لستُ مصابة بمرض عضال! [ 15 ]
“لا، يجب الاستمرار في تناول الماء المقدس لفترة حتى نعرف النتيجة. لقد شربتُ منه حتى الآن زجاجتين فقط!”
“لويسا، الماء المقدس ليس دواءً سحريًّا يشفي كل داء. خصوصًا إذا شربته مرة ولم يظهر أثره، فربما من الأفضل أن نبحث عن طريقة أخرى.”
كادت لويسا أن تصرخ ‘ذلك هو دوائي السحري الذي يشفي كل داء!’
لكن ديميان، الذي لا يدرك ما يدور في خاطرها، ظلّ يتوسل بوجه يفيض بالرجاء.
“لهذا السبب يا لويسا، أغمضي عينيك وشربيه هذه المرة. مرة واحدة في اليوم فقط.”
بل وأضاف أنها يجب أن تشربه يوميًّا، مما جعل عبارة الرفض تتكوّر على طرف لسان لويسا.
ورغم انزعاجه من ملامحها المتحفظة وإطباق شفتيها، لم يتراجع عن موقفه.
“ألم تقولي إنك ترغبين في رؤية قاعة المزاد؟ يجب أن ننطلق سريعًا. وإذا وصلنا إلى هناك، سأشتري لك أي شيء تريدينه، مهما كان.”
ولم يكتفِ بذكر موعد المزاد السرّي على أطراف العاصمة، بل أوحى أن عليها شربه حتى ينطلقا، تمامًا كما يساير أحد الوالدين طفلًا يرفض تناول دوائه.
“… ماذا؟ ستشتري لي كل ما أريد؟”
أخيرًا، قالت لويسا ذلك وهي تعقد حاجبيها الرقيقين.
وفي اللحظة نفسها، ارتسمت في عينيها نظرة حادّة جعلت قلب ديميان يهبط فجأة.
“آسف، كنت متسرعًا. أنتِ لست طفلة.”
لكنه أغفل أمرًا واحدًا، أن عدم التصديق والقبول ليسا شيئًا واحدًا.
“لقد قلتَ بنفسك إنك ستشتري لي كل شيء، أليس كذلك؟”
وبلهجة غير راضية، مدّت يدها وأمسكت الكوب قاطعة كلامه.
“آه… آه، نعم.”
أومأ ديميان برأسه وهو لا يزال مذهولًا.
‘من أجل المال… لا بأس بهذا!’
أغمضت لويسا عينيها بإحكام، وتجرّعت السائل الأخضر كما لو كانت تشرب مشروبًا مقويًّا.
“أوه…”
‘اللون الأخضر ليس للطعام أصلًا! ما هذا الطعم الغريب؟’
تقلصت شفتاها من المذاق المائع الذي لا هو لذيذ ولا مرّ بوضوح.
عندها، مدّ ديميان يده بحذر نحو شفتيها.
“أحسنتِ. خذي، هذه حلوى… افتحي فمك.”
وبلا وعي، دخلت الحلوى فمها المفتوح من الدهشة، فانتشر طعم فراولة مطبوخة بالسكر، حلو للغاية.
في لحظة، خفّت مرارة فمها وحدّة قلبها.
‘… ما زال يعاملني كطفلة حتى النهاية.’
في البداية، كان لطفه الزائد يثقل عليها، لكنها حين تذكرت أنه سيتخلى عنها ذات يوم من أجل بطلة القصة الأصلية، شعرت أن كونها هي لويسا أمر جيد على الأقل.
فحتى لو تغيّر، فإنها قد اعتادت عليه ولن يكون هناك ما يجرحها.
‘نعم… من الأفضل ألا يعلم أحد بطبيعتي الخاصة. لا أحد يستحق الثقة. في هذا العالم لا يمكن الاعتماد إلا على الماء المقدس والمال! لكن…’
لماذا إذًا ترتفع زاوية شفتيها رغم شعورها الداخلي البارد؟
‘لا ينبغي أن أعتاد على هذا الدفء، فهو سينتهي يومًا ما…’
لكن الأمر كان أشبه بالقوة القاهرة؛ فطوال حياتها لم يقدّم لها أحد هذه العناية من قبل، لذا كان هذا الاهتمام الحار يذيب قلبها شيئًا فشيئًا.
“تقولين إنك مريضة؟ أنتِ لا تفعلين شيئًا سوى المرض! كأنك شيطان يلتهم المال!”
“هاي! قومي وأحضري الطعام. مريضة؟ أمي قالت أن أجعلك تقومين بذلك، فما هذا الهراء؟! ألا تنهضين فورًا؟!”
مرت في ذهنها على عجل ذكريات حياتها السابقة التي لم ترغب أبدًا في استحضارها.
كانت تكابر وتتجاهل، لكن يكفي أن يناديها أحد باسمها بين الحين والآخر حتى يذوب ما في صدرها من مرارة… ويا له من أمر عبثي.
“سنصبح متأخرين. هيا ننطلق.”
ابتسمت لويسا بلا اكتراث لملامسة يده لأطراف أصابعها.
صحيح أن هذا الاهتمام ليس حقًّا لها، لكن ما المانع؟
ربما لا بأس بأن تحتفظ ببعض الذكريات الجميلة من الحاضر لتؤنسها في وحدتها القادمة، ما دامت لا تزرع في قلبها أي آمال باطلة.
“حسنًا.”
طقطقت الحلوى بين أسنانها، وانتشرت شظاياها الصغيرة في فمها بطعم حلو لاذع.
ومع أنها ليست ممن ينفرون من الحلويات، إلا أن حلاوتها كانت قوية إلى حد وخز لسانها، حتى كادت تخرجها من فمها.
***
بحكم أنّه مزادٌ سري، كان ارتداء الملابس السوداء والأقنعة شرطًا أساسيًّا لإخفاء الهوية.
‘واو… يقولون إنه سري، لكنه فخم للغاية! من يراه يظنّ أننا في حفل تنكري’
تمتمت لويسا وهي تتحسّس القناع النصفي الذي يغطي وجهها تاركًا شفتيها فقط ظاهرتين، ثم وضعت يدها بخفة على ذراع ديميان الممدودة لها.
كان المبنى من الخارج عاديًّا لا يلفت النظر، لكنه من الداخل بدا كعالم آخر، تحفه الفخامة والعظمة، وتملؤه تحفٌ باهظة الثمن تزيد الترقب لما سيُعرض وتمنح المزاد طابعًا راقيًا.
قال ديميان:
“من هنا.”
وقادها إلى مقعد في نهاية الصف الأول تقريبًا.
ورغم أن التذاكر حُجزت على عجل، إلا أن المقعد كان ممتازًا، ما جعلها تدرك مجددًا مدى نفوذ أسرة الدوق.
ترك ديميان مقعدًا فارغًا إلى طرفها، ثم جلس بجانبها.
ألقى نظرة على القاعة ثم ناولها كتيّبًا صغيرًا:
“لويسا، هذه قائمة المعروضات”.
“شكرًا.”
أجابته وهي تتفحص الأوراق التي تضم ترتيب المزاد.
وبينما تتنقل بعينيها بين الأسماء، توقفت عند ما كانت تبحث عنه في منتصف القائمة “نور الأعماق”.
كان يوصف في المزاد بأنه مجرد أثر قديم، لكن الحقيقة أنه خاتم نادر ذو قدرات سحرية استثنائية.
‘كم كنتُ أحسد البطلة في القصة الأصلية وهي تستخدمه… كنت أتمنى أن أسدد به ضربة قاضية لتلك الحثالة’.
بحسب ذاكرتها، كان الخاتم يعمل إذا مسحت صاحبته على جوهرته الشفافة فتحمر فجأة وتطلق شرارة تصعق من تشاء.
لكن لا بد من التجربة للتأكد.
سألها دميان:
“هل أعجبك شيء؟”
“نعم، هذا.”
وأشارت إلى اسم الخاتم.
“أثر سحري؟ حسنًا. وأي شيء آخر؟”
“ممم… أظن أنني سأعرف حين أراهم”.
انتظرت لويسا بلهفة بدء المزاد.
خفتت الأضواء تدريجيًّا، وفي اللحظة نفسها أحسّت بحركة في المقعد الخالي بجوارها.
‘أجل… رافاييل لا بد أنه حضر أيضًا، لكن أين يكون الآن؟’
الشخص الجالس ارتدى قلنسوة، وكان واضح البنية الذكورية.
ألقت لويسا عليه نظرة جانبية، فتذكرت فجأة رافاييل.
الجميع يظنه زاهدًا في الدنيا، لكنه لم يكن خاليًا من الطمع، خصوصًا في الأسلحة النادرة.
في القصة الأصلية، اشترى “نور الأعماق” بعد أن أدرك قيمته الفريدة، وكان ذلك من أبرز الأحداث.
‘غريب… لا أذكر العنوان، لكنني أحفظ تفاصيل الأحداث بدقة… ربما هذه طبيعة من انتقل لروح شخص آخر؟ إن كان الأمر كذلك، فهل يعني هذا أن من بجانبي هو رافاييل فعلًا؟ لو كان الأمر هكذا، فسأصادف الأبطال أينما ذهبت… ممم، فكرة مزعجة’.
ضحكت في سرها من هذه الفكرة، ثم أعادت نظرها للأمام حيث صعد مقدم المزاد المقنّع إلى المنصة.
“أول معروضاتنا اليوم.”
قالها مباشرة دون مقدمات مطوّلة، وهو ما راق للويسا التي هزت رأسها رضا.
فالمقدمين غالبًا ما يضخمون أوصاف المعروضات، وما لم تكن السلعة ضمن ما ترغب فيه، فلن تصغي حقًا، بل ستكتفي بالتفرج.
كانت تركّز بصرها على المعروضات الغريبة وهي تظهر تباعًا.
“ما رأيكِ بهذه؟”
سألها ديميان.
“قلادة؟ أوه… الحجر ضخم جدًّا!”
“أليست خشنة المظهر قليلًا؟”
“لا، بل رائعة. الكبير دائمًا أفضل!”
ابتسم ديميان بخفة:
“إذن، سنركّز على القطع الكبيرة”.
“جيد!”
وبدأ يزايد بحماس وهي تراقبه برضا، لكن الحماس لم يدم طويلًا، إذ كانت الوتيرة بطيئة، فشعرت بالملل وأغمضت عينيها لبرهة.
فجأة، وصلها صوت منخفض من رجل يجلس في زاوية قريبة:
“إن كنتِ متعبة، فما رأيك أن تعودي أدراجك؟”
فتحت عينيها ببطء، ومالت برأسها قليلًا لترى الرجل ذا القلنسوة ينظر إليها مباشرة.
‘ما الأمر؟ ولماذا يبدو وجهه مألوفًا؟’
ثم قال:
“لم أتوقع أن تأتي آنسة مريضة إلى مكان كهذا”.
كان صوته عميقًا مألوفًا، ولهجة كلامه حادة لكن متقنة، وخطّ الفك لديه شديد الشبه بشخص تعرفه… لا شك أنه رافاييل.
‘مستحيل، هل هو فعلًا؟’
لم يخطر ببالها أن تخمينها العابر سيتحقق بهذه السرعة، بل ويجلس بجانبها تحديدًا.
—-
ترجمة : سنو
الحسابات صارت تنحذف من الواتباد ، وإذا مالقيتو حسابي لا تلوموني فهذول الكوريين يحذفونها ، فمنشان هيك تعو تيليجرام عامله جروب انشر فيه الروايات ملفات وإذا انحذف حسابي مراح ارجع له.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 15"