغضب.
وكان منظره يذكرني بحيوان اللموس الحذر، وكان في غاية الطرافة.
المترجمة:«Яєяє✨»