27
**الفصل 27: آنِّيريا، في عزلة داخل غرفتها**
أمسكتُ بالمنشفة وملابسي النظيفة، وخرجتُ مسرعةً من غرفة تبديل الملابس، لكن رينيس ولافين اعترضتا طريقي وأمسكتا بي.
“لقد أمسكنا بالسيدة آنِّيريا، لافين!”
“سنأخذها مباشرةً إلى غرفتها، رينيس!”
حملتني رينيس من رأسي، بينما أمسكت لافين بقدميّ، وسرعان ما أعاداني الاثنتان إلى غرفتي بسرعةٍ مذهلة. وبينما كنتُ محمولةً هكذا، بدأتُ في البكاء بصوتٍ مكتوم.
قلبي يؤلمني.
لقد قلتها… قلتُ له إنني أكرهه.
لم يسبق لي أن ألقيتُ بكلمة “أكرهك” في وجه أحدٍ من قبل، ولم يسبق لي أن غضبتُ من شخصٍ أحبه.
إن كان مجرد النطق بهذه الكلمات قد جعلني أشعر بهذا الألم، فلا شك أن السيد جزلهايد قد تأذى أكثر بكثير.
عندما أُعيدتُ إلى غرفتي، بدأتُ أفكر بهذه الأمور مرارًا وتكرارًا بينما كانت لافين تجفف جسدي وتساعدني على ارتداء ملابسي. لم تسألني عن شيء، بل اكتفت بتحضير كوبٍ من الشاي، في حين بقيت رينيس بجانبي.
وجودهما معي وحده كان كافيًا ليمنحني بعض القوة. وعندما ارتشفتُ رشفةً من الشاي الذي تفوح منه رائحة الحمضيات المنعشة، شعرتُ أخيرًا ببعض الهدوء.
عندما رويتُ لهما ما حدث بيني وبين السيد جزلهايد، استمعا إليّ بجدية.
كانا في صفي، وهذا جعلني أشعر بمزيدٍ من الذنب. لذا، طلبتُ منهما أن يتركانني وحدي، ثم تسللتُ إلى سريري، وغرقتُ تحته.
عقلي كان فوضويًا، ولم أستطع ترتيب أفكاري، مما جعل رأسي يؤلمني قليلًا.
في مثل هذه الأوقات، لا يوجد حلٌّ أفضل من النوم.
قد لا أتمكن من النوم…
هكذا فكرت، لكنني سرعان ما غفوتُ على غير المتوقع.
استيقظتُ على صوت طرقاتٍ خفيفة، مترددةٍ على الباب.
اعتدلتُ ببطءٍ وأنا ما زلتُ في حالةٍ من الضياع، ثم وجهتُ نظري نحو الباب.
تركتُ السرير بخطواتٍ متثاقلة، وسرتُ نحوه.
“…نعم؟”
ظننتُ أنها لافين، لكن عندما فتحتُ الباب، وجدتُ السيد جزلهايد واقفًا هناك.
خلفه، كانت لافين ورينيس تقفان بوجوهٍ تبدو عليها مشاعر الذنب العميق.
“جِزيه…”
كان يرتدي ثوب نومٍ رماديٍّ فاتح، مفتوح الصدر، بدا رائعًا.
وفوقه، ارتدى رداءً فضفاضًا، تتداخل ألوانه لتكوّن ظلًّا داكنًا من الأسود، وكان ذلك رائعًا أيضًا.
وشعره، الذي لم يكن مربوطًا، انساب بلمعانٍ على كتفيه وظهره، وهذا أيضًا كان رائعًا.
أدركتُ مجددًا… أنا أحبه.
بمجرد أن وعيتُ بهذه الحقيقة، كان الأمر كما لو أنني انزلقتُ بسرعةٍ في هاوية الحب العميقة.
لو أن مشاعري هذه كانت متبادلة، لما كانت هاوية، بل زهرةً يانعةً غارقةً في العسل الحلو.
“آنِه… بخصوص ما حدث سابقًا… أنا آسف. لقد أتيتُ لأدعوكِ إلى العشاء.”
لا… لا يجوز لي هذا.
أريد أن أعتذر على الفور. أريد أن أقول: “أنا آسفة لأنني قلتُ كلامًا قاسيًا”.
لكن، لو فعلتُ ذلك، سيعود كل شيءٍ كما كان.
وسأجد نفسي من جديد، عالقةً في هذا الشعور.
لستُ امرأةً يمكنها تقبّل الأمور ببساطة.
لأنني أحبه، لا يمكنني أن أكون راضيةً بمجرد البقاء بجانبه.
وإن وجد شخصًا آخر يحبه، سأشعر بالغيرة حتمًا.
سأحاول بكل وسيلةٍ أن أجعله يحبني.
وحينها، ربما سأجرحه بكلماتٍ قاسيةٍ أخرى… وأؤذيه مجددًا.
إن كنتُ سأكرر نفس الأخطاء، فمن الأفضل أن يُرفضني الآن
لكن، لأنّ السيد جزلهايد شخصٌ لطيف، فهو لن يفعل ذلك، لذا يجب أن أبذل أنا جهدي في الابتعاد عنه.
“لن أتناول الطعام معك!”
لأنني سأبدأ في التعلق به.
كلما زاد لطفه معي، زادت توقعاتي.
رفعتُ يديّ إلى جانب وجهي، واتخذتُ وضعية تهديد، محاوِلةً أن أبدو بأقصى قدرٍ ممكن من التخويف وأنا أحدق فيه بحدة.
“آنِه… هذا…”
“إنها وضعيةُ ابنِ العرس الغاضب. لا بدّ أن جِزيه يعتقد أنني مجردُ حيوان، لذا فأنا أهدده بهذه الطريقة.”
“آنِه…”
وضع السيد جزلهايد يده الكبيرة على جبهته، وخفض رأسه.
يبدو أنه سئم مني تمامًا… حسنًا، هذا جيد.
لا بأس إن ظنّ أنني مجردُ مخلوقٍ جامح، ولا بأس إن لم يرني كامرأة.
ففي النهاية، سأُعادُ إلى وطني، وسأعيشُ حياتي بهدوءٍ هناك، مستمتعةً بعزوبيتي المريحة.
“إذن، أنتِ غاضبة… بسببي.”
“على أي حال، لن أنام معك مجددًا، ولن أتناول الطعام معك بعد الآن!”
يا لي من امرأةٍ بغيضة.
في الحقيقة، لا أريد قول مثل هذه الأمور… أريد أن أركض إليه وأقول له: “أنا آسفة”.
لكن… لا يمكنني ذلك.
بدأت الدموع تتجمع في زاوية عينيّ، وكدتُ أفقد ثباتي حتى في وضعيتي الهجومية.
رفع السيد جزلهايد رأسه وحدّق فيّ مطولًا.
لم أشأ أن يرى وجهي على وشك البكاء، لذا صرفتُ نظري بعيدًا.
“سنؤجل الحديث. لافين، أحضري الطعام إلى غرفة آنِه.”
“كما تشاء، سيدي.”
غادر السيد جزلهايد الغرفة.
وعندما أُغلِق الباب خلفه، جلستُ متهاويةً على طرف السرير.
هذا هو القرار الصحيح.
أنا غاضبة، لم أعد أحبه، وأريد العودة إلى وطني.
لكن…
كل ذلك كذب.
لستُ غاضبة، بل أشعر بألمٍ في قلبي.
أنا أحبه… ولا أريد العودة.
لم أعد أفكر في أن أجعله يحبني.
فقط، لم أعد أعرف ما الذي يجب أن أفعله بعد الآن.
حتى العشاء الذي أعدّته لافين، لم أستطع تناول الكثير منه.
لم أشعر حتى بمذاقه.
لطالما اعتقدتُ أن الحب شيءٌ متوهج، مشرقٌ وبراق.
شيءٌ يجعل العالم يبدو أجمل، ويملأ القلب بالسعادة.
لكن… الأمر ليس كذلك.
إنه شيءٌ فوضوي، مؤلم، وحزينٌ بطريقةٍ لا تُحتمل.
هذه الغرفة… واسعةٌ للغاية وأنا وحيدة.
بالأمس فقط، كنتُ أنام بين ذراعيه.
لكن لأنني طمعتُ بالمزيد، وتصرفتُ بتهور… استحقت نفسي الطامعة هذه العقوبة.
بينما كنتُ جالسةً شارِدةً في غرفتي بعد العشاء، دوّى صوتُ طرقٍ على الباب مرةً أخرى.
“السيدة آنِّيريا، هناك هديةٌ من جلالته…”
خرجتُ من غرفة النوم إلى صالة المعيشة، فوجدتُ سلةً كبيرةً موضوعةً على الطاولة.
عندما اقتربتُ ونظرتُ داخلها، وجدتُ فيها…
خنفساء ضخمة ذات قرنٍ مهيب… بل اثنتين.
“هرقل الثالث…”
تمتمتُ وأنا أتأمل تلك الخنفساء الضخمة، بقرنها الطويل وجسدها القوي.
إنها تشبه إلى حدٍّ كبيرٍ هرقل الثالث، الذي كان أخي الأكبر يعتني به بحرصٍ شديد.
المترجمة:«Яєяє✨»