"لعنة الدم" - 7
الفصل السابع: فجر الحرب
كانت أجواء القصر تعج بالتوتر منذ أن أعلن الملك عن قرار إرسال ورثة العائلات النبيلة إلى ساحة المعركة. وبينما كان البعض يستعدون بحماس لإثبات جدارتهم، كان آخرون مرغمين على خوض هذه الحرب التي لا تعنيهم. لكن بالنسبة لماثياس، لم يكن الأمر سوى خطوة أخرى في طريقه نحو القوة.
في صباح اليوم التالي لإعلان الملك، اجتمعت العائلة الدوقية في قاعة الاجتماعات الخاصة بالقصر. كانت الغرفة مزينة بلوحات زيتية لعظماء العائلة الذين خاضوا الحروب من قبل، وكأنهم يراقبون الوريث الجديد الذي سيتبع خطاهم.
جلس الدوق على رأس الطاولة، متشحًا بملابسه العسكرية، بينما وقف بقية القادة بالقرب منه، يراجعون خطط التجهيز للحرب. كان ماثياس يقف بجانب الدوق، مرتديًا زيه الرسمي الجديد، معطف أسود مزخرف بتطريزات ذهبية، وسيف معلق عند خصره. رغم صغر سنه مقارنة ببقية الحاضرين، إلا أن وقفته كانت ثابتة، ونظرته الباردة لم تحمل أي خوف.
“الحرب ليست مجرد معركة تُخاض بالسيوف، إنها لعبة سياسية أيضًا. عليك أن تعرف متى تتحرك ومتى تنتظر.” قال الدوق بنبرة جادة، موجّهًا كلامه لماثياس.
“فهمت.” أجابه ببرود، وعيناه تراقبان الخرائط الموضوعة على الطاولة.
“الجبهة التي ستتوجهون إليها تقع في الجنوب، بالقرب من الحدود الشرقية للإمبراطورية. إنها أرض قاسية، شتاؤها بارد ورياحها جافة. الجيش هناك بحاجة إلى دعم سريع، لذا سيتم إرسالكم غدًا.” تابع أحد القادة، مشيرًا إلى موقع الجبهة على الخريطة.
كان كل شيء يتحرك بسرعة، لكن ماثياس لم يبدِ أي اعتراض. لم يكن هناك وقت للتردد.
—
………
في اليوم التالي، كانت ساحة القصر تعج بالجنود والخدم الذين يجهزون القافلة المتجهة إلى الجبهة. عربات محملة بالمؤن، وأخرى تحمل الأسلحة والدروع. كان الفرسان يقفون في صفوف منظمة، وأصوات الخيول تملأ المكان.
وقف ماثياس بجانب حصانه الأسود، يراقب النبلاء الآخرين الذين سيذهبون معه. بعضهم كانوا يتحدثون بحماس، وآخرون بدت عليهم ملامح القلق.
“هل أنت مستعد؟” سأل الدوق، وهو يراقبه عن كثب.
“دائمًا.” أجابه بثقة، قبل أن يركب حصانه.
مع انطلاق القافلة، تحركت العجلات فوق الطرق المرصوفة بالحجارة، محدثة صوتًا متناغمًا مع وقع حوافر الخيول. كانت الرحلة طويلة، لكن الصمت الذي خيم على الجميع جعلها أكثر ثِقلاً.
كان ماثياس يراقب الطريق بصمت، مستشعرًا تغير الأجواء. كان الهواء يصبح أكثر برودة، والطبيعة أكثر قسوة كلما اقتربوا من الجبهة. لم يكن هذا مكانًا يرحب بالضعفاء.
—
الوصول إلى الجبهة
بعد أيام من السفر، ظهرت معالم المخيم العسكري أمامهم. كانت الخيام منتشرة على امتداد النظر، وأصوات الجنود تتردد في الأرجاء. رايات الإمبراطورية ترفرف فوق المعسكر، لكن الأجواء كانت مشحونة بالتوتر.
عندما دخلوا المخيم، استقبلهم أحد القادة العسكريين، رجل طويل القامة ذو شعر رمادي وعينين حادتين.
“وصلتم أخيرًا. كنتم أبطأ مما توقعت.” قال بصوتٍ خشن، وهو ينظر إلى المجموعة.
“الرحلة كانت طويلة، لكننا هنا الآن.” رد أحد النبلاء، محاولًا إظهار بعض الثقة.
لكن ماثياس لم يقل شيئًا. كان يراقب المكان بعناية، يلاحظ كل تفصيل، كل نظرة تحملها وجوه الجنود.
أدرك أن هذه لم تكن مجرد حرب، بل كانت اختبارًا للبقاء. والآن، حان وقت إثبات نفسه.
……
داخل معسكر الحرب
كانت السماء ملبدة بالغيوم القاتمة عندما دخل ماثياس إلى المخيم، وكأنها تعكس المصير المجهول الذي ينتظرهم جميعًا. الأرض كانت موحلة بفعل المطر الذي هطل قبل يومين، والهواء مشبع برائحة الحديد والعرق، رائحة لم تخطئها أنفه: رائحة الحرب.
بينما كانت العربات تُفرغ حمولتها، بدأ الجنود في التحرك، يرمقون النبلاء الجدد بنظرات مزيجها الحذر والشك. لم يكن أحد هنا يثق بالآخر بسهولة، فالموت كان قريبًا جدًا من الجميع.
“سأخذكم إلى قائد المعسكر، جهزوا أنفسكم.” قال الضابط الذي استقبلهم، بصوت حاد لا يحمل أي مجاملة.
تحركت المجموعة بين الخيام المصطفة في صفوف غير منتظمة. كان بعض الجنود يصلحون أسلحتهم، وآخرون يتحدثون بأصوات منخفضة حول نار مشتعلة. في كل زاوية، كان هناك شخص إما يعالج جرحه، أو يشحذ نصله، أو يكتب رسالة أخيرة لعائلته.
بالنسبة لماثياس، لم يكن هذا المشهد غريبًا، لكنه الآن أصبح جزءًا منه.
—
لقاء القائد
داخل خيمة القيادة، جلس قائد المعسكر على كرسي خشبي ضخم، وأمامه طاولة مليئة بالخرائط والمخطوطات. كان رجلاً في الخمسينيات من عمره، ذو لحية قصيرة وعينين رماديتين تخفيان خلفهما سنوات من القتال والخسائر.
“أنتم ورثة العائلات النبيلة، صحيح؟” سأل بنبرة باردة، وهو ينقل بصره بين الوجوه المتوترة أمامه.
“نعم، نحن هنا بأمر الملك.” أجاب أحد النبلاء بصوت حاول أن يبدو ثابتًا، لكنه لم ينجح تمامًا.
ابتسم القائد بسخرية خفيفة، ثم قال: “إذًا، أنتم هنا لنتأكد إن كنتم تصلحون للقتال، أم مجرد أوز تنتظر الذبح؟”
لم يكن هذا سؤالًا، بل حقيقة يعرفها الجميع.
وقف ماثياس بهدوء، لم يظهر عليه أي توتر كما حدث مع الآخرين. فقط نظر إلى القائد مباشرة، منتظرًا التعليمات. لاحظ القائد هدوءه، لكنه لم يقل شيئًا، بل أشار إلى أحد مساعديه.
“خذهم إلى أماكنهم، وغدًا عند الفجر، سنرى إن كانوا يستحقون حمل السلاح.”
—
الاستعدادات الأولى
تم تقسيم النبلاء إلى مجموعات، وكان على كل واحد منهم مشاركة خيمته مع شخص آخر. ماثياس وجد نفسه مع شاب أشقر، يبدو في السابعة عشرة من عمره، ذو ملامح متوترة وعينين زرقاوين متواردتين.
“أنا… إسحاق، من عائلة هيلغراد.” قال الشاب، محاولًا كسر الصمت.
“ماثياس.” أجاب دون أن يعطي أي تفاصيل إضافية.
نظر إسحاق إليه بحذر، لكنه لم يسأل المزيد. كان من الواضح أن ماثياس لم يكن شخصًا يتحدث كثيرًا.
جلس ماثياس على سريره البسيط، ينظر إلى سقف الخيمة. كان يعلم أن هذه الليلة ستكون آخر ليلة هادئة له قبل أن يبدأ الجحيم الحقيقي.
—
اليوم الأول من التدريب
عند الفجر، تم إيقاظ الجميع على صوت الأبواق، معلنة بداية يوم جديد من الاختبارات والتدريبات.
وقفوا في صفوف أمام القادة، يرتدون دروعًا خفيفة، والسيوف بأيديهم. أمامهم، كان هناك ميدان تدريب واسع، محاط بسياج خشبي، تتوزع فيه الدمى الخشبية وأهداف الرماية.
“اليوم، سنرى ما إذا كنتم تستحقون النجاة في هذه الحرب.” قال القائد بصوت مرتفع، وهو يسير أمامهم. “لا مكان للضعفاء هنا، ومن لا يستطيع القتال… حسنًا، سيتولى العدو أمره قريبًا.”
ثم استدار نحو ماثياس وبقية النبلاء، قائلاً: “سنبدأ باختبار بسيط. كل واحد منكم سيواجه أحد جنود المعسكر في قتال فردي. لا أريد أي تهاون. أظهروا ما لديكم.”
كان هذا أول اختبار حقيقي لهم، وكان الجميع متوترين.
لكن ماثياس لم يكن كذلك.
عندما جاء دوره، وقف في الساحة، منتظرًا خصمه. تقدم أحد الجنود، رجل ضخم الجثة، ذو ندبة تمتد على طول وجنته. أمسك بسيفه الثقيل، ينظر إلى ماثياس كما لو كان مجرد طفل.
“هل أنت متأكد أنك تريد القتال، أيها النبيل الصغير؟” قال الجندي بسخرية، وهو يلوح بسيفه أمامه.
لكن ماثياس لم يجب. فقط رفع سيفه، ووقف في وضعية قتالية ثابتة.
“حسنًا، لا تلمني إن كسرت عظامك.”
وبدأت المعركة.
—
القتال الأول
ماثياس، الذي لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، وقف بثبات أمام خصمه، الذي كان يتراوح عمره بين العشرينات والثلاثينات، ضخم البنية ومخضرم في القتال. سيفه كان أكبر من سيف ماثياس، ولكنه لم يخف. قلبه كان مشتعلاً بالغضب، وكان هذا الغضب هو ما يجعله يبرز بين النبلاء، رغم عمره الصغير.
“هل تعتقد أن لديك ما يكفي من القوة؟” قال الجندي، وهو يبتسم ابتسامة مليئة بالاستعلاء، بينما يحرك سيفه في الهواء بشكل عرضي.
“لنرَ.” رد ماثياس بصوت خافت، مع أن قلبه كان ينبض بسرعة، لكنه كان يختزن هذه المشاعر ليحولها إلى قوة.
ثم، في لحظة مفاجئة، هاجم الجندي. كان سريعًا، وسيفه يقطع الهواء بصوت حاد. لكن ماثياس تحرك بشكل غير متوقع، ومال بجسده ليتجنب الضربة الأولى التي كانت ستصطدم بكتفه. في نفس اللحظة، هاجم بمرفقه على بطن الجندي، وهو يسحب سيفه بسرعة، ليصوبه نحو خصمه.
الجندي، الذي لم يكن يتوقع هذا الهجوم المفاجئ، تفاجأ بهجوم ماثياس المفاجئ وسرعته في الحركة. عينه تضيء بالدهشة بينما حاول أن يصد الضربة. ولكن ماثياس كان أسرع منه، ليحرف سيفه بعيدًا عنه في اللحظة الأخيرة.
“أنت صغير جدًا على هذا، ماذا تفعل هنا؟” سأل الجندي، وهو يراوغ من جديد الهجوم القادم من ماثياس، الذي لم يتوقف عن الهجوم مرة واحدة.
لكن الجندي بدأ يظهر ترددًا وهو يحاول أن يصد هجمات ماثياس المتتالية. رغم أن ماثياس كان أصغر حجمًا وأضعف، إلا أن مهاراته في المعركة، التي صقلها طوال الأسابيع الماضية، جعلت من الصعب على الجندي هزمه بسرعة. في تلك اللحظة، عرف الجندي أنه أمام خصم مختلف.
“أنت تعتقد أن القوة وحدها تكفي لتنتصر، لكنك مخطئ.” قال ماثياس، وهو يتنفس بصعوبة. “هذه المعركة لا تتعلق بالقوة فقط، بل بالتحكم في ذاتك.”
ثم، في لحظة حاسمة، استغل ماثياس خطأ الجندي. بنعومة، حرك سيفه بسرعة خاطفة، حيث أصاب يده بسكينه، مما جعله يسقط السيف. وبهذا، انتهت المعركة بانتصار ماثياس.
الجندي كان يتنفس ببطء، وهو يحدق في ماثياس بدهشة، بينما كان الأخير يقف على قدميه، بثبات. لم يتوقع أحد أن يفوز طفل في الرابعة عشرة بهذا القتال.
“كنت أظنك مجرد طفل.” قال الجندي وهو يمسح دماءه من يده. “لكن لديك شيئًا خاصًا فيك.”
ماثياس لم يرد عليه، بل نظر إليه بصمت، وكان قلبه يزداد قوة في كل لحظة. هذه المعركة لم تكن مجرد اختبار له، بل كانت دليلاً للجميع على أنه لا يزال قادرًا على القتال، حتى وإن كان أصغر سناً وأقل خبرة من باقي الجنود.
بعد المعركة
بينما كان باقي النبلاء يتدربون في نفس الميدان، تقدم القائد نحو ماثياس. كانت نظراته تُظهر مزيجًا من الاحترام والدهشة. “أنت طفل، لكن لا يمكن تجاهل مهارتك.”
“أنا لست مجرد طفل.” قال ماثياس، وهو ينظر إلى القائد بعينيه الحادتين. “أنا هنا لتحقيق شيء أكبر.”
القائد ابتسم برقة، وقال: “سنرى إن كنت ستنجو في النهاية.”
المعسكر في حالة تأهب
بمرور الأيام، بدأت التحضيرات تتسارع مع اقتراب الحرب. أصبحت الخيام أكثر ازدحامًا، وتجمع الجنود حول نيران المعسكر يخططون للاستراتيجيات المستقبلية. في تلك الأيام، كان ماثياس يتدرب في كل فرصة تتاح له، يركز على تحسين مهاراته القتالية، لكنه كان أيضًا يراقب عن كثب تحركات القادة والجنود. لم يكن يريد أن يترك أي شيء للصدفة.
“يجب أن تكون مستعدًا لكل شيء.” قال له أحد الجنود المتمرسين بينما كان يراقب تدريب ماثياس. “الحرب ليست مجرد معركة، بل هي معركة من أجل البقاء.”
الرحلة نحو الجبهة
مع حلول اليوم الموعود، بدأ الجميع في الاستعداد للتحرك نحو الجبهة. كانت الخيام تلتف على جانبي الطرق الموحلة، حيث بدأ الجنود يعبئون عرباتهم، يتركون المخيم وراءهم. كانت السيارات الحربية الثقيلة تجرها الخيول بصعوبة عبر الأرض الموحلة، وسط الأجواء الملبدة بالغيوم.
“ستكون هذه معركة كبيرة.” قال أحد الجنود، وهو يحدق في السماء الرمادية.
“حربنا ستكون اختبارًا حقيقيًا.” قال ماثياس في نفسه، وهو يسحب سيفه ويُفكر في الخطوات التي سيتخذها في المعركة.
وصلوا إلى الجبهة حيث كانت القوات متجمعة، يخطط القادة ويضعون استراتيجياتهم. كانت السماء رمادية بالكامل، وكأنها تشعر بثقل المعركة القادمة. كانت الجبال المحيطة تعكس ضوء الشمس الذي كان ضعيفًا.
الاستعداد للمعركة
كان الجنود يخططون ويُعدّون العدة للقتال القادم. أما ماثياس، فكان يراقب بعناية كل حركة، كل خطة تُوضع على الأرض. قلبه كان مليئًا بالحقد، وفي عقله كانت تساؤلات عن كيف سيأخذ بثأره.
وبينما كانت القوات تستعد، بدأ ماثياس يتحرك نحو خط المواجهة، عينيه ملتهبتان بالغضب. في قلبه، كان يقسم أن تلك الحرب ستكون بداية للانتقام الذي طال انتظاره.
“هذه هي فرصتي.” همس ماثياس لنفسه بينما اقترب من الصفوف الأمامية. “لن أسمح لأي شيء بأن يقف في طريقي.”
وكان اليوم الذي سيشهد المعركة الكبرى قد أشرق أخيرًا.
……..
قبل المعركة
كان ماثياس يجلس في خيمة القيادة وسط المعسكر، يراقب حركة الجنود من حوله وهم يجهزون أنفسهم للمعركة القادمة. كانت السماء ملبدة بالغيوم، والريح تعصف بالأشجار، بينما تلوح على الأفق معركة جديدة، أكثر ضراوة من سابقتها. المكان كان يعج بالحركة، وكان الجنود يجهزون أسلحتهم ويؤمنون المعسكر استعدادًا للهجوم.
“العدو قد وصل إلى الحدود.” قال أحد الضباط وهو يدخل الخيمة ويعطي تقريرًا حيويًا عن الوضع. كان القائد يحدق في الورقة في يده بتركيز.
“هل نحن مستعدون؟” سأل ماثياس، صوته بارد كعادته، ولكن عينيه كانت تلمعان بترقب.
“نعم، لكن المعركة ستكون طويلة، ويجب أن نكون مستعدين لأكثر من مجرد اندفاع هجومي.” رد القائد. “لقد كانت المعركة السابقة مجرد البداية، وهذا ما ننتظره الآن.”
كان ماثياس يراقب الجيش، وسمع من هنا وهناك همسات عن مدى ضخامة الجيوش الأخرى. مع ذلك، كان يتنفس بهدوء، وكان ذهنه مشغولًا بإستراتيجيات أخرى، طرقًا لجعل المعركة أطول وأكثر تعقيدًا حتى ينقض على الفرصة التي سيغتنمها.
التحضيرات النهائية
كانت الخيام تزدحم بالجنود المقاتلين، بينما كانت مجموعة من المهندسين العسكريين تضع الخطط الأخيرة حول تعزيز الدفاعات. كانت الطائرات الشراعية الخاصة بالجنود قد تم تفقدها، والخيول كانت مُركّبة، بينما كان الضباط يتناقشون حول تكتيك الهجوم.
“سنأخذ موقعًا عسكريًا إستراتيجيًا فوق التلال.” قال أحد القادة، وهو يشير إلى الخريطة على الطاولة. “لكننا لا نستطيع البقاء هناك لفترة طويلة. إذا كانوا ينوون الهجوم الشامل، سنكون في مأزق.”
“ماذا عن إغلاق المسارات الموازية؟” اقترح ماثياس، وهو يقترب من الطاولة. “إذا منعناهم من الهجوم من جميع الجهات، يمكننا التحكم بالمعركة.”
“فكرة جيدة.” أومأ القائد. “لكن سنحتاج لجنود إضافيين لضمان الحماية.”
ثم نظر ماثياس إلى السماء، حيث كانت العواصف تلوح في الأفق. كان يعلم أن الظروف الجوية قد تكون سلاحًا ذا حدين. “لا داعي للجنود الإضافيين. علينا فقط أن نكون أسرع.”
اليوم الأول من المعركة
بدأت المعركة مع بزوغ أولى خيوط الفجر، وكانت الأرض مغطاة بضباب خفيف، مما جعل من الصعب رؤية المعركة بشكل واضح في البداية. بدأت الجيوش المتنافسة تتنقل على الأرض، يتحركون كأنهم ظلال على الأرض، بينما الأوامر تتنقل من قائد لآخر عبر أجهزة الاتصال.
“الهجوم! هجوم الآن!” كانت الصيحات تتردد عبر ساحة المعركة، والجنود يتحركون بسرعة نحو الخطوط الأمامية. كانت الخيول تشق الطريق عبر العشب الكثيف، وطلقات السهام تمزق الهواء، بينما كانت المدافع تُطلق ضوضاء مرعبة. كان ماثياس يقف على إحدى التلال مراقبًا الوضع، يخطط لكل خطوة بدقة.
“هم يتحركون بسرعة.” قال أحد الجنود بجانب ماثياس.
“نحن أيضًا.” رد ماثياس بهدوء. “لكننا بحاجة إلى إبطائهم.”
كانت القوات المتقدمة تهاجم في موجات متتالية، بينما كان ماثياس يأمر بتعديل التشكيلات العسكرية والتكتيك كلما شعر بأن العدو قد يفاجئهم في لحظة ضعف. وفي اللحظة التي توقع فيها الهجوم المباغت، قام بتوجيه الجنود لفتح النار على الأعداء من موقع بعيد، مما أوقف تقدمهم للحظات.
القتال المستمر
مع مرور الوقت، كانت المعركة تصبح أكثر تعقيدًا. الأرض أصبحت مغطاة بالدم، والجنود المتساقطين من الجانبين كأنهم حجارة مبعثرة. بينما كان ماثياس يقود فرقه بحذر، كانت عينيه تتنقل بين الحشود، يبحث عن الفرص لتوجيه الضربة القاضية.
كانت سيوف الجنود تصطدم ببعضها البعض في ضوضاء مرعبة، والدماء كانت تنزف من الجميع، سواء أكانوا أعداء أم حلفاء. كان ماثياس يقاتل ببراعة، ولكنه كان يعلم أنه لا يمكنه الاستمرار هكذا إلى الأبد. كل لحظة كانت تساوي الكثير، وكان عليه أن يجد الحل الذي سينهي هذه المعركة لصالحه.
المفاجأة الكبرى
وفي منتصف المعركة، عندما كانت القوات على وشك الإنهاك، وصل الدعم الذي طالما كان يترقبه. كانت القوة الثانية قد وصلت من أحد الحلفاء البعيدين، وفجأة انتقل موازين المعركة بشكل درامي. كان الهجوم المضاد الذي قاده ماثياس قد بدأ يؤتي ثماره.
“الآن!” همس ماثياس وهو يلتقط نفسًا عميقًا، ليطلق العنان للخطط التي أعدها بعناية. كانت الخيول تعبر عبر الميدان بشكل سريع، والجنود يتساقطون على جانبيهم في تحدٍ أخير. في تلك اللحظات، تحول دفق الدماء من الطرفين إلى حرب شاملة، حيث كان القتال يشتد في جميع أنحاء ساحة المعركة.
الليلة التي تلي المعركة
مع مرور ساعات النهار، بدأت المعركة تتباطأ، إلا أن القتال المستمر خلق حالة من الإرهاق الشديد في صفوف الطرفين. بعد أن انتهت المعركة تقريبًا، وكان الضباب قد تلاشى، كانت الساحة مليئة بجثث القتلى والجريحين. كان الجميع يعكفون على تجميعهم، وكان الضباط يتفقدون كل الجوانب المدمرة لمحيطهم.
“لقد نجحنا.” قال القائد بصوت منخفض، بينما كان ينظر إلى الأرض الملطخة بالدم.
“نعم، لكننا لسنا في أمان بعد.” رد ماثياس، بينما كان يرفع رأسه ليلوح بجنبه نحو المساحات القتالية المدمرة. “لا تفرحوا بعد.”
كانت الخطط قد تم تنفيذها بنجاح، لكن ماثياس كان يعلم أن هذه المعركة كانت مجرد البداية. هناك الكثير مما سيحدث في الأيام القادمة، وأن كل خطوة كانت تحمل تهديدًا جديدًا.
…………….
اتمنى الفصل يكون محمس حاولت اطوله قدر الامكان ياريت الي يقرى الفصل يضع نجمه او تعليق لاني تعبت 🥰♡♡