كان قد مر أكثر من شهر منذ عادت من رحلتها ولم تزر منزلها. لم تكن تظن أن والدها قد مرّ من هناك، لكنها لم تستبعد الاحتمال كليًا.
و بعد أن تمتم ديونيس بشيء أشبه باللعن عن “العقد الملعون”، أطلق تنهيدة،
“اذهبي إذاً.”
فأومأت ميلودي برأسها، ثم وضعت على مكتبه الأدوات السحرية التي أحضرتها معها.
“هذه هي أجهزة إبطال السحر رقم 311 و312 و313. أردت إنهاءها قبل السفر. لذا، أحتاج أن تستخدم قوتك السحرية لأتحقق من تفاعل حجر تشونغبان. كما فعلت يوم استخدمت الأداة في الغابة.”
“أن أستخدم السحر؟ هنا؟”
“نعم. في ذلك الحين، لاحظت فرقًا عن نواة السحر. كانت طاقة السحر أكثر انتظامًا في الموجات، ودرجة الرنين أعلى.”
“هذا لا يمكن.”
قطب ديونيس حاجبيه وقطع كلامها. فشعرت ميلودي بالدهشة، لكنها قرأت القلق في ملامحه.
فثد نظر إلى الأداة السحرية بجدية ثم تحدّث بصوت حازم،
“هذا المكان ليس الغابة. إنه خطيرٌ جدًا.”
“إن فعلت كما في ذلك اليوم فحسب، فسيكون الأمر بخير.”
لابد أنه يخشى أن يفرط في إطلاق طاقته.
بدا وكأنه يسيطر عليها جيدًا في الغابة، لكن ربما كان ذلك لأن المكان هناك مفتوحٌ بلا قيود.
ففكرت ميلودي قليلًا ثم تحدثت،
“سأساعدكَ على التحكم في طاقتكَ.”
عادت إلى المعمل وجلبت أداةً قديمة لقياس قوة السحر. كانت كرةً بلورية نصف شفافة بحجم راحة اليد، بداخلها مؤشر ميكانيكي صغير.
ثم مدت بها نحو ديونيس الذي كان يرمقها بنظرات معقدة.
“لا تحتاج لاستخدام السحر. فقط ابقَ كما أنتَ.”
خلع قفازه ووضع يده على الكرة، فبدأت ترتجف بعنف كأنها ستتحطم. ومع تدفق السحر، تغيرت درجة اهتزازها ولون النقوش السحرية فيها.
قفز المؤشر مباشرةً إلى الدرجة القصوى، اللون الأحمر. و كان هذا يعني أن طاقته السحرية تتدفق تلقائيًا من جسده.
على عكس الكهنة الذين يستدعون قوتهم بوعي أثناء الطقوس، قيل أن معظم السحرة يبعثون طاقتهم بشكل لا إرادي. فخططت ميلودي لمساعدته على التحكم بذلك بوعي.
“والدي قال أن السحر يشبه الماء. عليكَ أن تجعله يتدفق بإرادتك. تخيّل الأمر كخيط تلُفّه ببطء لتعيده إلى داخلك، مثل أرجعه قطرةً قطرة من طرف أصبعكَ.”
لكن ديونيس كان يحدق في الأداة بتركيز شديد دون أن ينجح.
“لن يكون الأمر سهلًا من المحاولة الأولى. سنحتاج استخدام هذه الطريقة، لذا علينا تأجيل إكمال أجهزة إبطال السحر 311 و312 و313 قليلًا. وسأعيد التفكير في النقوش السحرية أيضًا.”
أطلق ديونيس تنهيدةً صغيرة وهز رأسه موافقًا.
و راقبته ميلودي وهو يدير الأداة بين يديه، ثم غادرت مكتبه.
في اليوم التالي، عندما عادت إلى المكتب، مدّ لها ديونيس أداة قياس السحر.
“أظن أنني بدأت أفهم الآن.”
كان وجهه بلا تعبير، لكن بريقًا من السرور ظهر فيه.
وتلك النقوش التي توهجت بالأمس باللون الأحمر، صارت اليوم تتلألأ بلون أخضر هادئ. فرفعت ميلودي بصرها إليه.
“هل تدربت خلال يوم واحد فقط؟”
انفلتت منها ضحكةٌ صغيرة ممتزجة بالرضا. وحين التقت عيناها بعينيه، لاحظت أن حمرة عينيه تهتز بارتباك غريب.
حدّقت فيه دون أن تزيح نظرها، فازداد نبض قلبها شيئًا فشيئًا.
عندها فقط تذكرت كلمات آنا. قالت أن نبض القلب سببه الوجه…..والآن تأكدت أن كلامها صحيح.
في تلك اللحظة، انسابت عيناه العميقتان كأنها تبحث عن شيء، تتفحص ملامحها ببطء واحدًا تلو الآخر.
فشعرت بإحساس غريب، كأن نظراته تلامسها وتداعبها.
بينما تحركت تفاحة آدم تحت خط فكه الحاد، واقتربت يده من وجنتها، تكاد تلمسها، لكنها في النهاية انخفضت مبتعدة—
“هاه…..؟!”
و بلا وعي، قبضت ميلودي على معصمه بسرعة. و شعرت من خلاله كيف تجمد جسده فجأة.
كان إمساكها له بدافع طارئ، لكنها كانت تعرف السبب. لأنها شعرت بالأسى من خوفه من مجرد ملامستها.
“افعل كما فعلت حين لمست الأداة السحرية. فأنا لا أنكسر بسهولة.”
ارتجفت يده الكبيرة بضعف، لكنه لم يدفع يدها بعيدًا عنه كما فعل من قبل.
“هاه..…”
وبعد طول تردد، بدا وكأنه اتخذ قرارًا، فمد يده ببطء نحو وجنتها. و كانت عيناه الحمراوان تضطربان بلا قرار.
“لا بأس.”
ارتجف ما حول عينيه بشدة. وترددت أصابعه مرارًا، لكنها في النهاية لم تلمسها و سقطت يده مبتعدة.
“تبا…..”
ثم تمتم بلعنة صغيرة وهو يخفض رأسه.
كان صوته المتقطع وأنفاسه يمزقان سكون الغرفة. و من هيئته شعرت ميلودي برغبة مؤلمة، كأنه يتوق بشدة لدفء أحدهم.
‘حتى هو، يتمنى أن يتصل بأحد.’
فهبط شيءٌ ثقيل في صدرها كأن الحزن أثقلها.
“…..اخرجي.”
و على صوته المتهشم، نهضت ميلودي. وغادرت الغرفة وهي تتمتم بالتمنّي أن يتمكن يومًا من لمس دفء أحدهم.
***
“يقال أن أثر السحرة الهاربين انقطع خارج الحاجز.”
عند تقرير الكاهن، فتح سيريل الجالس على منصة أمام مذبح المعبد، مرتديًا رداءً ذهبيًا، يديه متشابكتين.
لم يجلب له التأمل أي سكينة، بل غاصت عيناه في ظلام عميق.
“وهل وجدتم من ساعدهم على الفرار؟”
“لم نتمكن من العثور على ذلك أيضًا.”
“كيف علموا باستهداف تلك العربة؟ وكيف عرفوا؟ وماذا عن المتورطين بتلك الحادثة؟ هل تحققتم من الجميع؟”
“استجوبناهم، لكن لم يعترف أحد.”
نظر الكاهن إلى كبير الكهنة المتفكر، ثم تحدّث بتردد.
“كما أن عدد النبلاء الذين يقصدون قسم صناعة الأدوات السحرية ازداد مؤخرًا.”
كانت زيارات الناس للمعبد قد قلت مقارنةً بالسابق. وكان هناك شعورٌ بالمهانة يحرق صدر سيريل.
ثم تكلم أحد الكهنة بحذر.
“يبدو أن شائعات انتشرت بأن الأدوات السحرية أنقذت حياة الفرسان في أرض البعثة.”
فقاطعه سيريل بعينين حادتين.
“أن تصل أداةٌ تافهة إلى مقام ذكرها بجانب القداسة؟!”
ضغط أسنانه بغضب.
لقد انتشرت الشائعات حول الأدوات السحرية حتى صار كثيرون يترددون على قسم صناعة الأدوات في المعبد، رغم أنه كان مخفيًا في مكان بلا ضوء حتى لا يكتشف بسهولة. فبدا إخفاؤه بلا جدوى الآن.
منذ البداية، كان إدخال قسم الأدوات السحرية إلى المعبد خطأً فادحًا. فقد كان عليهم اقتلاعه من الجذور كما فعلوا بالسحرة.
فتح سيريل الباب خلف تمثال المعبد، المؤدي إلى الحرم الداخلي.
في الداخل رُسمت أقدم جداريات المعبد، وتحت المذبح كان هناك مدخل سري صغير.
ضغط بيده على مركز الجدارية التي نُقش عليها الضوء والظلام. فأضاء النقش المرسوم للضوء وفتح المدخل. فانحنى وهو يسير بحذر عبر الممر الضيق.
لم يكن في الغرفة السرية شمعةٌ واحدة، غارقةٌ في الظلام، لكنها كانت طريقًا مألوفًا له.
أخذ يتوغل أكثر فأكثر إلى الأعماق. حتى انكشفت أمامه مساحةٌ ناصعة تكاد تعمي البصر.
كان الضوء الذي يملأ القبو يتفجر من الأدوات السحرية المثبتة في الجدار. فأغمض عينيه لا إراديًا من شدة السطوع.
“هل عدت سالمًا من البعثة؟”
وعندما فتح عينيه فجأة، ظهر في مجال بصره رجلٌ يرتدي ثيابًا بيضاء ناصعة.
كان رجلاً يستحيل تقدير عمره، يربط شعره البنفسجي الداكن في خصلة واحدة تتدلى، وعلى وجهه الخالي من أي تجعيدة تألقت عينان ذهبيتان يلمع بريقهما كالشمس. وفي يده أداةٌ سحرية بدت وكأنها لم تكتمل بعد.
_______________________
ساحر؟😃 ليه خاشينه كذا وماسك ادة سحرية؟ لأنه ساحر؟😃
ومنهو بعد؟ يوم قال شعره بنفسجي عرفت انه مب ابو ميلودي لا ابوها نفسها شعره اخضر اما امها عيونها خضر وذاه اصلاً رجال
ومن ابو ديونيس بعد لأنه ماخذ عيونه من ابوه
المهم ديونيس خايف يلمس ميلودي من بعد ماخنقها؟😔 المفروض هي تجيها الصدمه بس يوجع هو الي مسيكين وليدي انصدم 😔
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 70"