“…لقد فحصني. وتحدثتُ معه أمس، وطلبتُ منه أن ينتظر حتى أبلّغك بنفسي.”
“تريدين أن تخبريني أنتِ مباشرة؟”
أومأت برأسها قليلًا.
في الحقيقة، لم يُتح للطبيب أن يرسل تقريرًا بسبب حضورها مباشرة إلى الدوق، لكنها كانت واثقة أنه لو لم تطلب منه ذلك لأرسل الخبر عاجلًا.
“قال الطبيب إن المشد قد يضر الأعضاء الداخلية أحيانًا، وإن شرب الماء المقدس نافع في هذه الحالة. لذا أردتُ أن أسألك إن كان لدينا منه.”
“سأأمر براون أن يضعه في غرفتك.”
جاء رد الدوق سريعًا فور أن أنهت كلامها، حتى بدت لويسا متفاجئة في سرها من سهولة حصولها على شيء ثمين كهذا بمثل هذا السبب البسيط.
“…أشكرك.”
“وهل هذا كل ما لديكِ؟”
ترك الدوق القلم في مكانه، ونظر إليها بترقب.
‘آه… لعل السبب أنه على وشك دخول الاجتماع.’
هزت رأسها نافية وانحنت قليلًا تحية له ثم همّت بالخروج.
لكن صوته المنخفض تردد خلفها:
“لا ترتدي المشد مجددًا أبدًا.”
ولأن هذا هو بالضبط ما كانت ترجو سماعه، ابتسمت لويسا وهي تمشي في الممر.
على باب المكتب، ارتسمت الدهشة على وجهي براون وماري.
***
ابتسمت لويسا برضا وهي تتأمل ما بداخل الصندوق الذي أحضره براون.
كمية كبيرة من الماء المقدس! تكفيها كي لا تقلق بشأنه مدة ثلاثة أو أربعة أشهر على الأقل.
‘في الرواية الأصلية ذُكر فقط أنه يجب شربه باستمرار لمدة نصف عام على الأقل، لكن لم يحددوا كم مرة في الأسبوع… لدي ثلاث عشرة قارورة، سأشرب واحدة الآن ثم أكتفي بواحدة كل أسبوع.’
رغم أن أسبوعاً بين كل جرعة بدا طويلاً، إلا أن الحصول على الماء المقدس لم يكن أمراً يسيراً؛ فالمعبد لا يمنحه إلا مقابل ما يسمونه “تبرعاً” وهي في الحقيقة سرقة صريحة يعادل ثمن بيت كامل.
لذا لم يكن من الحكمة إهداره بلا حساب.
‘المال لا يعرف قيمته إلا من جرب جمعه، ورغم أنني أبدو كنبيلة إلا أن داخلي ما زال كحال عامة الناس، ولا أستطيع التكيف… المعبد هو المشكلة، أولئك الذين يزعمون أنهم يخدمون الحاكم قد تشربوا روح الرأسمالية حتى النخاع.’
لكن ما يقلقها هو ما سيحدث بعد نفاد هذه الكمية.
قال براون إن هذه القوارير هي كل ما تمكن من جمعه من المعبد خلال الفترة الماضية، وهذا وحده يكفي ليدرك المرء كم هو باهظ الثمن… حتى إنها لم تجرؤ على سؤاله عن سعره.
وحين ينفد، لا بد أن أجد وسيلة للحصول على المزيد… ربما لن يكفي الادخار وحده، هل عليّ أن أبدأ بكسب المال؟
شربت لويسا الماء المقدس كما لو كانت تتناول مشروباً مقوياً للطاقة.
كان بلا لون ولا رائحة كالماء العادي، لكن الإحساس بانسيابه في حلقها لم يكن عادياً.
وسرعان ما ظهرت آثاره؛ إذ انزاح الثقل عن جسدها، وشعرت بخفة ونشاط، فيما صار التنفس أسهل والهواء أصفى، حتى إنها وجدت أنه يساوي ثمنه بلا شك.
قالت ماري التي كانت تستلم الصندوق منها:
“آنستي، هل تستطيعين الخروج اليوم؟ لقد وصلتنا رسالة يقول إنه سيقابلك عند الساعة الثانية عشرة.”
“ماذا؟ عليّ الخروج اليوم؟”
“بلى… إنه موعدك مع سمو ولي العهد الأول.”
فاتها أن اليوم هو الموعد المحدد… لقد بدأت أوامر الإمبراطور التي تلزمها بلقاء رافاييل مرتين أسبوعياً منذ أول يوم وكأنها تقيّد حركتها.
“…إنها أوامر إمبراطورية، فصعب أن أعتذر، أليس كذلك؟”
“ربما لو قلتِ إنك متوعكة ولا تستطيعين الخروج، سيتفهم الأمر.”
كان يمكنها ذلك، لكنها خشيت أن تنتشر شائعة تقول إنها بصقت دماً، فامتنعت عن استخدام العذر.
“آه، لا رغبة لي في الخروج…”
ابتسمت ماري بخفة؛ فهذه التنهدات المصحوبة بالتذمر عادة ما تعني موافقة مستترة.
ولويسا رغم شكواها، لم تردّ يوماً طلباً إن جاءها برجاء.
خشيت ماري أن تتراجع سيدتها وتستلقي من جديد، فسارعت إلى التحضير.
“اليوم الجو جميل، ما رأيك بفستان أزرق سماوي؟”
كانت لويسا أشبه بربيع متفتح؛ شعرها البني الفاتح وعيناها البنفسجيتان، وشفاهها الوردية، كلها منحتها مظهراً رقيقاً يخفف من حدّة نظرتها التي ترتفع أطرافها قليلاً.
كان فيها مزيج من الوقار والكبرياء يجعلها تتألق في أي زي ترتديه، ولهذا كانت ماري تحب لحظات تجهيزها للخروج.
“اجعلي الأمر بسيطاً، لن أخرج إلا لتناول الغداء ثم أعود.”
ارتسمت على وجهها علامات النعاس، وما إن بدأت ماري تمشط شعرها الطويل حتى بدا عليها الخمول أكثر.
ولو طال الأمر، لتمدّدت كما تفعل قطة تتمتع بدفء الشمس، لذا أنهت ماري التجهيز بسرعة.
“آنستي، لقد انتهينا!”
كادت لويسا تفرك عينيها النعستين، لكن ماري أمسكت بيديها وألبستها قفازين من الدانتيل، فنهضت لويسا على مضض.
“آه، ما أروع الشعور حين أستغني عن المشد.”
لم تعبس كعادتها، بل أحسّت بالخفة، ربما بسبب الماء المقدس.
دفعتها ماري برفق وهي تقول إن الوقت قد حان، فخرجت من غرفتها.
وهناك أبلغها كبير الخدم:
“آنستي، سمو ولي العهد الأول بانتظارك.”
أومأت باقتضاب، ونزلت الدرج.
وحين خرجت إلى مدخل القصر، وقع بصرها على رجل يرتدي بزة الفرسان المقدسين ذات لون أبيض، واقفاً أمام عربة بنية.
‘وسيم حقاً…’
كان وجه رافاييل يلمع اليوم أيضاً؛ ملامحه المصقولة، وعيناه العميقتان المليئتان بالأسرار، بدتا جمالاً يفوق الواقع.
‘لكن شخصيته الحادة تجعل هذا الجمال أكثر إنسانية.’
ابتسمت له تحيةً، عازمة على الاستمتاع بالمشهد على الأقل.
“سموك، طاب ظهرك.”
“خرجت في استراحة الغداء، سنذهب إلى مطعم قريب.”
لم يرد التحية، بل بدأ بالحديث عن غرضه.
فهو كان يريد إطالة فترة الخطوبة قدر الإمكان أو دفعها هي لطلب فسخها، لذا آثر استفزازها.
‘لعلها تغضب وتنفجر… كانت هادئة يوم الخطوبة على غير العادة، لكن ربما تكشف عن وجهها الحقيقي الآن.’
هو لم يردها أن تتشبث به أو تقترب، فقد كان يصد جميع النساء اللواتي ينجذبن إليه، لكن لويسا كانت مختلفة عنهن جميعاً؛ لم تعترف بمشاعرها صراحة، لكنها لم تكف عن ملاحقته أو محاولة لمس يده عرضاً.
والأسوأ أن ظل والدته الراحلة بجنونها وتعلقها المرضي به بدأ ينعكس في تصرفات لويسا، وهذا ما كان يثير قشعريرته.
“أرجوكِ لا تقتربي مني. حتى النظر إليك على هذا النحو يثير اشمئزازي.”
ظن أنها ستنتفض غضباً كأي سيدة نبيلة يجرح شرفها، لكنها لم تتأثر.
فقد كانت معتادة على ضغوط أكبر من ذلك، وربما كان إصرارها هو ما أوصل الأمور إلى عقد خطوبة بينهما.
‘مرت أسابيع بهدوء بعد تحديد موعد الخطوبة، فظننت أن طباعها تغيّرت… لكن يبدو أنني كنت مخطئاً.’
تأمل رموشها الطويلة التي أضاءتها أشعة الشمس وهي ترفع رأسها نحوه، لكنها ما لبثت أن أنزلت عينيها.
—–
ترجمة : سنو
الحسابات صارت تنحذف من الواتباد ، وإذا مالقيتو حسابي لا تلوموني فهذول الكوريين يحذفونها ، فمنشان هيك تعو تيليجرام عامله جروب انشر فيه الروايات ملفات وإذا انحذف حسابي مراح ارجع له.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات