“كم عدد الكهنة لديكم، وهل المرضى كُثُر إلى حدّ لا يمكن علاجهم؟”
أومأ الكاهن الأكبر برأسه بأسف.
“يبدو أن هذا مرضٌ لا يمكن شفاؤه بالقوة المقدسة، فلم يُبدِ المرضى أي تحسّن.”
عند سماع ذلك، شعر رايون بشيءٍ مألوف وسأل،
“هل وجدتم سبب المرض؟”
“يبدو أنّ من استخدموا آلة تزويد المياه التي صنعتها صانع الأدوات السحرية هم من ظهرت عليهم الأعراض.”
“صانعة الأدوات السحرية؟ تعني ميلودي؟”
“هل تعرفها؟”
“لقد التقيت بها حين ذهبت إلى قصر الدوق. على أي حال، هل المشكلة في الأداة السحرية إذاً؟”
“في الحقيقة، منذ أن جاءت إلى هنا كان تصرفها مريبًا.”
نظر الكاهن الأكبر إلى وجه رايون الذي انقبض بشدة، ثم تابع حديثه.
“لقد استدعت وحشًا شيطانيًا وعرّضت فرساننا للخطر، ثم طلبت أن نتركها تذهب إلى الغابة لتكفّر عن ذنبها. أبدينا لها الرحمة وسمحنا لها بالمغادرة، لكن يبدو أنها ارتكبت هذه الفعلة بدافع الحقد قبل أن ترحل.”
“هل أرسلتم صانعة الأدوات السحرية إلى الغابة خارج الحاجز؟ تلك المرأة الصغيرة؟”
“……نعم، صحيح.”
“وفوق ذلك، فهي تعمّدت التلاعب بالأداة السحرية لإيذاء الناس، أليس كذلك؟”
ابتسم رايون بسخرية.
لم يكن منطقيًا أن تسعى ميلودي لإيذاء أحد. فهي تلك التي دخلت بنفسها إلى السوق السوداء المليء بالمخاطر فقط لتنقذ طفلًا من حي الفقراء.
وحين نظر إلى مساعده، وجده يفتح فمه بدهشة ويبدو عليه أنه يشارك نفس الفكرة.
ما الذي جرى هنا بالضبط؟
فارتسم الشك في عيني رايون الزرقاوين وهو يحدّق في الكاهن الأكبر.
“يجب أن أرى المريض بنفسي.”
“نعم، يا سموك.”
فأحضر بينديكت رجلًا قيل أنه مصابٌ بالوباء. ببقع حمراء، وأطراف متصلبة……
كانت أعراضه تمامًا كأعراض ذلك الطفل الذي رآه في حي الفقراء.
“يبدو أني أعرف هذا المرض.”
ارتسمت على وجه الكاهن الأكبر علامة استنكار. لكن رايون تجاهله وسأل المريض،
“ماذا فعلت قبل أن تُصاب بالمرض؟”
“شربت……ماءً.”
“وقبل ذلك؟”
“هَه……قاتلت وحشًا.”
تسرب أنينٌ مؤلم من فم الرجل الشاحب المرهق.
“وهل كنت بخير حينها؟”
“بالطبع……نعم……!”
“ولم يحدث شيء غير عادي أثناء القتال؟”
“خُدِشت بمخلب الوحش، لكن……آآخ……تلقيت علاجًا من الكاهن.”
“همم……”
حتى ميلودي نفسها قالت أنه مرض مجهول السبب.
“كي لا نثير الفوضى بلا داعٍ، من الأفضل ألا يُعلَن هذا الأمر خارجًا في الوقت الحالي.”
“لكن من شربوا من الماء الملوث، ينبغي عزلهم.”
“أنا أعرف دواء هذا المرض.”
تلألأت عينا رايون بثقة.
صحيحٌ أن القتال لم يسر كما أراد، لكن ها قد جاءت الفرصة ليتألق.
حين أخذته ميلودي إلى حي الفقراء الموبوء، كان يوشك أن يتقيأ من شدة القرف، لكنه الآن يرى أن ذلك كان مشيئة القدر.
بل ربما كان القدر هو من أرسل ميلودي إليه.
“دواء……لهذا المرض؟ أحقًّا تقول ذلك؟”
ارتجف صوت الكاهن الأكبر وهو يعيد السؤال، كأنه لا يكاد يصدق.
“اجمعوا كل من أصيبوا بالوباء.”
أمر رايون بذلك بثقة.
***
بعد أن أنهوا البحث، اجتمعوا مجددًا أمام الآثار.
“تلك الوحوش المقززة……لا تنتهي أبدًا، وكأنها تتدفق بلا حد!”
قال ديرين ذلك وهو يمسح الدم النازف من أنفه بيده.
كان عدد الوحوش كبيرًا لدرجة أن البحث لم يكن سهلًا، والإرهاق هو المشكلة الكبرى.
“أنفي، الذي لم يتأثر حتى بضربة سيف خشبي، صار ينزف دمًا.”
حتى لو حاولوا اختيار المسارات التي تقل فيها الوحوش، لم يكن بالإمكان تفادي القتال تمامًا.
و أفضل ما يمكن أن يحدث هو السير ساعة أو ساعتين دون مواجهة.
وما زاد الطين بلّة أن الآثار المتناثرة كالشظايا انقطعت فجأة دون أثر.
“بهذا الوضع، سنهلك قبل أن نجد شيئًا.”
قالت تاليا ذلك بصوتٍ خافت متعب.
“لنكتفِ بهذا القدر اليوم.”
ثم قال ديونيس ذلك وهو ينظر إلى ميلودي.
ورغم أنها اعتادت الغابة، إلا أن قوتها البدنية كانت الأضعف بين الخمسة. و الجميع كانوا مرهقين، لذلك لم يعترض أحد.
“أشعر وكأن هذا المكان صار منزلي……يا لها من أطلال مقرفة لكنها دافئة على نحو غريب.”
فقال ديرين ذلك وهو يهز رأسه مرارًا.
“أنا أشعر بشيءٍ غير مريح في داخلي……هل أنتم بخير؟”
ثم أضاف أهفين بصوت هادئ،
“وأنا أيضًا……كأن معدتي تنقلب.”
“آه، إذاً الأمر عند فارسَي الهيكل فقط.”
لكن لم يكن بوسعهم العثور على مكان آخر، لذا دخل الخمسة إلى داخل الأطلال.
و كالليلة الأولى، جلس ديونيس و أهفين بعيدين قدر الإمكان عن بعضهما.
ثم بدأت ميلودي أولًا بتفقد جراح ديونيس.
“لقد التأمت أسرع مما توقعت……أظن أن الجرح سيبدأ بالتعافي تمامًا غدًا.”
كانت الجراح بالفعل قد تحسنت بوضوح، فاكتفى ديونيس بهز كتفيه.
لكن قلب ميلودي بدا وكأنه توقف عن العمل. فحين اقتربت منه لتلف الضماد، أخذ قلبها يخفق بعنف.
ظن أن ارتباكها سببه قلقها على من لم يُعثر عليهم بعد.
“……نعم.”
أدارت عينيها وأومأت برأسها. و بالفعل كانت قلقة، لذا لم يكن جوابها كذبًا.
“ماذا لو صنعتُ أداةً سحرية تكشف آثار وجود الناس؟”
“فكرة ليست سيئة. لكن……كم سيستغرق صنعها؟”
“لن يستغرق وقتًا طويلًا. لكن نطاق الكشف سيكون ضيقًا. فالبشر ليس لديهم طاقةٌ قوية مثل الوحوش، لذلك سيستهلك الأمر الكثير من نوى السحر. وبما أن ما نملكه قليلٌ الآن، فلن يكون مجال الكشف واسعًا.”
صمت ديونيس لحظة يفكر،
“وماذا لو استعملنا قوةً أخرى غير نوى السحر؟”
“قوة أخرى……تقصد ماذا؟”
“السحر.”
ارتسمت ابتسامةٌ على شفتي ديونيس. فاضطرب بريق عيني ميلودي.
حقاً، هو يملك قوةً سحرية تكفي لتحويل آلة تبديد السحر إلى رماد، وبمِثل هذه القوة يمكن توسيع نطاق الكشف كثيرًا.
“أعتقد أن الأمر ممكن.”
بدأت ميلودي فورًا بصنع الأداة السحرية. و انشغلت حتى غلبها النعاس قليلًا، لكنها شعرت بيد توقظها ففتحت عينيها، فإذا بديونيس أمامها.
“آه……يا دوق.”
رفعت ميلودي يدها بخدر نحو وجهه.
“لماذا أشعر بالدفء……إذا كان هذا مجرد حلم؟”
انزلقت يدها من شفتيه إلى ذقنه، فتنهد ديونيس وكأنه يكبح شيئًا داخله،
“هل……تفعلين هذا مع الآخرين أيضًا؟”
“آخَرين……؟”
“……انهضي. سنذهب لتجربة الأداة السحرية.”
حينها فقط أدركت ميلودي أن ما يحدث واقعٌ وليس حلمًا. فجلست بسرعة، لكن ديونيس خطفها بين ذراعيه.
“مـ……ماذا تفعل!؟”
“لا أريد إيقاظ الجميع، فالأفضل أن نتحرك بهدوء.”
“كان يجب أن تقول ذلك قبل أن تحملني!”
تمتمت ميلودي معاتبة، فاكتفى ديونيس بهز كتفيه.
كان عليهما أن يتحركا خفيةً حتى لا يكتشف أحدٌ أنه سيستعمل السحر.
ألقت ميلودي نظرةً إلى مكانٍ كان أهفين يستريح فيه، لكنه لم يكن موجودًا؛ لعلّه خرج ليتفقد المحيط.
أما ديرين فقد بدا وكأنه غارقٌ في نوم عميق تحت ضوء القمر الخافت، فيما كانت تاليا متكومة في زاوية، نائمة بانكماش شديد.
“تشبثي جيدًا.”
قال ديونيس، ثم قفز.
“آه……!”
كادت ميلودي أن تصرخ، فقد وصل بخطوة واحدة إلى خارج المبنى. و لبضع ثوانٍ بقيت مذهولة، ثم همست وهي تحدق فيه،
“إنه……السحر.”
__________________________
شكل أهفين بيشوفهم🌝 باعوص
المهم ديونيس شايل ميلودي هههعهعهعههه
ثم بيشوفها مستانسه بسحره ويطيح زود✨
الكاهن ذاك مجنون فجأه جاه مرض وش سببه؟ معبدهم الخايس؟ اخلاقهم؟ عقوبه؟ الوحوش؟ لا ميلودي طبعاً🤨
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 62"