المشكلة أنّ الوحوش ظهرت في العاصمة، لذا فلا بدّ أن تتخذ الكنيسة بدورها إجراءً ما، غير أنّي لا أعلم هل تحدّث بشأن ذلك قبل أن يدخل أم لا. ( تتكلم عن الكاردينال من الفصل السابق )
كنت في حيرة، فالأمر يخص شؤونهم الداخلية كثيرًا، فترددت: هل يليق أن أطرح هذا السؤال؟
عبثت بكوب الشاي أبلّ شفتيّ، فإذا بي أشعر بنظرات رافاييل المحدّقة بي.
قال فجأة:
“تذكرت الآن ما سمعته في الكنيسة الشمالية.”
“……ماذا تقصد؟”
“الوصية التي أوصى بها الكاهن الشافي أن أكون بجانبك دائمًا.”
“آه، ذاك الأمر.”
“أن أكون بجانبك يعني أن أكون أقرب ما يمكن، أليس كذلك؟”
“لا، ذلك الآن—”
“حتى وإن كان الآن، فلا بد أن ألتزم به بدقة.”
كنت أود أن أقول له: الآن لا بأس، لا حاجة لذلك. لكن لا أدري، أهو يريد فتح حديث معي، أم أنه يحدّث نفسه وحسب؟
لم يترك لي مجالًا لأجيب، بل ظل يواصل حديثه وحده. ومع كل كلمة، كانت عينا لويسا تضيقان شيئًا فشيئًا، غير أنّها اتسعت فجأة حين نهض رافاييل من مكانه مرة واحدة.
‘ما الأمر؟’
نظرت إليه في ذهول وهو يستدير حول الطاولة متجهًا نحوها.
جلس رافاييل بجوار لويسا الجالسة في منتصف الأريكة بكل سلاسة.
شعرت به بجانبها عن يسارها، فالتفتت برقبـة متصلبة.
‘ماذا يحاول أن يفعل…؟’
رمشت بعينيها تحدّق في ملامحه الجانبية.
كان وجهه كعادته بلا تعبير، لكن أطراف أذنيه المتورّدة جذبت انتباهها.
“ما رأيك لو أمسكتُ بيدك؟”
‘ما هذا؟ لماذا فجأة يمسك يدي؟’
بقرارات متسارعة يتخذها وحده، وكأنه يريد المضي قدمًا بلا توقف… حبست لويسا أنفاسها، ولسانها انعقد.
كانت تحدّق في وجنته بتركيز شديد، كأنها تريد أن تخترقها بعينيها، بينما هو ظلّ يثبت نظره إلى الأمام. ولشدّة صمتها الطويل، خُيّل وكأنه على وشك أن يلتفت إليها.
وقبل أن تلتقي عيناهما، ارتعشت لويسا كمن استيقظ من حلم، فاستدارت بسرعة.
لم تجرؤ على النظر في عينيه.
خشيت أن ترى عن قرب ما تخفيه تلك العينان الشفافتان كحبات البلور، فتزداد ضيقًا أكثر مما كانت.
“إن كنتِ تكرهين ذلك، فسأكتفي بالجلوس بجانبك دون فعل شيء.”
‘لا، لست أكره… أو لعلّي…؟ لا أدري.’
على كل حال، الأمر مربك.
كان الأحرى به أن يجلس قبالتي، فما الذي جعله ينتقل إلى جانبي ويشوش قلبي هكذا؟
صحيح أنّ الكاهن يوران أوصاه بأن يكون قريبًا، لكن ذاك حديث قديم، وما يفعله الآن بهذا الشكل المفاجئ أربكني.
أصبحت أفكاره المتحمسة بلا مقدمات عقدة في رأس لويسا.
‘يا إلهي. لا أستطيع أن أقول له عد إلى مكانك. أأطرده بحجة أنني متعبة؟ لكن لو قلت ذلك سيسألني ثانية إن كنت مريضة…’
مسّت شفتيها بارتباك قبل أن تخفض يدها تدريجيًا مع سماع الصوت.
“آنسة.”
“……ادخلي.”
“المعذرة.”
دخلت ماري الغرفة مطأطئة الرأس، ويداها متشابكتان بخشوع.
نهضت لويسا تلقائيًا وعدّلت ثوبها.
“أوصل؟”
بما أنّ ماري أخبرتها منذ الصباح أن رافاييل سيأتي اليوم، ظنّت أنّها تحمل خبر وصوله.
لكن الإجابة لم تكن كما توقعت.
“آه، في الحقيقة… ليس سمو الأمير، بل القديسة هي من جاءت لزيارتك.”
“……القديسة؟”
“نعم. سألت إن كان هناك موعد مسبق، فلما قلت لا، أجابت أن الأمر عاجل وتريد لقاءك فورًا…”
تلعثمت ماري في آخر كلامها وقد ارتبكت.
“ها.”
‘كنت أظن أن الأمور هدأت قليلًا، فلماذا تقصدني الآن؟’
أمالت لويسا رأسها إلى الجانب.
آخر لقاء لم يكن وديًّا، لذا من المستبعد أن تكون زيارتها لسبب جيّد.
‘فماذا أفعل؟’
لو صدّتها عن الباب، فلها سوابق في التذمر والصياح، ومن يدري أي مشهد تفتعل. ولو تذرعت بالمرض، فسوف يُعلم لاحقًا أنها خرجت مع رافاييل إلى القصر، ولن يخفى الخبر عن أذن بيلا.
‘مهما كان، النتيجة متعبة.’
فما كان منها إلا أن نَقَرت لسانها قصيرًا وغادرت الغرفة.
عبرت الردهة ونزلت الدرج، فإذا ببيلا واقفة أمام الباب وحدها، وإلى جوارها الخادم يلتزم الصمت.
‘لم يُدخلوها حتى إلى صالة الاستقبال؟’
كانت قد سمعت أن بعض فرسان العائلات شاهدوا بيلا تثور غضبًا في معبد الشرق، ويبدو أن تلك السمعة تسربت حتى داخل القصر، حتى لم يعاملوها معاملة ضيف.
حينها فقط فهمت لويسا سبب تردّد ماري ومبالغتها في الحذر، فربّتت على كتفها برفق مطمئنةً.
انفرج وجه ماري وأشرق بابتسامة محرجة.
ثم مشت لويسا بخطى هادئة نحو الباب.
إنحنى الخادم في احترام حين اقتربت منه.
كل الملابسات كانت كفيلة بأن تُثير حنق بيلا.
لكن بيلا خلافًا لذلك أقبلت عليها بوجه مشرق وبادرَتها بتحية ودودة:
“الآنسة الشابة، أعتذر لزيارتي المفاجئة بلا إخطار.”
‘هذا غريب!’
رفعت لويسا حاجبها بابتسامة مائلة.
“جئتِ فجأة فعلًا. ولم أتوقع أن تحضري بنفسك.”
“آه…”
احمرّ وجه بيلا خجلًا، وكأنها لم تتوقع أن يُقابلها هذا الفتور الصريح، فخفضت بصرها مترددة.
أما لويسا، فلم يكن في نيتها أن تُخفي مشاعرها أو تتظاهر بالمجاملة مثل سائر النبلاء.
‘بالتأكيد لم تأتِ لتصالحني أو لتوطيد العلاقة… لا بد أنها راغبة في شيء، ولأجل ذلك هي من تتنازل. ومن يحتاج شيئًا هو من يتحمّل.’
*****
ترجمة : سنو
بالنسبه لقُراء المواقع.
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول والواتباد. وممكن لو انحظر حسابي بالواتباد بعيد الشر بتلاقوني هناك ( ملاحظه، الي يدخل ويطلع رح ياخذ حظر )
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 86"