الفصل الثامن
************
فوجئت كايلا بالوضع المفاجئ، فتقلص جسدها خوفًا من الاقتراب من سايلس.
كانا قريبين لدرجة أن أي حركة قد تجعل أصابعهما تتلاقى.
كانت ممتنة لسايلس لمساعدتها ولتعهده بالصمت أمام جايدن، لكن وقوفه بجانبه جعلها تشعر بالحرج.
فكرت أن تبتعد قبل أن يصبحا متلاصقين.
كما كانت قلقة من تأخر جايدن الذي وعد بالعودة سريعًا.
“سيدي الدوق، سأدخل للبحث عن أخي.”
“انتظري قليلاً. من المستحيل اختراق هذه الحشود الآن.”
نظرت كايلا حولها.
كما قال، كان الناس يتدفقون من القاعة إلى الشرفة كالأمواج.
“آه… حسنًا.”
عضت شفتيها.
لم تفهم لماذا تجمع هؤلاء الناس في الشرفة الضيقة يمرحون.
بين ضجيج الناس، كانت هي وسايلس يغرقان في صمت محرج.
دفعتها الحشود فتعثرت، فأمسك سايلس كتفها بسرعة.
“هل أنتِ بخير؟”
“نعم… شكرًا.”
أفلتها فورًا، لكنهما ظلا واقفين، أذرعهما متلامسة.
تسارع نبض قلبها، الذي كان هادئًا أثناء رقصتهما.
شعرت بحرارة في وجهها، فأخفضت بصرها وعضت شفتها الداخلية.
“لا تنزعجي.”
“ماذا؟”
“لا تفزعي.”
لم تفهم كلامه، فنظرت إليه، لكنه كان يحدق في السماء.
فجأة، دوّت طلقة نارية مدوية. فزعت كايلا وأغمضت عينيها.
“مسدس في قاعة الحفل؟ هل سيُقتل أحد؟”
عادت ذكريات بشعة، فعضت أسنانها.
لم تستطع التفكير.
استمرت الطلقات، فظلت ترتجف بعينين مغلقتين.
فجأة، أمسك أحد يدها.
كانت يدًا كبيرة.
عرفت أنها يد سايلس حتى مع عينيها المغلقتين.
شعرت بالطمأنينة من لمسة يده فقط.
لم تصدق أنها شعرت بالحرج من قربه قبل لحظات.
“كل شيء على ما يرام، افتحي عينيك.”
فتحت كايلا عينيها ببطء بناءً على صوته الهادئ.
لم تكن طلقات نارية، بل ألعاب نارية.
كانت أضواء ساطعة تنفجر في السماء.
حدقت كايلا في الألعاب النارية المتلألئة في السماء.
رغم الدوي المدوي، لم تشعر بالخوف، بل بالسحر والإبهار.
“هل كانت النجوم بهذا التألق عند خلقها؟”
تسارع قلبها مع كل انفجار.
قبل لحظات، كانت في موقف بشع، لكن الآن، بدت الدنيا جميلة.
حتى الرجل ذو الوجه الخالي من التعبير، المستند إلى الشرفة، بدا ساحرًا.
نظرت كايلا إلى سايلس.
جبهته المنتصبة، شعره الأسود المنسدل، عيناه الكسولتان، وفكّه الحاد كلها بدت رائعة.
كان لا يزال ممسكًا بيدها بقوة، رغم ارتدائهما القفازات، شعرت بدفء يده.
نظرت إليه مليًا، ثم رفعت رأسها إلى السماء.
“نبض قلبي المتسارع بسبب الألعاب النارية”،
فكرت وهي تغرق في الأضواء الملونة.
نظر سايلس إلى كايلا وهي تحدق في السماء.
ابتسم بلا حول.
عيناها المتلألئتان كانتا جميلتين بسبب انعكاس الألعاب النارية، لكنه لم يستطع إبعاد عينيه عنها.
لم يتوقع أن تخاف هذه الفتاة الجريئة من دوي الألعاب النارية.
أمسك يدها لتهدئتها، فبدأ وجهها الشاحب يستعيد حيويته.
عندما فتحت عينيها ببطء، رأى فيهما دهشة وتأثرًا لا يوصفان.
كانت عيناها الواسعتان، وجنتاها المحمرتان، جميلتين جدًا.
اضطر للاعتراف أن هذه الفتاة، التي يعتز بها صديقه، كانت جذابة بما يكفي لتهزه.
عندما استعادت يدها الباردة دفئها في يده، أحس أنه لن ينسى هذه اللحظة.
لم يرد إفلات يدها، لكنه تذكر أنها أخت جايدن، وأنها ابنة كونت سنودن.
أفلت يدها ببطء ونظر إليها. التفتت إليه، مبتسمة بلطف. ردّ بابتسامة.
“هكذا يكفي”، فكر.
**************
كانت بينيلوبي معجبة بسايلس.
كان يستمع إليها أكثر من قيادته للحديث.
وهو يحتسي الشمبانيا ويومئ برأسه، بدا كالرجل المثالي الذي طالما تخيلته.
لم يكن مثل الرجال الذين يطمعون في مهرها الكبير أو يمدحون جمالها.
كانت مسافة التحفظ لديه تجذبها.
ربما لأنه صعب المنال، أرادته أكثر.
تخيلت نشوة انتصارها عندما يركع ذلك الرجل البارد أمامها.
لهذا، كرست جهدها لصقل ثقافتها وجمالها.
لكن ظهرت فتاة، ابنة فيلدينغ بالتبني، التي رقصت مع سايلس مرتين قبل وصول بينيلوبي.
كانت نظراته إليها تزعجها.
أرادت أن تعتقد أنها مجرد وهم.
قررت اختباره.
أرادت معرفة رد فعله إذا تُركت تلك الفتاة وحدها.
عندما عادت بعد تعديل مكياجها، رأت جايدن يتحدث إلى خادم ثم يغادر.
أعطت بينيلوبي الخادم عملة ذهبية ليترك تلك الفتاة وحدها في الشرفة.
راقبت سايلس بقلق من بعيد، آملة ألا يهتم بها أو يعرف أين هي.
لكن عندما رأت عينيه تتجهان نحو الشرفة، شعرت كأن دمها يغادر جسدها.
ترك سايلس كأس الشمبانيا وخرج إلى الشرفة.
انتظرت بينيلوبي عودته بقلق، آملة أن يدخل مع تلك الفتاة فقط بدافع الاهتمام بأخت صديقه.
لكنها كانت تعلم أن هذا ليس من طباعه.
كانت مستعدة لقبول أي شيء، طالما لم يتركها في القاعة ليتحدث مع تلك الفتاة بسرية.
لكنه لم يعد، مهما انتظرت.
************
عاد جايدن إلى الشرفة بعد انتهاء الألعاب النارية، ممسكًا بمعطف كايلا وأغراضها، يشق طريقه عبر الحشود المنسحبة.
“هل انتظرتِ طويلاً؟ جاءت برقية من أولاند. أمي أغمي عليها.”
“ماذا؟ أمي؟”
لم تصدق كايلا أن أمها الصحية أغمي عليها.
“أبي في رحلة بعيدة، لذا تواصلوا معي.”
نظر جايدن إلى كايلا وسايلس بثقل.
“يجب أن نذهب الآن.”
أومأ سايلس بجدية.
“يبدو أن علينا ذلك.”
“استغرق تجهيز العربة إلى أولاند بعض الوقت. آسف لتأخيرك، كايلا.”
“لا بأس، أخي. أمي أغمي عليها، هذا لا يهم.”
“كنت أتمنى مشاهدة الألعاب النارية معكِ… لكنها انتهت بالفعل.”
نظر إليها بحسرة.
أطرقت كايلا، وجهها بخجل.
“بالمناسبة، كايلا، أخبرت خادمًا أن يطلب منكِ انتظاري داخل القاعة، هل وصلتك الرسالة؟”
فوجئت كايلا.
لم يأتِ خادم.
ربما لم ترَه.
ماذا لو جاء ورآها مع ذلك الرجل واعتقد أنها في لقاء سري؟
إذا قالت إنها لم تتلقَ شيئًا، وقام جايدن باستجواب الخادم وكشف الحادثة، ستصبح فضيحة.
لم ترغب في ذلك، ولا أن تضع جايدن أو والديها بالتبني في موقف محرج.
“آه… نعم، أخي.”
أومأت كايلا.
بدا جايدن مطمئنًا.
“بفضلك، لم تفوت الألعاب النارية.”
ربت جايدن على ذراع سايلس شاكرًا.
“بالمناسبة، أين شريكتك، الآنسة رودرمير؟”
“لا تهتم بشريكتي، وانطلق سريعًا.”
ردّ سايلس ببرود.
ضحك جايدن بحرج.
بينما كانا يودعان بعضهما، تساءلت كايلا لماذا لم يكن سايلس مع شريكته بينيلوبي.
“لابد أن هناك سببًا”، فكرت، وهي ترى تعبيره الهادئ، فطردت شكوكها.
أومأت كايلا إلى سايلس بدلاً من التحية، مفكرة أنها لن تلتقيه مجددًا، لذا يجب أن تنسى كل شيء.
صوته الحنون، يده الدافئة، قررت نسيانهما.
كانت تعلم أنها، كابنة بالتبني لعائلة فيلدينغ، بعيدة عن شخص أشبه بأشعة الشمس…الدوق سايلس.
حاولت كايلا طرد إحساس دفء يده المتبقي وغادرت مع جايدن.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 8"