عندما أحب ليهيلين في الرواية، كان يلصق بها رجاله لمراقبتها ويصدّ من يقتربون منها.
ولم يكن غريباً أن يهدد المعبد أو ينصب الفخاخ ليجلبها إلى قصره، بل وحتى أن يتخلص سراً من بعض الناس في سبيلها.
‘لكنه لم يفعل ذلك معي قط.’
صحيحٌ أنه كان يبالغ في القلق أحياناً، لكنه لم يسعَ إلى حبسها أو تملكها بالقوة.
ثم إن أبي قال أنه حين كان يرى أمي كان قلبه ينبض بشدة حتى أنه لم يستطع أن يتنفس بشكل طبيعي بجوارها. لكن على النقيض، أليس ديونيس دائماً هادئاً أمامي؟
‘لا، هذا ليس صحيحاً.’
فقد كان بين الحين والآخر يحدّق بي بعينين يملؤهما إصرارٌ غريب. لكن في كل مرة كان قلبي هو الذي ينبض أولاً، وأنا من يشيح ببصري بعيداً.
‘آه؟’
ثمة خطأٌ ما هنا.
“انظري هناك.”
قطعت آنا شرود ميلودي وهي تشير إلى الساحة. كانت المباراة النهائية على وشك أن تبدأ.
المتأهلان للنهائي هما فارسٌ من عامة الشعب وعضو ناشئ من فرسان المعبد المقدس.
“لتمجيد مجد إمبراطورية فالكاراس! نعلن اسمي هذين الفارسين! سيف القداسة من أسرة رمانوود، فيديليوس! وفي مواجهته، سفّاح جبهة الجنوب، جيريك!”
ما إن دوّت الأسماء حتى امتلأت الساحة بهتافات وصيحات استهجان متداخلة.
“لا أظن أنه هو نفسه طلب أن يُلقب بالسفاح، أليس كذلك؟”
ضحكت آنا وهي تشير إلى الفارس العامي.
“لكن……أليس هو من تلقى علاجاً من ميلودي من قبل؟”
بالفعل، كان وجهه مألوفاً. ذاك الذي جرحت ساقه وتلقّى علاجها.
“قيل أن من يصل إلى النهائيات بلا معلم نادر الوجود. لا بد أن قوته هائلة.”
“لو فاز، ربما يذكرنا أمام الناس، هكذا: أوجّه شكري لمن أنقذوني وعالجوني.”
“مستحيل.”
في تلك اللحظة ظهر حرسٌ على أسوار القصر ورفعوا عالياً راية الشمس الذهبية، رمز الإمبراطور. فارتجت أصوات الجماهير فيما ارتقى الإمبراطور والكاهن الأكبر المنصة.
كان الإمبراطور نادراً ما يحضر المناسبات الرسمية، لذا هتف الناس باسم الإمبراطورية بحماس.
“فالكاراس! فالكاراس!”
وما إن جلس الإمبراطور وأشار بيده حتى بدأ طقس النور، حيث تلا الكهنة التعاويذ.
ثم ارتفعت من أطراف أصابعهم أنوارٌ ذهبية صعدت إلى السماء في مشهد مهيب.
لكن بينما كان الجميع مبهورين، غشّى القلق وجه آنا. و رمقت ميلودي بتوتر. فبعد انتهاء الطقس، كان عليها أن تصعد إلى المنصة.
ربّتت ميلودي على يدها مبتسمة.
“لا تقلقي، قلت لكِ لن أموت.”
“لكن……لا أستطيع إلا أن أقلق. ماذا لو حدث خطأٌ ما؟”
نظرت ميلودي إلى الخاتم في إصبعها. كان أداةً سحرية صُنعت خصيصاً في الليلة الماضية.
“قال الدوق أنه سيجهز العلاج، وبعدها عليّ أن أدخل السجن.”
“هذا لا يبعث على الاطمئنان أبداً.”
“يمكنني محاولة الهرب من السجن، لكن الأمر ليس سهلاً.”
“ألا يمكنكِ فقط أن تقولي أن شيئاً لن يحدث؟”
رفعت ميلودي طرف شفتيها لتواسي آنا التي أوشكت على البكاء.
“اطمئني. لن يحدث شيء.”
عندها، وفيما الجميع يحبس أنفاسه، تقدم كاهنٌ إلى الأمام.
وبينما كان أونيون يرفع تعاويذه، بدأت حروفٌ واضحة تُرسم على ستار الضوء.
[اليوم، سينال الصادق الخلاص في النور، أما الكاذب فسوف يُوسَم بالختم الأحمر، ولن يتأخر الحكم في اللحاق به.]
قطبت ميلودي جبينها. يا لها من تعاويذ ملائمة أكثر مما ينبغي.
لا يمكن أن تكون حقيقية، بل مختلقةً لإسقاطها.
غير أن الغريب أن الكاهن الأكبر والكهنة ظهروا بوجوهٍ مرتبكة.
“الأجواء غريبة.”
“حقاً……هي كذلك.”
وحده ديونيس، الجالس بجوار الإمبراطور، ظل هادئاً وهو يحدّق في التعاويذ. ثم ما إن التقت عيناه بعينيها حتى ابتسم بخفة.
“ميلودي.”
نادتها آنا بلهفة، وحين استدارت رأت فرسان القصر واقفين كأنهم جاؤوا ليقتادوها. فقبضت آنا على يدها بقوة.
“تفضلي معنا.”
كانوا يتعاملون معها بالفعل كما لو كانت مجرمة.
“سأعود حالاً.”
أخذت ميلودي نفساً عميقاً ونهضت. فحدّقت آنا بها بنظراتٍ قلقة ثم أومأت على مضض.
وبينما كان بعض الناس يتابعونها بفضول، سارت إلى خلف المنصة، وهناك أبصرت ديونيس فتوقفت.
“لمَ تقفين هناك؟ هيا اصعدي.”
أمسك أحد الجنود بذراعها ليحثها، لكن……
“أبعد يدكَ.”
جاء صوت ديونيس بارداً كالجليد حتى أنه أرعب الجندي، فخفض رأسه صامتاً. أما ميلودي نفسها فكادت تختنق من وطأة حضوره.
“من هنا، أنا من سيرافقها.”
“……أمر سيدي.”
تراجع الجنود فوراً. ثم مدّ ديونيس يده كما لو كان يرافقها، واقترب من أذنها ليهمس،
“سأكون خلفكِ.”
كانت كلماتاً عادية، لكنها منحت ميلودي شعوراً بالطمأنينة، فأومأت برأسها.
غير أن خطاهما لم تكد تمضي بضع خطواتٍ حتى توقفت، إذ كان رايون يسير قلقاً جيئةً وذهاباً أمام المنصة. وما إن رآها حتى اندفع نحوها بخطواتٍ مسرعة.
“حتى التعاويذ! لم أتوقع أن تكبر الأمور إلى هذا الحد. تباً، لماذا أقدمتِ على فعلٍ متهور كهذا؟”
“اهدأ يا سمو الأمير.”
“أتظنين أنني أستطيع؟ إن أخفقتِ اليوم فلن تنجي من العقاب. قد تفقدين حياتكِ!”
عض على شفتيه بتوتر ثم تابع بصوتٍ متقطع،
“قولي الآن أنكِ ستتراجعين. إن فعلتِ فأنا سوف—”
“ألديكَ نية في معارضة جلالة الإمبراطور؟”
قاطعت ديونيس، فحدّق رايون به متفاجئاً وعيناه متسعتان.
“أي معارضةٍ تعني؟ ما شأن جلالته بهذا كله؟”
“يبدو أن جلالته لم يخبر سموك. بعد انتهاء الأمر، وعد المعبد بدعم وراثتكَ للعرش.”
“المعبد؟ ولماذا فجأة؟”
“اسمع ذلك بنفسكَ من فم جلالته.”
ارتجف بريق عيني رايون. فلم يُخبر الإمبراطور بعد بأن مصدر الداء هو حجر الشفق الأزرق.
في معالجة الأوبئة كانت المصلحة مضمونة، أما هذه المرة فالأمر مختلف. قد ينقلب عليه خطيراً.
ومن أجل حفنةٍ من صنّاع الأدوات السحرية، فلن يجازف بالعداء الكامل مع المعبد.
“أليس من الطبيعي أن يختارني المعبد؟ من غيري يليق أن يصير إمبراطوراً؟”
ضحك بتهكم، ثم ألقى نظرةً عابرة نحو ميلودي.
“هل أنتِ واثقةٌ بنفسكِ؟ أعني بشأن ما سيجري اليوم.”
ورغم ابتسامته المتعجرفة، إلا أن صوته بدا متوسلاً، فأدهشها ذلك.
“لو كنت أظن أن الأمر سيفشل، لما بدأتُ به من الأصل.”
ظل وجهه عابساً وهو يمرر أصابعه بين شعره المرتب، فتبعثرت خصلاته الأنيقة. لكن لم يكن لديه متسعٌ ليراعي ذلك الآن.
التفتت ميلودي نحو الاثنين ورفعت ابتسامتها.
“سأعود قريباً.”
ثم صعدت بخطواتٍ بطيئة إلى المنصة.
كان الكاهن الأكبر ممسكاً بكأس الشاي، و حدّق فيها بعينين محمرتين قبل أن ينهض بثقله.
“لقد أمر المعبد بالحكم، فلا رحمة لكِ. لكن إن اعترفتِ بخطاياكِ الآن، قد أنقذ حياة صانعي الأدوات السحرية الآخرين.”
“أتطلب مني، وأنتَ وكيل المعبد، أن أنطق بالكذب؟”
“ماذا قلتِ؟”
“كيف أعترف بجرمٍ لم أرتكبه؟”
“تبدين واثقةً أكثر مما ينبغي.”
“لأنني على حق.”
لم ترتجف كما توقعت. يبدو أنها وُلدت لتقف على المسرح.
ثم تقدمت نحو المقدمة فانهالت عليها العيون من كل صوبٍ كسيل جارف.
“هنا والآن سنكشف المجرم الذي سمّم المياه وأزهق أرواح المئات. وكما أوصى المعبد، الصادق ينال الخلاص، والكاذب يُدمغ باللعنة.”
بإشارةٍ من الكاهن الأكبر، دخل الكهنة حاملين أداةً سحرية مملوءةً بالماء. وقد أُذيب فيها من حجر الشفق الأزرق ما جعله يلمع بزرقةٍ خفيفة بدل أن يبقى صافياً.
—”الموت للكاذب.”
تمتمت ميلودي بصيغة الرون السحري ثم شربت الماء دفعةً واحدة. وكان سيريل يرمقها من بعيد بابتسامةٍ ساخرة ملأت وجهه.
____________________________
شربته صدق……طيب اظن النفي اسرع حل وتزوجوا ورا الحاجز والحظور وحوش راضيه ولا ذا العنا 🥰
صح لحظة قبل النهايه لازم ابوها يطلع ويعرفون العالم انها نبيلة ونعرف امها بعد
بس طبعا ذي مب النهايه ديونيس قلبو جاي ينقذ بنتي زوجته حبيبته 🤏🏻
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
الروايه تحفه وتعليقات المترجمه زادتها حلاوة 😂🩶🩶