“أجل، يبدو ذلك. كان يمكنه أن يترك الأمر لمن يتولاه، لكن طبعه لا يسمح له. يقول إنه سيتردد بنفسه إلى حين استقرار الأوضاع… غير أني لا أعلم متى سيأتي ذلك الاستقرار.”
كانت في كلامها نبرة شكوى طفيفة، لكن الابتسامة لم تفارق وجه الكونتيسة داليو.
“على ذكر السفن… سمعت أن ثمة خداعًا يجري مؤخرًا باستخدامها في تجارة العبيد. هل بلغك شيء من هذا؟”
فتحت الكونتيسة عينيها دهشة وقالت:
“يا إلهي، أبدًا، هذه أول مرة أسمع بالأمر. أيمكنك أن توضحي أكثر؟”
أجابت لويسا وهي تفكر قليلًا:
“لست على دراية دقيقة، لكن بحكم عملي مع النبيذ أسمع بين الحين والآخر بعض الأخبار. قيل إنهم يكتبون في العقود أصنافًا مختلفة، لكنهم في الحقيقة يحشرون العبيد في الصناديق ويحملونهم على السفن خلسة.”
شهقت الكونتيسة ووضعت يدها على فمها مبهوتة، لكنها ظلت منصتة تنتظر المزيد.
“صحيح أن الأمر وقع في بلد بعيد، لكن تم ضبط بعض الحالات، ولهذا أظن أن الإمبراطورية أيضًا قد تزيد تدقيقها. في الحقيقة، كنت أتردد هل أذكر لك الأمر، خشية أن يكون مجرد كلام يُزعج بلا طائل.”
أطبقت لويسا شفتيها بجدية.
كان الجو ثقيلًا كأن في الكلام ريبة.
لكنها أيقنت أن مثل هذا لن يُهمَل في دوائر التجارة، بل سيُعتبر معلومة بالغة الأهمية.
فقالت الكونتيسة بسرعة، ولوّحت بيدها:
“أبدًا! على العكس تمامًا. بالنسبة لأهل التجارة، حتى الاحتمال الضئيل له وزنه. هذه المعلومة ثمينة جدًّا. شكرًا لأنكِ أخبرتني.”
ابتسمت لويسا بهدوء.
كانت تعلم من أحداث القصة الأصلية أن أسرة داليو ستسقط في هذه المؤامرة المقيتة، وستُتهم ظلمًا بالتورط في تجارة العبيد وتُفقد شرفها حتى إن تبرأت لاحقًا. لذا كانت حريصة على تحذيرهم مسبقًا.
فهي واثقة أن هؤلاء الأذكياء سيفهمون مقصدها، وسيتخذون التدابير لتفادي الكارثة.
‘هكذا سيكسب الجميع.’
فكرت لويسا وهي تبتسم بخفة للكونتيسة التي غمرتها بالامتنان.
وحتى الريح الحارة بدت في تلك اللحظة لطيفة.
***
وأخيرًا حلّ يوم تنصيب القديسة.
فُتحت بوابة الكنيسة الكبرى لتُقام المراسم في الساحة الأمامية إعلانًا لكل أبناء الإمبراطورية.
وكان طوق من فرسان الكنيسة يحيط بالمكان بإحكام، بينما بدا رافاييل في قلب هذا الجمع قائدًا بارزًا لا تخطئه العين.
أما العامة، فمع أنهم قد يرون نبلاء صغارًا بين الحين والآخر، إلا أن مشهد نبلاء عظام وأسرة إمبراطورية كان بالنسبة لهم نادرًا يثير الدهشة.
‘ليت الأمر ينتهي سريعًا…’
تمتمت لويسا في سرّها، مبدية وجهًا خاليًا من الحماس.
وانصبت الأنظار بعد رافاييل على عائلة بليك أيضًا، لكن لويسا لم تلحظ ذلك فقد كان همها كله أن تتخلص من هذه الأجواء المزعجة.
كانت تظن أن المراسم ستُجرى ببساطة داخل الكنيسة، فإذا بها تتحول إلى عرض هائل… وهو أكثر ما تبغضه.
“تشرفت بحضورك.”
رفعت لويسا بصرها قليلًا إلى الصوت العميق أمامها، فرأت هيئة ضخمة تقف في طريقها.
ضاقت عيناها للحظة ثم عادت ملامحها هادئة.
كان رافاييل يلقي التحية على الدوق بليك، ثم تبادل النظرات مع ديميان، وقد بدا واضحًا أن العشرة بينهما توطدت بعد ما مرّا به في الشمال.
‘أترى، هل تقاربا أكثر من اللازم؟ ولهذا يتصرفان كصانعي قِصص حب على حسابي؟’
تساءلت لويسا في نفسها محدقة فيهما بعينين نصف مغمضتين قبل أن تلتقي نظراتها بعيني رافاييل الزرقاوين، ففتحت عينيها كأنها لم تفعل شيئًا.
‘لقد أنهوا التحية، فلينصرف إذن…’
فمهما كانت لا تكترث بالآخرين، إلا أنها لم تكن بليدة إلى حد تجاهل آلاف العيون الموجهة نحوهم.
يكفي أن وجودها بجانب ديميان وحده يثير الانتباه، فكيف ومع رافاييل أيضًا؟
شدّت لويسا طرف كمّ ديميان في إشارة صامتة إلى أن يمضي.
ولحسن الحظ، فهم الإشارة وأخذ بزمام الأمر مع الدوق.
لكن رافاييل إمّا لغباء متعمّد أو لتجاهل متعمد ظل بجانبها يسير بخطى ثابتة.
فهمست له بصوت منخفض أقرب للهمس:
“ألستَ مشغولًا؟”
ورغم ضوضاء الحشود، لم يفُت على رافاييل أن يسمعها. فأجاب ببساطة:
“لا بأس.”
‘لكن أنا من لستُ بخير!’
تمتمت لويسا في نفسها متحسرة وهي تحافظ على وجهها جامدًا وترفض الالتفات نحوه.
رأت أن الأفضل لسلامة عقلها أن تفعل كما اعتادت دومًا، أن تسد أذنيها وتتجاهل ما حولها، وهكذا أسرعت إلى مقعدها.
‘لماذا لا يذهب؟ هيا، ابتعد……’
وبينما كانت بالكاد تسترخي على الكرسي، ظنّت أن رافاييل سيغادر فورًا، غير أنّه بقي واقفًا إلى جوارها.
ربما كان يؤدي واجبه في الحراسة، لكن لماذا بالضبط بجانبها؟
رفعت عينيها نصف مغمضتين إلى البعيد، متجاهلة وجوده بقدر ما استطاعت.
“اللورد رافاييل!”
اخترق أذنيها صوت مرح ينادي اسمه، فدهشت.
أيعقل أنّ هناك امرأة أخرى غيرها تنادي هذا الرجل الجامد؟
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات