انقضّ ديونيس وبتر معصمه، لكنه لم يتوقف بل اندفع إلى الأمام بجنون.
وهناك، في المكان الذي كان الفرسان القديسون وعلى رأسهم أهفين يؤدون الطقس، انصب هجومه.
“يجب أن نوقفه حتمًا!”
صرخ روهان واندفع، لكن الغريزلي ضربه بضربةٍ واحدة أطاحت به بعيدًا. وقد تمكن بالكاد من صد الهجمة بسيفه، غير أن الصدمة جعلته يشعر وكأن جسده كله ينكسر.
فتقيأ دمًا غزيرًا وهو يترنح.
أما ديونيس فوثب فوق ظهره محاولًا أن يطعن عنقه. لكن حد السيف كان قد تبلّد، فلم ينقطع عنق الوحش.
فأخذ يهوي على الموضع نفسه مرارًا كما لو كان يقطع خشبًا. لكن سرعته لم تهدأ، ولا وحشيته خفّت.
ظل ديونيس متشبثًا بجنونه فوق ظهره، لكنه لم يكن كافيًا لمنعه من تهديد الطقس.
“قليلًا فقط….قليلًا بعد..…!”
“لا، يا لورد أهفين! يجب أن تبتعدوا!”
بدأ فرسان الجماعة المقدسة يفرون هربًا من الغريزلي المندفع، لكن رجلًا واحدًا لم يبرح موضعه فوق نقوش الرون: أهفين.
“ذلك الأحمق..…!”
اندفع ديونيس وهو يعض على شفتيه. وفي اللحظة التالية ارتجّت الأرض حيث كان أهفين واقفًا، تاركة حفرة غائرة.
“سيدي أهفين!!”
نجا بأعجوبة من الضربة، لكنه حين فتح عينيه لم يجد ما يطأه. وبدأ يتدحرج نحو الأسفل.
ولم يلبث أن أدرك أنه ليس وحيدًا. فقد غرس ديونيس سيفه في جدار الجرف وأمسك بيده قبل أن يسقط أبعد.
“شكرًا لكَ. ما الذي حدث؟”
“ما الذي حدث؟ أهو غير واضح؟”
قال ديونيس ذلك وهو يومئ برأسه نحو الأعلى.
“ذهب كل شيء سُدى.”
فرأى أهفين بوضوح الضوء الذي كان قد عاد يلوح في صخر الحاجز، وهو يخبو وينطفئ.
***
تمكن أهفين وديونيس من الاحتماء في فجوة منحدر الجرف. نجوَا بحياتهم، غير أن المشكلة لم تُحل بعد.
“لقد سقطنا عميقًا جدًا بحيث يصعب التسلق. الأفضل أن نرتاح قليلًا ونستعيد قوتنا.”
أنزل ديونيس سيفه الذي تهشّم نصله وجلس على الأرض. فلم يكن هناك سبيلٌ آخر سوى النجاة والعودة سالمين.
التفت أهفين إليه، وهو مغطى بالتراب والدم.
“سأساعدك على معالجة جراحكَ.”
كان الدم يتسرب من كتفه، على الأرجح من أثر مخالب الغريزلي. لكن ديونيس رفض ببرود.
“بهذه اليد المرتجفة؟ دعكَ من ذلك. الأفضل أن تحفظ طاقتك كي لا تعيق نفسكَ لاحقًا.”
عضّ أهفين على أسنانه. كان قد مد يده بشجاعة، لكنه في قرارة نفسه لم يكن واثقًا أنه قادرٌ فعلًا على معالجته.
كانت أصابعه الباردة ترتجف بلا حول، والسبب هو نفاذ قوته المقدسة.
خفض ديونيس بصره نحو السوار الذي أعطته إياه ميلودي. ولولا أنه صدّ به هجوم الغريزلي آنذاك، لكان الآن جثةً بلا روح.
‘أو على الأقل كنتُ سأُجرَح حتى الموت.’
أما جرح كتفه، فقد أصابه وهو يتشبث بأهفين كي لا يهوي معه إلى أسفل الجرف.
“لو كان لدي وقتٌ أطول قليلًا، لأتممت الطقس.”
قال أهفين ذلك، فرد ديونيس بلا مبالاة،
“لكنكَ لم تفعل. انسَ ذلك، وفكّر كيف سنخرج من هنا.”
“أنتَ تبسّط الأمور كثيرًا. ألا يقلقكَ كم صار الوضع كارثيًا في الخارج بسبب فشلنا؟”
“القلق لن يُغيّر شيئًا. نحن قضينا على عدد غير قليل من الوحوش، لذا من بقي في الأرض المتآكلة سيكون بخير. أما من ذهب إلى حجر الحاجز، فحياتهم أو موتهم بيدهم وحدهم.”
تنهد أهفين وأطرق برأسه. فقد كان كلام ديونيس صحيحًا. و الآن ليس وقت اللوم.
“سيكونون بخير.”
قبض ديونيس على السوار المحطم وتحدث مجددًا.
***
“أكان في الأداة السحرية شيئًا كهذا؟”
“أليست مذهلة؟ كأنها…..معجزة حقًا.”
“ظننت أني أشهد تجليًا من القداسة.”
لقد كان أثر الأداة عظيمًا. وبعد انقضاء موجة الوحوش ودخول الفرسان في فترة هدوء، لم يكن بينهم حديث سوى عن الأداة السحرية.
وبالطبع تداخل اسم ميلودي في الكلام.
“كنت أتساءل لِمَ تبعت صانعة الأدوات السحرية هذه الحملة، فإذا بها نافعةٌ جدًا.”
“بل أكثر من نافعة. لولا أداة تجميع الماء تلك، لما اغتسلنا كما ينبغي طوال العشرة أيام الماضية.”
“كما أنها لطيفة قليلًا…..تدفعك لأن ترغب في حمايتها.”
“احمِ نفسكَ أولًا. لكن…..لماذا لا يصنع المعبد شيئًا كهذا؟”
وما إن طرح أحد الفرسان هذا التساؤل، حتى ردّ الكاهن الذي كان يعالج الجرحى بنظرة حادة.
إنها قوةٌ مختلفة تمامًا عن القوة المقدسة أو السحرية. وقد كانت كافيةً لتأسر قلوب الفرسان الذين عاينوا عجزهم المطلق في لحظة، ثم شهدوا تلك القدرة الجبارة.
أما بالنسبة للمعبد، فلم يكن مرحبًا بمثل هذا التساؤل أبدًا. فلطالما كان أكثر ما يخشونه هو وقوع وقت كهذا بالذات.
إذ إن انصراف أنظار الناس عنهم في حين تنهار الحواجز ويضعف نفوذ المعبد، لا يعني إلا انهيارًا لهيبتهم التي شيدوها عبر السنين.
“لو استعملت تلك الأداة بنفسي لشعرتُ وكأني…..قديسٌ تقريبًا.”
“يا إلهي..…”
تنهد الكاهن في ضيق. أما ميلودي، فقد أحست بالانزعاج في عينيه المسلطة عليها.
وكان حريًّا بها أن تتوخى الحذر، وهي تدرك كم يحذر المعبد من الأدوات السحرية.
بل وحتى ديونيس الذي استأجرها، قد يُعرض نفسه لخطر غير لازم.
لكن أمام وحوش على مرمى حجر، لم يكن لديها رفاهية التفكير في بدائل أخرى.
‘لو كان لدي وقتٌ أطول، لربما وجدت طريقةً مختلفة.!
لكن إن كانت مضطرةً إلى مراعاة أنظار المعبد في كل موقف كهذا، فلن تقدر على فعل شيء بعد الآن.
أما مواجهة التهديد، فهو أمر يُحل بعد النجاة أولًا.
‘سيكون التعامل مع العواقب صداعًا كبيرًا.’
خلعت ميلودي قفاز العمل عن يديها. فشعرت بوخز حارق في راحتها، و رأت أنها قد تشققت وتجرحت جراء عمل الليل كله.
لم يكن جرحًا بالغًا، لكنها فكرت أن تلفه بضماد على الأقل. وما إن مدت يدها إلى حقيبتها حتى لمحَتها آنا، فشهقت واقتربت منها مذعورة.
______________________
آنا بتسوي دراما وديونيس مب موجود 😭 يارب رايون مب معهم بعد الزفت
المهم يتكرهي للمعابد ما يعجبهم العجب بس كيوت الفرسان الي جالسين يمدحونها والي يقول ودي احميها😂
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 53"