كما ظنّت ميلودي تمامًا، فإن شرط الإخلال بالعقد كان يعني العقوبة لها وحدها.
لكن ذلك لا يعني أنه كان ينوي خرقه عن قصد. على الأقل حين أبرم العقد. أما الآن فالأمر مختلف، فقد بات يشعر بالفضول تجاه تلك المرأة.
“يبدو أنها لا ترغب في معاناتكَ. لذا من غير المعقول أن تكون راغبةً في موتكَ.”
“يا له من أمرٍ ساخر.”
ضحك ديونيس ساخرًا منها.
المانا خطيئة أصلية، والمعبد يرغب في عذابه، ومع ذلك، هذه الإنسانة التافهه لا ترغب في ماعاناته؟
ربما لهذا السبب بات فضوليًا. ما الذي يدفعها لتخالف إرادة المعبد؟ هل هو بسبب شخصيتها هو، أم شيء آخر؟
أراد أن يعرف الدافع وراء يدها الممدودة نحوه. فهي لم تعرفه قبل أن يصبح ساحرًا، لذا لا يمكن أن تكون المسألة إخلاصًا أو ولاءً.
انتقل نظر ديونيس إلى الفارس الواقف أمامه.
“صحيحٌ أنكَ أصبحتَ تمتلك مانا، لكن الولاء الذي أبرمته بالدم لم يتغير. فالشخص الذي أقسمت له الولاء هو سمو الأمير.”
هذا ما قاله له ذات يوم.
كان روهان فارسًا بالوراثة، وقد كان والداه أيضًا من فرسان الإمبراطورة الراحلة.
و قبل أن تظهر المانا لدى ديونيس، كان روهان يعتقد دون أدنى شك أن الأمير الذي يخدمه سيكون الإمبراطور القادم.
“لقد ظهرت المانا في الأمير ديونيس. وهذا عقابٌ عظيم وعارٌ على العائلة الإمبراطورية. إن إبقاء هذا الآثم حيًا رغم استحقاقه الموت ليس إلا تكريمًا لروح الإمبراطورة الراحلة. لذا من هذه اللحظة، ستُسحب من ديونيس ثيوديل بالكارس جميع سلطاته كأمير، ويقضي عمره في التكفير عن ذنوبه في سبيل الإمبراطورية.”
ورغم أن الإمبراطور الجديد قد اعتلى العرش، لم يستطع روهان أن يتخلّى عن إخلاصه.
وحين التقى ديونيس مجددًا بعد مرور عدة سنوات، كان رجلًا أكثر جفافًا، لكنه لا يزال يقاتل الوحوش في سبيل الإمبراطورية.
“إن أتى يومٌ أفقد فيه إنسانيتي حقًا، فلتقتلني.”
كان يشك في نفسه بلا نهاية، وكأن الوحش الكامن في داخله قد ينفجر في أي لحظة.
و روهان كان يشعر بالأسى على أميره، وكان يتمنى أن يعيش يومًا ما كإنسان من جديد.
“إن علمت أنكَ خرقَت العقد، فستكرهكَ. أليس هدفكَ أن تقترب منها؟ حتى أنكَ تؤذي نفسكَ من أجل ذلك.”
كم كان الأمر مفاجئًا حين رأى سيده وهو يخرج من عند صانعة الأدوات السحرية ثم يشق كتفه بسيفه!
في تلك اللحظة، عاد إلى ذاكرته ديونيس في طفولته، ذلك الذي كان يتحمل الألم بتعذيب نفسه.
“هل تعاقب نفسكَ من جديد؟”
“لا، كل ما في الأمر أنني أحتاج إلى جرح.”
شعر بالأسى في قلبه، ظانًّا أنه لا يزال يؤذي نفسه كما في السابق. لكن ما ملأ عيني ديونيس الحمراوين لم يكن سوى التوق والاشتياق.
حين رأى روهان ديونيس وهو يناول ميلودي ضمادة، فهم حينها فقط السبب.
لقد سمح لتلك الصانعة أن تلمسه، ولكي يحدث ذلك، جرح نفسه عمدًا.
لم يحدث قط منذ أن استيقظت فيه قوى المانا أن اقترب ديونيس من أحد. حتى روهان الذي خدمه لعشر سنوات لم يُسمح له بأن يقترب أكثر من الحدّ اللازم.
لذا بدا له الأمر كإشارة طيبة.
“صانعة الأدوات السحرية خاصتي لا تزال تكرهني. ألم ترَ بنفسكَ كيف هربت عندما قلت لها أنها حرّة بالذهاب؟”
“لا أحد يقلق على شخصٍ يكرهه.”
لكن بالنسبة لديونيس، الذي حُرِم في صغره من صفة الإنسان، كان تذكُّر المشاعر الإنسانية أمرًا بالغ الصعوبة.
فقد تحطم عالمه ولم يتبقَّ فيه سوى الألم والغضب.
“ربما لأنها ابنة ساحر، لديها مرضٌ يجعلها تقلق على كل ساحر تصادفه.”
“…..هذا غير معقول.”
أبدى روهان حيرته، لكن ديونيس كان واثقًا.
هو مجرد ساحر، وميلودي كانت طرفًا في عقد فُرض عليها بالإكراه، فلا يمكنها أن تحمل له أي مشاعر طيبة.
“حتى لو كانت تكرهني، لا يهم. فقط…..لتنتظرني.”
دخل ديونيس الغابة مقتفيًا أثر ميلودي الذي بقي بعد اختفائها.
لقد كانت تتجه نحو أطراف الحاجز، لكن آثارها امتدت إلى خارج الحاجز.
‘خارج الحاجز، إذًا.’
كان مسارها مشبوهًا للغاية.
وما إن خرج من الحاجز، حتى تلاشى الألم، وأصبحت حواسه أشد حدة من أي وقت مضى.
كان يشعر بطاقة المانا تتسرب من الأدوات السحرية المخفية هنا وهناك في أنحاء الغابة. ولم يكن هناك شكٌ فيمن زرعها.
‘لِمَ لا أُزِيل ما يزعجني فحسب؟’
انطلق يبحث عن الوحوش المختبئة، وقضى عليها بسيفه بضربات متقنة.
و جثثها طارت نحو الأدوات السحرية المزروعة، حتى لو عثرت ميلودي عليها محطمةً لاحقًا، فلن تشك بكونها من صنع إنسان، إذ ستظن أن الوحوش هي من أحدثت ذلك.
وهناك في كوخٍ صغير، ظهرت فيه ميلودي وهي تتنقل في الفناء.
كان الكوخ مخفياً في حافة الحاجز بذكاء، في موضع لا يسمح للوحوش بالعبور.
‘ذكية.’
انتهز ديونيس دخولها للمنزل وتقدّم نحو الصندوق الموضوع في الحديقة.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 20"