في الرواية لم تقع مثل هذه الأحداث، وكل ما يحدث الآن إنما كان بسبب وجودي وحدي.
لأنني جلبت على نفسي كراهية المعبد.
وحين لم ينجحوا في إقصائي، ادّعوا أن الأدوات السحرية نشرت وباءً، وها هم الآن يوسّعون دائرة الشائعات كي يدفعوا الناس إلى نبذي.
وما كان إلغاء قسم صناعة الأدوات السحرية إلا بدايةً فحسب.
فمتى انتشرت الشائعة، فإن إثبات بطلانها يحتاج إلى وقت طويل جدًا. والأسوأ من ذلك أن بعض الناس، حتى لو تبيّن لهم الحق لاحقًا، سيتعمدون إنكاره.
غمرتها مشاعر عجز وقهر. ففي النهاية، كل ما جرى لم يكن إلا لأنها انضمت إلى فرقة البعثة.
اتهامات المعبد ضد الأدوات السحرية كانت باطلة، لكن ما كان أهم من صدقها أو كذبها هو الجو العام الذي صار خطيرًا.
وإن استمر الحال، فقد يُحظر استخدام الأدوات السحرية برمته.
‘هل عليّ أن أُسلب حتى الأدوات السحرية؟’
كانت مظلومةً ومجروحة.
“ماذا لو أرينا الناس بأن الأدوات السحرية لم تُسبب المرض، بل يمكنها إنقاذ الناس أيضًا؟”
عند كلماتها، قاطعها أحدهم بطرح واقعي.
“أتفق معكِ، لكن في ظل إغلاق قسم صناعة الأدوات، كيف سنفعل ذلك؟”
تأملت ميلودي وجوههم ببطء.
“هناك طريقة.”
“صنعها ممكن، لكن ألا يعني هذا أننا سنُزج جميعًا في السجن إن ضبطونا نصنع أدوات سحرية بلا تصريح؟”
فالأدوات السحرية لم تكن تُتداول إلا إذا حصلت على إذن المعبد، وهذا ما نصّ عليه القانون أيضًا.
“صحيح أنهم أعلنوا أن صناعة الأدوات وتوزيعها بلا تصريح ستعاقَب بشدة، لكن لم يُمنع امتلاكها أو استخدامها فرديًا.”
ثم أشارت إلى نفسها،
“ولهذا أنا ما زلت أستطيع البقاء في قصر الدوق. إذاً يكفي أن يكون هناك شخصٌ واحد يستعمل الأدوات السحرية لمساعدة الناس، أكبر عدد ممكن منهم.”
كان ما اقترحته ميلودي أمرًا لم يخطر ببال أحد. فجاءت أغلب ردود الأفعال بالرفض والسخرية.
“هذا مستحيل. من سيخاطر ويساعدنا؟”
ضحك أحد الصانعين ساخرًا.
“لا، بل هذا ممكن.”
وكانت عينا ميلودي تتلألآن بعزم لا يتزعزع.
***
“أريد أن أصنع علاجًا لمرض التحجر السحري مع سمو ولي العهد.”
قالت ميلودي ذلك فور عودتها إلى قصر الدوق، وهي تسعى للقاء ديونيس. وما إن جلست أمامه في مكتبه حتى قطّب حاجبيه بشدة.
كان يتوقع ذلك، لكن على ما يبدو لم يرق له سماعها تريد صنع شيء آخر غير جهاز إبطال السحر.
فميلودي لم تكن سوى صانعة الأدوات السحرية الخاصة بالقصر، ولم يكن من المنطقي أن تشرع في صناعة أداة أخرى دون إذنه.
ومع أنها تعمدت أن تشرح الوضع بتفصيل وأن تطرح الأمر ببرود، إلا أن علامات الامتعاض بدت واضحةً على وجهه. فسارعت ميلودي لتضيف بسرعة.
“بالطبع لن أهمل جهاز إبطال السحر. ما زلت أبحث بجدية في الخيط الذي عثرنا عليه مؤخرًا، لكن الأمر يحتاج بعض الوقت قبل أن أتمكن من صنعه.”
“ما يقلقني ليس ذلك. بل مسألة أنكِ تريدين أن يكون معكِ ولي العهد.”
قال ديونيس ذلك بهدوء كأنه يقرأ ما في قلبها. فاتسعت عينا ميلودي في دهشة لم تكن تتوقعها.
“هناك طريقةٌ أبسط.”
“طريقة أبسط…..؟”
“استعمليني أنا. إن قمتِ بالأمر باسمي فسيكون أسهل بكثير.”
كان محقًا. فديونيس هو سيدها، وله من النفوذ ما يكفي لتفادي عراقيل المعبد، كما أن حصوله على إذن مسبق يغنيه عن الحاجة إلى إقناع أحد.
لكن إصرار ميلودي على التعاون مع رايون كان له سبب.
“إن نجحت طريقتي، فسمو ولي العهد سينال شعبيةً عظيمة. أما أنتَ يا دوق فقد حظيتَ بالفعل بتأييد الناس بعد صيدك للوحوش. فإذا أضفتَ إلى ذلك حلّ أزمة الوباء…..فقد يراك الناس إمبراطورهم القادم.”
ثم خطر ببال ميلودي سؤالٌ فسألته بحذر.
“هل ترغب في أن تصبح إمبراطورًا؟”
“لا.”
كان جواب ديونيس حاسمًا، فتنفست ميلودي الصعداء.
“لكن، ربما يرفض رايون الأدوات السحرية. قد لا يخاطر بمساعدتنا أصلًا.”
أومأت ميلودي برأسها موافقة. كان ذلك مفهومًا تمامًا. فالأدوات السحرية لم تكن خطرًا في ذاتها، لكن هذا حكمٌ لا يمكن أن يصدر إلا عن شخص يعرف حقيقتها.
فالمعبد على مدى طويل رسّخ في عقول الناس أن الأدوات السحرية خطيرة. والآن بعدما شاع أنها وراء انتشار الوباء، فلن يكون إقناع الناس بها سهلًا، حتى لو كان رايون قد رأى فاعليتها في البعثة.
“أعلم. من وجهة نظر ولي العهد فلا سبب يجعله يدافع عن الأدوات السحرية. لكنني رأيت بعيني كيف أنقذ المصابين بالوباء في البعثة. بل هو من جاءني وأخبرني بذلك. لم أشعر أنه يحمل عداءً تجاه الأدوات. و لستُ واثقة إن كان سيصدقني، لكني أعتقد أن الأمر يستحق أن أعرضه عليه مرة واحدة على الأقل.”
“…..أنتِ تقولين أن رايون جاءكِ بنفسه وتحدث إليكِ بهذا؟”
“نعم، في يوم المحاكمة. وإن رفض الأمر، فلن يكون أمامي إلا الاعتماد على قوتكَ يا دوق.”
ثبت ديونيس عينيه في عينيها،
“أنا وحدي أكفي لأعينكِ.”
ثم عادت قسمات وجهه لتزداد صرامة، وزفر أنفاسًا عميقة.
“صحيح…..لا خير في أن أجمع حولي المزيد من الشعبية.”
وسرعان ما استدعى روهان.
“هل استدعيتني يا سيدي الدوق؟”
“أعدّ ورشةً يستطيع صانعو الأدوات العمل فيها. ونحتاج أيضًا إلى مخزن لحفظ الأعشاب الطبية.”
اتسعت عينا ميلودي من الدهشة وهي تحدّق به. فقد كانت تفكر في تجهيز ورشة سرية في بيت مهجور قرب السوق السوداء وشراء النوى السحرية خفية، لذا لم يخطر لها أنه سيقترح مثل هذا.
“أ…..أنتَ ستساعدنا حقًا؟”
فأجاب ديونيس كما لو أن الأمر بديهي.
“اطلبي ما شئتِ. فالمال لن يكون عائقًا.”
***
“بأي شأن كتبتِ إليّ حتى تدعيني للقاء؟”
في صالون قصر الدوق، كان في عيني رايون شيءٌ يشبه الترقب وهو يوجّه سؤاله لميلودي.
قبل يوم فقط، حين أخبرته برغبتها في دعوته، توقعت أن يتردّد ويأخذ وقتًا في التفكير، لكنه على عكس توقعها حدّد الموعد وأبلغها به فورًا بلا أي تردد.
كان الموعد الذي حدده رايون هو اليوم التالي مباشرة لإرسال الرسالة.
ولا تدري ميلودي كيف عرف بدقة أنه اليوم الذي سيكون فيه ديونيس غائبًا، بل حتى كتب في رسالته أن اللقاء سيكون في مكتب الدوق نفسه.
“أتدرين كم هم الذين يلتمسون مني لقاءً؟ لقد صرفتُ النبلاء لأجلكِ، فاعتبريه شرفًا عظيمًا.”
“أشكركَ يا سمو ولي العهد. وأرجو أن تسامحني على أنني يومها لم أدرك سعة صدركَ وظننت أنكَ قد تشككُ بي.”
“حسنًا، أسامحكِ.”
تلقّى رايون اعتذارها على غير المتوقع بكل رحابة، لكن ميلودي هزّت رأسها.
“لا، لا أستحق أن أنال الغفران بهذه السهولة.”
“حتى لو أردتُ أنا ذلك؟”
“أودّ أن أُكفّر بصدق. ولهذا أرجو أن تسمح لي أن أعالج المصابين بوباء التحوّل السحري باسمكَ، تعبيرًا عن اعتذاري.”
ساد صمتٌ قصير، ثم شبك رايون ذراعيه وأسند ظهره عميقًا إلى الأريكة، فيما بدا على نظرات المستشار الواقف خلفه حدّة متزايدة.
فقد كان كلاهما مرتابًا في نواياها.
“ولِمَ تقولين هذا لي أنا، لا للدوق؟”
_______________________
صدق يكفي ديونيس بس المؤلفه ناشبه
المهم كذا ولا كذا ديونيس مب مخليها 😔🫂
وميلودي تجنن فوق انها ماتبي ديونيس يحب ليهيلين الحين ماتبيه يتورط في العرش✨
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 76"