بسبب شخصيته الدقيقة، لم يترك لميلودي أي مجال للهروب، فارتسمت على شفتيها ابتسامة مجاملة.
“لم ألاحظ وجود مشكلةٍ في الأداة السحرية التي كنت مسؤولةً عن صيانتها، ما الذي كان الخطأ بالضبط؟”
“المشكلة…..أنكِ تركتِ المعبد.”
“نعم؟”
رمشت ميلودي بعينيها لحظة، ثم سألت مجددًا،
“وما المشكلة في أنني تركت المعبد؟”
“الدرع الأبيض من الصعب العناية به. لا يظهر عليه اللمعان بسهولة، ويتسخ بسرعة. ومع ذلك، في الأيام التي كنتِ مسؤولةً فيها عن الأداة، كان السلاح يُعتنى به في أفضل حالاته.”
يقولون أن الشخص المميز يَظهر بوضوح…..يبدو أن عملها كان مميزًا حتى حين تبذل جهدًا بسيطًا.
لو كان شخصٌ آخر من قال هذا الكلام غير هذا الرجل، لفرحت.
رغم أن الجميع يكن له الاحترام كفارس مقدّس، إلا أن أهفين في نظر ميلودي لم يكن سوى رجل سيء يؤذي السحرة.
نظرت إليه ميلودي بنفورٍ ظاهر.
“أقدّر لكَ تقييمك العالي، لكنني لست صانعة أدوات سحرية خارقة. الباقون ممن بقي في المعبد ممتازون أيضًا.”
“لا، أدواتكِ السحرية مميزة، ومختلفة بحق.”
حتى المدح كان جادًا إلى حد لا يُحتمل.
“سمعت أنكِ انتقلت إلى قصر الدوق. أليس من الأجدر بك استخدام موهبتك، التي منحتك إياها العالم، في خدمة المعبد بالطريقة الصحيحة؟”
من ناحيته، كان أمرًا مؤسفًا، لكن ميلودي لم تكن تنوي العودة للعمل في المعبد، ولا كانت ترغب في البقاء قريبة منه.
“أنا أحب قصر الدوق. أود أن أساهم ولو قليلًا في حملات القضاء على الوحوش.”
“حملات القضاء على الوحوش، تقولين؟ لكن هناك..…”
ظهرت عداوةٌ واضحة في عيني أهفين البنفسجيتين، وتردد للحظة، ثم شدّ على شفتيه.
“ما دمتِ مصممةً على ذلك، فلا يمكنني منعكِ.”
“أتمنى أن ترافقكَ بركة المعبد يا سيدي الفارس.”
“لحظة.”
أشار بيده الكبيرة بحذر نحو يدها.
“لقد أُصبْتِ.”
تبعًا لنظرات أهفين، نظرت ميلودي إلى يدها، لقد كانت لا تزال تمسك نواة القوس السحري. و راحة يدها كانت مليئةً بالخدوش جراء التقاط القوس المحطم، وملطخةً بدماء أونيلو، مما جعلها في حالة مزرية.
“اسمحي لي أن أعالجكِ.”
“لكن، أنا…..لا أملك المال.…”
“لن أطلب مالًا.”
“سأسمح لكَ، لكن…..هل يؤلم؟”
رمش أهفين ببطء، وكأن هذا السؤال كان غريبًا عليه.
“لا. لكنهم يقولون أن الأمر يمنح شعورًا دافئًا.”
وضع يده فوق يدها بلطف، وسرعان ما انبعث منها نورٌ أبيض.
كان الشعور بالقوة المقدسة كان للمرة الأولى، إحساسٌ دافئ يسري من أطراف أصابعها.
وحين بسطت يدها التي كانت تقبض عليها بقوة، تلألأت نواة القوس السحري بضوء خافت.
لكن عندما لاحظت ميلودي أن طاقة النواة السحرية قد اختفت، أمسكت يده بسرعة.
“انتظر لحظة.”
“نعم؟ ماذا..…؟”
“هل يمكن أن تفعلها مرة أخرى؟ لا زلت…..أشعر ببعض الألم.”
رغم أن الجرح قد شُفي تمامًا، إلا أنها توقعت ألا يصدقها، لكن أهفين استخدم القوة المقدسة مرة أخرى دون اعتراض.
وبعد أن خفت الضوء الأبيض من يده، تفقدت ميلودي النواة. و رأت أن الطاقة السحرية التي كانت تتماوج بداخلها قد اختفت بالكامل.
‘لماذا لم أفكر في هذا من قبل؟’
القوة المقدسة والسحر قوتان متضادتان، وهي حقيقةٌ يعرفها الجميع.
ربما باستخدام القوة المقدسة، يمكنها التحكم في طاقة ديونيس حتى داخل نواة صغيرة.
من فرحتها، أمسكت بكلتا يدي أهفين وبدأت تهزّهما بحماس. و لم يستطع أهفين إخفاء ارتباكه من تصرفها المفاجئ.
“أنتِ…..تمسكين بيدي.”
“تريد مني صيانة سلاحكَ، أليس كذلك؟”
أومأ أهفين برأسه ردًا على سؤال ميلودي.
“هل تسمح لي بأن أقوم بذلك؟”
لم يكن هناك سوى إجابة واحدة ممكنة لأهفين.
“بالطبع.”
***
دَنج–
دقّ جرس الظهيرة وانتشر صوته في أرجاء المعبد. بينما خلع أهفين درعه وأغمض عينيه.
“طرف سيفكَ يتحرك بخفة على غير العادة. هل حدث أمرٌ سيئ؟”
كان من طرح السؤال هو الفارس المقدّس ديرين، وهو يلوّح بسيفٍ خشبي قبل أن يعيده إلى مكانه ويجلس إلى جانب أهفين.
“كان أمرًا جيدًا.”
“إذاً، كنتُ مخطئًا في ظني أنكَ غاضب.”
رغم أن ديرين خدم إلى جانب أهفين لفترة طويلة ضمن فرقة الفرسان المقدّسة، إلا أنه ما زال يجد صعوبةً في قراءة تعابير وجهه، إذ نادرًا ما يظهر عليه أي انفعال في مختلف المواقف.
حتى أنه كان يُعدّ أحد أكبر ألغاز الفرقة: هل كان لأهفين ماضٍ يضحكُ فيه أو يبكي؟
“التقيت بصانعة الأدوات السحرية.”
“آه، تلك التي كانت تعتني بالسلاح. أرسلتَ مساعدكَ اثنين وثلاثين مرة خلال سبعين يومًا، وكنت على وشك إرسال اثنتي عشرة رسالة إلى قصر الدوق ولم تفعل، وأخيرًا التقيتَ بها. هل ستعود إلى المعبد؟”
“لا.”
جعل هذا الجواب غير المتوقع ديرين يقطب حاجبيه.
“إذن، لماذا تبدو سعيدًا؟”
“…..سر.”
“سر؟ لا تُشعل فضولي بهذا الشكل. ما الذي يُفرحكَ إلى هذا الحد؟! الجميع يحب الصدق، وأنا خادمٌ مخلص للمعبد. لذا فإن إخباري يُعادل تقريبًا إخبار من تحب، أليس كذلك؟”
رسمت شفتا أهفين ابتسامةً خافتة وهو يسترجع ما حدث صباحًا.
“هل تسمح لي بأن أقوم بذلك؟”
تردد أهفين للحظة أمام عرض صانعة الأدوات السحرية، فلا بد أن وراء هذا التغير المفاجئ في موقفها سببًا ما.
“لكن لدي طلب بالمقابل، و قد لا يعجبكَ كثيرًا.”
“تفضلي، قولي ما لديكِ.”
بالنسبة للآخرين، قد لا يُفهم الأمر، لكن بالنسبة لأهفين، كانت صيانة السلاح أمرًا بالغ الأهمية.
لو استطاع أحدهم تنظيفه دون أن يترك ذرة غبار، فسيكون مستعدًا لدفع ما يُطلب منه من ذهب.
“أود منكَ استخدام القوة المقدسة قليلًا.”
“هل هناك شخصٌ مصاب؟”
“رجاءً، لا تسأل عن السبب. وأبقِ لقاءنا سرًا كذلك. إن لم يكن هذا ممكنًا…..”
“سأفعل.”
القوة المقدسة هي ضوء الشفاء، وحتى لو استُخدمت في أمر سيئ، فأسوأ ما يمكن أن تُستخدم فيه هو علاج المجرمين.
حدق أهفين في درعه الأبيض الذي لا تزال عليه بقع دماء رغم تنظيفه مرارًا، ثم أطلق تنهيدةً طويلة.
كانت دماء شخص رفض أن يُؤخذ إلى المعبد.
“ل، لا أريد أن يأخذوني..…!”
جسدٌ صغير وهزيل، طفل بالكاد بدأ في إظهار موهبته السحرية.
ربما كان مختبئًا في العلية، وقد بدا عليه الضعف والهزال. وعندما حاول الهرب باستخدام السحر، لم يكن أمام أهفين سوى أن يضربه بسيفه لإيقافه.
السحرة كانوا خطرًا.
خطرهم الأعظم أنهم يبدون بشرًا عاديين من الخارج. لكن بداخلهم تقبع قوى مظلمة لا يستطيع البشر احتمالها، قوى ستؤذي الآخرين حتمًا يومًا ما.
منذ زمن بعيد، فقد أهفين شقيقته الوحيدة على يد ساحر. وقد حصل على قواه المقدسة يوم جنازتها.
“لقد اختاركَ المعبد…..لتكون سيفه.”
رغم ما ناله من قوة، لم يستطع إعادتها. لذا، لم يكن أمامه سوى أن يضرب، و أن يُطهّر.
منذ ذلك اليوم، أصبحت إرادة المعبد هي إرادته، وسيفه أصبح سيفًا يعاقب السحرة.
ثم أخذ قطعة قماش وبدأ يمسح بها درعه.
حينها، وبعد لحظة صمت قصيرة، تحدث ديرين.
“حسنًا. لدي أيضًا سرٌ مهم، لكنني لن أخبركَ به.”
“حسنًا.”
“لا تطلب منّي أن أخبركَ، لكن…..ألا يمكنكَ فقط أن تسألني مرة واحدة؟”
“عن ماذا؟”
“يقال أن شخصًا أظهر قواه المقدسة مؤخرًا، فتاةٌ على ما يبدو.”
وجه أهفين الخالي من التعبير لم يتغير على الإطلاق. أما الصوت الذي دوّى بصخب، فقد جاء من جهة الفرسان المتجمعين.
“هل هي جميلة؟”
انطلق السؤال بحماسة، وسرعان ما ساد الصمت في انتظار جواب ديرين.
ثم ابتسم ديرين بخفة وفتح فمه،
“رأيتها من بعيد، لكنها كانت من ذلك النوع الذي يلفت النظر بجماله حتى من ظلها.”
______________________
البطله ايو مدري ليه بس منب مرتاحه لها
المهم ميلودي توها تقول ماتحب اهفين ذاه والحين الظاهر خلته يفكر فيها عشرين يوم قدام بس عادي دامه عشان ديونيس 🤏🏻
المره الجايه تضم ديونيس نو بروبلم
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 23"