146: سوء فهم

 

كان السؤال مفاجئًا، لكنه أثار قلقًا غامضًا جعل كاردييل يميل برأسه.  

 

واصلت يوفيمينا أسئلتها:  

 

“في المرة السابقة، كان عدد تلك العصابة… عشرين؟ ثلاثين؟ أنتَ وصاحب السمو الإمبراطوري قاتلتما نصفهما لكل منكما، أليس كذلك؟”  

 

“…”  

 

“والآن، هل الأمر أصعب من ذلك؟ كم عدد هؤلاء الأشخاص يمكنك مواجهتهم؟”  

 

لم يفهم كاردييل سبب فضولها حول هذا الأمر.  

لكن، مع عينيها الكبيرتين المتلألئتين وهي تنظر إليه، كان من الصعب مقاومة الإجابة.  

 

“حسنًا… من الصعب معرفة ذلك دون تجربة فعلية…”  

 

تردد كاردييل لحظة، ثم قرر الصدق.  

 

حتى لو لم يُرضِ ذلك خيالات أخته، شعر أن قول الحقيقة هو الأفضل.  

 

“كان ذلك حظًا.”  

 

كانت يوفيمينا تعتقد أن كاردييل تصدى لنصف العصابة، لكن الحقيقة لم تكن كذلك.  

 

“لو لم يكن صاحب السمو الإمبراطوري لافانيل موجودًا، لما استطعتُ مواجهة حتى ثلثهم.”  

 

“في الواقع، أصبتُ بجروح خطيرة ذلك اليوم.”  

 

بفضل صمت الجميع، لم تكتشف ليزيلوت الأمر.  

لكن كاردييل ظل طريح الفراش لعشرة أيام بسبب تلك الحادثة.  

 

“لو لم يكن لافانيل موجودًا، لكنتُ أنا من مات يومها.”  

 

كان صوته مريرًا وهو يستعيد تلك الذكرى.  

 

في تلك الفجر، حين حاصرت السيدة دوروثيا وعصابتها العربة…  

 

كان ذلك أول اختبار حقيقي لكاردييل بعد تعلمه فن السيف القتالي من جوزيف. 

 

لكن، كما هو الحال مع الجميع، ليس من السهل إظهار المهارة في أول مواجهة حقيقية. وكذلك كان حال كاردييل.  

 

“بصدق، لو لم يكن لافانيل موجودًا، لما استطعتُ حماية إخوتي ذلك اليوم.”  

 

لم تكن المشكلة في المهارة.  

 

من الناحية الموضوعية، كانت مهاراتهما متقاربة.  

 

لكن الفارق الحاسم بين لافانيل وكاردييل كان الخبرة القتالية.  

 

كان لافانيل يملك خبرة واسعة.  

 

بفضل مرافقته لولي العهد في رحلات الصيد، اكتسب حسًا في التعامل مع لحظات الأزمات.  

 

أو بالأحرى، بشكل أدق…  

 

“كان مدربًا على الحفاظ على رباطة جأشه في خضم المواقف الدامية.”  

 

هذه الخبرة كانت تنقص كاردييل.  

 

مهما تعلم فنون السيف القتالية، لم يكن لديه تجربة إزهاق الأرواح.  

 

نعم، القتل الأول.  

 

في ذلك اليوم، أزهق كاردييل حياة إنسان لأول مرة.  

 

حدث ذلك عندما اخترق أحد الأشخاص الحراسة واقتحم العربة التي كان هو وإخوته فيها.  

 

لم يكن لافانيل في العربة حينها.  

 

ما إن أدرك الوضع، حتى أمسك سيفه وقفز خارج العربة لإنقاذ سيرجي الذي كان في عربة أخرى.  

 

صرخ تشيلسان وأغمض عينيه بقوة.  

 

كانت يوفيمينا ترمش بعينيها كتمثال متجمد.  

 

من غيره يمكنه حماية إخوته؟  

 

في تلك اللحظة، تحركت غريزة كاردييل المكتسبة تلقائيًا.  

 

سحب سيفه كما علمه جوزيف، وهوى به.  

في لحظة، امتلأت العربة بالدم الأحمر.  

 

 

منذ تلك اللحظة، اندفع كاردييل خارج العربة كشيطان متعطش للدماء، مواجهًا العصابة.  

 

في أول تجربة قتالية حقيقية، لم يستطع كاردييل تمييز الصديق من العدو.  

 

“من أعادني إلى رشادي كان لافانيل.”  

 

كان مدينًا كثيرًا لصاحب السمو الإمبراطوري.  

دفع مبلغًا كبيرًا لشراء مرهم، وقاتل معه بلا تردد في لحظة الخطر، وهدأه عندما فقد أعصابه.  

 

كل ذلك بفضله.  

 

“فهمتُ.”  

 

استمعت يوفيمينا لكلامه، ثم ابتسمت ببراءتها المعهودة.  

 

“بالمناسبة، سمعتُ أن صاحب السمو الإمبراطوري كتب رسالة إلى جلالة الإمبراطور. يبدو أنكما أصبحتما صديقين مقربين.”  

 

“آه.”  

 

نعم، كان هناك مثل هذا الأمر.  

 

قبل أيام من امتحان قبول كاردييل في الأكاديمية، بدا لافانيل غارقًا في التفكير.  

 

سأل سيرجي فجأة عن إجراءات القبول في منتصف العام.  

 

“أظهر اهتمامًا بالالتحاق بالأكاديمية.”  

 

قبل أسبوعين، أرسل رسالة عاجلة إلى العاصمة الإمبراطورية.  

 

مؤخرًا، أغلق على نفسه في مكتبة قلعة دايرن، منغمسًا فجأة في الدراسة.  

 

“إذا التحقتُ بالأكاديمية مع صاحب السمو الإمبراطوري، قد يكون ذلك ممتعًا.”  

 

خطر هذا الفكر فجأة. ربما هذا هو شعور امتلاك صديق…  

 

لكن لا، من السابق لأوانه التفكير في هذا. استفاق كاردييل فجأة.  

 

لا يزال هناك الكثير من الأمور التي يجب حلها، ولا ينبغي أن يستسلم للفرح الآن.  

 

“ليس لدي وقت لتكوين صداقات. بالمناسبة، يوفيمينا، ألم تقولي إن لديكِ شيئًا تريدين مناقشته معي ومع تشيلسان؟”  

 

—

 

بطلب من يوفيمينا، اجتمع الأشقاء في اليوم التالي لتناول الشاي، لأول مرة منذ فترة.  

 

في السابق، كان حضور المعلمة إرنستين أو لافانيل يمنعهم من قضاء وقت خاص.  

 

بعد إرسال المربية بعيدًا، طرحت يوفيمينا سؤالها دون مقدمات:  

 

“أخي كار، وتشيلسي، ما قلناه سابقًا، لا يزال ساريًا، أليس كذلك؟”  

 

“ما قلناه؟”  

 

لم يتذكر كاردييل على الفور بسبب الإشارة الغامضة، فسأل.  

 

لحسن الحظ، لم تكن يوفيمينا تنوي طرح ألغاز، فأكملت مباشرة:  

 

“قلتم إن أمي لن تتزوج.”  

 

“آه.”  

 

“قلتم إن خطوبتها مع السير جوزيف مجرد خدعة. لن تتزوج فعليًا، وكل ما علينا هو الانتظار ثلاث سنوات، حتى تصبح أنتَ الدوق، كار.”  

 

“نعم، هذا صحيح.”  

 

“أم… نعم…”  

 

“وأمي وافقت على هذا، أليس كذلك؟”  

 

حسنًا، كانت هناك بعض التعقيدات حول هذا الأمر…  

 

لكن كاردييل لا يزال يؤمن أن ليزيلوت لا يجب أن تتزوج جوزيف.  

 

بالطبع، جوزيف شخص رائع موضوعيًا، ولن يطمع أبدًا في لقب دوق دايرن.  

“لكن هذا أمر منفصل.”  

 

أن يصبح زوج ليزيلوت يعني أن يصبح زوج أمهم.  

 

هذا ما لم يريده كاردييل. لم يكن وجود أب ضروريًا بالنسبة لهم.  

 

بل ربما كان من الأفضل عدم وجوده.  

عبس كاردييل وهو يتذكر والدهم، الذي كان كالشيطان.  

 

“لكن هناك مشكلة.”  

 

عندما أبدى الأخوان موافقتهما، تحول صوت يوفيمينا فجأة إلى نبرة باردة.  

 

“أعتقد أن أمي تسيء فهم شيء ما.”  

 

بوجه خالٍ من الابتسامة، حركت شفتيها ببطء.  

—

 

انزلق القارب السحري بسلاسة عبر كهف بحري مغطى بضباب كثيف يحجب الرؤية تمامًا.  

كم مضى من الوقت؟

  

كان الضباب يبدد إحساس الزمن والمكان، كأنه ينسج تعويذة سحرية.  

 

بعد صمت طويل في قلب هذا الغموض، تمكنا أخيرًا من إرخاء عضلاتنا المتوترة عندما توقف القارب.  

 

كان الضباب لا يزال يعم المنطقة.  

 

لولا المصباح الذي يبدد الضباب قليلًا، لما كنتُ متأكدة من أين أخطو.  

 

كان الأرض متصلة بممر غير مرصوف، مشابه للمكان الذي ركبنا منه القارب.  

 

بعد السير قليلًا على الممر، ظهر من خلال الضباب بوابة ضخمة مشابهة لمدخل الكهف.  

وفقًا لتعليمات الوصية، علقت عصا المصباح التي أحضرتها في المكان المحدد.  

 

عندها استيقظ إرث لاندغريتز من سباته. كان ذلك قبل أيام قليلة.  

 

“همم.”  

 

المشكلة أن حجم الإرث كان أكبر مما توقعتُ.  

خاصة المخطوطات.  

 

“قراءتها كلها ستستغرق شهرًا كاملًا على الأقل.”  

نعم، كنتُ أتخيل كنزًا عظيمًا عندما سمعت عن إرث الإمبراطور الساحر السري، لكن ما وجدته كان مخيبًا للآمال: مكتبة ضخمة في الغالب.  

 

سجلات عصر السحر، وشجرة عائلة الإمبراطور الساحر…  

 

كنتُ آمل على الأقل أن أجد مرهمًا آخر لعلاج عيني سيرجي، لكن النتيجة كانت مخيبة.  

 

فكرتُ، كان يجب أن أدرك ذلك عندما عرض نيرغال مرهمًا مستعملًا في السوق السوداء. 

 

“الآن أفكر في الأمر، هذا مزعج.”  

 

بعد أن باع معظم الأشياء الثمينة في السوق السوداء، يريد الآن توريث كل ما تبقى لي؟  

 

كانت المخطوطات لا تزال تُنقل بعناية إلى العربات.  

 

بسبب هذه المخطوطات، تضاعف حجم فريقنا الذي بدأ صغيرًا.  

 

بالمناسبة، لم يكن هناك الكثير مما يمكن اعتباره كنزًا. ربما عربة واحدة فقط؟  

 

“نيرغال اللعين. كنتُ أعرف أنه استسلم بسهولة زائدة.”  

 

” الدوقة!”  

 

لكن حتى في هذا الوضع، كان هناك شخص واحد يبدو متحمسًا للغاية.  

 

“لقد راجعتُ بعض المخطوطات… إنها مذهلة حقًا!”  

 

نعم، كما يمكن لأي شخص أن يخمن، كان هذا الشخص سيرجي.  

 

“إنها تفوق بكثير مستوى المخطوطات المتعلقة بعصر السحر التي يمتلكها برج الشرف!”  

 

 

─── ･ ｡ﾟ✧: *. ꕥ .* :✧ﾟ. ───