“حتى لو لم يكن قصد صانعة الأدوات السحرية أن تتسبب في هذا، فإن خطأها أودى بحياة إنسان. ألا يجب أن يُرفع الظلم عن الميت؟”
إن كان كلامه صحيحًا، وإن كانت أداةً من صنع ميلودي سببًا في هلاك أحدهم، فلا يمكن اعتبارها بريئةً تمامًا.
استحضر أهفين وجه ميلودي في ذهنه ثم أغمض عينيه بإحكام.
لقد تبعت حملةً ليست معتادةً عليها، فقط لتنقذ الناس، فأنقذت أرواحًا كثيرة، وما كسبته في النهاية لم يكن سوى وصمة جريمة؟
فأطلق تنهيدةً مكتومة.
“ولكن…..تلك السيدة..…”
“أراك غارقًا في الأفكار. عد لترتاح يا سيدي أهفين.”
هل يتجاهل موت إنسان واحد؟
لا، بل ربما لم يكن واحدًا فقط، فقد قيل أن المصابين بالداء كانوا أكثر من ذلك.
فهل كان خطأً أن يصدق ببراءة ميلودي؟
لم يستطع أهفين أن يجد جوابًا.
و في خيمة صغيرة، ركع ممسكًا بسوط بين يديه.
عادةٌ اعتاد عليها كلما دبّت الشكوك في صدره. لكن لم يعد يعلم إن كان ما يريد طرده هو شكه في المعبد، أم مشاعره تجاه ميلودي.
وفي تلك اللحظة، دوى صوتٌ من خارج الخيمة.
“هل أنتَ بالداخل؟”
“من هناك؟”
“إنها ليهيلين. لدي ما أبلغه إليكَ.”
“تفضلي بالدخول.”
ارتدى أهفين رداءه، فسرعان ما تلطخ البياض الناصع بحمرة الدم. وحين دخلت ليهيلين الخيمة، توقفت مصدومةً عند رؤية المشهد.
“يا إلهي، سيدي أهفين. دعني أعالجكَ فورًا..…”
“لا، رجاءً لا تفعلي. فلستُ أستحق العلاج.”
“إن لم تكن أنت من يستحق، فمَن يستحق إذاً؟! وقد أصابك ما أصابك، كان عليك أن تأتي إلى مكان العلاج أولًا.”
وضعت ليهيلين سلة الطعام التي أحضرتها وهي توبخه بلطف، ثم مدت يدها لتعالجه.
لكن أهفين أبعد يدها بحذر.
“لا داعي. لا تفعلي ذلك.”
عندها وقعت عيناها خلفه، حيث كان السوط موضوعًا.
“لقد عاقبت نفسكَ…..أليس كذلك؟”
“…..نعم.”
“من أجل أن تنفذ مشيئة المعبد كما يجب. لكن، سيدي أهفين، المعبد لا يريد أن تُصاب بأذى، أكثر من أي شيء آخر. ولهذا منحكَ القوة المقدسة. فلا ترفض العلاج، أرجوكَ.”
عندها تذكّر أهفين كلمات ميلودي.
‘ألم تقل لي ألا أعاقب نفسي، وأن أكتفي بإنقاذ الأرواح الكثيرة عوضًا عن ذلك؟’
لكن في حالته الآن، لم ينقذ أحدًا، بل حتى ميلودي لم يستطع حمايتها.
لذا رفض العلاج وأعاد ليهيلين. ثم حين حل الفجر المظلم، خرج من خيمته.
صم اتجه نحو خيمة الجثث، وهناك وجد الحراس. وكان على وجهيهما أثر الشراب، كأنهما خرجا للتو من حفلة.
“على الأقل لن نرى وحوشًا قذرة لبعض الوقت. هذا خبرٌ سار.”
“لكن إن تحطم الحاجز مرة أخرى، سنُرسَل إلى هناك.”
“كف عن التفوه بكلام شؤم كهذا.”
تمكّن أهفين بسهولة من الالتفاف والدخول من خلف الخيمة. وكان الجسد الذي رآه سابقًا لا يزال ممددًا.
فاقترب منه، ووضع يده عليه وتنهد.
“سأتلقى أنا الذنب الذي جنى على حياتكَ بدلًا من السيدة ميلودي.”
وبث في الجسد قوته المقدسة، محاولًا محو أثر التسمم بنواة الشر. ورأى السواد الذي غمر العينين ينقشع.
لكن لم يدم طويلًا. فما لبث البياض أن عاد يغشاه السواد مجددًا.
فارتجف حاجباه.
سبب فشل التطهير لم يكن إلا واحدًا: النواة الشريرة ما تزال داخل الجسد.
نزل ببصره حتى استقر عند عنق متصلب كالحجر. وحين لمس الجلد، تهشم متفتتًا، وظهرت النواة كما هي، محتفظةً بشكلها.
“…..يا إلهي.”
مرر يده على وجهه والشعور بالوحل يجذبه للأسفل.
نعم، هذا الجسد مات بتسمم نواة شر. لكن ليس من ماء أداةٍ سحرية، بل من نواة أطعمها له أحد عمدًا.
لو أعلن هذا، ستسقط التهمة عن ميلودي. ولكن…..
‘من يا ترى ارتكب ذلك؟’
لقد كان فخًا نُصب لميلودي. ومن يملك القدرة على مثل هذا التلاعب…..
تردد للحظة، ثم قبض على النواة بيده.
***
في أراضي لاكار، وقد زالت عنها الوحوش، أُعلن على غير المتوقع عن محاكمة.
كانت المحاكمة تخص صانعة الأدوات السحرية التي نُفيت إلى الإقطاعية الملوثة بتهمة استدعاء الوحوش.
ورغم أن تلك التهمة هدأت بشهادات الذين عادوا معها، إلا أن تهمةً جديدة برزت، وهي أن أدواتها السحرية كانت سببًا في انتشار المرض وسقوط قتلى.
كان كبير الكهنة قد أظهر قوته المقدسة منذ التحاقه بالهيكل، وظل طوال حياته مكرسًا لخدمة المعبد.
ولذلك حين حاول معظم أعضاء البعثة إدانة ميلودي بتهمة استدعاء الوحوش، وثقوا ثقةً عمياء بكلامه، لأنهم كانوا يعتقدون أنه الناطق باسم إرادة المعبد.
لكن منذ اللحظة التي عادت فيها ميلودي بعد أن أصلحت الحاجز وظهرت وسط ضياء باهر، تغيّر الجو بين الناس تغيرًا خفيًا.
فالمشهد كان عظيمًا ومهيبًا إلى درجة بدت معها غير بشرية.
الوحوش سقطت عاجزة، وهي ظهرت تحت وهج الضوء المنهمر من شقوق السماء، وكأنها كائن سماوي.
صحيحٌ أن ميلودي لم تكن تملك قوةً مقدسة، لكن في ذلك اليوم لم يستطع أحدٌ أن ينعتها بمجرّد صانعة أدوات سحرية.
بل إنها بدت، أكثر من كبير الكهنة نفسه، كأنها مرسلةٌ من السماء.
ومن الطبيعي أن تبدأ الشكوك بالتسرب بين الناس.
“إذا دققنا النظر، أليست المشكلة في عجز المعبد عن صيانة الحاجز؟ أما صانعة الأدوات السحرية فلم تفعل إلا ما بوسعها لتقديم المساعدة.”
قال بعضهم ذلك معترضين.
“لولا صانعة الأدوات السحرية، لما كنّا الآن على قيد الحياة. ولما استطعنا إعادة الحاجز.”
فزادت شهادات الناجين تلك الشكوك رسوخًا.
بل وثار الاستياء حين تبيّن أن من بين جموع الجرحى، لم ينل العلاج على يد كبير الكهنة إلا قلة من الفرسان المنتمين إلى بيوت النبلاء.
وحلّ يوم المحاكمة. و أُحضرت ميلودي مكبلةً بالحبال على أيدي الفرسان.
كان ذلك إجراءً شكليًا، لكنها اعتُبرت مجرمةً حتى تبرئة ساحتها.
________________________
نايس ايه عطوا المعبد مخمس ✨
واهفين معليه تشك في ميلودي؟ مازوخي
المهم شوفوا اهفين ذاه والكهنة ينادون ميلودي سيدة واحياناً آنا بعد بس هي اصلا آنسة
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 66"