‘لعنة… قربان… القربان قد يكون دمية أحيانًا، أو جثة أحيانًا… هاه؟ نيكروبوليس؟’
( معنى 네크로폴리스 نيكروبوليس : مدينة الموتى.)
توقّف تقليب الصفحات، وضاق بصرها عند العنوان الفرعي الذي شدّ انتباهها.
<لعنة نيكروبوليس: مدينة الموتى>
‘نيكروبوليس… لا بد أن الكلمة تحمل معنى المقبرة.’
وكان لديها شعور قوي أنّ هذا هو ما تبحث عنه.
وكأن ذلك الحدس كان صائباً، إذ راحت عينا لويسا ترتجفان وهي تنزلان بسرعة على الكلمات.
رصد رافاييل الذي كان يتابعها على فترات بينما يتظاهر بتفقّد كتب أخرى، تصلّب ملامحها شيئاً فشيئاً.
“لويسا؟”
اقترب سريعاً ووضع يده برفق على كتفها، فرفعت بصرها ببطء عن الصفحة لتنظر إليه.
“…سيد رافاييل، أظن أن هذا هو.”
“تقصدين لعنة نيكروبوليس؟”
“نعم. تقول إن المقبرة المبنيّة بأكوام من الجثث في منطقة محدّدة تستدعي الشر.”
“صحيح أنهم ذكروا وجود قبر في نفق أرضي، لكن ينبغي أن نتحقق ما إن كان هناك جثث أخرى.”
“صحيح… غير أن طريقة إعداد القبور تتشابه. إذ يُنشأ قبر واحد في وسط المكان المراد تلويثه، ثم تُوزّع القبور حوله في الجهات الأربع، شرط أن تكون كلها تحت الأرض.”
“تحت الأرض…”
“بل كُتب هنا أن هذه اللعنة تفضي إلى إبادة جماعية، وربما لذلك أيضاً علاقة بظهور الوحوش. جاء في النص أنها تجعل قوى الشر تتفشّى في العالم.”
بمجرّد أن خامرها الشك، بدت لها كل الأمور مرتبطة ببعضها.
كانت تعلم أنها تحتاج إلى مواصلة البحث في صفحات أخرى، لكن يديها لم تطاوعاها على قلب الصفحة.
كان عليها أن تتحقق من حقيقة هذه اللعنة قبل أن تفكر في أي شيء آخر.
「…إن منبع الشر المستيقظ سيقود العالم إلى الهلاك.」
كانت كلمات منبع الشر تجذب بصرها بقوة، حتى إنها أحسّت بنبض قلبها يتردّد كأنما يهزّ أجواء المكان.
‘ربما أكون أبالغ في الأمر. فهذا ليس مما يقدر البشر على فعله أصلاً. كيف يمكن جمع مئات الجثث…’
عضّت لويسا شفتها السفلى بتوتر.
“سأذهب بنفسي لأتأكد.”
وما إن رفعت رأسها بسرعة حتى اصطدمت عيناها بعيني رافاييل المحدّقتين بها.
انزلق بصره من أنفها إلى شفتيها وتوقف هناك.
وبحركة بطيئة وحذرة، امتدت يده نحو شفتيها، محرّراً شفتها السفلى من بين أسنانها.
ومع ملمس جلده الغريب على بشرتها، ارتجفت أهدابها الطويلة.
“كنت متردداً في أن آمر الفرسان بالنزول مجدداً إلى النفق خوفاً من تكرار ما حدث سابقاً. إن كان لا بد من التحقق، فالأفضل أن أدخله بنفسي.”
“ماذا؟”
اتّسعت عينا لويسا.
“لا تقصد أنك ستذهب وحدك؟! هذا بالغ الخطورة!”
“لكن لا بد أن يقوم به أحد.”
‘هذا صحيح، لكن… لماذا هو بالذات؟ إنه ولي عهد هذه البلاد! بل يجب أن يصون نفسه أكثر من أي شخص آخر!’
ارتجفت عيناها البنفسجيتان كما لو أنهما زهور بنفسج يعبث بها النسيم.
“لا بأس. فالمصابين بتلوّث السحر الاسود كانوا قد جُرحوا أصلاً على يد الوحوش.”
“لكن مع ذلك، لا يمكن الجزم بما سيحدث.”
‘صحيح أن البطل لا يموت… لكن هذا إن سارت الأحداث كما في الأصل. أما الآن وقد انحرفت القصة، فأين الضمان على بقائه؟’
إن حدث الأسوأ ومات رافاييل، فلن يبقى من يحمي هذا العالم.
فلا يوجد فارس يمتلك قوّة مقدسة تضاهي قوّته. وأي شخص آخر سيتصدّى لذلك، سيكون مصيره الفشل.
ترطّبت شفتا لويسا اليابستان وهي تحدّق أمامها بغرق في التفكير.
“لويسا.”
“إذن سأذهب أنا أيضاً.”
انطلقت كلماتهما في اللحظة نفسها. ورغم تداخلها، كان المعنى واضحاً لكليهما.
“ماذا قلتِ الآن؟”
لكن صوته المنخفض بدا وكأنه لا يصدق ما سمعه، وقد انقبض حاجباه الوسيمان.
“قلتُ إنني سأذهب أيضًا.”
“ماذا تقولين……! هذا مستحيل تمامًا!”
“سيد رافاييل.”
“حتى لو ناديتني بهذه الطريقة، فلن يكون ممكنًا.”
‘متى؟!’
لقد نادته كما تفعل دومًا فقط……
رفعت لويسا عينيها في شرود، ثم أغمضتهما وفتحتها ببطء بعد لحظة.
“ليس هذا هو المهم، بل أنك تعلم أن ذهابي يقلل الخطر. هذه مسألة لا يمكن الاختيار فيها.”
فهو لم يكن ليأخذ قديسة لا تفيد في شيء، لكن وجودها هو أمر ضروري لا محيد عنه، فهي الوحيدة القادرة على التطهير.
أما ذهابه بمفرده فما هو إلا تهور لا يُغتفر.
نعم، المكان في غاية الخطورة، لذا لم تكن ترغب في الذهاب أصلًا……. لكن أن يذهب وحده؟ هذا ما لا يمكن السماح به. بل لعل الحقيقة أنها لا تريد أن يذهب وحده وحسب.
شعور مرتبك أخذ يعلو في صدرها شيئًا فشيئًا.
أحست بأن هذه المشاعر غير المرغوب فيها قد تملأ رأسها، فشدّت عزيمتها وفتحت عينيها على اتساعهما.
“أعلم. أعلم ذلك، ولكن…….”
صوته المنخفض بدا وكأنه مبحوح، وقد انحنى بصره إلى الأرض فيما التوت إحدى عينيه بألم.
مرّ صمت ثقيل بينهما.
أخذ رافاييل أنفاسًا مضطربة كمن يبتلع شيئًا مُرًّا، ثم رفع بصره ببطء.
ارتجف ذقنه ارتجافًا خفيفًا.
“لا أريد أن تتعرضي للخطر.”
دقّ ـــ
صوت سقوط قلبه دوّى في أذنيها.
تغيّر وجه لويسا.
بدا أن محاولاتها قبل قليل لاستعادة رباطة جأشها كانت تضيع هباءً.
***
رغم أنه منتصف النهار، فإن الغرفة المغطاة بستائر سميكة لم يضيئها سوى شمعتين، فارتسمت أجواء ثقيلة وساكنة.
في وسط السرير العريض القابل لاستيعاب عدة أشخاص، كان الإمبراطور الهزيل بالكاد يتنفس.
انفتح باب الغرفة فتسلل ضوء الرواق إلى الداخل.
طقطق صوت الباب المغلق، ثم دوّى وقع خطوات تتجه نحو السرير.
“هل هذا بسبب المهدئات، أم أن السبب آخر…….”
همست الإمبراطورة وهي واقفة بجوار السرير.
“ربما هذا السبب.”
أخرجت من تحت تنورتها قارورة صغيرة، ثم جلست على الكرسي بجانب السرير ووضعتها برفق فوقه.
“أود إعطاؤك فورًا، لكن بقيت تجربة أخيرة أود القيام بها. فانتظر قليلًا فقط. آه، ريثما تنتظر، هل نرجع قليلًا إلى الحكايات القديمة؟”
ارتسمت على شفتيها ابتسامة وادعة.
“لا أزال أذكر جيدًا، حين احتضنتني لأول مرة وقلت إنك لن تعترف بي حتى جارية. يا لبرودك! لقد كان كالصاعقة بالنسبة إليّ، وأنا التي وهبت رجلاً للمرة الأولى.”
نظرت إلى الإمبراطور وهو يلفظ أنفاسًا متقطعة، وقد خلت عيناها من أي دفء.
لم يكن في عينيها سوى برود قارس، وقد انعكس فيه وجه الإمبراطور المتشبث بخيط ضعيف من الحياة.
“لو لم يكن الأمر كذلك، لما كان لديّ أي سبب لأقترب منك.”
ففي الظاهر تظاهرت بأنها سيدة نبيلة، لكنها في بيتها كانت محتقرة منذ الولادة لكونها وضيعة الأصل.
ابنة غير مرغوبة جاءت من خادمة لم تُلقَ لها قيمة، لذا كان الأمر فضيحة بالنسبة إلى الماركيز ديميتري الذي لم يكن يريد سوى ولد يرثه.
ولولا أن جمال وجهها أنقذها، لوجدت جثتها طافية تحت جسر هيرنيك منذ زمن.
لكن الماركيز قرر استغلال جمالها فضمّها إليه، ومنذ تلك اللحظة تغيّرت حياة هالين.
طبعًا العيش في بيت الماركيز كان قاسيًا وبائسًا.
لم تتلقَّ سوى دروس بسيطة في آداب الآنسات، وكبرت كطائر محبوس في قفص.
وحين بلغت، أخبرها الماركيز لأول مرة عن قيمتها الحقيقية.
“الطريقة الوحيدة لرفع شأن أسرتك هي أن تكسبي قلب جلالة الإمبراطور.”
لكن الإمبراطور كان متزوجًا بالفعل حينها، لذا لم يكن أمامها سوى أن تنفذ بنفسها الخطة لإغوائه.
كان حسن الحظ أن الإمبراطور المتعجرف ذا عناد عرف عنه معاشرة النساء، لكن سوء الحظ أنه كان يتخلى عن كل واحدة منهن بلا رحمة.
لقد كان صارمًا إلى حد أن أي علاقة لم تثمر يومًا ولدًا غير شرعي.
الماركيز الذي لم يكن يكف عن الشتم والاحتقار، والإمبراطور الذي يظهر فقط حين يشتهي ويغفل عن تقديم أي شيء، تركا هالين في وضعية اضطهاد مستمرة.
في وسط هذا، أخذت هالين تشعر بالقرف والكراهية العميقة تجاه الرجال.
لذلك قتلت الماركيز. فقد رأت أن تحقيق رغبته في إنجاب وريث لن يكون بوسعها وحدها، فقررت أن تهب جثته للشيطان.
“م، ماذا تفعلين بحق خالق السماء……. لم تكوني هكذا! أأصابك مسّ من الجنون؟! كيف تقتلين أباكِ……!”
وكان ذلك أمام لويس ديميتري مباشرة.
لم تحتاج إلى كثير من الشرح، فقد أوضحت ببساطة أن الطريق الذي يرفعها إلى القمة هو هذا وحده، فإما أن يصمت ويقبل، أو يصبح هو الآخر قربانًا.
ارتسمت على شفتيها ابتسامة ماكرة، واقترب إصبعها من زجاجة صغيرة تحتوي سائلاً أسود.
“ربما بفضل بركة الإله، فقد ضاعفت تركيزه مقارنة بالماضي، ومع ذلك لم تظهر سوى هذه الأعراض. أما تلك المرأة، فقد بدأت بالجنون.”
كان سمًّا لا يمكن كشفه بأي تحليل، صنع من دماء الوحوش، ولم يكن له مثيل في العالم.
وعندما دسّته سرًّا للإمبراطورة السابقة، ظهرت عليها أولى أعراض الاضطراب العقلي.
*****
ترجمة : سنو
بالنسبه لقُراء المواقع.
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول والواتباد. وممكن لو انحظر حسابي بالواتباد بعيد الشر بتلاقوني هناك ( ملاحظه، الي يدخل ويطلع رح ياخذ حظر )
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 90"