“لا، بل أسمح لكِ. لكن عليكِ أن ترفعي إليّ تقريراً كلما شفيتِ شخصاً.”
“كل شخص على حدة؟”
“أهو أمرٌ يزعجكِ؟”
نظر إلى مساعده بطرف عينه، ثم صحّح قوله.
“ليكن عن كل عشرة أشخاص مرةً واحدة. ينبغي أن أعلم بمن قمتِ بعلاجه.”
وما كادت تفتح فمها لتعترض، حتى تكلّم المساعد الذي ظل صامتاً حتى الآن.
“لكن حقاً، سامحوني على فضولي…..ما دام المصابون قلّة، فلماذا تصرّون على معالجة هذا المرض بالذات؟”
تأمّل رايون ردة فعلها.
يبدو أنّ الاثنين لم تصلهما الأخبار بعد. وبعد لحظة من التردّد، فتحت ميلودي فمها.
“ألم تسمعوا الإشاعة عن تفشّي الوباء في إقليم كالاو؟”
“بلى، وصلني تقريرٌ قبل أيام. ويقال أن المعبد يحقق في أسبابه.”
“إذاً قد بلغكَ الخبر. أعتقد أنّه مرض التحجّر السحري. فموعد ظهوره والأعراض التي ترافقه متشابهة.”
فجأة تجعّد جبين رايون.
“هل اطّلعتِ على أعراض ذلك الوباء؟”
عند التفاته إليها، زفر المساعد نفساً قصيراً.
“قيل أن الأعراض حمى شديدة ورعشة.”
“تلك هي الأعراض الأولى لمرض التحجّر السحري.”
“لكن أليس من الممكن أن يكون مرضاً آخر؟”
رفع المساعد حاجبيه في دهشة، فأومأت ميلودي برأسها.
“إن لم يكن كذلك، فالأمر لا يتعدّى شفاء عدد قليل من المرضى وحسب.”
لقد كان شكّها في كونه مرض التحجّر مبنياً على شهادة صانع الأدوات السحرية وما قرأته في الرواية، لكنها لم تستطع البوح بذلك لهم.
“جيد، فلنبحث أولاً في أمر هذا الوباء.”
فأطرق المساعد رأسه لكلام رايون.
“إن تبيّن أنّ الوباء المنتشر في كالاو هو حقاً مرض التحجّر السحري، فسيكون الأمر مختلفاً تماماً.”
فما سيقوم به وليّ العهد حينها لن يكون إحساناً، بل إنقاذاً.
“ألا يجدر أن نؤجل القرار إلى أن نتأكد، يا سموّ الأمير؟”
“وهل ثمة حاجةٌ لذلك؟”
“عفواً؟”
“حتى وإن كان الأمر ذرّات صغيرة، فهم من رعايا الإمبراطورية. فامضِ قدماً.”
ثم نظر إلى مساعده بنفاذ صبر، قبل أن يلتفت إلى ميلودي ويمنحها الإذن.
“لا تنسي أن ترفعي إليّ تقريركِ بنفسكِ.”
“أمرك، يا سموّ الأمير.”
ابتسمت ميلودي بخفة وهي ترفع زاوية شفتيها.
على أي حال، لم يكن ثمة حاجة لأن ترفع تقريراً، فالأمير سيرى الأمر بعينيه مباشرة. و كانت تنوي أن تجعله يعالج الناس بنفسه.
***
منذ الصباح الباكر كان سوق المدينة يعجّ بالناس القادمين للتبضّع. وقد كانت ميلودي تمشي بخطى سريعة برفقة تاليا.
“سيدة تاليا، عندما كنّا في كالاو…..هل رافقتني من البداية بأمرٍ من الدوق إلى المنطقة الملوّثة؟”
“نعم، بالطبع.”
سألتها فقط للاطمئنان، لكن الجواب جاء وكأنه أمر بديهي.
“ولو كنتُ حقاً إنسانةً شريرة، ألم يكن في ذلك تهديد لشرفكِ وحياتك؟”
“الفارس ليس من يفكّر، بل من يطيع.”
أبعدت تاليا بيدها أحد الباعة الذين حاولوا استمالة ميلودي، وتابعت السير أمامها.
“لكن لو كانت السيدة ميلودي وراء كل ما حدث فعلاً…..ألم تكن ستحاول الفرار فور دخولنا الأرض الملوّثة؟ عندها كنت سأقطع رأسكِ وأعود به.”
“همم…..أما لو كنت أنوي ذلك، لما فررت، بل كنت لأغريكِ حتى أدفعكِ طعاماً للوحوش السحرية. فالشرّ لا يعني الغباء.”
“نهايةٌ بشعة وقذرة حقاً.”
ضحكت تاليا بخفة وهزت رأسها.
“من الجيد أن السيدة ميلودي ليست المجرمة.”
استأنفت ميلودي سيرها وهي شاردة الفكر، ثم سألت،
“ليس الوحوش السحرية…..بل الوباء. ألم يخطر لكِ أنه ربما نُشر عمداً؟”
“إن نظرنا لكونه لم يظهر قبلها ولا بعدها، فالأمر يستحق الشك.”
ثم تابعت السير في أحد الأزقة وهي تُكمل،
“بحسب ما توصّل إليه الدوق في تحقيقه، كان بين المصابين قواسم مشتركة. كلهم جُرحوا وتلقّوا علاجهم في مستشفى ميداني، وكلهم تناولوا الطعام المقدَّم هناك.”
“إذاً لا شك أن شيئاً ما قد جرى داخل المستشفى. والمعبد هو من كان يشرف عليه.”
رمقها تاليا بطرف عينه.
“الاشتباه في المعبد أمرٌ في غاية الخطورة يا سيدتي ميلودي.”
كان صوتها جاداً، لكنه لم يكن إنكاراً كاملاً.
وما إن اقتربوا من حيّ الفقراء حتى اختفى الزحام فجأة. ثم توقفت ميلودي أمام مبنى قديم من طابقين وطرقت بابه المغلق.
صرير-
فانفتح شباك صغير عند مستوى النظر، ثم فُتح الباب بعنف.
“أوه؟ من يكون هذا؟”
ظهر رجلٌ ضخم بملامح تشبه قطّاع الطرق.
كان ذلك الرجل، إيكِل، التاجر الذي التقت به ميلودي حين خرجت من الحاجز واستقرت في حيّ الفقراء، حيث كانت قد أبرمت عقداً مع نقابة غير شرعية لصنع الأدوات السحرية.
وبمساعدته تمكّنت من التحرر من استغلال تلك النقابة والدخول إلى المعبد.
“مرّ وقتٌ طويل.”
دار إيكِل حول ميلودي التي كانت ترتدي ثياباً جديدة، ثم أطلق صفيراً مستهزئاً.
“لقد أصبحتِ ترتدين بترف لم أعهده من قبل. أي حيلة استعملتِ؟ هيا لنتوارى في مكان مظلم لأسمع القصة على مهل.”
لكن يده الممدودة ليمسك كتفها توقفت في الهواء، بعدما قبضت عليها تاليا بصرامة. وفي لحظة، صرخ إيكِل متألماً،
“آخخ!”
“أتحب الأماكن المظلمة؟ سجن الدوق مشهورٌ أيضاً بظلمته.”
فنظر إيكل إلى ميلودي بوجه يستنجد وهو يكاد يبكي.
“من تكون هذه..…؟”
“إنها الفارسة التي تحميني.”
و سرعان ما أطلقت تالْيا سراحه. فأخذ إيكل يلوّح بذراعه المرهقة ثم انحنى نحوها.
“لم أعرفكِ، أنتِ بالغة الجمال حقاً.”
فارتجفت تاليا من قوله وقطّبت جبينها باستياء.
“لكن ما الذي جاء بكَ إلى مكان بائس كهذا؟ وأنتِ السيدة ميلودي التي دخلتِ قصر الدوق.”
مع أن الأمر لم يكن معروفًا سوى بين النبلاء، إلا أن إيكل كان يعرف مكانها بدقة. غير أن ميلودي لم تُبدِ دهشة.
“أريد الحصول على عُشب الظلام.”
كان إيكل سيد القافلة التي تتاجر في السوق السوداء. ورغم أنه يبدو للوهلة الأولى كأحد قطّاع الطرق، إلا أن كل ما يدخل إلى السوق السوداء يمر من بين يديه.
“ما بال هذه الأعشاب التافهة صارت مطلوبةً هكذا هذه الأيام؟”
عُشب الظلام نباتٌ سام لا يكاد يُستفاد منه في شيء. ك و أقصى ما يمكن أن يُستعمل له هو طرد الحشرات.
لكنه كان المكوّن الأساسي في دواء داء التحجر السحري.
“مطلوبة؟ ماذا تقصد؟”
“لقد اشترى أحدهم الكمية كلها.”
“تقول أنه اشترى كل عُشب الظلام؟”
“طلب أن يأخذ كل ما هو موجود.”
“ومن كان ذلك؟”
عند سؤال ميلودي بدهشة، عقد إيكل حاجبيه لحظة ثم انفجر ضاحكًا بصوت عالٍ.
“ومن يدري؟ هل رأيتِ أحدًا في السوق السوداء يتجوّل كاشفًا عن وجهه؟”
ثم بدأ وجه ميلودي يتجعد بامتعاض، فأشار إيكل إلى عربةٍ هناك.
_________________________
تاليا استحت؟ 😭 ياناسو وين ديرين يشوفها عشان يغار
المهم ميلودي تضحك ماصرخت وقال لتاليا لا خليه ذاه خوي مخليتها تسوي الي تبيه🥰
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 77"