الفصل 5
قررتُ أن أمسح جميع الإعدادات التي كنتُ أتذكرها عن سييون.
لو ظللتُ مقيّدةً بتلك الرواية الجانبية التي لم أكتبها أصلًا، فسوف تتكوّن لديّ فقط تحيّزات تجاهه.
رفعتُ القلم، وبدأتُ أدوّن المعلومات الجديدة التي عرفتُها عن سييون.
[ (لا أفهم إطلاقًا ×100) ثِقَة منخفضة في المظهر، لديه جوانب متطرّفة، وقوة قبضته مخيفة. يبدو أنّه لا يُحسِن التحكّم بقوته. ]
توقفتُ عن الكتابة لحظةً.
ذلك بسبب التعبير الذي رأيتُه على وجه سييون في الليلة الماضية.
لقد بدا وكأنّه يتألّم كثيرًا.
كان يحدّق إلى النافذة، لكن في عينيه لم يكن ينعكس أيّ شيء.
فأيّ ذكرى كان يستحضرها من فراغ الهواء؟
[ كانت لديه امرأة يُحبّها.
من المرجّح أنّ العلاقة لم تكن جيّدة.
والآن…… أصبحت نجمةً في السماء. ]
بعد أن كتبتُ الملاحظات باختصار، أخذتُ أنقر بأصابعي على الطاولة.
تك تك، مع الإيقاع المنتظم بدأت الأفكار المعقّدة تهدأ واحدة تلو الأخرى.
بالأمس، تفاجأتُ كثيرًا بقصة حبّه من طرف واحد، فانتهى الدرس بشكل مبعثر.
صراحةً، لا أتذكّر بوضوح كيف خرجتُ من مكتبه.
لقد كان حبّه غير المتوقَّع صادمًا بما يكفي ليربكني، وكذلك تعبيره المتألم الذي زعزع مشاعري.
لم أستطع أن أمحو صورة سييون من ذهني.
كنتُ قد اعتدتُ أن أراه دوقًا متوحشًا، لذا كان من الصادم أن أرى منه وجهًا رقيقًا كهذا.
“لن أستطيع أن أعرف شيئًا لمجرّد التفكير فيه.”
حاولتُ طرد الأفكار وهززتُ الجرس الموضوع فوق الطاولة.
وبعد طرقٍ خفيف، دخلت وصيفة الغرفة.
“آنسة آنِيت. هل تحتاجين شيئًا؟”
أجل، أحتاج شخصًا الآن.
شخصًا يعرف ماضي سييون كلّه.
الشخص الوحيد الذي أستطيع أن أطرح عليه أسئلة يصعب أن أطرحها على سييون نفسه!
“نعم! أرجوكِ، استدعِي السيّد كبير الخدم!”
كان المقصود دايل، كبير الخدم الذي ظلّ يحرس هذا القصر منذ عهد الدوق السابق.
*
اتفقنا أن يكون غداء اليوم برفقة دايل.
وضع على الطاولة في الحديقة سندويشات شهية وكوبًا من عصير الليمون.
كانت الخضروات الملونة تحت أشعة الشمس تبدو نضرة وكأنها طازجة للتو.
لم أتذوّق بعد، لكن طعمها بدا رائعًا.
بلعت ريقي بصعوبة.
فليس من اللائق أن أطلب الحديث ثم ألتهم الطعام وحدي تاركةً دايل يتضايق.
“لا بد أنّك جائعة، آنسة آنِيتْ. تفضلي أولًا بالطعام.”
وكأنّه قرأ أفكاري، عرض عليّ الأكل بلطف.
إن كان كذلك، فلن أتردّد!
ابتسمتُ له بأريحية، وأخذتُ قضمة كبيرة من السندويش.
المذاق كان مدهشًا، الخضار المقرمشة مع اللحم المشوي المعتدل الطهو، شكلت مزيجًا لا يُقاوَم.
“واو، هذا لذيذ جدًّا.”
وكالعادة، كان الطعام مرضيًا تمامًا.
ربّتُّ على بطني الممتلئ قليلًا، ثم ابتسمتُ بخجل حين شعرتُ بنظراته.
لقد أظهرتُ وجهًا مفرطًا في الألفة دون قصد.
ضحكتُ مرتبكةً، وكأنني أحاول التظاهر بأنني لم أقم بذلك.
قد يظنّ المرء أنني من أهل هذا المكان أصلًا.
سرعان ما عدّلتُ جلستي وجلستُ باستقامة.
لا بد أنني بدوتُ بلا تهذيب في نظر رجل مثل دايل، الذي قضى حياته بين النبلاء رفيعي المستوى.
“السيّد كبير الخدم.”
لكن، لم يكن وقت الآداب هو المهم الآن.
تطلّعتُ إليه بملامح جادة.
“ناديني فقط دايل، آنسة آنِيتْ.”
“حسنًا، دايل. لقد استدعيتكَ لأن لديّ شيئًا أودّ أن أسألك عنه بخصوص ما جرى مع صاحب السمو البارحة.”
دخلت مباشرةً في صلب الموضوع.
لم يكن لدينا وقت كثير قبل موعد درسي مع سييون، كما أن دايل لديه مهام أخرى أيضًا، ولا أريد أن أشغله طويلًا.
“هل…… حدث شيء ما مع سموّه؟”
رغم صفاء السماء، غشى ظلّ مظلم وجه دايل.
سأل بجدّية، وصوته خفيض، كأنه يخشى أسوأ الاحتمالات.
“سمعتُ أن آنسة آنِيتْ لم تُرمَ من النافذة، ولم يقع شجار كبير أثناء الدرس، بل حتى لم يتحطّم شيء داخل المكتب…….”
لا أدري إن كان هذا دليلًا على ثقته بسموّه أو العكس.
“هل صحيح أنّ سموّه أهانك قائلًا إنه لا يهتمّ بأمور الحب؟! هل طردكِ صارخًا بكلمات نابية؟! أو ربما…… ضربك في مكان لا يُرى؟!”
“لا، لا! الأمر ليس كذلك…….”
“أم أنّه حملكِ كشيء ثقيل ثم رماكِ أرضًا بقسوة؟! كم مرّة حذّرتُه أن مثل هذا كفيل بقتل إنسان عادي!”
يا إلهي، أشعر وكأنني مع معلّم يتعامل مع طالبٍ مشاغب!
بل أشبه بوالدٍ يعرف ابنه جيدًا، يأتي إلى اجتماع المدرسة ليعتذر حتى قبل أن يسمع شيئًا.
“انتظر يا دايل، اسمعني أولًا. سموّه…….”
“حتى لو كنتِ بخير الآن، فقد تظهر مشكلة كبيرة لاحقًا! قوّة سموّه هائلة، جسدك قد لا يحتملها. قد تأتي لحظة حرجة فجأة!”
كنتُ أنكر بحركة يديّ، لكنه لم يكن يسمعني أصلًا.
لقد تخيّل بالفعل أنّ قبضته اخترقت ضلوعي حتى تحطّمت.
مع أنّ المرء لا يستطيع أن يتنفس حين يحدث هذا.
“يجب استدعاء طبيب القصر حالًا!!”
“لا! لستُ بحاجة إلى طبيب!”
أوقفتُه قبل أن يركض بالفعل.
ما هذا بحق السماء! لماذا لا يوجد شخص عاقل هنا؟!
أليست هذه الرواية من كتابتي؟ كيف لا أستطيع السيطرة على مجرياتها!
“أنا لم أُضرَب أصلًا!”
قفزتُ أمامه مرّتين لتبيان أنني بخير.
لكنه لم يقتنع بعد، وصاح بوجه شاحب:
“إذن، هل الجرح في قلبك؟!”
يبدو أنّه لا يوجد عنده خيار يتخيّل فيه أن سييون لم يفعل شيئًا.
هل يعرفه جيدًا أكثر من اللازم، أم أنّه لا يعرفه على الإطلاق؟
هززتُ رأسي بصرامة.
لو استمريتُ أراقب مبالغاته فلن أستطيع الدخول في صلب الموضوع أصلًا.
“الأمر أنّ سموّه قال إنّه كان يعيش حبًّا من طرف واحد!”
“……ماذا؟”
“كنتُ أريد سؤاله مباشرة، لكن خفتُ أن أفتح جرحًا قديمًا. لذلك سألتك أنتَ أولًا.”
تراجع ديل خطوةً ثم جلس منهارًا على الكرسي.
بدا مذهولًا لدرجة أنه لم يجد ما يقوله.
“آنسة آنِيتْ، لا بد أنني شختُ. بدأت أسمع هلوسات.”
فرك أذنيه وكأنّه يظن أنّه يتخيّل.
“من؟ من قال ماذا؟”
إذن، دوقنا العظيم…… كان يملك حبًّا سرّيًّا بالفعل.
*
وقفتُ أمام باب مكتب سييون أتنفّس الصعداء منذ خمس دقائق.
لقد حان وقت الدرس، لكنني لم أجرؤ على الدخول.
كنتُ ألوم نفسي لأنني كشفت لدايل حبّه السرّي.
لم يخطر ببالي أنه لم يكن يعلم شيئًا عن الأمر.
صحيح أنّ سييون تحدّث وكأنّه عاش حبًّا عميقًا، لكن ديل لم يستطع حتى تخمين من كانت.
“لو سقطتُ في النهر فسوف يطفو فمي وحده فوق الماء…….”
طَخ! اصطدمتُ بجبهتي بالباب.
شعرتُ أنني سرقتُ سرّه وأفشيته بالقوّة، فكيف أستطيع أن أنظر في عينيه الآن؟
لكنني لم أستطع أيضًا أن أطلب إجازة من الدروس بعد ثلاثة أيام فقط.
آه، حياتي…… أغمضتُ عينيّ وأخذتُ نفسًا عميقًا.
ثلاث مرّات، فقط ثلاث مرّات من التنفّس العميق، ثم أفتح الباب.
لكن العالم لم يكن بهذه السهولة.
“آه!”
لم أكمل حتى مرّة واحدة من التنفّس، حتى انفتح الباب فجأة.
فقدتُ توازني واندفعتُ إلى الأمام، واصطدمتُ بشيء صلب.
“تأخرتِ.”
جاء صوت سييون من فوق رأسي.
لقد اصطدمتُ بصدره مباشرة.
تجمّدتُ كليًا.
حين حاولتُ التراجع، شعرتُ وكأن جسدي يُصدر صريرًا.
“هاهاها! صباح الخير، أو بالأحرى ظهر الخير بمجيئكَ جلالتكَ!”
حيّيته بأقصى قدر من العفوية محاوِلةً الابتعاد عنه.
رفعتُ رأسي فرأيتُ وجهه الخالي من التعابير، تمامًا كما كان البارحة.
لكن لسبب ما، بدا أكثر قسوة هذه المرة.
“أجل. صحيح.”
سموّه…… أين ذهبت أذنان الكلب المترهلتان والذيل الودود؟
لقد كان بالأمس أشبه بكلبٍ ضخمٍ وديع!
لكن اليوم، كان الجوّ حوله باردًا كسيفٍ من جليد.
أشعر أنّ ذنبي قد كُشف.
أدرتُ بصري بعيدًا عنه بخجل.
لحسن الحظ، لم يكن يعلم بعد أنني أفشيت حبّه لديل.
لكنني كنتُ أعلم أن الأمر سينكشف عاجلًا أم آجلًا.
حتى لو لم يخبره ديل، عليّ أن أعتذر بنفسي.
لقد ارتكبتُ خطأ بالكشف عن شيء كان يخفيه.
رفعتُ ببطء كلتا يديّ، ومددتهما إلى الأعلى ثم ألصقتهما بأذنيّ، ونظرتُ إليه بعينين ممتلئتين بالاعتذار.
“ماذا تفعلين؟”
سأل سييون حين رآني.
لا أدري إن كان وهمًا أم حقيقة، لكن صوته بدا أكثر حدة.
‘سأخبره بما حدث اليوم، وأعتذر من قلبي.’
لكن، حين التقت عيناي بعينيه الحمراء الشفافة، تحرّكت شفتاي من تلقاء نفسي.
“أرجوكَ، أرحمنيَ جلالتكَ.”
تلألأت عيناه الحمراء فجأةً بخطورة.
لم يكن ذلك وهمًا هذه المرة.
“أرحمكِ….”
تمتم وكأنّه يحدّث نفسه، ورفع يده إلى عنقي.
كانت يده باردة على نحو غير إنساني.
شعرتُ بقشعريرة تسري على طول ظهري.
عَيْنان حمراوان لا تُبديان أيّ مشاعر، ويدان كبيرتان قادرتان على كسر عنقي في لحظة، وبرودة ليست كبرد البشر.
“دعيني أسمع إذن. ما السبب الذي يجعلكِ ترجين حياتك منّي؟”
آه…… لقد وقعتُ في ورطة كبرى.
[ م.م : ما رأيكَم ؟ هل اعجبتكم الرواية؟ رغم أنها فصول قليلة لكن لا بأس بها، أرجو أخباري بـ أرأكم الجميلة ]
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات