لستُ مصابة بمرض عضال! [ 17 ]
“نعم، حسنًا…”
هكذا يجب أن تفكر لتشعر بالراحة، فمَن غير نفسك سيكون متساهلًا ويفهم الأمر؟ هذه هي رحمة من نالوا نور الأعماق.
كانت النظرات المتبادلة بينهما كشرر يتطاير بين الجانبين.
بدا عليهما الاستياء تحت القناع، لكن من لم ير وجهيهما، لم يكن سيرى سوى تيار غامض من المشاعر بين رجل وامرأة.
‘هل هناك شيء ما؟’
فالعيش من بعيد يبدو كوميديا، ومن قرب مأساة.
بالنسبة لِـ ديميان، الذي يراقبهما من بعيد، بدا الأمر مجرد تدفق للطاقة الرومانسية، بل وكأنه فائض عنها.
‘جاء هنا منذ أيام قليلة، والآن يقول إنه سيعود؟ ويزعم أنه يفعل ذلك لأن لويسا تريد؟’
مع تلاشي أصوات الحديث المتقطعة، بدأ ديميان يفقد اتزانه ويشعر بالحيرة.
كان يريد التدخل فورًا وسؤال ما الذي حدث بينهما، فالجو بينهما تغير تمامًا عن السابق.
على عكس لويسا التي تعاملت مع رافاييل بلا مبالاة، كان رافاييل يتمسك بها بإصرار، فالتبدّل في الموقف كان مذهلاً.
‘هذا…!’
ديميان الذي كان يراقب الاثنين بخوف من أن يتغير الجو، شعر بفرحة غامرة.
حدسه الحاد قال له:
‘أخيرًا، لقد وقع جلالته في سحر لويسا…!’
ولم يكن يعلم أن هذا مجرد انبهار محدود من شقيقها.
خلال طريق العودة إلى قصر الدوق، لم تغفل لويسا عن لمحة ديميان الذي ابتسم بفخر لها، وشعرت ببعض الانزعاج.
كانت تتوقع أن يسأل عن الأحداث، لكنه اكتفى بالابتسام وتركها تدخل غرفتها بمفردها.
“حسنًا، أفضل من الإزعاج…”
بمجرد أن أكملت مهمتها الأساسية، لم تفارق لويسا التحف الثمينة من يديها نور الأعماق حتى أثناء الغسل، وأقامت ستائر العتمة قبل أن تستلقي على السرير، مع مراقبتها المستمرة لكل ما حولها.
“أريد أن أنام بعمق، لكن لا أستطيع…”
بعيون نصف مغمضة تحدثت بجدية، لأنها قبل لقاء رافاييل غدًا، عليها أولًا توطيد نور الأعماق لنفسها.
“لو لم يكن هناك شرط، لما كنت مستعجلة هكذا. يا له من إزعاج…”
فركت لويسا عينيها النعستين، وأمسكت التحفة بين الإبهام والسبابة وتديرها لتفحصها.
“البطلة في الرواية الأصلية أسرفت في فرك الجوهرة بعد أن ألقت بعض الكلمات… لم أتذكر تلك الكلمات بالضبط.”
بدأ الضوء يتسلل من الجوهرة الشفافة، فاقتربت لويسا من شمعة تلوح في الظلام.
امتد الضوء عبر الجوهرة كقوس قزح، فأخذ يأسر الأبصار ويشعرها وكأنها في قلب الكون حتى نسيت تعبها على الفور.
“واو…”
حدقت في المشهد وعيناها تتسعان لمتابعة تتابع الألوان المتشابكة، ثم لاحظت خطوطًا ضوئية تتجمع لتشكل كلمات:
“لوس، سبيس…؟”
فجأة هبت رياح قوية، وأخذ الضوء يتوحد ويلتف حول التحفة، حتى بدا وكأنه يتغلغل فيها.
أغمضت لويسا عينيها، مستشعرة الرياح والألوان حولها، ومر وقت لم تعرف كم مضى، ثم هدأت الأمور.
“…انتهى؟”
اعتبرت لويسا ذلك إشارة، ففتحت إحدى عينيها بحذر إلى نصفها، ثم خفضت بصرها فجأة عندما شعرت بغرابة في ما تلمسه يدها.
“…….!”
تلألأت بريقات غريبة في عينيها البنفسجيتين، وإذا بالخاتم الذي كان حجره في حجم حبة البازلاء قد استقر فجأة في إصبع يدها اليسرى الوسطى، مرصعًا في وسط حلقة ذهبية.
“واو، هذا جنوني… إنها حقًا… يا إلهي…”
لم تصدق ما تراه، فكانت القوة التي لم تراها إلا في الكتب الآن بين يديها.
بحذر، مدت يدها اليمنى لتفرك الجوهرة الشفافة، فشعرت أن التحفة تتجاوب معها وكأنها تنتظر أوامرها.
تنفست ببطء وابتسمت وهي تقول:
“…الآن أصبحت ملكي بالكامل.”
امتلأ الغرفة بصوتها المفعم بالحماس والانتصار.
***
تنهد رافاييل وهو يحدّق من نافذة العربة إلى قصر دوق بليك البادي للعيان.
‘أن أزور هذا المكان بقدميّ شخصيًا، وفوق ذلك مرتين.’
كان يشعر على نحو غريب وكأنه عالق في دوامة لويسا منذ يوم الخطوبة.
‘في الليلة الماضية، لم يكن من الصعب التعرّف عليها في قاعة المزاد.’
صحيح أنها كانت ترتدي قناعًا، لكن لون شعرها كان أرقّ من أن يُحسب ضمن درجات البني المألوفة، وعيناها البنفسجيتان كعيني زهرة البنفسج كانتا كفيلتين بكشف هويتها.
‘ظننت لوهلة أنها ربما لحقت بي، لكن لم يبدُ الأمر كذلك.’
هو تعرّف عليها من النظرة الأولى، لكن يبدو أنها وهي تغطي رأسها بالقلنسوة لم تميّزه.
ولعل ذلك ما جعله من غير وعي يبادر بالكلام معها.
ومن كان يظن أنها جاءت طمعًا في نور الأعماق لم يكتفِ القدر بجمعهما هناك، بل تبيّن أيضًا أنهما يطمعان في الشيء نفسه.
راودته الشكوك لحظات لكنها سرعان ما تبدّدت؛ فهو لم يبح لأحد بما ينوي شراءه، فكيف لها أن تعلم؟
غير أنّ القطعه الاثريه المحفور عليها نقوش سحرية قديمة جعله مترددًا في التنازل عنه بسهولة، خصوصًا وقد تذكّر منظرها وهي تنزف قبل أيام، فخشي أن يقع لها مكروه.
وفي ومضة من الخاطر، ارتجفت رموشه الطويلة واهتزّت عيناه الزرقاوان كما لو ألقت في بحيرة ساكنة حجرًا صغيرًا قبل أن تستعيدا صلابتهما.
‘…بالطبع، أنا لا أقلق عليها هي، بل على من حولها. كدت أُساء الفهم.’
صحّح فكرته على عجل، وكأنه يبرّر لنفسه.
$إن وقع حادث يهدد الأرواح، فكيف ستُعالج العواقب؟ إنه أمر غير محسوب بالمرة.’
ارتسم خط دقيق بين حاجبيه المستويين.
لم يكن في نيته نقض وعده أو التصرف برعونة، لكنه أراد فقط الاحتفاظ بالقطعة لبضعة أيام ليتأكد من خلوّها من الخطر، ثم يعيدها.
ولم يتوقّع أبدًا أن تستغل ذلك لتفرض شرطًا، إذا رغبت في رؤية القطعة فلتأتِ وتبحث عنها.
‘يا للمصيبة… كان عليّ أن أبتعد، فإذا بي ألتقيها أكثر من قبل! الإمبراطور سيطرب جُمّا إذا وصله الخبر.’
وبينما مرّ بذاكرته وجه الإمبراطور المتغطرس يبتسم شماتة، اكتسى وجه رافاييل ببرود وانعكس في زرقة عينيه شيء من النفور.
لا مجال للتصرف بلا حذر.
ما زال أمامه وقت قبل أن يصير كاردينال، وأي انطباع كاذب بالتقارب قد ينتهي بزواج مفاجئ.
أرخى ظهره المستقيم وأسند ذقنه إلى إطار النافذة يراقب المشهد المتحرك ببطء.
الأزهار المتفتحة وبتلاتها المتساقطة أوحت بأن الجو يفوح بعطرها، لكنه بدا وكأنه جالس في قلب صحراء جافة.
وحين لاح القصر الضخم من بعيد، استعاد جلسته المنتصبة، وتصلّب وجهه بملامح حاسمة.
حتى المبادرة الطفيفة قد تُفسَّر عندها على أنها إشارة.
كان هذا تحذيرًا مسبقًا لنفسه؛ فلو لم يتذكره لكان نزل من العربة وأخذ يرافقها إلى الداخل بطبيعية.
راح يحدّق في لويسا المتقدمة نحو العربة بنظرة حادة مكرّرًا في داخله أنه لا ينبغي أن يبدو وكأنه منقاد وراء شروطها التعسفية.
لكن كلما اقتربت ازدادت وطأة شعور غريب بالذنب وكأنه يضايق امرأة رقيقة.
وعندما التقت عيناه بعينيها البنفسجيتين الصافيتين المشرقتين كربيع زهور البنفسج، أحس بصعوبة بالغة في البقاء على حاله.
‘…لا، هذا لا يليق. كفارس مُكرَّس للحماية، تصرّفي هذا مُهين.’
كانت قبضته على مقبض باب العربة مشدودة حتى برزت عروقه، وارتفع جفناه ببطء.
وأخيرًا، انفتح الباب ونزل رافاييل.
“…!”
لويسا التي كانت تفكر إن كان عليها طرق الباب بعدما تأخر في الخروج، رمقته بعينين متسعتين قليلًا من المفاجأة.
“آنسة بليك.”
“أحييك يا صاحب السمو.”
عند ندائه الرسمي، أمسكت بطرف فستانها وانحنت بخفة.
راقبها وهو يلمح في ملامحها الهادئة شيئًا أقلقه.
كانت كما هي، ومع ذلك شعر أن أجواءها مختلفة اليوم.
‘أكانت دومًا بهذا الاتزان؟ أم أنني أراها اليوم بعين جديدة؟’
—
ترجمة : سنو
الحسابات صارت تنحذف من الواتباد ، وإذا مالقيتو حسابي لا تلوموني فهذول الكوريين يحذفونها ، فمنشان هيك تعو تيليجرام عامله جروب انشر فيه الروايات ملفات وإذا انحذف حسابي مراح ارجع له.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 17"