“أيًّا كان المبلغ الذي يذكره سموّه، فسأعطي أكثر منه. كم تريدين؟ عشرة آلاف قطعة ذهبية؟”
“مـ…..ماذا؟!”
اتسعت عينا ميلودي من الدهشة.
“عشرون ألفًا.”
ثم ردّ رايون بحدة.
“ثلاثون ألفًا.”
“أربعون ألفًا!”
نظرت ميلودي بعينين مضطربتين بين الاثنين.
لم يكن الموقف سيئًا بالنسبة لها على ما يبدو، لكن النظرات الحادة التي تلقتها جعلت الأمر يرهقها قليلًا.
كل ما أرادته في تلك اللحظة هو الانزواء في ورشتها وحفظ صيغ السحر، وإن أخبروها فقط بالمبلغ النهائي فستوقع بسرور.
وحين بدا أن لعبة الأرقام انتهت، زمجر رايون موجهًا كلامه لميلودي،
“ألم تقولي أن القصر الإمبراطوري لا يُقارن بقصر الدوق؟”
“وهل تظن أن القصر يملك كل هذا المال؟”
“وأي فرق بينه وبينكَ وأنت تملكين إقليمًا على الأطراف؟”
“مئة ألف قطعة ذهبية.”
قال ديونيس ذلك بلا مبالاة.
“يبدو أنكَ نسيت من كان والدي.”
حدّقت ميلودي بديونيس من جديد.
فرغم أن ظل الإمبراطورة الراحلة كان يحجب الأضواء عن والده، إلا أن والده الحقيقي كان أحد مؤسسي الدولة، ومن أسرة ثيوديل التي تملك جميع مناجم الأحجار الكريمة في إمبراطورية فالكاراس.
‘قصة تقديمه سيفًا من الماس كهدية زفاف للإمبراطورة فيونا مشهورة.’
مئة ألف قطعة ذهبية كانت تكفي لشراء إقليم صغير ويتبقى منها الكثير.
أما رايون، فبدت على وجهه ملامح السخط وكأنه لا يملك المزيد ليرفع المبلغ.
كانت تخشى أن تتورط في الأمر إن تدخلت، لذا التزمت الصمت، لكن لم يعد بإمكانها البقاء متفرجةً أكثر.
“إذاً سأعتبر أنني سأواصل العمل في قصر الدوق، وأستأذن بالانصراف..…”
“إلى أين تظنين نفسكِ ذاهبة؟”
توقفت خطوات ميلودي عندما قبض رايون على كتفها ليمنعها من المغادرة.
لكن سرعان ما سقطت يده مع صوت طَك، فقد أبعدها ديونيس.
“يبدو أن سموك نسي تحذيري. لا تختبر صبري.”
قال ذلك بصوت بارد كالصقيع.
“ألا تعتقد أن الأمر قد لا ينتهي بمجرد استدعاء الكاهن هذه المرة؟”
“أيها الحيوان المجنون…..أتجرؤ على تهديدي؟!”
“حين تدخل إلى قصري وتطلب مني أن أسلّمكَ أحد أتباعي، فطبيعي أن يعضّكَ هذا الحيوان.”
نظرت ميلودي إلى ديونيس بعينين حائرتين عند سماع كلماته.
أتباع؟ حتى في الرواية، عندما خانه لوهان، لم يفكر أبدًا في اعتبار أي أحد من أتباعه، بل كان يضحك متجاوزًا الأمر.
ومع ذلك، كان الآن يصفها بأنها من أتباعه.
“كل ما في الإمبراطورية ملكي.”
“ليس بعد، أليس كذلك؟”
“تبا لك.”
تفلتت الشتيمة من فم رايون، ثم اتجه بنظره نحو ميلودي.
كانت في عينيه نظرةٌ شديدة العمق لم ترَها من قبل، وكأنه عقد العزم على انتزاعها من ديونيس.
“ميلودي ليرود. ألم تتوسلي أن أراكِ الأسبوع القادم؟ سأراكِ إذاً. لا أظنك قد تجرأتِ على الكلام باستهتار أمام أحد من العائلة الإمبراطورية، أليس كذلك؟”
كانت هي بالفعل من قال أنه لا بأس أن يلتقيا الأسبوع القادم أو حتى الذي يليه.
وهل كان بمقدور مواطنة عادية أن ترفض أمر ولي العهد؟ فلم تجد ماتفعله سوى إيماءة رأسها.
“أتذكر ذلك يا سموّك.”
“سنلتقي الأسبوع القادم.”
ثم استدار رايون وكأنه لا حاجة لقول المزيد.
وما إن غاب عن الأنظار، حتى ترنح ديونيس، وبدا وكأن جسده الذي كان يتماسك بصعوبة قد وصل إلى حدوده. فسارعت ميلودي لتدعمه بإمساك ذراعه.
“يبدو أنه قد جرى حديثٌ ممتع في غيابي.”
كان صوته منخفضًا وحادًا وهو يمشي في الممر مسنودًا عليها.
أليس…..يسيء الفهم؟
حتى إن ظن أنها خانته وانحازت لرايون مقابل الذهب، فلن يكون ذلك مستبعدًا. ومع ذلك، شرحت ميلودي بهدوء،
“سيدي، أنا أحب المال، لكني أحب الأدوات السحرية أكثر. وبالإضافة إلى أن هناك عقدًا، فكيف لي أن أعمل لصالح ولي العهد؟”
توقف ديونيس في منتصف الممر، وأخذ نفسًا عميقًا كأنه يحاول تهدئة غضبه.
ومع ذلك، مد يده ممسكًا بمعصمها.
“لماذا قلتِ أنك ستصبحين…..من أتباع رايون؟ أجيبي.”
كان صوته يحمل مسحةً حزن أكثر من اللوم.
“لأن سموّه أبدى اهتمامًا بي. فعلت ذلك ليتوقف عن مضايقتي. وحتى عودتكَ، فقد نجح الأمر بالفعل.”
“هل إذا أبدى لكِ أي أحد اهتمامًا، تسلّمين نفسكِ بلا تحفظ؟”
بدا صوته أكثر خشونةً وكأن مزاجه ازداد سوءًا.
“كلا. هل تدرك كم أنا ذات كفاءة عالية؟ لكن ذلك الرجل هو سمو ولي العهد. وما دام الشيء صار في متناول يده، فهو لا يهتم به كثيرًا. لذلك تظاهرت بأني أهديه إياه.”
“لكنه اهتم فعلًا.”
“ذلك لأن…..ربما بدا له أن الدوق يهتم بي. فسموه لا يعرف قدراتي الحقيقية، لذا ظن أنني صانعة أدوات سحرية رديئة المستوى، وأن الدوق يحميني بدافع شخصي.”
مال رأس ديونيس وهو يحدّق فيها.
“لكن لا تقلق. على أية حال، هذا الاهتمام بي سيزول قريبًا.”
لم يكن هناك ما يدعو للقلق، فحين تظهر ليهيلين، ستنتهي المشكلة.
أو بالأحرى، ستنتقل الشرارة مني إليها فحسب، لكن المهم أن الأمر سيُحل.
“لذا، كل ما عليكَ هو أن تتظاهر بعدم الاهتمام بي مؤقتًا.”
“هذا مستحيل.”
لكن الجواب الذي عاد به لم يكن متوقعًا.
وعندما رفعت رأسها، التقت بعينين تحملان شعورًا بالضياع.
“حتى لو حاولتُ ألا أنتبه، أجد نفسي أنظر إليكِ مرارًا.”
كان يبدو كرجل لا يعرف ما يجب أن يفعله بنفسه، حتى ميلودي عجزت عن الكلام.
“….…”
“إذاً، هل يعني هذا أنكِ تريدين الاستمرار برؤيته؟”
بعد لحظة صمت، سأل ديونيس ذلك.
“…..فقط مؤقتًا. لا تقلق. سأدبّر الأمر جيدًا.”
قالت ميلودي بثقة.
***
انتشرت بين خدم قصر الدوق شائعة تقول أن الدوق وولي العهد دخلا في معركة دامية بسبب صانعة أدوات سحرية. لكن حياة ميلودي لم تتغير في شيء.
“هذا ليس صحيحًا..…!”
وضعت ميلودي الحجر المعدني الذي كانت تمسكه جانبًا، ثم بعثرت شعرها بيديها.
لقد استخدمت كل الأحجار، ومع ذلك لم تجد طريقةً لتشغيل نواة السحر والقوة المقدسة معًا.
لم يكن الأمر بلا أي تقدم، لكن إيجاد الحل الكامل باء بالفشل.
“هذا آخر حجر..…”
وفوق ذلك، نفذت الأحجار المشبعة بالقوة المقدسة أسرع مما توقعت.
‘وبالطبع، لو كان حلّ هذه المشكلة بهذه السهولة، لما كانت شخصيتي في الرواية تاهت كل هذا الوقت.’
لكن، أتمنى لو أستطيع صنعه ولو قبل يوم واحد.
انزلق الحجر المعدني الأزرق من يد ميلودي، وتدحرج على سطح المكتب بلا قوة.
“ماذا عن الدوق..…؟”
سألت ميلودي، فهزّت آنا، التي كانت تقلّب صفحات كتاب عن الصيغ السحرية بجانبها، رأسها.
“ليس بعد.”
بعد تلك المحادثة مباشرة، سقط ديونيس مغشيًّا عليه. ومضت ثلاثة أيام دون أن يفيق.
لكن الجميع بدا وكأنه اعتاد الأمر. إذ تبيّن أنه حتى قبل مجيئي إلى هنا، كان ديونيس ينهار من ألم شديد ويختفي أيامًا كاملة مرارًا.
وما إن سمعت ذلك حتى شعرت بالعجلة تزداد في قلبي.
‘الآن وقد التقى بليهيلين، فلا بد أنه سيذهب إلى المعبد كثيرًا.’
ووفق مجرى الأحداث في الرواية، فسوف تتحطم قريبًا الحواجز المقدسة، لتتدفق الوحوش إلى الإقطاعية في حادثة كبرى.
حينها سيضع المعبد خطةً شاملة لتعزيز الحواجز المقدسة في أنحاء الإمبراطورية، ويطلب من ديونيس التعاون معهم.
وبموجب هذا التحالف، يخرج ديونيس في بعثة مع ليهيلين، لتكون تلك هي الشرارة التي تقرّبهما من بعضهما.
_____________________
يبنت الحلال اهجدي خلي ليهيلين ذي انسيييها
المهم مافيه سوء فهم اشوااااا
باقي عاد ديونيس يقوم😔
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 34"