كان شعورًا كمن جرفه تيار عميق، ولم يعد بوسعه التراجع.
بدا الأمر أنه سيجرّ معه الكثير من المتاعب.
عضّت لويسا على لسانها بضيق، ثم بدأت تضع رزمة الرسائل واحدة تلو الأخرى فوق يد براون.
“متى سيذهب أخي إلى الشمال؟”
تردّد براون قليلًا، كأنه تساءل في نفسه إن كان الحديث عن الدوق قد انتهى.
لكنه سرعان ما أومأ برأسه ببطء، مستعيدًا وتيرته.
“أظن أنّه سيضطر للذهاب هذا الأسبوع. ربما سيسأل الآنسة عمّا قريب.”
“إذن، إن لم يكن في جدوله ما يمنع، فليكن غدًا.”
“……غدًا، تقولين؟”
“نعم. وهل هناك الكثير من الأراضي الشاغرة في الشمال؟”
“نعم. هناك أرض خُصّصت للآنسة أيضًا.”
“إذن، لنبنِ هناك معملًا للنبيذ.”
“معمل نبيذ؟”
“سنجعله على نطاق واسع. فإن كانت أرضي صغيرة، اشترِ لي أراضيَ إضافيةً بجوارها. سأعطيك المال اللازم.”
“المساحة كافية يا آنسة. ولكن ما السبب المفاجئ؟ أهو من أجل مقاطعة بليك؟ أم أنك ترغبين في الاستعانة بغير ألبيرت روزيه؟”
“لا، ألبيرت روزيه نفسه سيأتي إلى الشمال ليتولى الإدارة.”
حدّق براون في لويسا بدهشةٍ فارغة الملامح، كأنه لم يستوعب ما قيل للتو.
ورأت لويسا في وجهه شيئًا من الارتباك، لكنها لم تنتظر منه ردًا، بل واصلت حديثها على وتيرتها الخاصة.
“نبيذ جبل بليك.”
***
كان النسيم الفاتر قد انقلب من حيث لا تدري إلى هواء بارد.
فتحت لويسا عينيها المتلألئتين.
“استيقظتِ في الوقت المناسب. لقد أوشكنا على الوصول يا لويسا.”
التفتت إلى الصوت الدافئ بجوارها، فرأت ديميان يبتسم وهو ينظر إليها، ثم حوّلت بصرها إلى النافذة خلفه.
كان مكانًا مألوفًا.
أغصان يابسة تتمايل بعنف، وسماء رمادية لا تنفذ منها شمس.
إن ظلّت الحال على هذا المنوال، فلن يخطئ فجر الغد موعد المطر في أراضي بليك.
‘يبدو أنّ العيش بنشاطٍ مفرط لا يلائمني.’
بعدما قضت وقتًا طويلًا في العاصمة المزدحمة المرهقة، شعرت أنّ صدرها ينفتح أخيرًا وهي عائدة إلى الشمال الهادئ.
صحيح أنّ الذهاب إلى المناطق الحدودية قد يرهق المرء بسبب وحوشها، غير أنها لم تكن تقترب منهم، فلا تُعَدّ مشكلة كبيرة.
وحين برزت ملامح قصر بليك في الأفق، ارتسمت على وجهها ابتسامة رضا.
‘سأبقى هنا وحسب. وإن شعرت بالملل، ففي هذه الأرض أيضًا أحياء صاخبة أستطيع الذهاب إليها.’
لم تكن تتوقع أن يزورها الضجر أبدًا، فهي من الناس الذين لا يملّون حتى لو ظلّوا طيلة الوقت في مضاجعهم.
وفوق ذلك، فقد بدأت بيلا تجد لنفسها مكانًا كقديسة، ورافاييل رحل معها إلى الشرق، فليدعوا العالم لهم ليتكفّلوا به كما يشاؤون.
كان قلبها خفيفًا وهي تفكر بذلك.
“أخي، لدي ما أقوله لك.”
عبثت لويسا بأطراف ضفيرتها الجانبية، ثم فتحت شفتيها.
“نعم، ما الأمر؟”
“لا أدري إن كنت سمعت، ولكني أدير مشروعًا للنبيذ… وقد شرعتُ في نقله إلى مقاطعة بليك.”
لم تعرف لماذا انتابها قلق طفيف، لكن الخشية من ردّ فعلٍ قاسٍ جعلت ظلّ الماضي يزحف إلى قدميها.
تلك الأصوات التي كانت تصرخ ساخرَةً منها: امرأة حقيرة، تجهل مقامها، تتظاهر بالذكاء لتقمع من حولها.
فالإنسان مخلوق أنانيّ ومعقّد.
لأنّ الإنسان كائن أنانيّ ومعقّد بطبيعته. ورغم أنها بدت مختلفة عنهم في السابق، فإنّ الخوف من أن يكشف جوهرها الحقيقي ما إن تخطو خطوة واحدة على غير هدى جعل صدرها يضيق فجأة.
وحين كادت أن تختنق ببطء ويتسارع نفسها ويضطرب، وصلها دفء أعادها إلى وعيها.
“حقًّا؟ لقد أحسنتِ التفكير.”
عاد بصرها الموشَّح بالضباب فجأة إلى صفائه.
ارتجفت عينا لويسا قليلًا وهي تلتقي بعيني ديميان الذي بدأ يربّت برفق على رأسها بيده التي كانت قد وضعها عليها.
“إن كان لكِ ما ترغبين فيه فافعليه كما تشائين. فقط لا تحمّلي نفسك ما لا تريدينه.”
كانت لمسته دافئة وحنونة.
مال ديميان قليلًا وهو يبتسم بعينيه، فاختفى البرد الذي كان يتسلل من شقوق باب العربة، ولم يبقَ إلا دفء غامر، ومع ذلك أخذت أنفها يلسعها بغتةً كأنها على وشك البكاء.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 61"