“أقسم……من أجل الإمبراطورية، ومن أجل أمكَ، أنكَ لن تدع أحدًا يكتشف أبدًا أنك من وحوش الظلام.”
لكن إن مات الآن، فذلك القسم سيفقد معناه.
“عُد سالمًا.”
تردّد صدى صوت ميلودي المتوسل في رأسه.
لم يرد أن يموت بعد. على الأقل، لا قبل أن يرى وجهها مجددًا.
مدّ ديونيس يده. وما إن أخذ السواد يتلاطم عند أطراف أصابعه، حتى دوّى صوتٌ مألوف.
“سيدي!”
التفت، فإذا بفارسةٍ تشق أوراق الأشجار مسرعة نحوه، تحمل سيفًا قوياً.
كانت تاليا، حارسة ميلودي. وإلى جانبها فارسٌ مقدّس أيضًا.
“تباً، ما هذا الآن……!”
صرخت تاليا وهي تحدق بالوحش الذي يقاتله أهفين. بينما كان ملطخاً بالدماء بالكاد يصد بمجهودٍ مضني ضربات مخالب الوحش.
“سيدي القائد!!”
تلألأ سيف ديرين المقدس بين يديه، فانقضّ بلا تردد. و اندفع مساره نحو خصر الوحش بحدة كالبرق.
كــرررررر!!
ارتجت الغابة بصرخة مدوية حين غاص النصل عميقًا في جسد الوحش. وفي اللحظة نفسها، صوب أهفين سيفه نحو ساقيه ليقوض مركزه.
فتهاوى الوحش إلى الأرض، لكنه في رمقه الأخير هاجم بمخالبه القاتلة، غير أن ديرين تصدى لها بسيفه المقدس.
اهتزّ ذراعه من الصدمة حتى كاد يفقد الإحساس، لكنه صمد وهو يضغط على أسنانه.
“الآن يا سيدة تاليا!”
“تلقَّ هذا!!”
هوى سيف تاليا العظيم نحو عنق الوحش مباشرة. ومع صوت تحطّم هائل، انفصل رأسه عن جسده.
فمسح ديرين الدم الأسود عن نصل سيفه ثم التفت نحو آهْوين.
“من المريح أنكَ بخير يا سيدي القائد. لقد أدركناكم قبل فوات الأوان……وهذه نعمةٌ عظيمة.”
فردّ أهفين بدهشة لا تشبهه،
“سير ديرين……كيف وصلتَ إلى هنا……؟”
بينما سألت تاليا بقلق،
“سيدي الدوق، هل أصابكَ أذى؟”
أما ديونيس فحدّق ببرود، و تحدث بنبرة قاطعة،
“أتخالفين أمري وتأتين إلى هذا المكان وحدكِ؟”
“لم أخالف أمركَ. بل، و أنتما في قتال حتى الموت، ألن تقول لنا على الأقل أن قدومنا كان في محله؟”
“لم تخالفي أمري……؟”
وفي تلك اللحظة، حين شقّت امرأةٌ ملامحها مألوفة الطريق بين الأشجار، تباعدت شفتا ديونيس ببطء.
“ميلودي……!”
“هي التي قادتنا إلى هنا.”
قال ديرين ذلك واتسعت عينا أهفين بدهشة بالغة.
“مرحباً، جئتُ لأنقذكم.”
***
“هاءه……!”
ارتفع آخر نفس متقطع، ثم خيّم صمتٌ ثقيل. و تأكّد بينيديكت من أن حياة الكشّاف قد انطفأت، ثم غطّى جسده بقطعة قماش بيضاء.
لم يكن ثمة مفر. فكل شيء يُغتفر إن كان في سبيل النور.
ثم خرج بينيديكت من خيمة الإسعاف، لكنه ما لبث أن قطّب جبينه. فقد كان ضوء القمر ساطعًا أكثر من اللازم.
“لو أن من وُلد في الظلام عاش كما يليق بولادته من الظلام……”
تمتم بينيديكت وهو يسرع خطاه نحو خيمة الكاهن الأعظم.
“فارس الطلائع؟”
“أرسلته إلى السماء.”
أغمض سيريل عينيه لحظة، ثم تحدث بنبرة هادئة،
“إن ما جرى لم يكن إلا كارثةً سبّبها التدخل الطائش لصانعة الأدوات السحرية. هل تحريتَ عن تلك الفتاة؟”
“ميلودي ريوُد. كانت تعمل في قسم إدارة صنّاع الأدوات السحرية في المعبد، وقد سُجن أحد مديريها لأنه صنع أداةً سحرية قاتلة. ويبدو أن طريقة صناعة هذه الأدوات تعلمتها منه.”
“تُرى كيف وثق الدوق بشخص كان يتآمر منذ زمن طويل على تطوير أدوات قتل؟ يبدو أنه كان ساذجًا أكثر مما ينبغي.”
“وربما كان يعلم……ومع ذلك استقدمها.”
فاتسعت ابتسامة سيريل الثقيلة، غامرةً وجهه.
“ها قد صار مَن يسبحون بحمد الظلام يخرجون إلينا بلا انقطاع. فلا لحظة أمان ولا طمأنينة لنا.”
ثم صمت للحظة كأنه يزن شيئًا في ذهنه، قبل أن يتابع،
“إن كان الظلام قد أغوى الدوق، فلا بد لجلالته الإمبراطور أن يحاسبه على جرمه. وإن كان لن يعود حيًّا على أية حال.”
“وقد بعث البلاط بسمو ولي العهد على رأس قوات دعم. لعل من المناسب أن نرفع إليه طلب تولّي هذا الأمر.”
فأشرق وجه سيريل سرورًا وهو يجيب
“وما يحدث في هذه الأرض، يحسم في هذه الأرض.”
“غير أن إصلاح الحاجز أمرٌ يكاد يكون مستحيلًا.”
بعد محادثته مع بينديكت خرج سيريل من الخيمة وألقى بنظره إلى الأرض المنهكة التي غمرها ضوء القمر.
“أما الشقوق فهي في النهاية عابرة. سيعود كل شيء إلى النور. علينا فقط أن نكسب ما يكفي من الوقت إلى أن يحين ذلك الحين.”
لكن الواقع أن الشق قد بدأ بالفعل، والحاجز لن يزداد إلا انهيارًا، حتى يصبح فوق طاقة البشر.
“أن يعود أحدٌ من هناك حيًّا…….”
توقف سيريل عن الكلام عند هذا الحد. فأجابه بينيديكت كأنه قرأ ما دار في صدره،
“لقد مضت ثلاثة أيام منذ دخل الدوق، ولم يخرج. لا أمل أن يكون بخير.”
لقد كان بينيديكت عبدًا مخلصًا، أرسله معبد النور ليكون لسان حاله.
هدر صوت المطر أولًا على سقف الخيمة، ثم انهمرت السماء سيولًا هادرة. ثم تسللت إلى الأنف رائحة الدم ممتزجة بعبق التراب المبتل.
وعلى حين غرة، تذكّر سيريل تلك الأداة السحرية التي فجّرت قطرات الماء في الهواء.
ثم أبطأ خطواته وهو يعود إلى الداخل. فتلك العينان الخضراء التي كانت تلمع بغير داعٍ……ظلت عالقةً في خاطره.
‘أيمكن أن تكون صانع الأدوات تلك……؟’
لا، لن ينجو أحد في تلك الأرض. أليست هي نفسها التي ابتلعت أهفين الذي كان يُدعى أعظم موهبة في الفرسان المقدسين؟
فقدانه كان أمراً موجعاً، لكن سرعان ما ستغمر هذه الأرض بالقداسة بحيث لا يُحزن لأجل شخص أو اثنين. وعندها ستعود إليه قوته المقدسة أيضاً.
“يا نور، خلصنا.”
و غطى صوت المطر صوت الكاهن الأكبر.
***
“الكاهن الأكبر حاول قتلكِ؟”
كانت نبرة ديونيس مرعبةً حتى كاد الهواء ينقطع من شدة القتل المتطاير من صوته.
فتوقفت ميلودي عن لف الضماد حول جراحه وتصلبت في مكانها. حتى جلدها أخذ يلسع.
بينما أطفأ أهفين النار الصغيرة بقدمه وهو يهز رأسه نافياً وكأن الأمر لا يُصدق.
“النمل؟ لم نر أي أثر للنمل منذ دخلنا الغابة.”
“سيدي القائد، إذاً سيدي الكاهن اختلق هذه الأكاذيب فقط ليلفق التهمة للآنسة ميلودي؟”
“و من الممكن أن يكون الكشافة قد شهد شهادة زور.”
عند كلمات أهفين، بدا كأن الشرر يتطاير من عيني ديونيس.
“وأي منفعة يجنيها من الكذب؟”
“حتى لو جُعلت الآنسة ميلودي كبش فداء، فلن يكون في ذلك أي منفعة للهيكل أيضاً.”
“بل ألقوا كل المسؤولية على عاتق ميلودي للتهرب من الذنب، وسمعة الأداة السحرية دُفنت في الوحل. أترى هذا غير كافٍ كمنفعة؟”
قال ديونيس ذلك بحدة. فانحنى أهفين برأسه كأنه تخلّى عن التبرير.
“لا بد أن هناك سبباً آخر.”
“فلتفكر كما تشاء.”
ثم التفت ديونيس ثانيةً نحو ميلودي، وكرر بوجه مصدوم،
“لقد حاول قتلكِ.”
“لكني لم أمت. ها أنا بخير.”
“لقد أقسمت أن أحميكِ……”
“السيدة تاليا هي من حمتني. وإذا ما رفعتَ عني سوء الفهم، فسأستعيد براءتي.”
“لكن لتفادي الموت اضطررتِ إلى دخول الغابة.”
ابتسم ديونيس بمرارة. وفي ملامحه ما يوحي بتأنيب الذات، فتحدثت ميلودي وهي تثبّت الضماد بصوت رتيب.
____________________________
تخيلوا ميلودي تطلع قديسة؟ ثم تعترف ان ابوها ساحر وهي قديسه يعني السحره طبيعين✨
وتتزوج ديونيس واحلا نهاية✨
طبعا بعد مايندعس على أهفين و رايون مدري شسمه
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 58"
حرق تعليقك ولا امنية