لكن لم يكن ينبغي له أن يفعل ذلك. لأنه لم يكن يريد أن يجعلها تموت.
كان أول شخص قتله، هي مربيته.
“سمو الأمير، أتيتُ للإعتذار.”
عادت المربيك التي كانت قد هربت من القصر الإمبراطوري بعد أن أصبح هو ساحراً ومرّت عدة أشهر.
“اليوم الذي أبعدت فيه يد سمو الأمير…..لم أنسه يوماً واحداً. أن أدير ظهري وأنا أقول أنني خائفة وأترك الأمير الصغير وحده…..لقد كان ذلك مخزياً للغاية بالنسبة لي…”
“لقد تأخرتِ.”
لم تستطع المربية قول شيء. بينما انهمرت دموعها على ركبتيها المنحنيتين.
“لا بأس إن لم تغفر لي. فأنا أعرف كم تركت جرحاً عميقاً في قلب الأمير الصغير..…”
خفضت المربية رأسها بعمق. غير أن المخطئ لم يكن هي، بل كان هو.
فمدّ ديونيس بيد مرتجفة ووضعها برفق فوق ظهر يدها.
“…..لكن بما أنكِ جئتِ ولو متأخرة. سأغفر لكِ.”
“آه، أميري الصغير.”
أمسكت المربية بيده. وفي تلك اللحظة بدأ الألم العنيف.
“….اتركيني….بسرعة.…!”
لكن المربية لم تفلت يده.
“لا بأس يا سمو الأمير. أنا لم أعد…..أستطيع..…”
قبل أن تنهي كلامها، اجتاحت قوةٌ سحرية متفجرة من جسد ديونيس جسدها وابتلعته.
“آاااه!”
و مع صرخة حادة مفعمة بالألم بدأ جسدها يتفكك ويتحول إلى رماد متناثر.
“مربيتي..…؟”
نظر ديونيس بوجه كئيب إلى المكان الذي كانت فيه. لكن مهما ناداها لم تعد قادرةً على الرجوع.
وفي كل مرة يتذكر مربيته التي اختفت هكذا، كان ديونيس يفكر. بأنه ملعون. وأن كل من يلمسه سيكون مصيره الموت.
ولذلك كان دائماً يرتدي القفازات. وهو يعلم أنها بلا جدوى، لكنه كان يريد أن يبعد أي ملامسة قدر الإمكان.
وحين نزعت ميلودي القفازات منه وهي ثملة، لم يستطع أن يحتمل خوفه.
خاف ألا يستطيع كبح اندفاع رغبته في لمس يدها. وأن ينتهي الأمر بأن يجعل ميلودي تموت بسببه.
فاحتقر نفسه لأنه ظن أن الأمر سيكون بخير إن كانت هي من تبادر إلى لمسه. ولم يكن يعلم أنه سيصبح مهووساً بذلك الدفء ويطمع بالمزيد.
‘يا لي من وحش لا يعرف حدّه.’
مرر ديونيس يده في شعره.
إن أراد أن تبقى على قيد الحياة، فعليه أن يكتفي بالدفء الذي يصل إليه من خلف القفازات. فقبض يده بإحكام.
“لقد ظهرت لنا أراضي كالاو!”
ثم التفت ديونيس وهو يمتطي جواده نحو صرخة روهان. فرأى الأرض البعيدة وقد تحولت إلى سواد قاتم.
“آه، لا أصدق أن الحاجز قد تحطم فعلاً!”
“لابد أنها من أفعال السحرة!”
وبينما كان ديونيس يسمع صوت الكاهن المفعم بالأسى، شق طريقه بسيفه بين الوحوش المنقضة عليه.
***
وكلما اقتربوا من حاجز كالاو، أخذت المناظر تتبدل. حتى بدا وكأن أحدهم قد سكب بقعاً سوداء بين الأشجار الخضراء التي لم تلوث بعد.
“…..يبدو أن تدمير الحاجز قد تقدم أكثر مما كنا نتصور.”
تمتم أحد الكهنة بغير تصديق.
كان يبدو وكأن الأرض على بُعد خطوة فقط قد انشقّت فجأة. ومن التربة التي ابتلعتها الوحوش تسللت رائحةٌ مقززة.
“تباً، كأن أنفي يتآكل.”
“إن كان التآكل قد وقع، فهذا يعني أن عدد الوحوش صار مهولاً.”
“علينا أن نتخذ من هذا المكان قاعدة، ثم نرسل كتيبة استطلاع لتتحقق من الوضع في الداخل.”
كان ثمة وحوش قليلة حولهم، لكنها لم تكن كبيرة الحجم. فتولى الفرسان أمرها سريعاً ثم عادوا.
وعندما رأت آنا جثة الوحش الهامدة تقيأت تقريباً.
“حقاً، لم أرَ في حياتي شيئاً مقززاً إلى هذا الحد!”
“أتندمين؟”
“أبذل جهدي ألا أفعل.”
تحققت ميلودي من الأداة السحرية التي تُظهر مواقع الوحوش. فامتلأت الخريطة بنقاط متزاحمة على غير بُعد.
“لكن…..ما هو التآكل بالضبط؟”
“حين تتكاثر الوحوش فإنها تترك أثراً على الأرض، وهذا الأثر يُسمى التآكل. والوحوش تستمر في التكاثر في الأرض المتآكلة. يضعون بيضهم ويجعلونها مكاناً لتربية صغارهم. يمكنكِ أن تفكري به كأنه قريةٌ للوحوش.”
وكلما زاد عدد الوحوش المولودة، اتسعت رقعة الأرض المتآكلة أكثر فأكثر.
فبعد أن كانت مجرد حفرة صغيرة في البداية، ها هي الآن قد كبرت حتى صارت قادرةً على ابتلاع قرية كاملة.
فارتجف جسد آنا.
“على أي حال، نحن في الصفوف الخلفية، فلن يحدث أمرٌ خطير. لكن إن ظهرت الوحوش فماذا ستفعلين؟”
“أخفض جسدي قدر الإمكان وأهرب بأقصى سرعة.”
“و عليكِ أن تبقي دائماً إلى جوار الكهنة. فهمتِ؟”
“نعم. لكن…..ميلودي، لا تبدين خائفةً كثيراً. هل سبق لكِ أن رأيتِ التآكل؟”
بالطبع قد رأته من قبل. لكن حتى ميلودي، فهذه هي المرة الأولى التي ترى فيها التآكل يحدث داخل الحاجز نفسه.
“تباً، وحوشٌ أخرى قادمة!”
وبينما كانت ترى الوحوش تهجم جماعات جماعات، تساءلت ميلودي في نفسها.
‘كيف تمكن ديونيس من صد كل هذا؟’
ففي الرواية، ديونيس صمد هنا شهراً كاملاً بلا أي دعم.
“في المقدمة ثلاثون وحشاً!”
من قلب الظلام الحالك اندفعت فجأة أسرابٌ من الحشرات الطائرة الطنانة. ولولا أداة كشف الوحوش التي صنعتها ميلودي، لكان الموقف خطيراً وغير متوقع، لكن الفرسان كانوا قد اصطفوا مسبقاً في تشكيل قتالي.
“بقوة القداسة..…!”
انبسط حاجزٌ من نور، فاصطدمت به الوحوش واحدة تلو الأخرى وتساقطت.
وحين كان فرسان الهيكل المقدس يصدون هجمات الوحوش، كان فرسان ديونيس ينقضّون ليقطعوا أجنحتها. وسرعان ما اخترق السيف المقدس جمجمة وحش زاحف.
طعنة! تكسير!
كان المشهد أقرب إلى غارة مفاجئة، لكن المعركة سارت بسلاسة أكثر مما توقعوا. غير أن آنا كانت على وشك الإغماء.
“أنا خائفةٌ جداً!”
و حتى ميلودي شعرت بالخوف.
‘ظننت أن خروج فرسان الهيكل المقدس غيّر المستقبل..…!’
لكنها أدركت من المشهد أمامها أن المشكلة لا يمكن أن تُحل بفرسان الهيكل وحدهم.
وبعد جولة من القتال، اجتمع ديونيس وأهفين مع بقية القادة على عجل. لم يسعهم حتى نصب خيمة، فانعقد الاجتماع في فسحة داخل الغابة.
“الوضع أن وحوش النمل الحشري توسع نطاقها. لقد أخلينا السكان القريبين، لكن إن اخترقوا حتى أسوار القلعة فلن ينجو من في الداخل.”
“هذا يعني أنه لا مجال للتراجع.”
“لكن الوقوف هنا وصد الوحوش المتدفقة بلا خطة ضربٌ من التهور، أليس كذلك؟”
و فجأة، رفعت ميلودي يدها لتتكلم.
“أنا…..لدي ما أود قوله.”
“……؟!”
فتوجهت إليها النظرات جميعها متسائلة: من تكون هذه حتى تجلس هنا؟
“من تكون؟”
“إنها صانعة الأدوات السحرية.”
“مجرد صانعة أدوات سحرية؟! أتجرؤ على التدخل في مكان كهذا؟!”
صاح الكهنة باستياء. فتحدث ديونيس بسخرية.
“أنتم الذين تركتم الحاجز حتى انهار، وما زلتم في هذا الوضع تتمسكون بالمقام والرتب؟”
فتبدلت الأجواء كأنها على جليد رقيق على وشك الانكسار.
“المعبد لم يفعل سوى-!”
“إنها تعرف الكثير عن الوحوش، وقدمت لنا بالفعل عوناً عظيماً. ألا يجدر بنا أن نصغي أولاً لما ستقوله؟”
قاطع أهفين كبير الكهنة الذي احمرّ وجهه وكاد ينفجر صائحاً، ومنحه بذلك الكلمة لميلودي.
“النمل وحوشٌ تعيش في جماعات. مهاجمة فرد واحد منها تستدعي فوراً جموعاً أخرى، مما يجعلها خطيرةً جداً.”
“ومن في هذا المكان يجهل ذلك؟!”
“لكن هناك وقتٌ تضعف فيه النملات. وذلك عندما لا يلتفت بعضها لبعض.”
“ومتى يكون ذلك؟”
“عندما تفقس البيوض. فالصغار حينها أضعف من البالغين، قشرتهم هشة وحجمهم صغير. والأهم أنهم يتخذون من أمهم التي وضعت البيض طعاماً لهم.”
“إذن تقترحين أن ننتظر حتى يضعوا البيض ثم نهاجم؟ وكيف نعرف متى سيحدث ذلك؟!”
سؤالٌ وجيه.
“لا وقت محددٌ لذلك. لكن يمكننا أن نصنع بيئةً اصطناعية تدفع البيوض إلى الفقس.”
___________________
ذا الي يصارخ في وجهها ليت ديونيس يلبخه كف يطير مخه ولاعاد يفكر
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 51"