“أوف، أيها القردة، لا تذهبوا للنظر إليها بلا داع. فوجوهكم بحد ذاتها إهانة.”
“سنرتكب الإهانة حتى اليوم!”
ترك أهفين الفرسان المثرثرين خلفه وحاول التركيز على تنظيف سلاحه.
‘جميلة..…؟’
بمجرد أن خطر في باله ذلك الوصف، تذكّر فجأةً تلك العينين الشبيهتين بورق الربيع الغضّ.
صانعة الأدوات السحرية التي بحث عنها طويلًا، في الحقيقة، كانت أجمل مما توقع.
ربما لأنها أول شخص بحث عنه بهذه اللهفة، فقد بقيت ملامح وجهها الصغير المليء بالتفاصيل الدقيقة عالقةً في ذهنه.
وأكثر ما أسَرَه كان تلك اليد التي أمسكت به؛ يدٌ صغيرة تكاد تنكسر، وقد امتلأت بالندوب الخشنة الناتجة عن التعامل مع الأدوات السحرية.
“آه، هناك! أليست هي؟”
صرخ أحد الفرسان.
فرفع رأسه وسط الضجة، و رأى كاهنًا يسير في الرواق بجانب امرأة ترتدي فستانًا أزرق.
ثم قدّم الكاهن المرأة للفرسان،
“كنت أُري الكاهنة الجديدة أرجاء المعبد.”
سقطت نظرة بنفسجية باردة عليها.
شعرٌ أسود داكن مرفوع إلى الأعلى، وعيونٌ حادة في نفس الاتجاه، أشبه بعيون قطة. وعيناها، حين التقتا بعينيه، كانتا سوداويتي اللون كبحيرة ليلية لا يصلها أي ضوء.
“إنها ليهيلين.”
ابتسمت ليهيلين، مرتسمةً على شفتيها الحمراوين ابتسامةً خفيفة.
***
استيقظ رايون في سرير زوجة البارون فيليكس.
منذ أن كُسر عظم قدمه، ظلّ يعض على أنيابه غيظًا من ديونيس، لكن لم يجد طريقة لتفريغ هذا الحقد، ولم يبقَ أمامه سوى وسيلة واحدة للتنفيس عن غضبه: احتضان امرأة رجل آخر.
“هل أفقت يا سموّك؟ يبدو أن نومكَ كان مضطربًا، لقد كنتَ تتأوّه طوال الليل.”
همست له المرأة، ذات الشعر البني المتدلّي على كتفيها النحيفين، وهي ترتدي ثيابًا فضفاضة.
“ذلك الوغد كسر ساقي.”
“ألم تكن قدمكَ؟”
“لقد كسر ساق ولي عهد الإمبراطورية!”
“لكنها……القدم، أليس كذلك……؟”
أدركت زوجة البارون فيليكس سريعًا أنه لا فائدة من مواصلة الحديث معه، فاعتدلت جالسة.
“زوجي سيعود بعد الظهر. ستغادر قبل ذلك، أليس كذلك؟”
“من يدري.”
“وإلا فسأعتبر أنكَ ستمنحني غرفةً في القصر الإمبراطوري.”
“أتجرؤين على التطلّع إلى هناك؟ تلك الغرفة تخصّ أرفع نساء الإمبراطورية شأنًا.”
فالمرأة التي ستصبح إمبراطورةً يجب أن تكون بلا شائبة، حتى لا يجرؤ أحدٌ على المساس بسمعتها.
“لكن في القصر ليست هناك غرفةٌ واحدة فقط.”
فهم من كلامها أنها لا تمانع أن تكون جاريةً أو محظية، فانتفض رايون واقفًا.
لم يكن يرغب في أن يضع امرأةً أخرى إلى جانب الإمبراطورة داخل القصر، فيثير بذلك الشائعات بلا داع.
فالنساء كنّ أكثر إثارةً حين يلتقي بهنّ سرًا، ولم يكن في نيته أبدًا الاحتفاظ بامرأة واحدة لفترة طويلة.
لذلك لم يكن هناك سببٌ لتركها تحتل مكانًا بلا فائدة.
“إن كنتِ تظنين أن بإمكانكِ طردي بمثل هذا الهراء، فقد نجحتِ. سأرحل الآن.”
غادر المنزل مرتديًا رداءً خفيفًا. وكان القصر الإمبراطوري، الذي عاد إليه بعد أيام، يبدو له غريبًا ومليئًا بالوحشة.
استدعى رايون مساعده على الفور.
وعندما أتى المساعد ألقى نظرةً على هيئته شبه العارية دون أن يتفاجأ، وكأنه معتادٌ على ذلك.
“هل عدتَ يا سموّك؟ هل أستدعي الكاهن؟”
“هل الكاهن موجود؟”
“لقد أمرتَ بأن يزوركَ يوميًا للعلاج يا سموّك. واليوم جاء ومعه كاهنةٌ جديدة.”
“أي كاهنة جديدة هذه؟ لن يدخل القصر أحدٌ أقل من الكاهن الأكبر.”
“لكنهم يقولون أنها امرأةٌ فائقة الجمال.”
لكن الجمال لم يكن يعني شيئًا لرايون. فكل امرأة تحمل جمالها الخاص، لكن هذا الجمال يتضاعف حين تكون ملكًا لرجل آخر.
فالتفت إلى مساعده و تحدث بحدة،
“تبدو وكأنكَ لا تعرف حتى ذوق سيدكَ أيها الأحمق. دعكَ من ذلك. ماذا عن الأمر الذي طلبت منكَ التحقيق فيه؟ لماذا عاد ذلك الوغد ديونيس فجأة؟”
“……يُقال أن الحملة انتهت مبكرًا.”
ظهر على صوت المساعد أثرٌ من التوتر.
“أجل، وانتهاؤها مبكرًا لم يحدث لأول مرة، فلماذا كان الأمر مختلفًا هذه المرة فقط؟”
“أعتذر، لم أستطع معرفة السبب.”
ضغط رايون على أسنانه بشدة حتى أطلق صريرًا مسموعًا.
“لا بد أن هناك أمرًا واحدًا على الأقل قد تغيّر عمّا كان من قبل.”
ناول المساعد ملفًا سميكًا بلا فائدة وهو يدفع نظارته السميكة إلى أعلى، ثم تكلّم بعد برهة طويلة.
“الآن تذكّرت، لقد أدخل الدوق صانع أدوات سحرية إلى القصر.”
“ولماذا لم تخبرني بهذا من قبل؟!”
“……لم تسألني يا سموّك.”
“كان عليك أن تخبرني حتى لو لم أسأل. في المرة القادمة أجب حتى من دون سؤال.”
هدّده رايون بلهجة صارمة، وعزَم أن يستغل هذا الخطأ أكثر من مرة. أما المساعد فلم يكن أمامه إلا أن يومئ برأسه بتعب.
“ولماذا جلب صانعة الأدوات السحرية؟”
“سمعت أتها تصنع أدواتٍ سحرية لاستخدامها في اصطياد الوحوش.”
“هذا معقول.”
أومأ رايون برأسه.
فهو نفسه قد رأى الوحوش من قبل، كانت ضخمةً كالمنازل، تقطر من أفواهها سوائل سوداء مقززة، ومن الواضح أن مقاتلتها بالسيوف وحدها لها حدود.
“ولهذا ربما لم يجد المعبد أي حلٍ سوى إرسال صانعة أدوات سحرية.”
“هل هناك طريقة لإعادتها إلى المعبد؟”
كان يكفي أن يموت ديونيس في الحال ليشعر بالراحة، فكيف يقبل أن يصبح الصيد أسهل عليه؟ هذا أمرٌ غير وارد.
و عند سؤاله، أخذ المساعد يقرأ في الأوراق.
“بحسب تقرير مدير قسم صناعة الأدوات السحرية، يبدو أنها لم تكن ذا مهارةٍ تُذكر. سجلها سيّئ، وأدواتها السحرية لا تتعدى كونها تقليدًا لما يصنعها الآخرون. وقد اعتقد المدير أن الدوق سيعيدها بنفسه إلى المعبد مع مرور الوقت. و هذا كان رأي مدير قسم صناعة الأدوات السحرية.”
“لكنّه لم يُعِدها بعد. تحدّث لي عن صانع الأدوات السحرية هذه.”
“اسمها ميلودي. قيل أنها من حي الفقراء. وأيضًا—”
“أعطني هذا.”
انتزع رايون التقرير من يد مساعده وبدأ يقرأ بيانات ميلودي الشخصية.
“من حي الفقراء إذاً……جيد، أمثالهم ينسجمون مع بعضهم البعض.”
كانت مكانتها الاجتماعية متدنيةً للغاية بحيث لم تثر فيه أي اهتمام، لكنه لم يكن ينوي تركها في يد ديونيس أيضًا.
“هل يوجد في القصر الإمبراطوري صانعو أدوات سحرية؟”
“أعتقد أن صانعي قاعة المعبد الكبرى هم من يصنعون الأشياء ويرسلونها.”
“إذًا لا يوجد. ما رأيكَ أن ننشئ قسمًا لصناعة الأدوات السحرية داخل القصر الإمبراطوري؟”
“ستحتاج إلى إذن جلالته.”
لم يكن رايون يستسيغ فكرة الانفراد بالإمبراطور. وقد كان المساعد واثقًا أن الفكرة لن تعجبه أو أيًّا كان ما يقوله.
“أحمقٌ ناقص.”
هذا كان تقييم الإمبراطور لرايون.
مقارنةً بديونيس، فقد وُلد بمواهب بائسة، ولم يكن بارعًا في أي شيء على وجه الخصوص. و تعيينه وليًا للعهد لم يكن إلا لأنه الابن الشرعي الوحيد، ولا معنى آخر لذلك.
بالنسبة إليه، كان رايون دائمًا وريثًا لا يرقى لتوقعاته، وكانت العلاقة بينهما أسوأ من علاقة الغرباء.
“لمَ لا نحضرها إلى جناح ولي العهد؟ كل ما نحتاجه هو أن نمنحها غرفةً عشوائية ونمدها بالمال، أليس كذلك؟ فالبقاء في القصر الإمبراطوري أفضل من بيت الدوق على أي حال.”
“إن أحضرتَ امرأة من العامة، فقد تنتشر الشائعات.”
“آه، أكانت فتاة؟”
“ربما رأيتها في ذلك اليوم. ألم تلحظ وجود فتاة لم ترها من قبل؟”
كانت إحدى أبرز مهارات رايون هي تذكر الوجوه. فقد تعلّم فنون التعامل وسط حاشية الإمبراطورة الراحلة كولي عهد غير موثوق، حتى صار أسرع من أي شخص في تذكر وجوه الناس.
“أتذكر الآن……فتاةٌ بشعر أخضر كلون العشب.”
_____________________
يع وش ذا الفصل لا ميلودي ولا ديونيس
المهم توني استوعب اهفين انا حاطة اسمه اول فصل افوين؟ بعدله وبأعتمد أهفين
والبطلة الأصلية طلعت ولا ندري هي تستس ولا لوء مع ان عودي احساس انها تستس دامهم كلهم راحوا لميلودي
أهفين مسوي يعنني ورايون يقرف يع روحوا
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 24"