“نعم، والأفضل أن نعود الآن ونحن نتخلص في طريقنا من بقايا الوحوش داخل الحاجز.”
إن تحركوا بسرعة فقد يتمكنون من الوصول إلى القاعدة قبل شروق الغد.
حينها تدخلت ميلودي فجأة بينهما.
“إذاً لن يبدأ حجر الحاجز بالعمل إلا عند الظهيرة غدًا؟”
“نعم، هذا صحيح.”
قبل أن تكمل حديثها، خفضت ميلودي عينيها قليلًا وكأنها تفكر، ثم ما لبثت أن رفعت رأسها وقد بدا على وجهها الحزم.
ثم وجهت نظراتها مباشرةً نحو أهفين.
“سيد أهفين، هلّا تساعدني في إثبات براءتي؟”
و بلا أي تردد، أجاب أهفين،
“بالطبع، سأستعيد شرف السيدة ميلودي مهما كلف الأمر.”
“إذاً، ما رأيكَ أن نفعل ذلك بطريقةٍ أكثر بريقًا؟”
ارتسمت علامات الاستفهام على وجه أهفين. بينما كانت عينا ميلودي المتألقتان تلمعان تحت أشعة الشمس وهي تبتسم بخفة.
***
عاد هجوم الوحوش بعد أن توقف قليلًا، وذلك عند بزوغ الفجر.
رفع سيريل جسده من الفراش على وقع صرخات الفرسان. و لقد تراكم عليه التعب من هجمات الأيام الماضية حتى بلغ غايته.
مشاركته في هذه الحملة بجسده العجوز لم تكن سوى بأمر من الإمبراطور. فبعد انكشاف أمر انهيار حاجز العاصمة، أمره الإمبراطور بنفسه أن يذهب.
لم يكن بوسعه الرفض. فقد كان عليه أن يمنع توجيه نقمة الجميع نحو المعبد.
“لقد حضر سمو ولي العهد.”
دخل أحد الكهنة إلى داخل الخيمة وأوصل الرسالة. وكان رايون، مرتديًا درعًا ملطخًا بالسخام وبقايا سوائل الوحوش، واقفًا أمام خيمة كبير الكهنة.
“آمل أنكَ لم تكن نائمًا.”
“كنت أرفع الأماني.”
هو الآخر، رايون، لم يكن إلا ضحيةً لهذه الأزمة.
فقد تطوع ليكون في الكتيبة اللاحقة لينال شرف الانتصار على الوحوش، لكن الأمور جرت هكذا.
ومع تعذر استعادة حجر الحاجز ولو مؤقتًا، تشابكت جميع الخيوط وزادت الفوضى.
وأيضًا أمرٌ آخر.
“ماذا عن الذين قمتُ بمعالجتهم؟”
“الجميع يُظهرون تحسنًا.”
كان ما خطط له بينديكت قد تعثر بسبب رايون.
فداء التحوّل السحري كان عِرضًا يظهر عند فرط تسرّب القوة المقدسة إلى الجسد.
ومنذ أن بدأ الحاجز المقدس يضعف، ظهرت تقاريرٌ نادرة عن هذا المرض، وظُنّ في البداية أنه مجرد رد فعل شاذ.
لم يكن أحدٌ يعرف حينها أن التعب وطنين الأذن الذي كانوا يشتكون منه ناتج عن التعرّض الطويل للقوة المقدسة.
ومع مرور الوقت ازدادت الأعراض خطورة. فبقعٌ حمراء تفشت على الجلد، والأجساد أخذت تتصلب كالحجر حتى انتهى الأمر بالموت.
لم تُجدِ أي كمية من القوة المقدسة في إنقاذهم، بل زادت حالتهم سوءًا. وحتى الآن لم يُكتشف أي علاج.
لكن رايون، ذلك الذي نشأ مدللًا في القصر الإمبراطوري، لا أحد يعلم من أين جلب علاجًا.
وما إن كانوا يوشكون على الهلاك حتى كانوا يتعافون بسرعة مدهشة.
وبهذا فشلت خطته التي كانت تهدف إلى إغراق صانعة الأدوات السحرية في قاع السقوط فشلًا ذريعًا.
بل إن صورة ولي العهد ارتفعت في عيون الناس. و لم يُنسب الفضل إلى المعبد ولا انتقدوا ظلام الأدوات السحرية، بل كان شخصًا لا علاقة له بالأمر هو من نال المجد كله.
أما رايون نفسه فلم يكن يدرك حتى ماذا فعل، ولم يشغله سوى الرعب من اضطراره إلى الخروج للمعركة.
“أتيتُ لأتلقى البركة. ألا يمكن أن تُمنَح لي بقوةٍ تفوق الآخرين؟”
كان ذلك طقسًا يسبق نزوله إلى أرض المعركة. فانحنى سيريل على ركبتيه وقبّل طرف ثوبه.
“ليبقَ الحظ على حد سيفكَ يا سمو الأمير.”
وضع رايون يده على كتف سيريل.
“أما أنت فستظل هاهنا ترفع الأماني، أليس كذلك؟”
قال ذلك بصوت ينضح بالاستياء، ثم مضى نحو الوحوش وهو مكفهر الوجه لا يخفي كراهيته للخروج.
اندفع الفرسان نحو الوحوش يصرخون. و ارتطام المعادن يعلو في الجو، وصراخ الوحوش يتداخل مع صيحات الألم.
فضيق سيريل عينيه وهو يراقب الأرض السوداء حيث تدور المعركة. وبفضل نخبة الجنود الذين جاء بهم ولي العهد بدا أن القتال أسهل من ذي قبل، لكن سرعان ما أخذت صفوفهم تتراجع.
“سنجد أنفسنا داخل أراضي كالاو قريبًا.”
تمتم سيريل وهو يضغط لسانه بأسف. فبمجرد دخولهم إلى أراضي كالاو قد تسنح له فرصة للعودة إلى العاصمة.
وبحلول ذلك الوقت سيكون السحرة الذين بعثهم مركز التطهير قد وصلوا إلى هنا.
“قداستك، على كتفكَ……”
رفع بصره إلى حيث أشار الكاهن، فإذا بالبقعة التي لمسها رايون ملوثةٌ بسوائل الوحوش. فتكشفت ملامح الضيق على وجه سيريل من هذه المزحة الصبيانية.
“يبدو أن عليّ أن أبدّل ثيابي.”
وما إن التفت عائدًا إلى الخيمة حتى ارتفع شعاعٌ من الضوء يخترق السماء بوضوح.
“ما هذا؟!”
أذهل المشهد العجيب الحاضرين حتى كتموا أنفاسهم. وما لبثت الوحوش أن أخذت تتمايل فاقدة قوتها.
لقد كان نور حجر الحاجز.
“قداستك! يبدو أن الحاجز قد التأم من جديد! لقد نجونا!”
“ماذا؟!”
حدّق سيريل في الجموع المهللة وهو مذهول.
‘ذلك غير ممكن. كيف يمكن أن يظل أحدٌ على قيد الحياة في تلك الغابة؟ إنه أمرٌ لا يُصدق.’
كان الفرسان قد ترجلوا من خيولهم وخلعوا خوذهم، وفي تلك اللحظة بدا أن الضوء المنبعث من أعماق الغابة يقترب شيئًا فشيئًا.
فارتبك سيريل واندفع مسرعًا نحو مصدر الضوء.
بينما راح الناس يحدقون بدهشة في ذلك الوهج الذي يقترب أكثر فأكثر.
“النور يقترب!”
وما إن خرج الضوء من الغابة حتى أغمضوا أعينهم من شدته للحظة. و حاول سيريل أن يحدق عبره وهو يضيق عينيه، وإذ بشيء يهوي أمام قدميه بقوة.
“آااااه!”
لقد كان رأس وحش الغريزلي. رأسٌ ضخم يفوق الجسد ويصل حتى الكتفين، وحين رآه سيريل خاف وسقط إلى الوراء. وألقى فوقه ظلًا هائلًا.
“مر زمنٌ طويل، يا قداستك.”
قال ديونيس ذلك وهو يخفض نظره إليه، فيما كانت قطرات دم الوحش الأسود تتساقط من أطراف أصابعه.
“يا……يا سيدي الدوق……!”
وبمساعدة الكهنة نهض سيريل بارتباك، وهناك أبصر حقيقة ذلك الضوء.
إنها صانعة الأدوات السحرية. من الجوهرة الدائرية التي تحملها كانت تتدفق أنوارٌ توحي بالقداسة.
اتسعت عيون الفرسان الذين لطالما اعتقدوا أن ما يرونه لا يمكن أن يكون إلا كائنًا مقدسًا كالقديس نفسه، فإذا بها ليست سوى ميلودي.
“يا للعجب……”
“أليست هذه صانعة الأدوات السحرية؟”
“أيمكن أن تكون هي من أنقذتنا؟!”
“إنهم فرسان القداسة! و لقد عاد فرسان الدوق أيضاً!”
“إذاً، من أنقذ الجميع في النهاية هي صانعة الأدوات السحرية……!”
“إنها أشبه بقديسة أرسلَتها السماء إلينا!”
تقاطرت الأصوات من كل جانب، فيما رسم سيريل ابتسامةً متكلفة على وجهه وقد بدا في غاية الحرج.
“أهنئك على عودتك، يا صاحب السمو. ولتحلّ بركة المعبد……”
“بل ليست بركة المعبد، بل بركة الأدوات السحرية.”
“!!”
فتجمد وجه الكاهن الأكبر ملوّنًا بالذهول من وقع تلك الكلمات.
___________________________
هذا الظهور الي تبيه ميلودي 🤏🏻
وديونيس جايب الراس معه ليه😭
رايون اول مره يسوي شي صح وصخ ملابس الكاهن متعمد ✨
المهم هيبة المعبد الى الطريق المنحدرة هاهاهاهااعاعاهاهاهاها
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 64"