“هه، أتفكرون أن تُلقوا بفرسان الهيكل المقدّس على التراب لمجرد اصطياد وحوش تافهة؟! ألا تخشون أن تُثيروا سخط المعبد؟”
“آه! لقد أتيتُ إلى هذه المقاطعة! فامنحوني لحمًا وسأفيض عليكم بالقوة المقدسة!”
رفع أحد الفرسان يديه مبالغًا في التقليد، فانفجر فرسان الدوق ضاحكين بصوتٍ واحد.
لكن من جانب فرسان الهيكل انطلقت نظراتٌ حادّة كالسهام. و بعضهم تفل شتيمة واضعًا يده على خصره، وآخرون قبضوا على أغماد سيوفهم بإحكام.
“ليست سوى كلمات الحاسدين لمن اختارهم المعبد. لا تلتفتوا، وواصلوا الاستعداد. وحين يحين وقت القضاء على الوحوش ستدركون جلال فرسان المعبد.”
قال ذلك فارسٌ بدا أنه نائب القائد.
و وسط الأجواء المشحونة التي تتكرر كل يوم، كانت آنا قد اعتادت عليها، حتى أنها علّقت ببرود وهي تتمعّن في المشهد.
“همم، ها هم يتشاجرون مجددًا.”
“أجواءهم صاخبة، وهذا ممتع.”
“لكن يبدو وكأنهم على وشك تبادل اللكمات!”
“مهما يكن، فلن يصل بهم الأمر إلى سحب السيوف حقًا.”
“حقاً؟ لستُ واثقةً من ذلك.”
ولم يطل الأمر حتى تحققت كلمات آنا.
“أتظنون أن تدليل المعبد لكم يمنحكم قيمةً؟ ما رأيكم أن نتبارز قليلًا لنعرف؟”
وبهذه الجملة، أسرع أحد المتدربين ورسم خطًا دائريًا عريضًا على الأرض، تحديداً للحلبة.
فتقدمت تاليا، إحدى فرسان الدوق، تحمل سيفًا عظيمًا على كتفها.
كانت ترتدي جلدًا ضيقًا يُبرز قوامها، وشَعرها الأحمر المضفور على الجانبين يتمايل مع الريح.
“حتى لو خطفتكم الوحوش، فلن يبقى منكم غير أفواهكم. لكن سيوفنا أسرع من ألسنتكم، وسأجعلها تكف عن التجرؤ من جديد.”
ومن جانب فرسان الهيكل، برز ديرين.
وضع سيفه الموشى بالرموز المقدسة على الأرض، واستل سيفًا حديديًا عاديًا.
فما كان من المتفرجين حول الساحة إلا أن علت أصواتهم بالهتاف.
أما روهان، الذي طالما تدخل لفض النزاعات في الأيام الماضية، فقد بدا أنه استسلم هذه المرة، ووقف يراقب من بعيد.
“أمن المعقول أن ينعقد مثل هذا النزال الممتع من دون رهان؟!”
صرخ فارس بين الحشود وهو يلوّح بقبعته، حتى امتلأت بالنقود وصارت ثقيلة.
ثم توجّه بها نحو ميلودي،
“أتودّان المشاركة أيضًا؟”
“نعم، بكل سرور!”
لأخرجت آنا من جيبها قطعتين فضيتين لامعتين وألقتهما في القبعة.
“وماذا عنكِ يا ميلودي؟”
ضيقت ميلودي عينيها وهي تتنقل بنظرها بين الخصمين المتقابلين.
“ألا ينبغي أن نعرف الحد الأدنى من المعلومات؟ لا يصح أن نختار الفائز بمجرد النظر إلى وجهه.”
“يا لحرصكِ البالغ. حسنًا. فارسة الدوقية، السيدة تاليا، تستخدم السيف العظيم عادة، و كل ضربة منها ثقيلة وقوية. أما ذاك الفارس التابع للهيكل فيستعمل السيف الخفيف، ويهوى بسرعة.”
ما إن فرغ الفارس من شرحه حتى انفجرت آنا ضاحكة بجانبه.
“هيه، في مثل هذه المواقف لا ينبغي أن نحسب مهارة أو قوة، فقط نشجع جانبنا وحسب. إن فازت فهذا رائع، وإن خسرت نقول أننا قد شجعناها.”
أليست الرهانات في الأصل للفوز؟ أن تحلل كل شرط وتضع مالك على الجانب الأوفر حظًا؟
ومع ذلك كان في كلام آنا قليلٌ من المنطق، فالتشجيع لا يقوم على الحساب وحده.
لكن ميلودي لم يسبق لها أن وقفت بصدق إلى جانب أي طرف. فقد كانت دائمًا بين الحدود: داخل الحدود وخارجها، السحرة والهيكل.
لم تكن أبدًا في صفٍّ خالص إلا لوالدها، ولم يقف أحدٌ إلى صفها خالصًا قط.
لذلك بدت عبارة “جانبنا” غريبةً على مسامعها.
“هل تتمنين فوز فارسة الدوقية أم تفضلين أن ينتصر فرسان الهيكل المقدس؟”
“طبعًا الجواب واضح.”
و دون تردد رمت ميلودي قطعة ذهبية في جانب فارسة الدوقية.
“مع الدوقية.”
وكأن تاليا قد سمعت صوتها، التفتت نحوها مبتسمة ابتسامةً واثقة.
“لن أخيب آمال السيدات.”
رأى ديرين ذلك فانعقد حاجباه قليلًا و تحدث بنبرة خفيفة،
“أيتها الصانعة! ألم نتقاسم تفاحةً فيما مضى؟ هذا مؤسف.”
“إذاً استعد لتبقى مؤسفًا، لأننا نحن من سيفوز.”
ما إن نطقت ميلودي بذلك حتى علت هتافات فرسان الدوقية من حولها، وسرعان ما اتخذ الفارسان وضعيةً جدية، بسيوفهما متقابلة والجو المتوتر حد الانفجار.
تشااانغ!
انطلقت المعركة. من الأعلى إلى الأسفل، ومن اليمين إلى اليسار، كانت السيوف تتقاطع بسرعة حابسة للأنفاس.
كلاك! كلاك!
تطايرت الشرارات من اصطدام النصال، والجسدين كانا يتقلبان بخفة، و يفلتان في اللحظة الأخيرة من رؤوس سيوفهم.
في ومضة، استدار جسد تاليا وصدت سيف ديرين، فارتد إلى الوراء متعثرًا تحت وطأة الصدمة الثقيلة.
“أخ!”
زلّت قدم ديرين فتدحرج على الأرض، وفي اللحظة التالية هوى سيف تاليا المغروز في التراب بجوار وجهه مباشرة.
“هياااا!!”
“وااااه!!”
ارتفع الهتاف مصحوبًا بصيحات القوة. و قد كان النصر من نصيب الدوقية.
وعندما أقبل الليل، أقيمت وليمةٌ فخمة بما قدمه الدوق من طعام و شراب. و امتلأ الجو حول المواقد برائحة اللحم المشوي، بينما تعالت الضحكات والأغاني بلا انقطاع.
جلست ميلودي في أحد الأركان تحدق في الكأس الموضوع أمامها دون أن تمسه. فرأتها تاليا واقتربت لتجلس أمامها بثقل.
“لماذا لا تشربين؟ لا تقولي أنكِ لم تجرّبي الشراب من قبل؟”
“نعم، لم أجرب.”
أدارت ميلودي الكأس بأصابعها وقطبت حاجبيها.
“كان أبي يقول أن الشراب يحوّل الإنسان إلى أحمق. حتى أنه اشترى لي بعض الكتب التي تحذر من هذا السائل الخطر.”
ما إن قالت ذلك حتى انفجر بعض الفرسان الذين رافقوا تاليا ضاحكين بدهشة.
“أتصدقين ذلك؟ ولهذا لم تشربي فعلًا؟”
“يبدو أنكَ شربت كثيرًا حتى صرت أحمقًا. و الآن فقط فهمت.”
“هاها! لا بد أن بنجامين وُلد والشراب في فمه!”
ضحكوا متغامزين، فيما ظلت ميلودي تنظر إليهم ثم سألت بهدوء،
“إن جربتِ الشرب ستفهمين. فهو يمنحكِ شيئًا آخر بدل أن يجعلكِ غبية.”
ترددت ميلودي قليلًا، ثم فرغت الكأس دفعةً واحدة.
“مُرٌّ وحارق…..لكنه قليل الحلاوة.”
“ها، ما رأيكِ؟ هل تشعرين أنك أصبحتِ غبية؟”
استحضرت ميلودي بضع صيغ سحرية في ذهنها ثم هزت رأسها.
“لا. أظن أنني ذكية أكثر من أن يحدث ذلك.”
“هاهاها، هذا ممتاز!”
ولأن الأمر لم يكن بالسوء الذي ظنته، أخذت ميلودي تحتسي الكؤوس التي يسكبها الفرسان لها، حتى لم تعد تعرف كم شربت.
ثو بدأ رأسها يثقل وإحساسٌ غريب بالخفة كان يغمرها.
“آنا…..لقد صرتِ اثنتين الآن.”
حدّقت ميلودي مطولًا في آنا الجالسة بجوارها، وحين حاولت استدعاء صيغة سحرية هذه المرة لم تستطع إكمالها، إذ انقطع تفكيرها فجأة.
على ما يبدو أنها لم تصبح غبية بقدر ما ربحت نسخةً إضافية من آنا.
“لا، بل ثلاث نسخ؟ إن صرتِ كثيرة إلى هذا الحد فلن أستطيع حمايتكم جميعًا.”
“ميلودي! هل أنتِ ثملة؟!”
“الدوق يحرسني….وأنا أحرسكِ….لكن ماذا عن آنا الثانية؟ هذه مشكلة. وحين تقع مشكلةٌ كبرى، فلا بد من استخدام أداة سحرية. لحماية الجسد من وحش، ينبغي أولًا أن أستعين بصيغة النور..…”
“انتظري هنا قليلًا، سأجلب لكِ ماء.”
قفزت آنا واقفةً وابتعدت مسرعة.
كان على ميلودي أن تنتظرها، لكن الحر بدا خانقًا، فلم تحتمل الجلوس، وأخذت تترنح وهي تمشي باحثةً عن مكان أبرد.
________________________
روحي لديونيس كوده يحبس اكثر كذا هاهاعاهاهاها
عارفه ذا الحركات انا ذاه وقت انها تطلع شخصيتها الثانيه عند ديونيس✨
وابو ميلودي كان عنده بعد نظر😂
المهم ديونيس اصلاً وينه؟ ليه ماقعد معهم قلبو
تاليا ذي تجننن هيبه واو وشعرها احمر✨✨✨
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 47"