“ما دمتم قد جئتم إلى هنا، فلن تأتي هي مطلقًا. الأفضل أن تحطّم آمالكِ الفارغة.”
حتى لولا وصيّة ديونيس بألّا يترك ميلودي تواجه الكهنة، لم يكن رايون ليدع صانعي الأدوات السحرية يقفون في وجه رجال المعبد.
أليس هؤلاء أنفسهم الذين حاولوا قتل ميلودي؟
و ما إن سمعت ليهيلين ذلك حتى أظلمت ملامحها فجأة.
“لا….لا يمكن….يجب أن أراها. لم أعد قادرةً على الاحتمال.…”
كان ارتباكها غامضاً، فازدادت التجاعيد بين حاجبي رايون.
“سمو الأمير، أعذرني، ولكن…..أيمكن أن توصل هذا إلى الآنسة ميلودي؟”
تفحّصت المكان من حولها، ثم أخرجت من تحت ثوبها قارورةً صغيرة ومدّتها أمامه.
“أرجوكَ….أتوسل إليكَ…..ليس هناك أحدٌ أثق به سواها.”
طلبت من ولي العهد مباشرة؟ يا لها من وقاحة!
كاد رايون يثور، غير أنّ النظرة المفعمة باليأس في عينيها جعلته، رغم امتعاضه، يمد يده ويأخذ القارورة.
ثم استدارت ليهيلين عائدةً إلى الكهنة، وظلت تكرر انحناءها مرارًا في تضرع غريب قبل أن ترحل.
“امرأة عجيبة حقًا.”
رفع رايون القارورة يتأملها. و كان بداخل الماء الشفاف ما يشبه حبيبات صغيرة زرقاء تلمع.
فسأله مستشاره الذي كان يتابع المشهد عن قرب.
“ما هذا؟”
“قمامة تركتها الكاهنة. قالت أن أوصلها إلى ميلودي.”
“هل يمكن أن يكون…..ماءً مقدسًا؟”
“يا له من شيء مشؤوم. تخلص منه.”
ناول رايون القارورة لمستشاره ثم عاد إلى مكانه ليواصل توزيع الدواء.
لكن فجأة وقع أمرٌ غير متوقع.
“أ….أنقذوني.…!”
كان هناك رجلٌ يرتدي بطانية بالية، يترنّح، ثم ينهار على الأرض.
“ماذا…..ماذا يحدث؟ لقد تناول لتوّه الدواء من يد الكاهن!”
صرخت شابة خرجت من عربة المعبد خلفه وهي تهزّه في ذعر. و كان جسده كله يرتجف وهو يقبض بعنف على البطانية.
“لقد…..أخذتُ الدواء وتلقيت القوة المقدسة فقط…..آه….جسدي، جسدي.…!”
لم يستطع إتمام كلماته قبل أن يسقط تمامًا. و سرعان ما غمر العرق البارد جسده، وتفجّرت بقعٌ حمراء على جلده.
فعمّ السكون بين الناس، ثم سرعان ما دوّى الهلع بينهم.
“داء التحجّر ينتشر بهذه السرعة؟!”
“حرارته تحترق! أسرعوا، نادوا الكاهن!”
أحد الكهنة هرع إليه مسرعًا، ممسكًا به.
“سأستخدم القوة المقدسة، اصمد قليلًا..…”
“لا! أعطوه الدواء! تهدئة داء التحجّر أولًا هي الأهم!”
صرخ كاهنٌ آخر محاولًا منعه. ثم حاولوا إطعام الرجل الدواء. لكن وسط عذابه، رفضه بصرامة وهو يتلوّى.
“أعطوني دواء ولي العهد..…! هذا ليس بدواء! حين تناولت دواءه شُفيت حقًّا..…!”
تشنّج وجه الكاهن غضبًا.
“صحيح، لم يحدث ولو مرةً واحدة أن سبّب دواء الأمير أي رد فعل غريب!”
“لم أستغرب حين رأيت أن دواء المعبد عكر اللون!”
ارتفعت أصوات الناس أكثر وأكثر. عندها ظهر رايون، شاقًّا طريقه بينهم.
“المرض اشتدّ عليه. فالبقع واضحة، وأطرافه متصلبة.”
“هـ….هه….سمو الأمير…..”
“اشرب هذا.”
ناول رايون الرجل قنينة دوائه، فشربها بشراهة. ثم غشى السكينة ملامحه، وبدأت البقع الحمراء تخفت قليلًا.
فعاد الناس يهتفون باسم ولي العهد من جديد. بينما ارتسمت على شفتي رايون ابتسامةٌ متعالية وهو يرمق الكهنة من الأعلا.
“الآن، أتعرفون من الذي يرعاكم حقًّا؟”
***
وفي تلك الأثناء، حين عادت ميلودي أخيرًا إلى قصر الدوق، استقبلها الجنود بحفاوة وهي تدخل إلى معملها.
لكنها فوجئت أن المكان الذي ألفته لم يعد كما كان.
“هل تخدعني عيناي؟ لماذا يبدو المعمل أوسع هكذا؟”
فضحكت آنا بجانبها وأجابت،
“ظنّ الدوق أنكِ ستشعرين بالضيق بعد العمل طويلًا في المستودع، فأمر بفتح الغرفة المجاورة.”
“وكم غرفة ضُمّت إليها؟”
“غرفتان. لا، بل ثلاث على ما أظن.”
“أليس هذا واسعًا أكثر من اللازم عليّ وحدي؟”
“لذلك غيّر لكِ منضدة العمل والسرير أيضًا إلى حجم أكبر.”
أخذت ميلودي تتأمل الغرفة التي غدت أقرب إلى جناح نبيل فاخر.
السرير الذي كان موضوعًا في زاوية المعمل صار الآن في وسط الغرفة بكل امتداد. وفي مكان الجدار الفاصل وُضع بابٌ داخلي، أما أمتعتها التي كانت في السكن الملحق فقد نُقلت جميعها إلى هنا.
كانت قد سمعت أن المبيت في المبنى الرئيسي مسموح به لأفراد العائلة المباشرة فقط. فشعرت بنبضٍ غامض في صدرها، لكنها أقنعت نفسها أن الأمر مجرد تدبير لراحتها أثناء العمل، فقررت ألّا تغوص في التفكير أكثر.
و لم تمضِ مدة طويلة على عودتها إلى المعمل حتى زارها ديونيس.
“سمعت أنكِ عدتِ.”
وبعد تبادل تحية وبعض كلمات قليلة، أخرجت ميلودي من بين يديها الظرف الذهبي وقدّمته له.
وما إن وقعت عيناه على بطاقة الدعوة حتى تجمّدت ملامحه بوضوح.
“هل تنوين حضور حفل تأسيس المملكة؟”
“نعم. أعتقد أن مجرد ظهوري هناك سيعود بالنفع على سمعة صانعي الأدوات السحرية.”
كانت تأسف لعدم قدرتهم على الذهاب معًا، لكنها رغبت أن تساعده على طريقتها الخاصة.
فضرب بأطراف أصابعه على الطاولة طرقات خفيفة، ثم خرج منه جواب لم تتوقعه،
“أنا أعارض.”
“…..ولماذا؟”
لم يكن ديونيس ليتفوّه بكلمة كهذه دون سبب.
ثم أشار إلى الكلمات المكتوبة “حفل تأسيس المملكة”.
“من سيحضرون إلى هناك لن يكونوا ودودين معكِ. فالنبلاء على العموم مولعون بالمعبد، ولن يسرّكِ أن تصبحي حديث مجالسهم.”
لم يكن اعتراضه أن ميلودي لا يحق لها الحضور لأنها عامية أو لأنها صانعة أدوات سحرية منبوذة، بل كان قلقًا عليها.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 85"