بعد أن انتهى كل شيء، رحل الوالدان إلى قرية ريفية صغيرة في إحدى زوايا مقاطعة راندغريتس.
أما نيرغال، فقد تزوّج من إلذينا، النبيلة المنحدرة من عائلة كونت.
ولم يُرزقا بأطفال بشكل غريب، غير أن ذلك بدا كأمرٍ ستحلّه الأيام.
كل شيء سار على ما يرام، وكأن الأمور كانت تسير وفق ما كُتب لها منذ البداية.
لكن لم يكن هناك مفر من القلق الذي ظلّ يعتمل في زاوية قلبه.
خصوصاً بعد زيارة ليزيلوت الأخيرة، إذ لم يذق نيرغال طعم النوم، وكأنه كان يمسك بشفرة سكين كل ليلة.
«ما العمل؟»
خوفٌ لا يعلم له سبباً كان يظهر له في المنام ويقبض على عنقه.
«كانت أختي تحمل لي الضغينة»
لقد مرّ وقت طويل جداً ليكون فقدانها للقب السبب في تلك الضغينة.
ألم تكن تعيش سعيدة مع أطفالها طوال هذا الوقت؟
«أيعقل أنها تظنني تخلّيت عنها؟»
صحيح أنه عندما أرسلت له رسائل تطلب المساعدة، أو تخبره بفقدانها للجنين، أو حتى رسائل الإجهاض، كان يرد بردود باهتة بلا اهتمام.
لقد ظنّ أنها ربما تسخر منه لأنه لم يُرزق بأطفال حتى الآن.
لكن، هذا لا يعني أنه نبذها!
لقد أوصى دوق داييرن عدة مرات بأن يعتني بها جيداً.
أليس هذا كافياً؟ حتى إن كان الدوق عنيفاً، فهل يتوجب عليه أن يذهب إليه؟ ألن يُعد ذلك تصرفاً بلا تربية؟
لكن…
«كانت أختي تعلم أني أدير صالة قمار.»
فأسرع في بيعها.
من الواضح أن ليزيلوت لا تحب عمله هذا.
«وكانت تعلم بخيانتي… كل ما أردته هو وريث لراندغريتس.»
انفصل عن زوجته إلذينا. لم ينفع تمسكه بها. رحلت وهي تقول إنها لا تستطيع أن تغفر له خيانته.
«أيعقل… أن أختي باتت تعاديني؟»
لا عجب أن القلق كان يعتصر قلبه.
لو سُئل نيرغال: من هو الشخص الوحيد الذي لا يرغب في أن يكون عدواً له طوال حياته؟ لأجاب دون تردد: “أختي.”
«عليّ أن أستعيد علاقتي بها.»
إرث الجد… ليس حتى لقب بارون.
كان بإمكانه أن يتخلى عنه. فالإرث لم يكن المهم الآن، بل كانت هذه فرصة.
فرصة لجذب ليزيلوت، التي كانت قد حاولت معاداة راندغريتس من قبل، إلى جانبه من جديد.
قد يتساءل البعض: لماذا هذا القلق من أخته وهو الآن ربّ راندغريتس؟
إلذينا، زوجته السابقة، قالت له: “تخلّص من ظل أختك، وكن رجلاً يليق بلقب البارون.”
لكن من لا يعرف ليزيلوت فقط من يقول هذا.
من ذاق طعمها مرة، لا يجرؤ على الاستهانة بها.
المشكلة…
«لقد استخدمت جزءاً من تلك الإرثات بالفعل.»
وإن أعادها، فستنهار راندغريتس مجدداً.
كان نيرغال رجلاً تقبّل أنه ليس تاجراً بارعاً.
وفي تلك الأثناء…
زارته امرأة نحيلة بثياب رهبانية.
“أنا لوناويذر إلِن بادِن، بارونة بادِن.”
“…بارونة بادِن؟”
“حصلت على لقبي هذا قبل أيام بتفويض رسمي من الدوقة الوصية داييرن. الرجاء التحلّي باللياقة.”
“…أعتذر.”
داييرن؟ هذا يعني ليزيلوت.
انحنى نيرغال لها احتراماً وأدخلها إلى غرفة الضيوف.
لم يتعرّف إليها من شعرها القصير أو ثيابها الرهبانية، لكن حين تأملها جيداً، رأى لون عينيها، ذات لون عيني فيلهلم يورك بادِن.
لكن، لماذا؟ لماذا تركت حياة الرهبنة؟
الرهبان بعد عصر المجد لم يعودوا يستجاب لهم، فظلوا يعتكفون مع الكتب القديمة.
أن تعيش بتقشّف وتتأمل، أمر يُحتذى به، لكن نادراً ما يعود الرهبان إلى الحياة الدنيا.
ما الأمر الذي دفعها لذلك؟
لكن دون أن يحتاج للسؤال، قدّمت له رسالة سميكة.
“هذه رسالة وتفويض من الدوقة الوصية.”
رسالة من ليزيلوت؟ لم يكن متأكداً إن كان يجوز له قراءتها، لكنه فتحها بشغف.
الرسالة الطويلة تقول إن “فيلهلم يورك بادِن تراكمت عليه ديون قمار كبيرة، وقد قرر أن يقدم جسده عوضاً عنها.” لكنها تضيف: “إن كنت تريد إنقاذ نفسك، فساعدها.”
لا يهم كيف عرفت ليزيلوت ما يحدث لفيلهلم وهي ليست في العاصمة.
ما لفت نظر نيرغال هو التالي:
“إن رفض بارون راندغريتس إطلاق سراح فيلهلم يورك بادِن، فبلّغه هذه الرسالة: مقابل استخدامك لإرثي طوال هذا الوقت، ستدفع الثمن الآن.”
“وحينها، سأضطر لزيارتك بنفسي.”
“…”
كأنها تقرأ أفكاره، وتعرف ما يخافه.
ليزيلوت، لم يكن بمقدور نيرغال، كمجرم عادي، أن يفهمها.
أرسل فوراً من يستدعي فيلهلم، وأحضر كل أوراق ديونه.
استدعى محامي راندغريتس، وكتب إقراراً بأنه سدّد كل ديونه من “إرث” ليزيلوت كارن داييرن.
وحدد أن الإرث المقصود هو ما استخدمه نيرغال حتى الآن فقط.
فمن يضمن العاقبة إن طال ما تبقى من الإرث؟
“فيلهلم يورك بادِن مدمن قمار. إن أطلقته، سيعود إلى القمار.”
لكنه لم يستطع إهانة هذه المرأة. لذا، عامَلها بلطف.
لوناويذر، التي أصبحت بارونة، ابتسمت بمرارة.
“إذا تبادلنا الأدوار، سيُحل الأمر.”
البارون إلى الدير، وابنته البارونة.
هكذا صار الأمر. نيرغال أومأ، ثم أوقفها حين جمعت أوراقها.
“آه، بارونة بادِن، لا أظن لك مكاناً في العاصمة…”
بيت البارون قد بيع، وبيت داييرن احترق ويُعاد بناؤه.
كان يفكر باستضافتها في قصر راندغريتس كلفتة حسن نية نحو ليزيلوت.
لكن ردّها كان بارداً.
“لقد أعدت ليزلوت مكاناً للإقامة. لا داعي لأن تقلق يا بارون.”
وغادرت العاصمة بخطى ثابتة.
شعر نيرغال بالحرج، لكنه نسيها سريعاً، إذ وصله خطاب من ليزيلوت تخبره بأنها ستزور أراضي راندغريتس قريباً.
“يبدو أن الأمر كان سهلاً.”
“سهل؟”
“بلى.”
“همم…”
مع منتصف فبراير، أدركتُ أثر رسالتيْن بعثتهما.
الأولى كانت لنيرغال. طلبت منه إرث راندغريتس.
أوضحتُ له أنه إرث، لا لقب. وكتبتُ:
«لا أريد أن أكون عدوةً لمن أحببتُه يوماً، راندغريتس.»
هذا إقناع، لا تهديد. أما التهديد، فكان في المرحلة الثانية.
ظننت أنه سيتجاهل رسالتي، لذا أعددت أوراق التهديد مسبقاً…
«لم أعد بحاجة لها، الآن.»
نظرتُ إلى الأوراق المكدسة أمامي بحسرة.
رغم أنني لن أستعملها، فقد استغرقتني وقتاً طويلاً.
كنت أعلم أن نيرغال باع صالة القمار. لكن هذا لا يمحو الأدلة.
بل أكثر، دوروثيا زودتني بما يثبت صلته بعالم الجريمة.
وأيضاً، أدلة على الربا الذي أقرضه لفيلهلم. والربا محظور قانوناً.
القانون الإمبراطوري يمنع أخذ فوائد فوق نسبة معينة. يمكن ربطها بالتهرب الضريبي والخيانة.
“علينا حفظ هذه الأدلة جيداً.”
رتّبت أوراق الفساد في صندوق ضخم.
جوزيف، مساعدي، ضحك وهو يرد:
“لا أظن أن السيدة ستحتاجها مجدداً.”
“لا أحد يعلم. نيرغال شخص خبيث. لقد سرق لقبي.”
“أراه أحمقاً أكثر مما تتصورين. أظنه سيجتهد ليكسب ودّك.”
“ها؟ يبدو أنك تعرف نيرغال أكثر مني.”
تضاقت عيناي.
أنا من خسر هدفي في الحياة، فماذا يعرف هو؟
لكنه تابع الحديث بلا اكتراث.
“ربما… لقد شاركتُه الهواء لسنوات عديدة…”
“توقف، إن كنت ستذكر رقم السنوات فاسكت. سأظنّك صديقه.”
“مستحيل. أنا أكره الأغبياء بلا رحمة.”
قالها بجديّة وصمت.
° . • .✦ . ◌ ⋆ ° ✬ • ✫ ⋆。 .° ◌ • .●
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 135"