خرجت لويسا من الغرفة وهي تربّت بخفة على ذراع ماري التي كانت تضحك بخجل، ثم أخذت تهبط الدرج بخطوات متأنية وهي تتمتم:
“لا أدري إن كان من الصواب أن يخرج جلالة الإمبراطور إلى هذا الحد كثيراً….”
فأجابت ماري بحماس:
“هذا دليل على أنه يشتاق لرؤية يا آنستي!”
“همم…….”
لم تجد ما تنكر به ذلك. فقد غدت حقيقة واضحة تماماً أن رافاييل يكنّ لها مشاعر في قلبه.
ففي مثل هذه الأوقات المزدحمة، لم يكن مألوفاً أن يخرج الإمبراطور من قصره مرة بعد مرة لمجرد أن يتناول وجبة معها، بينما من هم أقل شأناً منه لا يجدون وقتاً للراحة.
‘أنا أيضاً كان بوسعي أن أزوره بنفسي.’
كان بوسعه أن يستدعيها إلى القصر، لكنه يفضل أن يأتي بصمتٍ بنفسه، وهذا ما جعلها تشعر بإحساس يصعب وصفه.
توقفت لويسا أمام باب قاعة الاستقبال، وعدّلت خصلات شعرها بلا سبب واضح. ولما التقت عينيها بعيني الخادم الذي همّ بفتح الباب، أومأت له برأسها، فانفتح الباب ببطء ليظهر من خلاله ظهر رافاييل المألوف.
“……لويسا.”
التفت رافاييل وقد شعر بوجودها. لم يكن مرتدياً زي الفارس الأبيض المعتاد الذي ألفت أن تراه به، بل حلة فاخرة رسمية.
كان المشهد غريباً في البداية، لكنها بدأت تعتاد عليه.
خلال أيام قليلة وقعت أحداث عظيمة وخطيرة. تبدلت الفصول، وتبدلت السلطة. وما حدث في الكنيسة الكبرى سرعان ما شاع في كل مكان.
إذ كان الحدث عظيماً لا يمكن إخفاؤه، فلم ينكره البلاط الإمبراطوري.
لكن اتقاءً للفتنة، لم يُفصح سوى عن الجزء الذي يقول إن الإمبراطورة وساينف حاولا التآمر على العرش.
وقد انهارت الكنيسة، وتسببت الوحوش التي انفجرت فيه في خراب واسع حوله، مما اضطر رافاييل إلى الاكتفاء بحفل تنصيب مختصر، والانشغال منذ ذلك اليوم بترتيب ما خلفته الكارثة.
ورغم أن عدد الوحوش قد انخفض بشكل ملحوظ، إلا أنها لم تختفِ تماماً، فكان القضاء عليها أولوية قصوى، الأمر الذي أبقى الدوق بليك وديميان في انشغال دائم.
‘أنا الوحيدة التي تبدو فارغة اليدين.’
حتى سيادة الكاردينال بجسده المرهق، كان يبذل جهداً مضنياً لإعادة الكنيسة إلى ما كانت عليه. لكنها لم تستطع أن تفعل مثلهم، فقد أقسمت ألا تغادر القصر لفترة.
ولولا زيارات رافاييل إليها، لبقيت حبيسة غرفتها لا تغادرها البتة.
‘أم أنّي كنت سأخرج يوماً بدافع الحنين إليه؟ صحيح أنّ بقائي وعدم عودتي مع أبي إلى الشمال كان فيه بعض الكسل، لكنه ربما كان أيضاً خوفاً من أن أفقد فرصة لقاء رافاييل… همم.’
شعرت بالحرج من نفسها فاختنق صدرها بسعال خافت. لم تكن إلا خواطر عابرة، لكن وجود رافاييل قربها جعلها أكثر خجلاً.
لمحت بعينيها نحوه، فالتقت بنظراته الدافئة التي كانت تتابعها وكأنها تنتظرها.
قالت بخفة:
“أكاد أشعر أن جلالتك تزور منزلنا أكثر مما يفعل أبي.”
فابتسمت بخجل واقتربت منه. فمدّ يده الكبيرة تلقائياً، لتضع يدها الصغيرة فوقها برقة.
“إن الدوق بليك لم يغب إلا لارتباطه بشؤون في الشمال.”
“صحيح… لكن، هل ثمة أحد في هذه الإمبراطورية أشد انشغالاً من جلالتك؟”
فأجاب وهو ينحني قليلاً بابتسامة في عينيه:
“حين أكون معكِ، لا أشعر بأي انشغال.”
فوجئت لويسا بقربه المفاجئ فحبست أنفاسها بلا وعي، وشعرت بحرارة تسري في أذنيها.
ومع انحدار نظراته شيئاً فشيئاً من عينيها إلى شفتيها، انعكس وجهها المرتبك في زرقة عينيه.
‘هل سيحدث شيء الآن؟ وما هو ذلك الشيء؟’
راحت تسأل نفسها في اضطراب، لكنها تماسكت وظلت تحدق فيه بظاهر الهدوء.
إلا أن تلك اللحظة لم تطل. فقد عاد رافاييل لينظر في عينيها ثم رفع رأسه متثاقلاً، وبدلاً من الجلوس على الأريكة كما اعتادت، مد يده إلى مقبض الباب.
‘هاه؟ أليس من المفترض أن نجلس ونتحدث كما في كل مرة؟’
بدت متفاجئة وهي تتبعه يخرج من القاعة، يعبر الممر، ثم يخطو إلى خارج القصر.
كان ضوء أوائل الخريف يتلألأ أمامها، فغمزت إحدى عينيها قبل أن تضع يدها على جبينها لتقي نفسها، لكنها سرعان ما لاحظت يده التي ما زالت تمسك بيدها، واليد الأخرى التي ظل يرفعها ليظلّل عليها.
ابتسمت رغماً عنها، إذ بدا منظره مضحكاً وهو يمد ذراعه الطويل ليحجب عنها الشمس، حتى وإن لم يكن الأمر متعباً له. كان ذلك الاهتمام البسيط دافئاً بقدر دفء أشعة الشمس.
“إلى أين نحن ذاهبان؟”
“إلى الحديقة الخلفية.”
“آه، لتناول الطعام هناك؟ فكرة لطيفة، فالطقس اليوم جميل.”
“صحيح، الطقس رائع لدرجة لا أريد أن يفوتنا.”
‘يفوتنا؟!’
تساءلت في نفسها.
فالجو كان رائعاً منذ أن زال الشر، كأن السماء تهب لهم بركة متواصلة.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 121"