مع تجديد العزم، خرجت ميلودي، فوجدت عربةً تحمل ختم عائلة الدوق واقفة مباشرة في الزقاق أمام النزل.
“هل هذه كل الأمتعة؟”
“نعم.”
تبعد مقاطعة مالاكار ثلاث ساعات بالعربة. وما إن صعدت إلى العربة حتى بدأت المناظر التي تُرى من النافذة تتغير.
جلست ميلودي داخل العربة المتمايلة غارقةً في التفكير.
‘إعدادات الرواية مسألةٌ لاحقة.’
المشكلة التي يجب أن تحلها الآن لم تكن ما إذا كانت الرواية قد ذكرت أن ديونيس كان ساحرًا، بل أنها حتى لو صنعت آلة لإبطال السحر في هذه اللحظة، فلن تستطيع أن تخلّصه من ألمه.
‘في الرواية، قبل أن أموت مباشرة، كانت هناك قصة أنني أنجزت الأداة السحرية التي كان ديونيس يحلم بها.’
ميلودي في الرواية صنعت أداةً سحرية جديدة خصيصًا له. وهذا يعني أن آلة إبطال السحر الموجودة حاليًا لم تكن ذات فائدةٍ له.
والسبب، لا بد أن تعرفه من الآن فصاعدًا.
‘لا بد أن أُنجزها قبل أن يبدأ ديونيس بالتمرد.’
لحسن الحظ، وردت عدة صيغ سحرية استُخدمت في تلك الأداة.
‘كانت بالتأكيد صيغًا سحرية لم تُستخدم في آلة إبطال السحر الأصلية.’
لم تكن كل الصيغ مذكورة، لكن حتى بهذه الجزئية، يمكنها أن تحل المشكلة أسرع من مؤلف الرواية.
ربما.
‘لا، بل لا بد أن أنجح في ذلك.’
لأن نجاتها تعتمد على ذلك.
وبينما كانت تردد الصيغ السحرية وتجدد إرادة البقاء، رأت من خلف النافذة برجًا رماديًا مدببًا يلوح فوق تل مغطى بالضباب.
و قد بدا القصر الضخم وكأنه موقعٌ أثري قديم بسبب جدرانه الرمادية.
قلعة مالاكار. كانت القلعة التي ماتت فيها ميلودي في الرواية.
***
“مرحبًا بقدومكِ.”
من استقبل ميلودي كان كبير الخدم ذو الشعر الأبيض. و خلف نظارته أحادية العدسة، بدت في عينيه الرماديتين صلابةٌ صاغها الزمن.
“أنا كبير الخدم، ويليام. سمعتُ أنكِ صانعة أدوات سحرية.”
“أنا ميلودي. إذا أتيحت لي الفرصة، أود صنع أدوات سحرية يمكن لمن في قصر الدوق استخدامها أيضًا.”
“سمعتُ أنكِ ستصنعين شيئًا يخص الدوق. للأسف، لا أظن أن أحدًا آخر سيحصل على فرصة لاستخدامها.”
كانت كلمات رفض مؤدبة. وذلك طبيعي، فالنبلاء عادةً ما يتحاشون استخدام الأدوات السحرية، بسبب استخدامها لجثث الوحوش كمكونات.
لكن الأشياء الجيدة لا بد أن تُكتشف يومًا ما.
فرفعت ميلودي كتفيها وردّت،
“إذاً سأبذل جهدي في صنع أداة سحرية مخصصة للدوق!”
“نرجو ذلك.”
خلافًا للمظهر الكئيب من الخارج، كان الداخل نظيفًا ويعبق بطابع عتيق. و كانت الزينة قديمةً قليلًا، لكنها بدت أنيقة.
“هل المطبخ في هذا الاتجاه؟”
توقّف كبير الخدم الذي كان يسير أمامها فجأة عند سؤالها.
“الدوق أمر بأن تُعامَل الآنسة ميلودي كضيفة. إذا احتجتِ إلى شيء، ما عليكِ إلا أن تدقي الجرس، وسنُرسل من يحضره لكِ. أحد الخدم سيتولى ذلك.”
كم مرة في اليوم يُسمح لها أن تدق الجرس؟
كانت على وشك أن تسأل، لكن كبير الخدم تابع حديثه وكأنه قرأ ما في ذهنها.
“يمكنكِ دق الجرس متى ما شئتِ من المرات. فخدمة الضيوف الذين يزورون المقاطعة دون أي إزعاج، هو جزءٌ من واجبنا.”
مرتين. لا، مرةً واحدة فقط تكفي. فرؤية الناس وجهًا لوجه في كل مرة تحتاج فيها ماء سيكون أكثر إزعاجًا.
وأثناء صعودها الدرج، كان هناك فارسٌ واقف عند نهايته. شعره البني الداكن كان قصيرًا، وحاجباه كثيفان. و كان يملك وجهًا رجوليًا وقويًا.
“آنسة ميلودي. أنا روهان ديلوي، فارسٌ في خدمة الدوق. و من هنا سأتولى مرافقتكِ.”
عند سماع الاسم المألوف، تذكّرت ميلودي الرواية.
روهان ديلوي، فارسٌ في بيت الدوق، وكان دوره أن يقول “نعم” كلما أمره ديونيس. ففي الرواية، تنفيذ أوامر ديونيس كان دومًا من نصيب روهان.
شعرت فجأة وكأنها دخلت الصفحة الأولى من الرواية، فتأملت وجهه وأطلقت تنهيدةً طويلة.
“أين هو الدوق؟”
“إنه في مكتبه. إلا عندما يذهب إلى ساحة التدريب، نادرًا ما يخرج من غرفته. بسبب مرضه المزمن.”
مرض مزمن. لا بد أنه يقصد السحر.
راقب روهان ملامح ميلودي للحظة قبل أن يُكمل،
“نرجو أن تنتبهي لئلا تقتربي من الدوق أكثر من اللازم. حتى لو رأيتِه ينهار…..لا تلمسي جسده، فقط ناديني.”
كان يبدو أنه يتحمّل جيدًا داخل الحاجز، لكن هل كان ينهار أحيانًا من شدة الألم؟
بينما كانت ميلودي تفكر، سألت.
“وماذا لو أردتُ أن أنقله باستخدام أداةٍ سحرية؟”
ظهرت على وجه روهان ملامح المفاجأة.
“من الأفضل أن تسألي الدوق بنفسكِ.”
أخذها روهان إلى غرفة في نهاية الطابق الثالث.
“هذه غرفتي للعمل؟”
“الدوق أمر بأن تُجهّز بعناية. هل أعجبتكِ؟”
تفاجأت ميلودي بشدة من الغرفة التي أراها لها. كانت مليئةً بالكتب ومعدات صناعة الأدوات السحرية، وكلها بدت وكأنها جديدة تمامًا.
“واو، واو، واو.”
لم تكن تعرف أين تنظر. فكل شيء يلمع من حولها.
و كانت نوى السحر مصنّفةٌ حسب حجم الوحش، وجلود الوحوش عالية الجودة المكدسة هناك و التي لم تكن متاحة حتى في المعابد.
استنشقت ميلودي بعمق رائحة الثراء التي تملأ المكان، ثم أخذت تنظر من جديد حولها.
“مخالب وحش الغارغويل! هل من الممكن أن تبقى محافظةً على شكلها بهذه النظافة؟”
“صاحب السمو الدوق يخرج بشكل دوري في حملات تطهير للوحوش. تُرسل معظم المواد إلى المعبد، لكن الباقي يُحفظ لدينا.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 6"