“ألا يوجد كتابٌ أسهل قليلًا؟”
“أسهل من هذا؟”
ناولتها ميلودي كتابًا يحتوي على صيغ أبسط من الذي أعطته لها أول مرة.
لكن ما إن ألقَت آنا نظرةً في صفحاته حتى بدت على وجهها ملامح البكاء.
“أشعر وكأنني أصبحت غبية.”
“ستفهمينه بعد قراءته عدة مرات.”
“حقًا؟”
أخذت آنا الكتاب وغادرت الغرفة.
ثم عادت ميلودي لعملها، لكنها فتحت النافذة ورأت روهان جالسًا مع الكلب، وقد صار الكلب يتمدد كاشفًا بطنه له.
***
منذ اليوم الذي لمست فيه ميلودي ديونيس، أضيف إلى جدولها أمرٌ جديد،
“وقت اللمس.”
بالمعنى الحرفي، وقتٌ تذهب فيه إلى غرفة ديونيس لتلمس ساعده ثم تعود.
‘ما الفرق بينه وبين الكلب إذًا؟’
لكن على عكس ما أنهك عقلها من التفكير، ظل ديونيس محافظًا على بروده.
أثناء لمسها لساعده، كان إما يلف شعرها بيده مرتدية القفاز أو يغلق عينيه.
‘هل هو نوعٌ من العلاج؟’
عندما فكرت في الأمر هكذا، شعرت فجأةً بالاسترخاء.
حتى أنها صارت أحيانًا تسند رأسها على ساعده وتقرأ كتابًا أو تغفو.
وكان يبدو أنه لا يمانع مكان اللمس ما دام هناك اتصال، لكن عندما أسندت ظهرها إليه رفض ذلك.
“أريد ملامسة الجلد مباشرة، حتى أشعر بالدفء.”
وكان هذا هو السبب.
الجلد مباشرة…..
شعرت ميلودي بالحرج وأشاحت بوجهها. واللوم في ذلك كله يقع على الرواية.
فمنذ أن وُلدت في هذا العالم وهي تعيش نقية وسط الغابة، ولهذا كان ذلك الكتاب الواحد شديد التأثير عليها.
يا للعار، كيف لها أن ترى ديونيس وهو يأكل الفراولة فتتذكر حوار رايون في الرواية؟
لهذا السبب يقولون أن من يتعلم السرقة متأخرًا لا ينام الليل، أما هي فكان نصيبها هو التخيلات غير السليمة المتأخرة، لكن على أية حال…..
“كُلي، لا تنظري أليّ فقط.”
‘استفيقي.’
قالت ذلك في نفسها محاولةً منع أي خيالات غير لائقة، وأراحت جبينها على ساعده بينما كانت ترتب الصيغ السحرية،
“سأتغيب لبضعة أيام.”
“هل ستعود متأخرًا؟”
“سأحاول العودة بسرعة، لكن ربما يستغرق الأمر يومين.”
‘يومين.’
“لا تتكبدي عناء المجيء بحثًا عني بلا فائدة.”
أومأت برضا، فهي أصلًا كانت متلهفةً لاختبار فرضية القوة المقدسة. ولم يكن لديها فرصةٌ لمقابلة أهفين لأن ديونيس كان يزورها يوميًا.
لكن وهي تبتلع الفراولة، توقفت فجأة.
الربيع…..نعم، كان في مثل هذا الوقت بالضبط. يوم التقى ديونيس ببطلة القصة لأول مرة.
حين أُقيمت فعاليةٌ في المعبد واجتمع النبلاء، حاول ديونيس مغادرة المعبد الكبير لأنه لم يحتمل الألم، وهناك التقى الاثنان.
[“هل أنتَ بخير؟ أستطيع مساعدتكَ، فأنا كاهنة.”
“لا حاجة لي بعلاجكِ، ابتعدي عني فورًا.”
لكن بعد خطوات قليلة، انهار جسد ديونيس.
“سأعالجكَ الآن، فقط لحظة..…”
“أبعدي يديكِ عن جسدي، حالًا!”]
وفي قصر الدوق، ظل ديونيس يسترجع تلك اللحظة.
‘كم هذا قاسٍ.’
حتى لقاؤه الأول مع من يحب كان مليئًا بالألم.
‘إن ذهب إلى المعبد فسيعاني كثيرًا.’
فقد كان أحيانًا يفقد وعيه عندما يعود من هناك.
وإن كان قد تحمّل طوال هذا الوقت، فالدوار الذي يصيبه حتى الإغماء يعني أن الألم شديد.
ربما يجب أن تعطيه أداةً سحرية على شكل سلايم لتساعده.
وبينما كانت تفكر، سألها،
“ألا تريدين معرفة الى أين سأذهب؟”
“ربما ستذهب للتحضير لمطاردة الوحوش، سأواصل العمل بجد. عد بسلام.”
أمسك خصلات شعرها ولفها بين أصابعه لفترة دون أن يتكلم، ثم حين حان وقت مغادرة الغرفة تحدث أخيرًا،
“سأعود.”
***
عادت ميلودي إلى الورشة، وطلبت من روهان أن يشتري لها كل خام معدني يُعرف بقدرته على تخزين القوة المقدسة.
“هذه هي المعادن التي طلبتها.”
عاد روهان قبل أن يمضي حتى ليلةً كاملة، حاملاً كيسًا مليئًا بخامات المعادن، وكان بينها ماسةٌ بحجم قبضة اليد.
“يا إلهي، كم ثمن كل هذا؟!”
“لم تكن أغلى من غيرها من الخامات.”
“أيعقل أن هناك ما هو أغلى من الأحجار الكريمة؟!”
تفاجأت ميلودي وهي تتفحص الخامات ثم هزّت رأسها.
“الأفضل ألا أعرف ما هي.”
“إن احتجتِ شيئاً في أي وقت فأخبريني.”
أجاب روهان بلا مبالاة، فسجّلت ميلودي أنواع الخامات ثم وضعتها بعناية في الحزمة ودسّتها تحت ملابسها.
فحدّقت آنا في بطنها المنتفخ،
“لن تذهبي هكذا، صحيح؟”
“هل يبدو الأمر…..واضحًا؟”
“ألا تعتقدين أنه واضح؟”
انتهى بها الأمر إلى التوصل لحل وسط، فربطت عند خصرها حقيبةً منقوشة عليها صيغةٌ سحرية.
“لقد نقشتُ عليها سحرًا يحرق شعر من يسرقها.”
“كياهاها! أتمنى أن أرى شكل السارق حينها.”
واحتياطًا، صنعت أيضًا أداةً سحرية لتتبع الموقع، وثبّتها على حصان ديونيس، حتى تتمكن من معرفة ما إذا ذهب إلى المعبد.
فلم يكن بإمكانها تفويت لحظة بداية القصة.
‘سيكون الأمر بخير…..أليس كذلك؟’
لم تستطع أن تبتعد بسهولة، فأخذت تداعب الحصان الأسود طويلاً.
“أتمنى أن يكون سيدكَ قد يذهب إلى مكان لا يتألم فيه.”
ثم غادر ديونيس. وبعد أن أنهت وداعه وعادت، و وجدت عند نافذة مشغلها حمامةً بيضاء من النوع الذي يستخدمه المعبد في المراسلة، وكانت في انتظارها.
كان ذلك بفضل أداة المراسلة السحرية التي تشاركتها مع أهفين.
[أين يمكنني أن أراكِ؟ أينما كان المكان، سأذهب إليه.
– أهفين]
كانت الحروف المنضبطة تشبه أهفين تمامًا.
وبعد تفكير، كتبت ميلودي عنوان الغرفة في النُزل التي كانت تقيم فيها قبل دخول قصر الدوق، وألحقت بذلك تنبيهًا ألا ينسى التخفي أثناء قدومه.
في صباح اليوم التالي…..ما إن استيقظت ميلودي حتى ارتدت ثيابًا يومية أنيقة وأمسكت بقبعة بغطاء رأس بني.
وبينما كانت آنا تدخل إلى المشغل حاملةً الإفطار، فوجئت حين رأت ميلودي وقد خلعت ملابس العمل.
“وجهكِ ليس عليه أي اتساخ، ولا ترتدين ذلك الثوب الجلدي الغريب، ولا حتى تلك الأكمام القبيحة! هل أنتِ ذاهبةٌ إلى مكان ما؟”
هل كانت هيئتها المعتادة بائسةً إلى هذا الحد؟
لقد حاولت أن تحافظ على مظهر مرتب على الأقل بما أنها في قصر الدوق، ومع ذلك لو رأت آنا شكل صنّاع الأدوات السحرية في المعبد لأُغشي عليها حتمًا.
“سأذهب إلى القرية قليلًا.”
فارتسمت على وجه آنا ملامح حماس.
“سأستعد حالًا.”
“كنت أنوي الذهاب وحدي.”
طن-
سقط الطبق من الصينية، واتجهت نظراتها المصدومة نحو وجه ميلودي.
“مرافقتكِ هي عملي.”
لكن من الأفضل أن يقل عدد المرافقين ما أمكن، فهي ستلتقي بأهفين.
“في المرة القادمة سنخرج معًا بالتأكيد.”
“رئيس الخدم طلب مني أن أغسل الملابس اليوم. قال أن الجو رائعٌ والشمس دافئة.”
“سيكون من الجيد لو هطل المطر فجأة.”
“هذا مستحيل!”
اضطرت ميلودي إلى تهدئة آنا المتذمرة قبل أن تتمكن من مغادرة المشغل.
والعقبة التالية كانت رئيس الخدم.
“أود الخروج قليلًا.”
“هل لديكِ مكانٌ محدد تودين الذهاب إليه؟”
عند سؤاله، ذكرت ميلودي بهدوء العذر الذي أعدته مسبقًا.
“أريد شراء بعض مواد صنع الأدوات السحرية.”
“لو أخبرتِني، سأرسل أحد الخدم ليجهزها لكِ.”
“أود رؤيتها بنفسي، والتأكد من حالتها، وربما أبحث عن مواد أخرى في الوقت نفسه.”
“همم…..”
ضاق نظره وكأنه يحدق في موظفٍ يستغل غياب رئيسه ليتكاسل ويقوم بأمور أخرى.
______________________
طب انت صدق كذا 😘
ديونيس يلمس شعرها وهي تعنز راسها عليه؟ ياخي تزوجوا اختصار طيب 😭
المهم يارب تطلع امها صدق لها مكانه ويصير زواجهم سهل او ينحاشون سوا من ذا الامبراطوريه الخايسه
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 27"