أخذت لويسا نفسًا عميقًا ومدّت ذراعها محاولةً إبعاد بيلا المزعجة عنها، غير أنها جمدت في مكانها حين دوّى صوت مروّع جعل جسدها يرتجف.
لقد سقط نصف الفرسان بالفعل.
كان الأمر صادمًا؛ فما إن يتلقوا ضربة أو اثنتين حتى يهووا صرعى، فلم يعد في مقدورهم حماية بيلا ولويسا، بل بالكاد استطاعوا حماية أنفسهم.
وانهارت بيلا بالبكاء عند مشهد الفرسان الذين يسقطون واحدًا تلو الآخر.
“هيك… لو لم أُصرّ على الدخول، لما حدث هذا… آسفة… ماذا نفعل؟ ماذا نفعل…؟”
“…….”
“لا نستطيع حتى الخروج، ماذا نفعل الآن…؟ هيك… ثم حتى لو خرجنا، ماذا إن هاجمت هذه الوحوش الناس؟ سيكون ذلك مصيبة أكبر…!”
قالت لويسا ببرود عابسة:
“…اصمتِ قليلًا، ما الذي تفعلينه؟”
لكن بيلا استدارت نحوها وعيناها دامعتان:
“ما، ماذا لو نزلنا إلى الأسفل لنجرّهم معنا؟ إن بقينا هكذا، سيموت جميع الفرسان!”
“ماذا؟! انتظري! قلت انتظري! ما هذه القوة الجبارة!”
برقت عينا بيلا المبتلّتان بالدموع، ثم مدت يدها لتجرّ لويسا معها قسرًا بقوةٍ لا تحتمل، دفعتها نحو الأسفل كأنها ترميها رميًا في القبو، ثم أفلتت يدها فجأة في النهاية.
وتمتمت بابتسامة باردة تعلو شفتيها:
“…موتي.”
لكن ذلك لم يدم طويلًا.
طق!
فقد امتدت يد لويسا بسرعة خاطفة، وأمسكت بمعصم بيلا.
ارتجف بريق الذهول في عينيها الخضراوين وهي تلتقي نظرات لويسا البنفسجية في الفراغ.
وفي اللحظة التالية، سقطا الاثنان معًا بلا حولٍ ولا قوة في القبو المظلم.
***
“كنت أعلم أن الأمر سينتهي هكذا.”
تمتمت لويسا وهي تنهض متألمة، تعضّ على أسنانها.
لحسن الحظ كان سقوطها آمنًا نسبيًا فلم تُصب بجروح خطيرة، لكن كاحلها الأيمن كان يؤلمها ويطنّ بشدة.
نظرت إلى قدمها ثم إلى محيطها.
كان الألم محتمَلًا ولن يمنعها من الحركة.
‘هاه… أولًا عليّ أن أتولى أمر بيلا، ثم أرتب هذه الفوضى.’
كان الهواء من حولها ممتلئًا برائحة خانقة، والسحر الاسود يلسع بشرتها بحدة.
يبدو أن معظم الوحوش قد خرجوا إلى الخارج، لكن لا يمكنها ترك الفرسان يهلكون جميعًا. فإن أُبيدوا عن آخرهم، فمن المؤكد أن الوحوش ستعود أدراجها إلى هنا، لذا كان الأفضل استدراجها واحدة تلو الأخرى والقضاء عليها.
حدّقت لويسا فيه لحظة، ثم رمقت بيلا بنظرة حادة؛ تلك التي ما انفكّت تصرخ بجنون منذ قليل.
“هيكك…! أنقذيني… أختنق…!”
كانت بيلا ملقاة أرضًا، تحفر بأظافرها على الأرض وهي تلهث بقطع النفس، كما لو أن روحها تُنتزع منها.
غير أن لويسا صرفت بصرها عنها.
المشهد كان غريبًا، لكنها لم تملك وقتًا للانشغال به.
“آنستي!”
كان أحد فرسان آل بليك قد أطلّ من الأعلى، يصرخ بيأس وهو يحاول النزول إلى القبو. فأدارت لويسا تركيزها نحوه بسرعة.
“أيها الفارس! استدرج الوحوش واحدًا واحدًا إلى هنا!”
“ماذا؟! ماذا تقصدين، آغغه!”
فجأة باغته وحش يركض نحوه، فرفع سيفه ليصدّه.
صرخت لويسا:
“لا بأس! عندما أعدّ حتى ثلاثة، ابتعد فورًا!”
“ماذا؟!”
“واحد! اثنان! ثلاثة!”
ورغم دهشته، تحرّك الفارس كما اعتاد على الطاعة الفطرية. فتفادى الوحش بسرعة، ليقع فريسة في مرمى بصر لويسا.
كوااااانغ!
أحاط وميض كهربائي هائل بجسد الوحش، فارتجف بعنف ثم هوى على الأرض.
شششش─
تصاعد الدخان الأسود من جسده، ورائحة احتراق نفذت إلى الأنوف.
‘مات؟ ماذا إن نهض مجددًا…؟! لا، عليّ أن أجرّب التطهير.’
أجمعت قواها بسرعة في أطراف أصابعها، فأطلقت نورًا مقدّسًا نحو الوحش.
هبّت نسمة عليلة، وأزالت في لحظة الرائحة الكريهة. انبعث ضوء أبيض أحاط بجسد الوحش، ثم تلاشى مع تصاعد دخان أسود كثيف، كأن الكيان نفسه قد تبخّر.
‘…نجحت. اختفى تمامًا.’
حدّقت لويسا بدهشة في البقعة الفارغة حيث كان الوحش، قبل أن يقطع تفكيرها صوت أنين مرتعب بجوارها.
‘ما بالها الآن؟’
لقد كان الوحش على مقربة من بيلا، ورغم أنها لم تتحرك طوال الوقت، إلا أنها فجأة ارتجفت وبدأت تزحف بجنون بعيدًا، ووجهها مفعم بالرعب والهلع.
“لا… لا تقتربي! آاااه!”
“……هل جنّت؟”
لم يكن الخوف الذي ظهر على وجهها موجّهًا إلى المخلوق الذي كان بجانبها قبل لحظات، بل كان خوفها منها هي.
التوتان الأزرقان في عينيها كانا يرتجفان بوضوح وقد غمرهما الذعر.
“يا آنسة! هل أنتِ بخير؟”
“آه، نعم! افعلوا كما فعلتم قبل قليل، وأرسلوه نحوي مجددًا!”
“أمرك!”
البديهة السريعة سمة أساسية في الفارس الكفؤ.
ففي الظروف العادية لكان عليه أن يمنعها من المجازفة، لكن الموقف لم يكن يحتمل، لذا أطاع أمر لويسا دون نقاش.
وبالطريقة ذاتها، تمكّنت من القضاء على اثنين آخرين. وحينها دوّى في أذنها صوتٌ مألوف لطالما تاقت لسماعه.
“لويزس!”
دوّي سقوط أجسادٍ هائلة تبعثر سريعًا، والفارس الذي كان يجرّ المخلوقات نحوها توقف عن الحركة وصاح باتجاه الصوت:
“الآنسة هنا، في الأسفل!”
ثبتت لويسا بصرها على الباب المفتوح تنتظر ظهور صاحب الصوت. وسرعان ما رأت مخلوقًا يُقذف بعيدًا في الهواء، تلت ذلك أنوار ذهبية ساطعة اخترقت الظلام كأنها بدّدت الليل.
فما كان من كتفيها المتصلبتين توترًا إلا أن ارتختا في لحظة، وارتجف بريق بنفسجي في عينيها وقد عاد إلى السكون.
“لويسا! انتظري قليلًا، سأنزل إليك!”
“وما شأن المخلوقات بالأعلى؟ قد يصعب على الفرسان وحدهم التصدي لها!”
“لا تقلقي، فجلالته اللورد الشاب أيضًا قد أتى معنا!”
“آه…….”
زفّت تنهيدة ارتياحٍ عميقة. لقد كانت قبل مغادرتها القصر قد أوصت خادمها سرًّا بأن يُعلِم رافاييل وديميان، ولم تتوقع أن يجدوا الطريق إليها بهذه السرعة.
قفز رافاييل إلى القبو بخفةٍ خاطفة، وتوجه مباشرة نحوها.
كان وجهه متصلبًا ومتجهّمًا، لكن في عينيه الزرقاوين ارتجفت مشاعر مختلطة من الذهول والطمأنينة، لا قدرة له على إخفائها.
لم يستطع سوى أن يجول ببصره في لحظة خاطفة يتفقدها فيها. ثم ما لبث أن غلبه اندفاع مشاعره، فأحاطها بين ذراعيه.
“……!”
اتسعت عينا لويسا بدهشة. فقد ارتجّ خدها من صلابة صدره، وسمعت بوضوح خفقان قلبه الهائج يقرع أذنيها، فيما سرى دفء جسده المتوتر في جسدها الملتصق به.
لقد أربكها هذا الحضن الغريب، لكنها لم تجد في نفسها رغبة في الإفلات منه.
ربما لأن ارتجاف ذراعيه المتشبثتين بها كشف عن كبحٍ عارم لرغبته في احتضانها بقوة، أو عن غلبة المشاعر التي أثقلت صدره في تلك اللحظة.
كل ذلك جعلها عاجزة عن الحركة.
“……لقد خِفتُ كثيرًا.”
داعب أذنها أنفاسه الحارّة، فارتعشت لويسا بحدة وكأن قشعريرة سرت في عمودها الفقري، وقبضت على خصره لا شعوريًّا بقوة.
“كنت أخشى أن يصيبك مكروه… كنت أخشى أن تُجرحي. دعوت الإله في كل خطوة من الطريق أن يحميكِ…….”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 95"