كان الكاهن الأكبر ينظر إلى ديونيس بعينين لا تكادان تصدقان ما سمعتاه.
“ألا تملك ما تقوله؟ إلى صانعة الأدوات السحرية خاصتي.”
تحت ضغط ديونيس، احمرّ وجه سيريل حتى بلغ أقصى رأسه من فرط الخزي.
و كان يريد أن يرد بحدة، لكن ما خرج من بين شفتيه لم يكن سوى همهمة مترددة.
“إن كان ثمة التباسٌ فسأوضحه جليًا أمام المعبد.”
قال سيريل ذلك بصوت مرتجف وهو يحاول جمع شتات رباطة جأشه.
“لكن يا صاحب السمو، أرجو أن تعقد محكمةً ليتبين للجميع أن تلك الصانعة ليست بريئةً قط.”
قال ذلك ثم أمر الجنود،
“اقبضوا على المذنبة حالًا!”
غير أن الجنود الذين كانوا يشتمون ميلودي قبل لحظات لم يجرؤوا على التقدم، بل ارتبكوا في أماكنهم بعد أن شهدوا المشهد المقدس.
عندها صوّب ديونيس نظراته القاسية نحو الكاهن الأكبر.
“ما الذي تفعله؟”
“بغض النظر عن عودة الفرسان، فإن تهمة صانعة الأدوات السحرية لم تُمحَ بعد.”
“لقد طاردنا الغريزلي، لا النمل. لذا فاتهامها بأنها حولت الوحوش أكثر شراسة بالأدوات السحرية لا أساس له.”
“هناك ما لا تعرفه يا سيدي الدوق.”
رفع سيريل رأسه بوقاحة.
“وما هو؟”
“أثناء وجودكم في الغابة، نشرت تلك الصانعة الشريرة داءً في صفوف الحملة.”
ضحك ديونيس ساخرًا من هذا الادعاء السخيف، بل حتى رايون الذي كان يراقب بصمت لم يتمالك نفسه فتدخل ساخطًا.
“يا كاهن، أليس هذا الأمر قد انتهى منذ زمن؟”
“كلا يا سمو الأمير. البارحة فقط، مات مريضٌ لم نستطع إنقاذه في الوقت المناسب.”
“!!”
فارتفع حاجبا رايون فجأة.
“لم يكن أحدٌ في حالة حرجة. كيف حدث ذلك؟”
“لقد كان يخفي أعراضه. لكن الآن وقد أعيد الحاجز، وزالت الوحوش، حان الوقت لاقتلاع الوحش الكامن بيننا.”
عندها تدخل أهفين وقد ضاق صدره.
“يا قداستك، أليست صانعة الأدوات السحرية هذه قد أنقذت الكثير من الأرواح؟”
“سيدي أهفين، هل يعني هذا أن حياة فرد لا تساوي حياة بقية الأرواح؟ إن تحت ظلال المعبد كل الأرواح متساويةٌ في القيمة.”
“…..إذاً، لنعقد محاكمة.”
قال ديونيس ذلك وهو يلتقي بعيني ميلودي.
لم يكن يرغب أبدًا في أن تمر بما يفوق إرهاقها، لكن إقامة المحاكمة بات أمرًا محتمًا. فحتى رايون لم يكن يملك من القوة ما يواجه به المعبد.
لقد كان الأمر مسألة وقت. لذا كان الأفضل ألّا يتركوا لهم فرصةً للتماطل، وألّا يُمهلوا حيَلهم الرخيصة مجالًا لتنفّس.
“إن كان ثمة إثم على أحد، فإن ذلك الإثم يستوجب الجزاء نفسه تحت حكم المعبد.”
قال الكاهن ذلك بلهجة مهيبة. وعلى الفور تقدم الجنود الذين تلقوا أوامره لاقتياد ميلودي.
“من فضلكِ…..من هذا الطريق. سنرافقكِ.”
وبسبب ما شهدوه قبل قليل من نور، كان تعاملهم معها أكثر تهذيبًا مما يليق بمتهمة. لكن ديونيس اعترض طريقهم.
“سأتولى ذلك بنفسي.”
***
المكان الذي حُدد ليكون سجنًا مؤقتًا لم يكن سوى خيمة معزولة، لا تحتوي إلا على سرير بسيط مثل بقية الخيام.
و بعد أن تفقد ديونيس المكان التفت إليها،
“لا تقلقِ. لن يحدث لكِ شيء.”
“أنا لست قلقة. فأنا لم أرتكب أي ذنبٍ أصلًا.”
قالت ميلودي ذلك بصوت بدا وكأنه يطمئنه هو، لا العكس. عندها عاد الغضب يغلي في صدر ديونيس تجاه الكاهن الأكبر.
أما ديرين فقد جاء يبحث عن ديونيس بعد خروجه مباشرةً من الخيمة. و كان وجهه أكثر كآبة مما كان عليه في الغابة.
ثم قاده ديرين إلى مكان منعزل عند أطرافها.
“ما الأمر؟”
“لقد…..لقد استدعاني الكاهن قبل قليل. وطلب مني أن أشهد ضد الآنسة ميلودي. لكن الأمر هو..…”
“وماذا طلب أن تشهد؟”
كانت التهم الموجهة إلى ميلودي جميعها مرتبطةٌ بما حدث داخل الحاجز، فما الذي يقصده؟
سأله ديونيس وقد بدا في عينيه شك. فأجاب ديرين بوجه متجهم،
“سألني كيف عدنا سالمين. فأخبرته أننا قتلنا الغريزلي. لكنه قال: أليس من الممكن أنها استخدمت أدوات سحرية محرّمة داخل الغابة؟ ثم أمرني أن أخرج في المحكمة وأشهد بذلك.”
تألق الشرر في عيني ديونيس.
لقد أراد أن يحوّل أدوات ميلودي إلى سلاح قتل ليدينها بها.
“أنا أعلم أنه لا بد من إظهار الحق بوضوح…..لكن ألا ترى أنها أنقذت أرواحًا كثيرة؟ حياتي أنا شخصيًا كانت بين يديها. كيف يمكن أن نُحمّلها ذنبًا جديدًا؟ هذا ما لا أستطيع قبوله..…”
“إلى أي حد أخبرته؟”
قبض ديرين على طرف ثوبه.
“أخبرته عن الأداة التي قطعت بها ساق الغريزلي…..وعندها أمر رجاله فورًا بإحضار الدليل، فلم أستطع أن أذكر أمر المطرقة…..لقد قالت السيدة ميلودي إنها أداةٌ تستعملها في تشريح جثث الوحوش للمعبد، لكن..…”
“إلى هذا الحد فقط ستشهد. إن كان هناك ذنب، فلا بد أن يُعاقَب صاحبه كما يستحق.”
“ماذا؟!”
تحدّث ديونيس وهو يضغط على أسنانه،
“الأداة التي تشبه الخيط، هذا ما تشهد به فقط. أما لقاؤنا اليوم، فلا وجود له. أنت لم تخرج من مقرك ولم ترني.”
فهم ديرين مراده فأومأ برأسه.
“كنت طوال الوقت في مقري. ولم ألتقِ بكَ يا سيدي.”
“ومتى غادر الكاهن؟”
“جئت إليكَ فور مغادرته، أي منذ خمس دقائق تقريبًا.”
تحرك ديونيس على الفور. وعندما وصل إلى الخيمة التي استُخدمت كزنزانة مؤقتة، رأى رجلًا يخرج منها.
كان أحد فرسان فرقة القداسة. و بين يديه حزمة طويلة ورفيعة، يحتضنها بعناية على صدره، وكأنها شيء ثمين صادره من خيمة ميلودي.
وما إن أدار الرجل رأسه حتى انطلق ديونيس من الظلام بسرعة.
لم يكن هناك وقتٌ لصرخة. و بضربة واحدة على عنقه سقط الفارس مغشيًا عليه، فيما كتم ديونيس فمه ليتأكد من فقدانه الوعي، ثم بهدوء انتزع الحزمة من بين يديه.
و رغب في قتله والتخلص منه، لكنه تراجع خشية أن يقع الشك على ديرين.
ركل وجه الفارس قليلًا ليتأكد من ملامحه. قسيكون هناك وقتٌ لاحق لتصفيته.
“سأحفظ هذا جيدًا في ذاكرتي.”
تمتم بصوت خافت وهو يفتح الحزمة. وكما توقع، كانت أداة ميلودي السحرية في الداخل.
تردد لحظة ثم قصد ورشة غرسون المؤقتة. و هناك تناول مطرقةً تشبهها في الشكل.
خطته كانت أن يبدو الأمر وكأن الفارس هو من سرقها.
ثم خرج ديونيس ورمى المطرقة ببرود عند قدمي الفارس المغمى عليه.
***
“يا قداستك، من خلال ما رأيت بنفسي، لا يمكن أن تكون السيدة ميلودي قد تعمدت إيذاء أحد بالمرض أبدًا.”
في خيمة الكاهن الأكبر. كان يستمع إلى كلمات أهفين فيما يدلك ما بين عينيه بإبهامه وسبابته.
“سيدي أهفين، المحكمة ليست مكانًا تُعرض فيه وجهات النظر الشخصية. الأهم من كل شيء هو الحقائق المثبتة. وحتى لو كان الأمر قد وقع عن غير قصد، فإن صانعة الأدوات السحرية لا يمكنها أن تتهرّب من مسؤولية موت الفارس. أليس كذلك؟”
تصلب فك أهفين.
“السيدة ميلودي خاطرت بحياتها وذهبت إلى الغابة لتثبت براءتها وتنقذ الناس. فلو أنها لاقت حتفها هناك، أكان المعبد سيكون بريئًا من المسؤولية؟”
“كيف تجرؤ أن تضع المعبد في كفة واحدة مع مجرد صانعة أدوات سحرية؟ وأنت، فارس المعبد!”
عض أهفين على شفتيه من الإحساس بالذنب.
لم يكن كلام الكاهن خاطئًا. فالمعبد، الذي ينفذ مشيئة القدر، لا يمكن أن يكون مساويًا لفرد عادي.
ومع ذلك، بقيت بذرة الشك عالقةً في أعماقه، منذ تلك اللحظة التي منعه فيها الكاهن من الخروج.
لعل من ظنه وكيلًا للمعبد…..لم يكن كذلك حقًا.
________________________
يعععع ياااااعععععع هدوني على ذا الكاهن اسوي به مفطّح للوحوش
يعني فوق عدم المسؤولية الي عنده مصدق كذبته ! عقله تحت واضح
المهم ديونيس لاتخلي ام عيالك😔
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 65"