الفصل 6
على غير المتوقَّع، مرَّ حادث كشف الحُبّ السريّ القسريّ بهدوء. وكان ذلك بفضل ردّة فعل سييون، التي اختلفت عمّا كنتُ أتوقعه.
“من الطبيعي أنْ لا يعرف دايل. فلمْ أذكرْ ذلك له من قبل.”
“أعتذر. لقد أفشيتُ سرَّ سموّك من تلقاء نفسي. لم أقصد أنْ أجرحك.”
“لا بأس. فالأمر لا يبلغ حدَّ أن يُسمّى جرحًا.”
قال سييون بهدوء بعد أنْ محا الحِدّة من نبرته. لكن، أَلَمْ يكن قد جُرح حقًّا بسبب ذلك الحُبّ العاطفيّ اليائس؟
وبينما كنتُ في حيرة، قبض سييون على وجهي. بدا أنّه حاول ضبط قوّته، لكنّني شعرتُ وكأنّ فكّي سيتخلع.
“تُفشي أسرار الآخرين، وفوق ذلك تتأخّر عن الدرس.”
“أووو…”
“لا تتأخّري مجددًا.”
“حَـ.. حاضر…”
اعتذرتُ بلسان متثاقل، فأفلت سييون وجهي. لو ضغط أكثر قليلًا لربّما انخلع فكي.
فتحتُ فمي أتحقّق من أنّه لا يزال يتحرّك جيدًا. وفكّرتُ أنّه إنْ تأخّرتُ مرّة أخرى، قد يتحطّم فكي تمامًا. شعرتُ بالقلق فجأة.
“لنبدأ الدرس.”
استدار سييون أولًا وجلس على الأريكة، فجلستُ أنا أيضًا مقابله بعد أنْ راقبتُه.
لم أجد فيه أثرًا من ذلك الحزن الذي بدا عليه بالأمس. وهذا أمر مطمئن بلا شك، لكن ذلك لا يعني أنني لم أعد أُفكّر في قصّة حُبّه السريّ.
يقول إنّها ليست جُرحًا. ومع ذلك، كان وجهه آنذاك يبدو على وشك الانهيار.
حدّقتُ في وجه سييون مليًّا. لم يبدُ أنّه يُخفي جرحًا خلف ذلك الهدوء.
قررتُ أنْ أؤجّل بحث هذه المسألة، ثم قدّمتُ له ورقة.
“سموّك، ما رأيك أن نبدأ اليوم باختبارٍ بسيط؟”
مهما كان الدرس، فاختبار تحديد المستوى هو الأساس! والاختبارات هي ذروة التعليم التلقيني!
خفض سييون نظره إلى الورقة. بدا أنّه غير مرتاح، لكن لم يكن له في الأصل خيار.
“إنْ أجبتَ جيدًا، سأُقدّم لك هدية.”
رفع نظره إليّ بعد أنْ كان يحدّق في الورقة. لمعَت عيناه قليلًا عند سماع كلمة “هدية”.
“أودّ أنْ أعرف أوّلًا ما هي الهدية.”
تناول القلم وأخذ يقرأ الأسئلة ثم وضع الورقة على الطاولة وسأل عن الهدية.
كانت الأسئلة عشرة، جميعها مقالية.
ومن كونه سأل عن الهدية أولًا، بدا أنّه قرّر أنّها ليست صعبة أصلًا.
كان ذلك الغرور في وجهه مضحكًا قليلًا. صحيح أنّ الأسئلة ليست صعبة موضوعيًا، لكن بعد ما رأيته منه في اليومين الماضيين، لم يكن قادرًا على الوصول للإجابات الصحيحة بسهولة.
“إنها سِرّ. لن تتوقّعها أبدًا يا سموّك.”
لأنّها تافهة أصلًا.
ابتسمتُ وأخفيتُ حقيقتها. لم يكن بإمكاني أنْ أخبره أنّ الهدية ما هي إلاّ بسكويت شوكولا. بل إنّه كان نفس الحلوى التي قُدّمت كتحلية بالأمس! لو عرف ذلك، لرفض الامتحان أصلًا.
وهذا لا يجوز. كم اختبارًا عليه أنْ يخوض بعد اليوم! وحين هززتُ رأسي نافية، ناداني سييون.
“آنِيت.”
“نعم؟”
“إنْ حصلتُ على العلامة الكاملة، فلا أريد هدية، بل أتمنى أنْ تُحققي لي أمنية.”
هاه، ما هذا الثقة؟
ضيّقتُ عينيّ وحدّقتُ به. كان وجه شخص لم يفشل قط في أي اختبار.
“حسنًا.”
لكن بقدر ثقته، كنتُ أنا أيضًا واثقة. لم يكن هناك أيّ احتمال أنْ يحصل على العلامة الكاملة.
هزّ رأسه موافقًا وبدأ يكتب. كانت يده تسطّر الإجابات دون أيّ تردّد.
أووه… هل سيكون الأمر خطِرًا فعلًا؟
ههه، خطِر؟ هراء.
حصيلته كانت ثلاث نقاط فقط. وذلك بفضل إعطائه نقاطًا جزئية في بعض الأسئلة المقالية.
نظر إلى نتيجته بوجه هادئ، دون خيبة، كأنّه توقّعها منذ البداية.
“سموّك، هل أجبتَ بجدّية؟”
“هل تظنّين أنّها كانت مُزحة؟”
أومأتُ نافية.
لا، بل كان جديًّا لدرجةٍ مُحبِطة.
نظرتُ إلى ورقة الإجابة المليئة بخطّه الأنيق وإجاباته الخاطئة.
[1. تعترف لك آنسة بأنها وقعت في حبّك من النظرة الأولى! كيف تتصرّف آنذاك؟]
كتبتُ هذا السؤال بدافع فضول شخصي. لا بدّ أنّه تلقّى اعترافات كثيرة بسبب وسامته، وأردتُ أن أعرف كيف كان يتصرّف.
[أستلّ سيفي وأطلب مبارزة. وإنْ كانت ضعيفة، سأبعث برسالة إلى عائلتها.]
يا رجل! إنها تعترف لك، لا تتحدّاك في ساحة قتال! ألمْ تفهم السؤال أصلًا؟
[2. لو أعجبتَ بفتاة، فما أوّل ما ستفعله؟]
بما أنّه خبير في الحُبّ من طرف واحد، توقعتُ أنْ يعرف الجواب بسهولة.
[أستكشف نقاط ضعفها. وأعزلها عن الآخرين…]
يا إلهي. الآن فهمتُ لِمَ فشل حُبّه.
[3. وأثناء نزهة في الحديقة، قالت الفتاة: “يا لَجمال تلك الزهرة!” ماذا تفعل عندها؟]
كان هذا من الأسئلة التي حصل فيها على جزء من العلامة.
[أقتلعها من جذورها وأقدّمها لها.]
أعطيته نقاطًا جزئية لأنّ هناك مَن قد يتأثر بهذا التصرف. لكن مع ذلك… لا أدري إنْ كان قادرًا على خوض علاقة عاطفية طبيعية.
“سموّك، لو عرّفتَ الحبّ بكلمة، فماذا سيكون؟”
رفعتُ عينيّ وسألتُه. فتلاقت نظراتنا.
“… “
كان قد أجاب عن كل سؤال دون تردّد، لكنّه الآن تردّد طويلًا. ربما كان السؤال مُجرّدًا أكثر من اللازم؟ ندمتُ قليلًا، لكن لم يخطر ببالي تفسير آخر.
“صعب.”
أجاب بخفوت. كنتُ على وشك أنْ أخبره أنّه لا بأس إنْ لم يجب، لكنّه استأنف ببطء:
“حين أكون معها، أشعر أنّ التنفّس أسهل، وأنّ صدري دافئ ومؤلم في آنٍ معًا.”
كان صوته رتيبًا، رغم أنّ كلماته تحمل أشدّ المشاعر.
“حتى الذكريات التي أفتقدها بدت سعيدة، لكن في النهاية كانت تخنقني.
وحين عرفتُ أنّها تخلّت عني، أردتُ قتلها. وحين أدركتُ أنّها تجاهلتني تمامًا، أردتُ أنْ أموت. لكنني لم أستطع الموت.”
انخفض لون عينَيه الحمراء شيئًا فشيئًا حتى غمرها السواد.
كان ينظر إليّ، لكن شعرتُ أنّه في الحقيقة ينظر إلى ماضيه، إلى تلك المرأة التي أحبّها.
“ذلك التخبّط بين ضمير يُلِحّ عليّ بالاعتذار، ورغبة جامحة بأنْ أهمس لها بكلمة أحبكِ، وأخيرًا الغرق البطيء تحت وطأة تلك المشاعر.”
كان يتحدث عن وقتٍ مؤلم للغاية، ومع ذلك بدا وكأنّه يحكي قصة شخص آخر. لقد كان سييون فعلًا بارد الإحساس كما خطّطتُ له في الرواية.
“بالنسبة إليّ، الحبّ هو هذا يا آنِيت.”
يا للأسف.
بعد إنهاء الدرس مع سييون، استدعيتُ دايل من جديد.
“هاها، هذه أول مرة أرى سموّه يحصل على مثل هذه النتيجة.”
تأمّل دايل الورقة بإعجاب صادق.
يا رجل! هل الأمر مضحك؟ ألستَ أنتَ الذي تُريد أن يتزوّج سييون؟ وحدي أنا آخذ الموضوع بجدّية؟
بلعتُ كل تلك الكلمات. فالمهم الآن ليس تنبيه دايل، بل أمرٌ آخر.
تذكّرتُ وجه سييون حين كان يتحدّث عن الحبّ. عيناه كانتا مظلمتَين على نحوٍ غريب، لا يليق بوصف مجرّد حبّ مؤلم. كان هناك شعور غامض يثير القلق.
“دايل، هل يمكن أنْ تحدّثني عن طفولة سموّه؟”
“عن طفولته؟”
“نعم. أعتقد أنّ ذلك سيساعدني على فهمه أكثر، وبالتالي مساعدته بشكل أفضل.”
تسعَد عينَا دايل. بدا متفاجئًا من السؤال، لكنه لم يُخفِ ارتباكه.
“صدقتِ. لفهم سموّه جيدًا، يجب أنْ تعرفي ماضيه.”
ثم تردّد لحظة قبل أنْ يُومئ. بدا وجهه حازمًا، وكأنّه مقبل على كشف أمر خطير.
توترتُ أنا أيضًا، متسائلة عن فداحة ما سيقوله.
وبعد صمتٍ قصير، بدأ يحكي:
“أكثر من عشر سنوات، مرتَ منذُ أنْ تخلّت عنه زوجة الدوق الراحل.”
كان ذلك بداية غير عاديّة البتّة.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات