رغم أنني غيّرت لقاءهما الأول، إلا أن الخطوط العريضة للأحداث لم تتبدل على الأرجح.
‘على أي حال، التفاصيل الصغيرة تغيّرت منذ اللحظة التي عرفتُ فيها المستقبل.’
كنت أريد تغيير المستقبل الذي يثور فيه ديونيس يائسًا من حب لم يتحقق، لكن ذلك لم يكن أمرًا أستطيع التحكم به.
‘هل…..سيقعان في الحب؟’
حين تخيلت المشهد الذي يجمعهما معًا، شعرت وكأن شيئًا يعلق في ذهني، رغم أنني أعرف مسبقًا ما سيحدث.
‘بالطبع، إن لم يتحقق ذلك الحب فسوف أموت. لهذا أشعر هكذا…..أليس كذلك؟’
إذًا، ما علي فعله هو إنهاء جهاز إبطال السحر في أقرب وقت ممكن.
“آه..…”
انفلت صوتٌ خفيف أشبه بالتنهيدة من بين شفتيّ. فتوقفت آنا، التي كانت تقلّب صفحات الكتاب بسرعة، عن الحركة، ثم وضعت الكتاب بهدوء جانبًا.
“هل تواجهين صعوبة؟”
“نعم، لم أجد الإجابة بعد. وأنتِ يا آنا؟ هل كتاب الصيغ السحرية مفهومٌ بالنسبة لكِ؟”
“إلى حد ما. سأترك ما تبقى لآنا الغد لتكمله.”
“لا بأس أن تكمليه الآن، فما زال هناك الكثير من الكتب التي تستحق القراءة. هذا مثلًا يثبت أن القوة المقدسة تنتقل على شكل موجات-”
“آنا الغد هي التي تود سماع ذلك.”
قالت آنا ذلك وهي تغلق الكتاب تمامًا،
“بدلًا من هذا، هلّا تخبرينني عن قصة الحب؟”
“قصة الحب؟”
“ألم تصبحي أنتِ والدوق عاشقين؟”
شعرت ميلودي بالارتباك لحظة.
“لا. لماذا تظنين ذلك؟”
“لأنكِ احتضنتِ الدوق تلك الليلة.”
“كنتُ أساعده على الوقوف.”
“صحيح أنني لم أسمع ما دار بينكم لبعد المسافة، لكن الدوق وولي العهد تشاجرا وأنتِ بينهما.”
“كان تفاوضًا على عقد، لا شجارًا!”
“كما أنكِ كنتِ تلتقين الدوق مرةً كل يوم.”
“لأن الأمر كان يتعلق بصنع الأدوات السحرية.”
ومع هذا الجواب الحازم، خفتت اللمعة التي كانت تملأ عينيها في لحظة.
“لا يُصدَّق…..كنت أظن أنني سأصبح وصيفة زوجة الدوق المستقبلية.”
فربّتت ميلودي على ظهر آنا، التي بدت محبطة، بخفة.
“حين أقابل زوجة الدوق المستقبلية، سأوصي بكِ لتصبحي وصيفتها، يا آنا.”
عانقت آنا الكتاب إلى صدرها وزفرت تنهيدةً عميقة.
“وهل سيظهر شخصٌ كهذا أصلًا؟ صحيح أن دوقنا وسيمٌ لدرجة لا يتعداها أحدٌ في الإمبراطورية، لكن سمعته في العاصمة أنه متجهم وسيئ الطباع منتشرةٌ في كل مكان.”
“إذًا، لماذا كنتِ تظنين أنني سأقع في حبه؟”
“لأنكِ يا ميلودي شخصٌ يعشق الجمال بصدق…..تمامًا مثلي.”
“هذا صحيح.”
فمجرد النظر إلى وجه ديونيس كان يلين قلبي رغمًا عني.
“لكن…..ألا يكنّ قلبكِ أي ميل لسمو ولي العهد؟”
وعندما رأت آنا وجه ميلودي ينكمش اشمئزازًا في لحظة، أومأت برضا.
“إذاً لا مشكلة. لكن اعلمي أن سمعتكِ ازدادت سوءًا بين الخادمات. يعتقدن أنكِ خنتِ الدوق واخترتِ ولي العهد. إنهن يسيئن الظن ويرفضن الاستماع لي. ألا ترين أنه من الأفضل تصحيح الأمر؟”
“لا يهمني.”
هزّت ميلودي كتفيها بلا مبالاة.
“صانعة الأدوات السحرية تُثبت نفسها بالمهارة لا بالكلام.”
“لكن ما يرغب الناس بإثباته ليس هذا الجزء على الأرجح.”
وكأن فضولها قد هدأ، فتحت آنا صندوق الخياطة وبدأت تختار خيطًا.
بينما أدارت ميلودي رأسها لتعود إلى النظر نحو واجبها العالق على الطاولة.
و وسط الحطام المغطى بغبار الحجارة، كان هناك حجرٌ واحد متبقٍّ. فمدّت يدها بحذر والتقطته. إنه حجر “تشونغبان”، و لم يكن اسمه مدرجًا في القائمة التي أحضرها لوهان.
‘لابد أن أهفين هو من أعطاني إياه.’
كان الحجر الوحيد القادر على حفظ قوة مقدسة عالية النقاء ومقاومة السحر المخزن في النواة السحرية في الوقت نفسه.
و في الماضي، كان المعبد يملأه بالقوة المقدسة ويبيعه كعلاج متنقل، لكنه الآن نادر الوجود.
كان الحصول على حجر تشونغبان يعني ضرورة الذهاب إلى المعبد.
وبعد لحظة تردد، أمسكت ميلودي القلم.
[هناك أمرٌ أود مقابلتكَ بشأنه. هل يمكنني أن آتي إلى المعبد بنفسي؟
– ميلودي]
وبعد أن ربطت الرسالة إلى قدم الحمامة وأطلقتها، لم يمضِ نصف يوم حتى عاد طائر أبيض إلى نافذتها.
[تفضلي بالزيارة في أي وقت.
– أهفين]
ما إن قرأت ميلودي الرسالة حتى نهضت فجأة.
“عليّ أن أذهب…..لا أستطيع الانتظار حتى الغد.”
“هل ستذهبين إلى غرفة الدوق؟”
“لا، إلى المعبد.”
اتسعت عينا آنا وهي تشير إلى النافذة، حيث كانت الشمس معلقةً فوق الجبل.
“ستغرب الشمس قريبًا!”
“هل ستأتين معي؟”
“بالطبع!”
وكأنها كانت تنتظر السؤال، قفزت آنا من مكانها فورًا.
‘سيكون من الجيد أن أعود قبل أن يستيقظ ديونيس.’
وأثناء خروجها من القصر، رفعت ميلودي رأسها نحو غرفة ديونيس. و ما زالت الغرفة، خلف الستائر المسدلة، غارقةً في الظلام.
***
بُني المبنى الضخم من حجر أبيض ناصع، يتلألأ تحت أشعة الشمس. و كان ضوء النهار يتسلل عبر النوافذ ليعكس ألوان الزجاج، وفي نهاية الصفوف التي لا تنتهي من الأعمدة، ارتفعت تماثيل المعبد.
“إنها أول مرة أزور فيها المعبد…..إنه أكبر بكثير مما سمعت!”
ابتسمت ميلودي حين رأت وجه آنا المليء بالحماس.
“احذري ألا تدخلي أي مكان عشوائي. طريق القاعة مستقيم، لكن ما بعدها أشبه بمتاهة.”
أومأت آنا واقتربت منها أكثر وهي تمشي بجوارها.
وخلال سيرهما في الممر الطويل، كانت ميلودي تشرح لها معالم المكان.
“إذا خرجنا من هناك، سنصل إلى الحديقة. فيها أكبر نافورة في العاصمة وحديقة أعشاب.”
“لكن…..لماذا ننزل إلى الأسفل؟”
“لأنه أقصر طريق.”
تجاوزتا القاعة المليئة بالزوار، واتجهتا نحو درج مخفي في نهاية الممر.
كانت المصابيح المثبتة على الجدار تضيء السلالم، لكن لم تستطع طرد رطوبة القبو المميزة.
عند نهاية الدرج، فُتح أمامهما فضاء واسع تحت الأرض. و اتجهت ميلودي مباشرة نحو قسم صناعة الأدوات السحرية الواقع في إحدى الزوايا.
رغم أن الليل كان قد أرخى سدوله، ظل المكان يعج بالنشاط.
على الطاولات كانت مواد صناعة الأدوات السحرية مبعثرة، والصنّاع منشغلون في حفر النقوش السحرية.
“هذا هو المكان الذي كنت أعمل فيه سابقًا.”
“واو، إنه مليءٌ بأشخاص مثلكِ يا ميلودي! أَوَه؟! تلك الملابس القبيحة! كنت أظنها من ذوقكِ، لكن تبيّن أنها زيّ صانعي الأدوات السحرية؟!”
أدركت آنا على الفور زلة لسانها، فلوّحت بيديها بسرعة محاولةً تدارك الأمر.
“أقصد…..لم أعنِ أن الملابس التي ترتدينها قبيحة، بل إنها تبدو…..اقتصادية، وكأنها مصنوعةٌ من قطع جلد متبقية…..لكن فيها نوعًا من الجمال، ربما..…؟”
أَتبعت كلماتها بصوتٍ يزداد خفوتًا.
“إنها عملية…..ومتينة المظهر..…”
“أعرف، إنها غريبة.”
فاتسعت عينا آنا بدهشة وهي تحدّق في ميلودي.
“كنتِ تعرفين ومع ذلك ترتدينها؟! ظننت أن الأمر ذوقكِ الشخصي.”
“ملابسي جميلة، وتناسبني تمامًا. حتى أن ذوقي سليم.”
“أوه!”
“لكن بالنسبة لي، الأداء أهم من الجمال. هذه مصنوعةٌ من جلد الغوبلن، لذلك لا تحترق بسهولة، ومغلّفة بقشرة التريير، فلا تُخدش بسهولة أيضًا. حتى إن خدشها مخلب غارغويل بالخطأ، فلن يترك أثرًا، وإذا مررتِ عليها بالنار، تبقى كما هي تمامًا.”
“ألم يكن ممكنًا الجمع بين الأداء والشكل معًا؟”
قطبت آنا حاجبيها وهي تشد طرف ملابس ميلودي وتلمسها.
“لا حاجة لتلمس ملابسي. ستضطرين لارتدائها أنتِ أيضًا على أي حال.”
“أنا؟ هذه؟ لماذا؟”
“لأننا سنقابل شخصًا، وهذا الزيّ سيوفر الوقت.”
فلقاء قائد فرسان المعبد، أهفين، كان يتطلب إجراءات معقدة: تحديد موعد للزيارة، إبلاغ المعبد، الحصول على موافقة رسمية، ثم إصدار تصريح دخول إلى المبنى الذي يتواجد فيه فرسان المعبد.
لكن إن دخلتا على أنهما صانعتا أدوات سحرية، فسينتهي الأمر بسرعة.
أخرجت ميلودي من مخزن القسم زيًّا رسميًا قديمًا من زيّ الصناع.
“للمعلومية…..الشخص الذي سنقابله وسيم للغاية، يقارن بجمال الدوق نفسه.”
و ما إن أنهت ميلودي عبارتها حتى خطفت آنا الزي من يدها وهتفت بحماس،
“سأرتديه فورًا! انتظريني قليلًا!”
______________________
شخصية آنا جوي😭 تجلد وعنها الحين تهتم بالشكل بعد وناسه
بس عساهن يرجعن صدق قبل يقوم ديونيس
ميلودي شكلها قربت توقع؟ هاهاعا؟
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 35"