26
**26 الإنقاذ وأول شجار**
كنتُ ملتصقة تمامًا بصدر جزلهايد القوي.
شعره الأسود الرطب انسدل على جبينه، بينما جلده الأبيض توهج بلون وردي خفيف بفعل الحرارة.
“آنِه، هل أنتِ بخير؟! آنِه…!”
ناداني باسمي بصوت يحمل قلقًا غير معتاد، فنظرت إليه بدهشة، غير قادرة على التفكير بوضوح.
كانت هذه أول مرة أكاد أغرق فيها، وشعور الذعر، ودفء الماء، وحرارة جسد جزلهايد، وإحساس الأمان بعد إنقاذي…
كل هذه المشاعر اختلطت معًا، وعلقت الكلمات في حلقي.
“آنِه… هل ابتلعتِ الماء؟! آنِه!”
تكرار اسمي بصوته القلق أعادني إلى الواقع.
كان صدره العريض بارزًا فوق سطح الماء، بينما رأسي لم يصل حتى إلى مستوى صدره.
بمعنى آخر، هذا المكان، الذي يشبه بحيرة واسعة، كان بعمق كافٍ ليُغرقني بالكامل.
إنه ليس عميقًا جدًا، لكن بما أنني لا أستطيع الوقوف، فهذا لا يهم كثيرًا.
“أنا بخير، جِزيه… لا بأس…”
حاولتُ أن أطمئنه بصوت قوي، لكن لم يخرج مني سوى همسة ضعيفة.
المشكلة أن المنشفة التي كنت ألفّها حول جسدي قد انزلقت بعيدًا وطفَت على سطح الماء.
شعرت بالاحراج الشديد من تقاربنا في مثل هذه الحالة.
“أنتِ بخير… الحمد لله.”
“آه… آسفة! أنا… لم أكن أعلم أن هذا الحمام… يشبه بحيرة بهذا العمق!”
لم أكن أتوقع أن يكون الحوض مباشرة بعد الباب.
كما أن البخار الكثيف جعل الرؤية غير واضحة، مما جعل هذا المكان يبدو وكأنه يمتد بلا نهاية.
“لا داعي للاعتذار. طالما أنكِ بخير، فهذا كل ما يهم.”
“جِزيه… أنا… أنا…”
“اهدئي، آنِه… لن أترككِ. كل شيء بخير.”
“أنا آسفة…!”
بدلًا من الاقتراب منه أكثر، انتهى بي الأمر بإثقال كاهله بمشكلة أخرى.
أشعر وكأنني جرو شقي لا يكف عن إحداث الفوضى، تمامًا مثل جرو يمضغ الأثاث عندما يُترك وحده.
أردت الهرب فورًا.
أردت أن أختفي… أن أُعيد الزمن وأمنع نفسي من الدخول.
حاولت أن أفلت من ذراعيه، لكنه كان ممسكًا بي بإحكام، مما جعل الهروب مستحيلًا.
“أنا المخطئ، آنِه. كان عليَّ أن أوضح لكِ مسبقًا.”
صوته العميق كان هادئًا، لكنه حمل نبرة ندم طفيفة.
“هذا الحمام بُني منذ قرون على يد أحد الأباطرة القدماء. إنه مصمم بحيث تتدفق إليه المياه الساخنة باستمرار… وإذا واصلتِ التقدم، فستجدين أعماقًا تكفي لتغمر حتى جسد تنيني بالكامل.”
“حقًا، إذًا هكذا هو الأمر…”
“ظننتُ أنكِ غرقتِ… آنِه، أنا سعيد لأنكِ بخير.”
“جِزيه…”
عندما ناداني باسمي بلطف، خفق قلبي بعنف.
لم أستطع منع نفسي من التعلّق بهذا الشعور.
كلما عاملني بحنان، وكلما احتواني حتى في أكثر لحظاتي ضعفًا، راودتني تلك الفكرة…
هل من الممكن أنه لا يراني مجرد كائن غريب أو شيء نادر، بل امرأة؟ زوجة؟
هل من الممكن أنه حقًا… يحبني؟
“جِزيه… أريد أن أقول شيئًا…”
ربما ما سأفعله جريء بعض الشيء، لكنني وصلتُ إلى هذا الحد، والتردد الآن لن يكون في محله.
لففتُ ذراعيّ حول عنقه، وعانقته بشدة.
ازدادت حرارة جسدينا المتلاصقين، حتى أصبح من الصعب التمييز بينهما.
كان صوت نبضاتي مرتفعًا، وأنا متأكدة من أنه يسمعها.
كل مشاعري— توتري، خجلي، وحتى شوقي— لابد أنها وصلت إليه.
“آنِه، هل كنتِ خائفة؟”
“حسنًا، كدتُ أغرق، لذا نعم، كنت خائفة قليلاً… لكنني جئتُ إلى هنا لأجلك، جِزيه”
“أردتُ أن أغسل ظهرك أثناء استحمامك، وأن أقوم بما يجب أن تفعله زوجة لزوجها…”
“هل هذه… إحدى عاداتكم؟”
“جزء منها، نعم، لكنه ليس السبب الوحيد. أردتُ أن أكون أقرب إليك، جِزيه.”
“أنا ممتنٌّ لذلك.”
“هل أزعجتك؟”
“لا، بالطبع لا… لكن كنتُ سأفضّل أن تخبريني مسبقًا، حتى لا تتعرضي للخطر.”
“لا بأس، فقد كان ذلك قراري وحدي، وأنا المسؤولة عنه بالكامل. ثم إنني… لم أكن بلا نوايا خفية.”
نعم، هذا صحيح.
كنتُ أملك نية خفية، وهذا ربما كان عقابي.
جِزيه كان دائمًا يعاملني بلطف، لكنه لم يعطني أكثر من ذلك.
لكنه كان كافيًا لي أن يبدأ قلبي بالتعلق به أكثر، أن أطمع بالمزيد.
في البداية، ظننتُ أنني سأكون مجرد محظية أو جارية أخرى، وتقبّلتُ ذلك.
لكن عندما بدأ يعاملني باهتمام خاص… بدأتُ أتمنى شيئًا أكبر.
“نوايا خفية؟”
“نعم… بما أننا زوجان اذا هذا حقي صحيح؟”
ساد الصمت.
“آنِه…”
“أنا زوجتك، أليس كذلك؟ لا أريد أن يكون زواجنا من دون مشاعر. أريد أن أكون لك حقًا.”
عضضتُ شفتي بخفة، محبطة من نفسي.
أريده أن يحبني…
لكن يبدو أنني كلما سعيتُ لذلك، كلما ازداد الأمر تعقيدًا.
رغبتي في الحب جعلتني أتصرف باندفاع، وجعلتني أرتكب الأخطاء.
‘لقد كنتُ أتصرف بشكلٍ سخيف، أليس كذلك…’
يجب عليَّ أن أقول ذلك بوضوح.
يجب أن أكون شجاعة.
مهما كانت النتيجة.
“جِزيه ه… أنا… أحبك. أحبك جدًا. أنتَ تعتني بي كثيرًا،… وتحاول بصدق أن تكون معي. ربما لأنك ترى فيَّ مجرد كائن صغير، مثل حيوان أليف، ولكن… أنا أحبك. أحبك جدًا…”
استمع جِزيه إلى اعترافي بصمت.
ثم صمت لفترة، لا أعلم إن كانت لحظات قصيرة أو طويلة، لكنها شعرت لي وكأنها دهر.
كنتُ خائفة من الإجابة.
ربما يرفضني بطريقة قاسية.
لكن لأن جِزيه لطيف، ربما سيرفضني بلطف أيضًا.
عادةً لا أتردد، لكن عقلي مليء بالأفكار السلبية الآن.
نظر جِزيه إليّ مباشرة وفتح فمه.
“آنِه… أنا لا أراكِ كحيوان. بالطبع، أجدكِ جميلة، لكنكِ مثلي، تتحدثين، تفكرين، وتملكين مشاعر. الفرق بيننا فقط هو أننا نختلف في قدرتنا على التحول إلى تنين.”
“جِزيه…!”
“لكن… لا أستطيع.”
“لا تستطيع…؟”
“أنا لا أريد أن أؤذيكِ.”
“… لن أتأذى.”
“آنِه…”
ناداني باسمي كما لو كان يوجه كلامه لطفل عاصٍ، فحدقتُ في جِزيه بغضب.
“هل تعتقد أنني يجب أن أسمح للامبراطور رعد أو الإمبراطور الجليد بأن يأخذاني منك؟”
“لا، بالطبع لا. لا داعي للقلق، سأحميكِ.”
“لكن، إذا لم يكن هناك علامة… فهذا يعني أنني لست ملكًا لك، أليس كذلك؟ أنا… أردت أن أكون لك.”
“لا يمكنني فعل ذلك. لو فعلت شيئًا كهذا، سأصبح غير قادر على التخلي عنكِ.”
هل هذا يعني أنه لا يريدني أن أكون ملكه؟
ربما، كما كنتُ أعتقد، لا يهتم بي إلى هذا الحد.
شعرتُ بالحزن للحظة.
لكن الغضب بدأ يشتعل بداخلي.
منذ أن جئتُ إلى هنا، تم تحقيري أكثر من مرة، سواء بوضع السرطان في فمي أو بما لا أستطيع فهمه، مثل العبث بجسدي من أجل إزالة السحر.
وأيضًا، أصبحنا نشارك الطعام معًا، شيئًا يعتبر أكثر إحراجًا من أن نشارك السرير.
كنت أتوقع ذلك، نعم.
كنت أفكر أنه ربما، ربما يحبني قليلاً.
“جِزيه، أيها الأحمق! أنا أحبك، لكنني أكرهك!”
غضبتُ جدًا.
ثم شعرتُ بالملل والضيق.
تحت تأثير الغضب، فككتُ نفسي من بين ذراعي جِزيه، ثم تقدمتُ في الماء بصعوبة حتى وصلت إلى الباب، حيث تسلقتُ إلى غرفة تغيير الملابس.
بالتأكيد، كان هذا مشهدًا محرجًا، كنتُ عارية تمامًا.
لكن لا يهم، لأنني غاضبة.
لم يتكلم جِزيه عندما خرجتُ من الحمام غاضبة، ولم يحاول مطاردتي.
المترجمة:«Яєяє✨»