“بينما الحاجز المقدس يتهاوى، ينشغل المعبد بهوس القبض على السحرة. كنت أتساءل ما المضحك في الأمر، والآن فهمت……إيذاء البشر فعلًا مسلٍّ.”
ارتسم التواءٌ ساخر على شفتي ديونيس، فيما ارتجفت عينا كبير الكهنة قليلًا وهو ينظر إليه.
“إن سقوط الحاجز سببه وجود السحرة أنفسهم، ونحن نسعى فقط لمنع ذلك.”
“تقصد أولئك القابعين في دار التطهير؟ هاها.”
دار التطهير……سجن السحرة في قبو المعبد.
وما إن ضحك ديونيس مجددًا حتى تجهم وجه كبير الكهنة وتصلبت ملامحه.
“لا يزال هناك من هم خارج الحاجز لم نتمكن من القبض عليهم.”
“آه، نعم……لا بد أنهم يجتمعون كجيش يخطط لمهاجمة الإمبراطورية.”
“إذاً، هل ترى يا دوق أن القبض على السحرة أمرٌ خاطئ؟”
“ومن قال أنه خاطئ؟”
مسح ديونيس قفازه الملطخ بالحبر الأحمر على ثياب كبير الكهنة، فانتشرت بقعة قرمزية فوق الرداء الأبيض الناصع.
“على الأقل الساحر كائن يجري في عروقه دم أحمر……يعرف الخوف، ولهذا يختبئ خارج الحاجز. أما دماء الوحوش السوداء، فهي لا تعرف الخوف أصلًا.”
“……!”
“يبدو أن المعبد قد أكثر من الراحة وترك صيد الوحوش……من المدهش أن يعتقد المرء أن عدد البشر الذين يقتلهم ساحرٌ واحد يفوق عدد الذين تقتلهم الوحوش خارج الحاجز.”
كان الحاجز المقدس يتداعى، والضحايا بسبب الوحوش تتزايد في الأقاليم، ومع ذلك لم يتحرك فرسان القداسة، إذ كانوا قوةً نادرة لا يمكن المخاطرة بها.
فبدأ النبلاء الذين تضررت أراضيهم بالهمس فيما بينهم.
“أولًا……لدينا نقصٌ كبير في أصحاب القوة المقدسة، حتى أننا بالكاد ندير المصحات. وهذه المرة فقط، وبعد خمس سنوات، وُلد شخصٌ يمتلك قوةً قدسية.”
أخذ كبير الكهنة يعدد الأسباب ويشرح المبررات، لكن ديونيس تكلم بنبرة تدل على أنه لم يعد يطيق الاستماع.
“لعل العالم قد أدار ظهره لإمبراطورية فالكاراس……أو ربما لم تعد الإمبراطورية أهلًا لتلقي بركتها.”
“هذا……! إن رحمة العالم ما زالت تحمي الإمبراطورية.”
“أتساءل إن كان بوسعكَ قول ذلك وأنت واقفٌ فوق أرض داستها الوحوش.”
ثم غادر ديونيس قاعة الاجتماع، وحتى لحظة انغلاق الباب خلفه لم يجرؤ أحد على اعتراض طريقه.
***
خرج ديونيس إلى خارج القاعة، وأخرج من جيب سترته الداخلي قارورة دواء، ثم تناول حفنةً من مسكنات الألم القوية ومضغها بقسوة.
“هاه……”
وما إن ابتلع الدواء حتى بدأت آثار الألم التي غشّت عينيه تنحسر شيئًا فشيئًا، لكن ذلك لم يدم طويلًا. فما إن خطا خطوةً واحدة حتى بدأ الألم يتأهب للعودة من جديد.
لقد طال به الأمر حتى غدت العقاقير التي تكفي لتنويم وحش هائل عاجزةً عن فعل أي شيء له.
“روهان، أعطني الدواء.”
لكن روهان هز رأسه نافيًا.
“الأفضل أن تتوقف عن تناوله الآن.”
“أفضل من أن أنهار هنا فيُساق بي إلى دار التطهير.”
تناول ديونيس القارورة التي ناولها له روهان، وأفرغها حتى آخر حبة.
“هاه……أعدَّ الخيل، سنعود فورًا.”
“أمركَ، سيدي.”
“وابحث عن الكاهن مالكوم، وأحضر ما أخبرتكَ به.”
“……كنت أظن أنه من الأفضل نؤجل ذلك……لا بأس، سأعود سريعًا.”
لقد كان روهان يعرف عناد سيده، فأسرع بخطاه لينفذ الأمر.
وبعد رحيل روهان، تقدم ديونيس عبر الممر الطويل وهو يلف عباءته حوله، باحثًا عن مكان بعيد عن العيون. حتى بلغ أخيرًا حديقةً صغيرة.
“كـه…!”
كان ديونيس متكئًا على العمود، يطبق فكه بإحكام ويزفر نفسًا طويلًا. و يكتم الألم المتغلغل في داخله، حينها، سمع وقع خطواتٍ صغيرة.
“من……هناك.…؟”
رفع ديونيس رأسه ببطء نحو الصوت الغريب. و كانت هناك كاهنةٌ ذات شعر أسود تقف أمامه.
كانت جميلة، لكن بالنسبة لعينَي ديونيس الغارقتين في الألم بدت باهتةً فقط.
“لون وجهكَ……شاحبٌ للغاية، هل أنتَ بخير؟”
“لا……تقتربي.”
“أنا الكاهنة ليهلين. أستطيع مساعدتكَ.”
“لست بحاجة.”
تحرك ديونيس مبتعدًا عن الضيفة المزعجة، لكنه لم يستطع قطع سوى بضع خطوات قبل أن ينهار مجددًا.
فوضعت ليهلين سلة الأعشاب التي كانت تحملها واقتربت منه. و في بصره المشوش ظهرت حدقتان سوداوان.
“أريد……أن أقدم لك العلاج!”
“هاه……ألم تسمعي أنني قلت لا حاجة؟”
“هل أنتَ متأكدٌ أنكَ بخير؟ إذا تركتكَ هكذا فقد تسوء حالتك أكثر……إن كنتُ قد أخطأت في حقك فأنا آسفة، لكني ما زلت أريد مساعدتكَ……”
“……أن تلمسي جسد شخص دون إذنه……هذا تجاوزٌ للحدود، أيتها الكاهنة.”
أظهرت ليهلين ملامح دهشة لوهلة، ثم ترددت قليلًا قبل أن تشعل نورًا في يدها. كان ضوءًا مقدسًا.
“لكن……لكن……! لا أستطيع فقط أن أقف وأراكّ ترحل بهذه الطريقة……”
____________________
ياشيخه روحي نشبه
المهم اخلاق ديونيس عالي العال وش ذا التربية ياناس🤏🏻
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 30"