25
**25 اقتحام حمّام الرجال المجاور**
كيف يمكنني، بكل طبيعية وبساطة، أن أقترب أكثر من جلالة جزلهايد؟
‘المسافة بيننا قريبة، نعم، لكنها ليست القُرب الذي أرغب فيه…’
بينما كنتُ أجلس على الكرسي، أحدّق في لافين وهي تحضّر لي ماء الاستحمام، بدأتُ أفكر في الأمر.
غرفتي في جناح الحريم تحتوي على حمّام خاص، وهذا بحد ذاته أمر مريح.
في منزل الدوقية، كان الحمام يتطلب وقتًا طويلاً للإعداد، حيث يقوم الخدم بغلي الماء وتجهيزه مسبقًا.
لكن هنا، بفضل “دموع التنانين”، وهو مصدر الطاقة في هذا البلد، يكفي أن أفتح الصنبور لأجد الماء الساخن متدفقًا، كما أوضحت لي لافين.
أنا أستخدم حمّامًا خاصًا لشخص واحد، بينما يستخدم الخدم والعاملون في القصر حمّامًا مشتركًا واسعًا، حيث يتجدد الماء الساخن باستمرار.
يبدو أن هذا الحمّام كبير جدًا بالنسبة لي، لذا تم تخصيص حمّام أصغر لي.
“لافين، أين يستحم جلالة جزلهايد؟”
“لجلالته حمّام خاص لا يُسمح لأحد غيره باستخدامه.”
“هذا منطقي، فحمّامي الخاص صغير جدًا على جلالته.”
“بطبيعة الحال، فقد تم تصميم هذه الغرفة لتناسبكِ، يا سيدتي آنِّيريا.”
“من أجلي أنا؟”
“نعم. لقد صُمّمت الغرفة بالكامل بناءً على أوامر بتصغير الأثاث والحمّام وكل شيء آخر ليناسبكِ.”
“أشعر بالإحراج حقًا…”
“لا داعي لذلك، فمن الطبيعي تجهيز مكانٍ خاص لاستقبال العروس.”
“حاليًا، أشعر أنني مجرد كائن نادر أكثر من كوني عروسًا…”
“قبل قدومكِ، لم يكن لجلالته أي علاقات رومانسية أو مغامرات عاطفية على الإطلاق، لذا قد يكون من الصعب عليه التعبير عن مشاعره. لكن في النهاية، هو رجل بالغ في الخامسة والعشرين، وليس عديم الاهتمام تمامًا بهذه الأمور.”
“إذن، جلالته صغير في السن!”
كان يبدو أكبر سنًا، ربما بسبب هدوئه واتزانه.
“نعم، لقد اعتلى العرش وهو في العشرين من عمره. بعد وفاة الإمبراطور السابق، تمكن جلالته من هزيمة إمبراطور الرعد وإمبراطور الجليد، اللذين كانا يتمتعان بنفوذ هائل في ذلك الوقت، مستخدمًا قوته الطاغية ليصبح الإمبراطور.”
“إذن، لم يكن لكونه ابن الإمبراطور السابق أي دور في توليه العرش؟”
“لا. في مجتمع التنانين، القوة هي المعيار الأهم. لو كان إمبراطور الرعد أو إمبراطور الجليد أقوى منه، لما أصبح الإمبراطور أبدًا.”
“إذن، النسب ليس هو الأهم هنا…”
“بالفعل. الجميع في هذا البلد شهدوا معركة التتويج تلك. ومنذ ذلك الحين، صار جلالته يُعرف باسم ’إمبراطور اللهب‘. الجميع يشعرون بالخوف والرهبة من قوته، لكن في الوقت ذاته، يحترمونه بشدة.”
“إنه رائع…”
أغمضتُ عينيّ وأنا أستغرق في التفكير.
إذا كان على هيئة تنين، فلا بد أنه أكبر بكثير…
أتساءل، لو طلبتُ منه أن يحملني على ظهره، هل سيفعل ذلك؟
“وجدتها…!”
“ماذا وجدتِ، يا سيدتي؟”
نهضتُ من على الكرسي بسرعة.
لا وقت للسرحان الآن.
نظرت إليَّ لافين بتعجب وهي تطرح سؤالها، فاقتربت منها وهمستُ لها بفكرة خطرت لي للتو..
استمعت إليّ وهي تهزّ رأسها، ثم ردّت بكل بساطة:
“حسنًا، فلنفعل ذلك.”
– – –
كنت أسير بخفة في أروقة جناح الحريم، محاذيةً الجدار، وأتنقل بحذر شديد كي لا يُسمع صوت خطواتي.
خلفي، كانت لافين ورينيس تتبعانني بالطريقة نفسها، دون إصدار أي صوت.
“يا سيدتي آنِّيريا، انعطفي إلى اليمين، ثم خذي المنعطف التالي إلى اليسار. حمّام جلالته يقع هناك.”
أشارت لافين إلى الطريق، فأومأت لها بقوة.
**”شكرًا لكما. تمنّيا لي الحظ!”**
“لكن يا سيدتي، لماذا ترغبين في الاستحمام معه…؟” سألتني رينيس بتردد.
“لأقترب من جلالته أكثر! سأدخل الحمّام، وأعرض عليه غسل ظهره بينما أناديه ’زوجي العزيز‘ بكل ود… وحينها، سيدرك أنني امرأة. صحيح أن الأمر محرج جدًا، بل محرج للغاية، لكنني أعتقد أنه فكرة رائعة!”
“فكرة ممتازة، يا سيدتي آنِّيريا!” قالت لافين بحماس.
“لكنني… قلقة بشأن الأمر، يا سيدتي.” تمتمت رينيس بقلق.
على عكس لافين التي دعمتني دون تردد، بدت رينيس غير مرتاحة للفكرة.
بصراحة، أنا نفسي أشعر بالتوتر، لكن لم أتمكن من التفكير في خطة أفضل.
عليّ أن أتحرك، فالفرصة لن تتكرر!
أكدت لي لافين أن جزلهايد توجه إلى الحمّام بعد الاجتماع، قبل أن يأتي لرؤيتي.
مما يعني أنني إن ذهبت الآن، فسأجده هناك بالتأكيد.
– – –
بعد أن ودّعتني لافين ورينيس، دخلت الحمّام بخطوات خفيفة.
في العادة، تساعدني لافين أثناء الاستحمام، لكنني أستطيع نزع ملابسي وارتداءها بمفردي.
كان المكان فسيحًا، وعلى الأرضية تناثرت ملابس جزلهايد بشكل غير مرتب.
يبدو أنه لم يكترث كثيرًا عند خلعها.
أما الملابس النظيفة والمناشف، فكانت مطوية بعناية فوق مقعد طويل، ويبدو أن الخادمات أعددنها مسبقًا.
وضعت ملابسي النظيفة، التي أعطتني إياها لافين، على طرف المقعد، ثم بدأت بخلع ملابسي وطيّها بعناية، ووضعتها في زاوية غرفة تبديل الملابس.
بعد ذلك، لففت جسدي بمنشفة.
حتى وإن كنتُ أريد مفاجأته، لا يمكنني الدخول عارية تمامًا… هذا سيكون محرجًا للغاية.
‘هل أدخل وكأن الأمر طبيعي تمامًا؟ أم أتصرف وكأنني دخلت عن طريق الخطأ…؟’
وقفت أمام باب الحمّام الداخلي، مترددة.
أخذت نفسًا عميقًا، ثم فتحت الباب.
– – –
داخل الحمّام، تصاعد البخار في الهواء، مما جعل الرؤية ضبابية.
لم أتمكن من رؤية أي شيء بوضوح، لكن لم يكن هناك مجال للتراجع الآن.
لقد وصلتُ إلى هذه المرحلة، وإن تراجعت الآن، فسيكون ذلك عارًا!
…أو ربما لا، لا أدري، لكنني قررت المضي قدمًا.
عقدت العزم، وتقدمت خطوة إلى الأمام—
لكن فجأة، لم أشعر بأي أرض تحت قدمي!
بمجرد أن لامست أطراف أصابعي الماء الدافئ، أدركت أنني كنت أخطو إلى حيث لا يوجد قاع.
“هياااااااه—!”
صرخة مذعورة انطلقت مني، قبل أن أسقط مباشرة في مياه الحمّام!
نعم، لقد سقطت… بالمعنى الحرفي للكلمة.
ارتطم جسدي بالماء مُحدثًا صوتًا مدويًا، وسرعان ما أحاطتني المياه الدافئة من كل جانب.
إنه عميق… عميق جدًا، وكأن لا قاع له.
لا، في الواقع هناك قاع… لكن قدميّ لا تصلان إليه.
لم أكن مستعدة لهذا، فبدأت أرتبك داخل الماء.
لا أرض تحت قدمي، لا شيء أتمسك به، لا أستطيع حتى فتح عيني، كما أنني بدأت أختنق.
“آنِّيريا!”
كدت أغرق— أو هذا ما ظننته للحظة.
لكن قبل أن أتمكن من إدراك الأمر، أحاطتني ذراعان قويتان، وانتشلتني من الأعماق.
خرجتُ من تحت الماء، لاهثة، ورمشت بعيني لأجد نفسي أمام نظرات جزلهايد.
عبر عينيه، رغم ثبات ملامحه المعتاد، كان هناك اضطراب واضح، كما لو أنه قد فزع بشدة.
المترجمة:«Яєяє✨»