ثم هز رايون رأسه لينفض عن نفسه بعض الأفكار السخيفة فور رؤيته لميلودي السخيفة وهو يتمتم،
“مستحيل..….”
في تلك اللحظة، اقتربت عجوزٌ من ميلودي وقد بدت وكأنها تعرفها.
“أوه، أليست هذه المخترعة؟”
“أنا صانعة أدوات سحرية، جدتي.”
“هش! إياكِ أن تقولي ذلك حتى مازحة. الناس يقولون أنهم ينشرون الأمراض!”
“لا تقلقي. لقد جئتُ بالدواء.”
“الدواء؟”
“دواءٌ مصنوع بالأدوات السحرية.”
سمع رايون الحديث فتدخّل بدهشة.
“أهذا…..دواءٌ مصنوع بتلك الآلات الغريبة؟!”
“نعم.”
ثم علا صوت العجوز المندهشة، فالتفتت أنظار الناس جميعًا.
“قالت أنه دواءٌ من أدوات سحرية!”
“لماذا يستعمل ولي العهد مثل هذه الخزعبلات..…؟”
“هل جرّبه بنفسه حتى؟”
“إذاً قد يُصاب بالمرض من جديد، أليس كذلك؟”
ارتسمت الصدمة على كل الوجوه. و كان واضحًا أنهم لم يصدقوا أن ولي العهد نفسه قد أقدم على ذلك.
لكن—
“لكن حمى ابنتي قد انخفضت. والطفح الأحمر تراجع كثيرًا أيضًا.”
كلمات المرأة الحاملة لطفلتها غيّرت الجو العام.
“صحيح…..جسدي أيضًا تحسّن كثيرًا.”
ثم قال الرجل بجوارها مؤيدًا.
“وأنا كذلك…..”
“دواءٌ ومرض في آن واحد؟ لم أعد أفهم شيئًا.”
ظل الارتباك يخيّم على الناس، لكن الحقيقة الوحيدة التي ثبتت أمام أعينهم أن العلاج يؤتي ثماره.
ومن ثم بدأت الأخبار عن فعالية الأدوات السحرية تنتشر بينهم.
في هذه الأثناء، كان رايون يتأمل صانعي الأدوات السحرية وهم ينقلون الدواء بوجوه منهكة، يواصلون عملهم بصمت.
“هل سيكون الأمر على ما يرام هكذا؟”
“بمَ تعني يا سموك؟”
“أنا وحدي من يواجه الناس. لا أحد يعرف أصل هذه الأدوية أو من يصنعها.”
تبادل الصانعون النظرات فيما بينهم ثم ابتسموا وهزّوا رؤوسهم.
“لم نشعر في حياتنا بمثل هذا الفخر.”
“أن ننقذ الأرواح بأدوات سحرية…..من كان يتصور ذلك؟”
“وفوق ذلك، لقد نلنا أقوى سند. أنتَ يا سموك ولي العهد أصبحتَ راعينا!”
غير أن ذلك التقدير البريء شدّد ملامح رايون فجأة.
فالتفتت إليه ميلودي وقد لاحظت تصلبه،
“سيكون جميلًا لو اعترفوا بنا بفضلكَ، لكن يكفي الآن أننا أنقذنا أرواحًا. إن واصلنا المضي خطوةً خطوة، فلا بد أن يأتي اليوم الذي يدركون فيه الحقيقة.”
عندها أفاق رايون، لكنه أنكر بحزم،
“لا. هناك دائمًا من يغضّ الطرف مهما فعلت. لن يلتفتوا إليكم إلا إن وقفتم أمامهم وفرضتم نفسكم بالقوة.”
ولم تمضِ أيامٌ قليلة حتى تصدّرت خطوات رايون الصفحة الأولى من جريدة القصر،
[صاحب السمو ولي العهد رايون يظهر في حي الفقراء حاملاً دواءً مصنوعًا بالأدوات السحرية، فينقذ الأرواح!]
[وصانعو ذلك الدواء ليسوا سوى…..صانعي الأدوات السحرية المطرودين!]
***
“ماذا قلتَ الآن؟!”
في قاعة المعبد دوّى صوت سيريل صارمًا كحدّ السيف، بينما انكمش ركن من الكتاب المقدس بين قبضته المرتجفة.
“صاحب السمو ولي العهد…..قد تدخّل بنفسه لعلاج داء التحجّر. والأسوأ من ذلك، أنه استخدم الأدوات السحرية.”
ما إن انتهى الكاهن من كلامه حتى خيّم على الغرفة صمتٌ خانق.
فرفع سيريل رأسه ببطء، يحدّق أولًا في تمثال المعبد بصمت، ثم حوّل بصره إلى ثوب الكهنوت المعلّق على الجدار.
“وارث دماء العرش…..يعالج المرض بأداة تُحاكي القداسة؟”
ارتعشت أصابعه وهي تقبض على الكتاب.
“لكنه فعلها من أجل الشعب فقط..…”
“لا تخدع نفسكَ.”
قاطع الكاهن الأكبر كلامه بصرامة.
“إنقاذ الأرواح بواسطة الأدوات السحرية يعني أن الخلاص قد يأتي من غير المعبد ذاته.”
أغمض سيريل عينيه واستنشق نفسًا عميقًا، وصدى أنفاسه الهادئة تردّد في السكون. ثم استدعى بينديكت على الفور.
“ما رأيك، أن نوجّه إليهم تهمة صنع الأدوات السحرية واستعمالها في السر؟”
هز بينديكت رأسه نافيًا.
“لقد صنعوها من أجل الفقراء. لا يمكن اعتبار ذلك فعلًا شخصيًا، وإن فعلنا فسيضر بسمعة المعبد أكثر.”
فقطّب سيريل حاجبيه وغاصت أسنانه في شدقيه، ثم التفت إلى الكاهن القريب منه وسأله بخفة،
“من أين انبثقت تلك الأدوات السحرية؟”
“صنعتها جماعة من صانعي الأدوات السحرية الذين كانوا تابعين للمعبد. وبينهم امرأةٌ تُدعى ميلودي، شاركت سابقًا في الحملة.”
“ميلودي؟”
ارتفع صوته حادًا.
“أليست تلك التي كانت معنا في الحملة واتهمناها؟!”
“نعم، يا قداستك. يبدو أنها هي من جمعت حولها الآخرين وبدأت هذه الحركة.”
منذ أول لقاء بها كان يشعر في داخله بشيء نافِر منها.
“تجرأت يومًا وقالت أن قوة القداسة يمكن للإنسان أن يستعملها باعتدال.”
مع كلمات بينديكت، زفر سيريل تنهيدةً ثقيلة وراح ينقر بأصابعه فوق الكتاب المقدس.
“حينها…..عندما استدعت المياه لتصد الوحش…..كان عليّ أن أقضي على بذرتها في مهدها. كنت أظنها مجرد نزوة، لكن تركها كان خطأً.”
لم يكن ذلك مجرد استخدام أداة، بل تحديًا لجوهر القداسة نفسها.
لطالما حذّر المعبد من الفوضى بين التقنية والقدسية. وسيريل يعرف تمام المعرفة أي نتائج وخيمة جلبها أمثالها في الماضي.
كان ينبغي تصفية الأمر قبل أن تنتهي الحملة. لكن الدوق ديونيس أحبط كل التدابير.
‘ظننت أنه فقط اغتُرّ بالمرأة.’
لم يكن موقفًا يليق برجل في مكانته، إلا أن ذلك أثبت أيضًا أن ميلودي لم تكن مجرد صانعة عادية.
“ببنديكت.”
ناداه سيريل بنبرة خفيّة وهو يربت بأصابعه على صفحات الكتاب.
“راقب تلك المرأة، ميلودي. لا بد أن للدوق سببًا وجيهًا لاختياره إياها.”
“أمركَ، سأرسل من يتعقب خطواتها بدقة.”
“وعلى كل من يعلم بشأن الوباء أن يُخرس صوته. يجب ألا يعرف أحدٌ، أبدًا، أن للمعبد يدًا في الأمر.”
“سأنفذ الأمر حالًا، يا قداستكَ.”
أجاب بينديكت، ثم كأنه تذكّر أمرًا فسأل،
“لكن…..أولئك الصنّاع الذين احتُجزوا بتهمة صناعة الأدوات السحرية القاتلة، كيف نتصرّف بشأنهم..…؟”
“سأتولى أمرهم بنفسي.”
قاطع سيريل كلامه قبل أن يُكمله.
“اعتبر الأمر منتهيًا، والآن انصرف.”
قال ذلك بعجلة وهو يعضّ على شفته بقلق ظاهر. فخرج بينديكت، وأغلق سيريل الكتاب المقدس ونهض واقفًا.
لقد كان مضطربًا. صحيحٌ أنه أغلق قسم صناعة الأدوات السحرية بجرأة، لكنه في النهاية عصى وصية القديس، ولا يدري كيف سيرتدّ ذلك عليه.
و كان يشعر وكأن في صدره قنبلةً لا يعرف متى ستنفجر.
لقد أجبر بعض الصناع على تنفيذ ما يطلبه القديس، لكنهم لم يكونوا كافين على الإطلاق.
فأغمض عينيه أمام تمثال المعبد وتمتم،
“يا الهي، ارحم هذا الشخص الضعيف.”
***
في فجر ساكن لا أثر فيه لنفسٍ بشري، اجتاز أهفين البوابة الحديدية السميكة وتوغّل في أقبية المكتبة السوداء الغارقة في الظلمة.
ثم عند أطراف أصابعه أضاءت ومضةٌ باهتة. و تحتها كان يرقد دفترٌ يدوّن أوضاع المستوصف.
معظم سجلات الحملة الأخيرة بدت مشوّهةً على نحو فادح. و منذ عودتهم من الحملة، وهو يتعقب آثار محاولةٍ لتزوير الجثث وإلصاق التهمة بميلودي، لكن الحقيقة لم تنكشف، بل ازداد الغموض والريبة.
الكاهن الذي كان يتولى عنابر المرضى اختفى، والجندي المسؤول عن جثث الوحوش عُثر عليه لاحقًا ميتًا.
كانت الحوادث مرتبةً بدقّة بالغة، ما جعله يوقن أنها ليست فعلًا فرديًا، بل مؤامرةً منظّمة.
أراد أهفين أن يعرف إلى أي مدى امتدّت الأيادي في تلك المؤامرة، ومن الذين تورطوا فيها.
لكن حقيقةً واحدة كانت جليّة: لا يمكن أن يكون الكاهن الأكبر جاهلًا بكل ما جرى.
أعاد إغلاق باب الأرشيف بحذر، وأرجع المفتاح إلى مخبئه خلف الجدار، ثم انسحب من حيث أتى بصمت تام.
وعندما عاد إلى مقر إقامته، استقبله ديرين بابتسامة فيها عتاب،
“سيدي القائد، مع كل انشغالنا بالتحقيق في أثر السحرة المفقودين، أين تذهب أنتَ دائمًا؟ هل تدري كم تعبتُ في البحث عنكَ؟”
“ما الأمر؟”
ثم ناولَه ديرين حزمةً من الأوراق مجيبًا،
“إنها بخصوص التحقيق الذي أمر به المعبد سابقًا، حول اختفاء حجر اللازورد الأزرق. لقد صدر أمرٌ بوقفه تمامًا، وها نحن نسترجع كل الوثائق المتعلقة به.”
_______________________
هو الس ماخذه مب لازم لق ودوران😂
المهم الحين اخيرا سمعك ميلودي واخوياها زانت🤏🏻
باقي ديونيس امس خذ ميلودي من رايون خلاص طفشت منه ذا الازرقاني
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 82"